الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

انفلونزا الطيور في بلعا بين الحقيقة والشائعة

نشر بتاريخ: 17/05/2010 ( آخر تحديث: 18/05/2010 الساعة: 08:57 )
طولكرم - تقرير معا - تفاجأ اهالي بلدة بلعا شرق طولكرم مساء الخميس الثالث عشر من الشهر الجاري، بقوات كبيرة من عناصر الامن الفلسطيني تدخل البلدة وتحاصرها من كافة المحاور، وتقف على مفارق الطرقات والمداخل، وتقوم بتفتيش اي مركبة تخرج منها وبدقة معلنة حالة الطوائ، وسط حالة من القلق الذي صاحبه الرعب والخوف.

وكان السبب وراء ذلك، وبحسب مسؤول في وزارة الزراعة، ان الجانب الاسرائيلي ابلغ الوزارة بأن نتائج التحاليل التي اخذت سابقاً من بعض مزارع الدواجن في البلدة تؤكد إصابة دواجن بلعا بمرض انفلونزا الطيور، والنتائج التي جاءت من مختبرات بيت دجن كانت ارسلت اليها يوم التاسع والعشرين من الشهر الماضي، واعلنت النتيجة يوم الثالث عشر من الشهر الجاري، أي بفارق اسبوعين تقريباً.

وجاء اليوم التالي الجمعة الرابع عشر من الشهر الجاري، ليشهد توافد المسؤولين من وزارتي الصحة والزراعة، اولهم الدكتور جميل مخامرة مستشار وزير الزراعة المكلف بإدارة الخدمات البيطرية في المحافظات الشمالية، ووكيل الوزارة عزام طبيلة، اللذين عقدا اجتماعا طارئا في دار البلدية بالبلدة، بحضور ممثلين عن البيطرة والزراعة، ومدير عام صحة طولكرم الدكتور سعيد حنون، ورئيس البلدية وعدد من المزارعين.

واوضح مخامرة للحضور مجريات الامور في البلدة قائلاً : " أنه بتاريخ 29 من الشهر الماضي، تم أخذ بعض العينات من "صيصان أمهات الدجاج اللاحم" من إحدى مزارع بلعا، بعد الإشتباه بإصابتها بمرض ما، وتحويلها إلى المختبرات الإسرائيلية في منطقة بيت دجن، لافتاً إلى أن عمر الصوص في تلك اللحظة كان (8) أيام، حيث ابلغنا من قبل المختبر الإسرائيلي بأن العينة مصابة بمرض أنفلونزا الطيور، مما اضطرنا إلى إعلان حالة الطوارئ في بلعا، وفرض حجر صحي على المنطقة بالكامل، واتخاذ إجراءات وقائية تخوفاً من انتقال المرض إلى المناطق الأخرى، لحين التأكد بشكل قاطع من وجود المرض ".

وزير الصحة الدكتور فتحي ابو مغلي جاء بأكثر من ذلك، واكد من خلال تصريح خص به وكالة الانباء الفلسطينية، وجود مرض انفلونزا الطيور في البلدة، وان الوزارة ومع الجهات المعنية ستتخذ مجموعة من الخطوات لمنع انتشاره بشكل واسع وتدارك الامر، وهذا يعني ان 750 الف طير مهددة بالاعدام، وبالتالي خسارة فادحة يتكبدها اصحاب المزارع، وتبعات اخرى على الارض.

وظهر رجال الشرطة، والبيطرة، والصحة، والمسؤولين في البلدة يرتدون الستر والملابس الواقية، بالاضافة الى الجرافات والآليات التي قامت بتجهيز الحفر استعداداً للإعدام، وسط مئات من المزارعين المرعوبين الحائرين غير مصدقين لما يسمعونه ويرونه وما يحصل في البلدة.

