الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

المقاومة السلمية في غزة.. خطوات متعثرة بين الرفض والتشجيع

نشر بتاريخ: 22/05/2010 ( آخر تحديث: 22/05/2010 الساعة: 18:52 )
المقاومة السلمية في غزة.. خطوات متعثرة بين الرفض والتشجيع
غزة- تقرير معا- "على الحزام الامني مرابطين شوكة بحلق المحتلين.. اشتعلي اشتعلي يا نيران حتى ينهار الجدار.. بدنا حرية بدنا نعيش"، شعارت يرفعها شبان وناشطون فلسطينون بمشاركة متضامنين أجانب رفضا للحزام الامني الذي تفرضه إسرائيل على طول الشريط الحدودي لقطاع غزة.

غزة، نعلين، بلعين والمعصرة، جميعها اعلنت المقاومة السلمية في وجه الاحتلال الذي سلب الارض بالقوة وليس بالسلم. "معا" فتحت باب السؤال حول جدوى المسيرات السلمية ومدى تأثيرها شعبيا واعلاميا وكيف يتعامل معها الاحتلال؟؟.

طلال ابو ظريفة عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، اعتبر أن المسيرات السلمية هي شكل من اشكال النضال الوطني الرافضة للاحتلال الاسرائيلي، بدأت في قطاع غزة عندما أراد الاحتلال اقامة مناطق امنية عازلة على خط التحديد على طول الشريط الحدودي اعتقادا منه ان فرض مناطق امنية قد توفر له الامن، مشددا أن ما دفع القوى الوطنية الى تنظيم المسيرات السلمية هو أن هذه المنطقة العازلة هي شكل من اشكال مصادرة اراضي المزارعين ومحاربتهم في قوت يومهم.

وقال أبو ظريفة في حديث لـ"معا": "اردنا ان تكون المسيرات السلمية في غزة وجهة مكملة للمقاومة الرافضة للاستيطان ومصادرة الاراضية والتهويد وبناء الجدار في الضفة الغربية"، مبينا أن تأخر انطلاقها في غزة نتيجة أن الواقع النضالي هنا يختلف عن الضفة.

وحمل أبو ظريفة الفصائل الفلسطينية المسؤولية في تأخر المقاومة السلمية بغزة "من خلال تجريد الجماهير من النضال الشعبي وتراجع حدة المقاومة مع الاحتلال على اساس ان المفاوضات قد تثمر، الامر الذي دفع القوى الوطنية الى اعادة الاعتبار لحركة الجماهير الشعبية لتكون مكملة لاشكال المقاومة الاخرى".

وعن حجم المشاركة الجماهيرة بين أبو ظريفة أن سقوط الشهيد أحمد ديب في الشجاعية وهو أول شهداء المسيرات السلمية بغزة "اعطى دافعا لضرورة استمرار المسيرات السلمية"، مشددا أن "الاحتلال لو لم يشعر بحجم تأثير هذه المسيرات السلمية في الرأي العام العالمي لما تعامل معها بشكل عنيف".

وكانت قد انطلقت في قطاع غزة في بداية العام 2010 الحملة الشعبية لمقاومة الحزام الامني مكونة من هيئة العمل الوطني، حيث قامت على مدار الخمسة شهور الماضية بتنظيم مسيرات سلمية في كافة محافظات قطاع غزة، سقط خلالها شهيد واحد واصيب العشرات، فيما استشهد اكثر من عشرين فلسطينيا خلال اقترابهم من المنطقة العازلة بينهم مزارعون وصائدو طيور ومقاومين.

بدوره أكد ناجي البطة الباحث في الشؤون الاسرائيلية أن "الاحتلال ينظر الى هذه المسيرات بعين الريبة والشك خاصة أنه يشارك فيها اجانب الذين يساهموا في كشف وفضح ما ترتكبه اسرائيل في انتهاكاتها لحقوق والانسان والاعراف الدولية خاصة فيما يتعلق بالصراع العربي الاسرائيلي".

وبين البطة في حديث لـ"معا" أن جدار الفصل الذي يبتلع نصف الضفة الغربية ويزيد معاناة السكان الفلسطينيين خاصة الحدود الغربية في خطوط التماس مع قرى عام الـ48 فرض تنظيم المسيرات السلمية الاحتجاجية في الضفة، في حين أن قطاع غزة لجأ الى المسيرات السلمية بعد أن اعلن الجيش الاسرائيلي بعض المناطق الزراعية المأهولة بالسكان مناطق امنية عازلة، الامر الذي يعني- بحسب البطة- فرض اجندة جديدة تقوم على حرمان السكان من اراضيهم، بالاضافة الى التأكيد ان الاحتلال الاسرائيلي يفعل ما يشاء بطريقة تضمن له أمنه.

وعن الوسائل التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي في قمع المسيرات السلمية، أكد البطة "أن ما لا يخضع لوزير الدفاع الاسرائيلي مثل قطاع غزة يعتبر مناطق عدائية وانها تشكل خطرا على حياة جنوده، بعكس المظاهرات في الضفة التي تقع تحت سيطرته التي تشكل خطرا أقل على جنوده ويتم التعامل معها بدرجة اقل من قطاع غزة".

بين الضفة وغزة اختلفت قناعات وثقافة المقاومة لدى المواطنين، فبينما من يعتقد بأنها شكل من أشكال النضال الوطني كما المقاومة المسلحة اعتقد البعض الاخر بحتمية المقاومة المسلحة التي أصبحت أكثر قوة وأكثر فاعلية في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.

من جانبه أكد المحلل السياسي وسام عفيفة، أن كل اشكال المقاومة بكافة صورها مشروعة لكل الفصائل، مبينا أن التطورات التي طرأت على المقاومة أثرت على نوعية وأشكال المقاومة وبيئة المقاومة وجعلها تختلف ما بين غزة والضفة.

وأشار عفيفة في حديث لـ "معا" أنه بعد الحرب الاسرائيلية على القطاع توافق اجنحة المقاومة على تهدئة غير معلنة تحاول بعض الاطراف استغلال الوقت للاستفادة من بعض اشكال المقاومة بوسائل مشروعة ومهمة.

وبين عفيفة أن عدم قدرة المسيرات في الوصول الى نقاط تماس مع الجيش الاسرائيلي يفقدها قيمتها لان المواطن الفلسطيني اعتاد أن يعبر عن غضبه بعد الانتهاء من فعاليات المسيرة عند الالتحام مع الجيش الاسرائيلي في منطقة معينة وهذا ما يفتقده قطاع غزة على عكس الضفة الغربية.

وواضح في معرض حديثه أن المقاومة المسلحة في قطاع غزة طغت على السلمية لان بيئة المقاومة وقناعات المواطن تختلف واصبح حجم الاهتمام والتغطية بالمسيرات مختلف بين الضفة وغزة فبينما تأخذ مسيرات بعلين ونعلين والمعصرة حيز اعلامي بحكم المواجهة مع الاحتلال تحظى مسيرات غزة باهتمام اقل لانها بعيدة عن نقاط التماس مع الاحتلال، لافتا الى أن الشباب في غزة أصبح لديه الجرأة والشجاعة ومنخرط في اجنحة المقاومة واعتاد أن يستخدم "الكلاشن" والـRBG وأصبح يؤمن بدرجات مقاومة عالية والامر الذي يفسر المشاركة القليلة في المسيرات السلمية.