الثلاثاء: 19/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مشاعر الألمان متضاربة حول مباراة الافتتاح

نشر بتاريخ: 08/06/2006 ( آخر تحديث: 08/06/2006 الساعة: 18:24 )
بيت لحم - معا - وكالات - لا يخفي احدا الحماسة التي تلف الدولة المضيفة المانيا على ابواب انطلاق اكبر تظاهرة كروية المتمثلة بكأس العالم لكرة القدم.

الا ان المشاعر المتضاربة بدأت تتسلل الى نفوس المشجعين الالمان الذين ابدوا قلقهم حول الاداء الذي يمكن ان يقدمه منتخب بلادهم المتذبذب المستوى في المباراة الافتتاحية امام كوستاريكا، في موازاة عدم امكانية تجاهلهم خيبات امل المنتخبات الكبرى التي واجهت المآسي عند قص شريط انطلاق بعض النسخات السابقة.

واذ تصب جميع الترشيحات ناحية تخطي المنتخب الالماني الفائز باللقب العالمي ثلاث مرات (اعوام 1954 و1974 و1990) نظيره الكوستاريكي بسهولة نسبية، يرفض ابناء الكونكاكاف هذه التوقعات مصرين على احداث المفاجأة على طريقتهم الخاصة، ولا يمكن استبعاد تحقيق الكوستاريكيين مبتغاهم في اللقاء الذي يحتضنه ملعب "اليانز ارينا" في ميونيخ بالنظر الى ادائهم المقبول في النسخة السابقة، اذ كانت كوستاريكا الوحيدة التي تمكنت هز شباك البرازيل حاملة اللقب مرتين عندما التقى المنتخبان في الدور الاول (2-5)، ويضاف الى هذا الامر تصنيف كوستاريكا في خانة المنتخبات القادرة على قلب التوقعات على غرار منتخبات سابقة تركت بصماتها في اهم بطولة كروية من دون ان تكون في حاجة الى احراز الكأس الذهبية.

وبالعودة الى كأس العالم 2002 التي استضافتها كوريا الجنوبية واليابان، بدا المنتخب الفرنسي حامل اللقب وقتذاك في طريقه الى اكتساح منافسه السنغالي في المباراة الافتتاحية، وخصوصا ان الفرنسيين فاقوا خصومهم بأشواط عدة "على الورق" في ظل تخمة النجوم ضمن تشكيلتهم، امثال تييري هنري ودافيد تريزيغيه وباتريك فييرا وليليان تورام وغيرهم، الا ان المفاجأة المدوية التي صعقت "الديوك" كانت خروجهم بخسارة مريرة (0-1) اثر هدف حاسم سجله لاعب فولهام الانجليزي الحالي بابا بوبا ديوب (كان لاعبا مع لنس الفرنسي وقتذاك) باصرار وعزيمة منتخب "اسود التيرانغا" الذي ينضوي غالبية لاعبيه تحت كنف النوادي الفرنسية، مما رفع مستواهم وبالتالي تحقيقهم انجاز بلوغ الدور ربع النهائي مقابل خروج فرنسا من الدور الاول من دون تسجيل اي هدف.

ولم يكن الوضع مختلفا عند افتتاح مونديال ايطاليا 1990، اذ طبع منتخب افريقي آخر هو الكاميرون بصمته الخاصة بطريقة مشابهة بعد اسقاطه الارجنتين حاملة اللقب وقتذاك بهدف وحيد سجله فرنسوا اومام بييك.

وفي الوقت الذي لم يؤمن فيه الجميع بمؤهلات زملاء روجيه ميلا في مواجهة عظمة الاسطورة دييغو ارماندو مارادونا حمل اومام بييك من ملعب "جيوسيبي مياتزا" في ميلانو القارة السمراء بأكملها الى اعلى المستويات اثر انجاز بلوغ الكاميرون الدور ربع النهائي التي خرجت منه بصعوبة على يد انجلترا (2-3 بعد التمديد).

واللافت ان الارجنتين نفسها سبق ان مرت في موقف مشابه، اذ حط المنتخب الازرق والابيض في مونديال اسبانيا 1982 بصفته بطلا للعالم ومرشحا قويا للاحتفاظ بلقبه اثر بزوغ نجم مارادونا، الا ان بلجيكا اعادت الارجنتين الى ارض الواقع في مباراة الافتتاح بفوزها بهدف يتيم سجله ايروين فاندنبرغ، قبل ان يتكرر مشهد الخيبة نوعا ما في افتتاح مونديال المكسيك 1986 على ملعب "ازتيك" بسقوط ايطاليا حاملة اللقب في فخ التعادل مع بلغاريا (1-1) بعدما رد البلغاري ناسكو سيراكوف بهدف التعادل في الدقائق الاخيرة على التقدم الايطالي عبر اليساندرو التوبيللي.

واختبرت المانيا تحديدا معاني "لعنة مباراة الافتتاح" في مونديال الارجنتين عام 1978، اذ تعادلت سلبا مع بولندا التي ستواجهها في النسخة الحالية ضمن مباريات المجموعة الاولى، ويمكن القول ان الاوضاع النفسية والفنية التي يعيشها "المانشافت" يتوقع ان تؤثر عليه، وهذا ما اشار اليه كثيرون في المانيا وخصوصا الذين ابدوا تحفظهم حول تغيير التقليد المتبع في اشارة الى خوض منتخب الدولة المضيفة مباراة الافتتاح عوضا عن حامل اللقب، مما يرتب ضغوطا كبرى على اللاعبين المفترض تسلحهم بعاملي الارض والجمهور لتحقيق افضلية نسبية على منافسيهم.

وفي موازاة القلق الالماني، برز اصرار طموح ناحية معسكر "تيكوس" (لقب المنتخب الكوستاريكي) الساعي الى تكرار انجازه في مونديال 1990 عبر بلوغ الدور الثاني، وقال نجم الفريق المهاجم باولو وانشوب حول حظوظ فريقه في المباراة الاولى امام المانيا: نحن ذاهبون لحصد النقاط منذ ضربة البداية من دون الاهتمام لهوية منافسنا.

فيما كان المدافع كريستيان بولانوس اكثر واقعية بقوله: ليس لدينا شيء نخسره والفريق متحفز لاحراز الفوز على المنتخب الالماني التي ستكون الضغوط اكبر عليه كون الجمهور المحلي ينتظر الكثير منه.

ولا شك في ان الالمان يدركون تماما تداعيات الروح القتالية التي يظهرها المنتخب الكوستاريكي، اذ عايش "المانشافت" تجاربا مماثلة جاءت نتائجها غير مرضية، امثال الخسارة امام الجزائر (1-2) في مونديال 1982 وخسارة المباراة النهائية لبطولة امم اوروبا امام الدنمارك (0-2) عام 1992.

الا ان الحقيقة الدامغة ان الالمان انفسهم اعتادوا النهوض من كبواتهم عبر الاعتماد على النفس الطويل للاعبيهم اصحاب اللياقة البدنية العالية، مما منحهم ميزة فريدة رفعتهم الى منصات التتويج في شكل مفاجئ مرات عدة على غرار المونديال الاسيوي الذي خسرته المانيا امام البرازيل (0-2).

لذا لن يدق مشجعو "المانشافت" ناقوس الخطر باكرا كما يعتقد البعض وسط تأكيدات المدرب يورغن كلينسمان ان الصدأ قد ازيل تماما عن "الماكينات الالمانية" التي ستعود الى العمل لصناعة حقبة ذهبية طال انتظارها.