جاء مساء الجمعة، ليحمل معه حضور وزير الزراعة الدكتور اسماعيل دعيق، الذي طلب الاجتماع مع المزارعين، وتحدث امامهم عن تفاصيل مطولة حول مصير مزارع البلدة، موضحاً إصابة الدواجن بالعديد من الأمراض، وأن المشكلة ليست في انفلونزا الطيور وإنما هناك امراض عديدة منها (سلمونيلا، كوكسيديا، اي دي)، مشدداً امام الحضور وبصوت مرتفع ونبرة حادة : " الإعدام قائم ولا رجعة عنه، والتنفيذ غداً السبت الساعة 12 ظهراً بعد رفع التوصيات إلى اللجنة الوطنية العليا لمكافحة انفلونزا الطيور.

ووجه الوزير دعيق اصبع الاتهام للمزارعين انفسهم، متهماً اياهم بالإهمال، مشدداً انه شاهد اكياس الدجاج الميت في الطرقات خلال زيارات سابقة لأحد الأقارب في البلدة ، مضيفاً : " سيكون السجن لكل شخص يهرب دجاجة واحدة، بالاضافة الى تحميله المسؤولية بنقل المرض، وانه لن يرحم أحدا وسيتم اعتقاله على الفور".

النهاية.....

ويوم السبت الخامس عشر من الشهر الجاري، أعلنت اللجنة الوطنية العليا لمكافحة مرض أنفلونزا الطيور التي يترأسها وزير الصحة الدكتور فتحي أبو مغلي، أنها تستبعد وجود أي حالة إصابة بمرض أنفلونزا الطيور (H5N1) بين دواجن احد المزارع في بلعا، مشيرة إلى أن مصدر الدواجن كان من إسرائيل .

(رئيس اللجنة ابو مغلي كان أثبت وجود المرض يوم الجمعة في تصريحه لوكالة الانباء الفلسطينية)، موضحة انه تقرر تشكيل لجنة مشتركة من وزارة الصحة ووزارة الزراعة - الخدمات البيطرية لعقد لقاء مشترك مع الجانب الاسرائيلي لنقاش وتوضيح الالتباس الذي حدث.

وبدأت قوات الأمن الفلسطيني بالإنسحاب من بلدة بلعا شيئاً فشيئاً وبهدوء تام، تاركة خلفها مشكلة كبيرة تتطلب حلاً سريعاً، تتعلق بتحمل كامل المسؤولية من جانب (اصحاب التصريحات المتعارضة)، فأصحاب المزارع مصدومون، حائرون، لا احد يشتري منهم، ولا هم قادرون على تسويق دجاجهم وحتى البيض.

مسرحية هزيلة ودمّها ثقيل...ومن حضر جاء للتشهير...

وقال رئيس بلدية بلعا احمد منصور، ان ما حصل في البلدة عبارة عن (مسرحية هزيلة ودمّها ثقيل كثير)، هذا امر مؤسف جداً وعلى السلطة ان تتحمل مسؤوليتها امام ما جري، وعلى وزير الصحة ان يتحمل كل ما نتج عن تصريحاته، فقد احدث ازمات في بلعا.

واضاف منصور لمعا، ان من حضر الى بلدة بلعا يوم الجمعة الماضي جاء فقط للتشهير والتصوير امام الكاميرات، عليهم متابعة كل المزارع بالاضافة الى المزارعين.

ورداً على ما قاله وزير الزراعة بخصوص الدجاج الميت على الطرقات اوضح منصور، ان هذا الامر تحدثنا به كثيراً، وتم الاتفاق بيننا كبلدية والزراعة بإزالتها، ونحن من يتولى ذلك، وقد عملنا على ازالتها مراراً وبتوجه منفرد دون تنفيذ الاتفاق الذي يلزم مشاركة الزراعة.

وانهى منصور حديثه قائلا: " ما حدث ضربة قوية لمزارعي بلعا، فالتجار لا يتعاملون معهم، وحتى على مستوى الوطن هنالك تأثير سلبي "، فالخسائر فاقت 2 مليون شيكل والسبب توقع (انفلونزا طيور)، موضحاً ان 40% من اقتصاد بلعا يعتمد على قطاع الدواجن بكافة أشكالها، إضافة إلى البيض الذي تنتجه ويتراوح يومياً ما بين 4-5 آلاف كرتونة، الأمر الذي يعني خسائر لا تقدر للمزارعين واقتصادهم.