الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

هنية يوجه رسالة إلى عباس يحذره فيها من مخاطر الاستفتاء على القضية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 09/06/2006 ( آخر تحديث: 09/06/2006 الساعة: 15:46 )
غزة- معا- وجه رئيس الوزراء إسماعيل هنية صباح اليوم الجمعة رسالة خطية للرئيس محمود عباس حذره فيها من مخاطر الإعلان عن إجراء الاستفتاء على القضية الفلسطينية وانعكاسات ذلك على الواقع السياسي الفلسطيني.

وقال رئيس الوزراء في رسالته التي تلقت معا نسخة منها "ان الاستفتاء لا يوجد له اساس دستوري ولاقانوني ولا يوجد ما يحدد طريقته, والمواضيع ونوعها ولا يمكن اللجوء إلى الاستفتاء في قضايا مصيرية كالتي نتناولها الآن".

وقال " كان الاولى بان يستفتى الشعب على اتفاقية اوسلو باعتبارها شكلت منعطفا كبيرا قياسا ببرنامج المنظمة.

وفيما يلي النص الكامل لرسالة رئيس الوزراء هنية إلى الرئيس عباس كما وردت كاملة لوكالة معا:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الرئيس/أبو مازن حفظه الله

رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

اكتب إليكم صباح اليوم الجمعة المبارك ودماء الشهيد البطل جمال أبو سمهدانة ورفاقه الميامين تعطر أجواء فلسطين وتحملنا أمانة الحفاظ على مسيرة الشهداء الأبرار, الذين قضوا لتبقى فلسطين ووحدة شعبها مقدسا وتفرض علينا كيف نفكر لمواجهة الخطر الداهم, وكيف نتوحد في وجه الحصار الظالم.

اكتب إليكم وساحتنا الفلسطينية تموج والدعوات والصيحات تتعالى, والمراقبون يتابعون, والقلق يخيم على واقعنا من القادم والآتي , وذلك بعد وقت قصير من إجراء الانتخابات التشريعية التي شكلت عرسا وطنيا ومفخرة لشعبنا وأفرزت نظاما تعدديا مرسخا للشراكة السياسية, وفاتحا الباب واسعا أمام الكفاءات والطاقات الفلسطينية لتساهم في مسيرة البناء والتحرير.

هذا الواقع أخي الرئيس والذي اختلطت فيه الآمال مع الآلام والرجاء مع الخوف والذي قدر الله لنا أن نتحمل مسئوليته معا, وأن نقود المركب سويا يستوجب أن نواجهه بصبر وتعاون وتضامن وتكامل,فالحصار الذي أعقب تسلمنا للحكم والذي سار في اتجاهات متعددة:

حصار اقتصادي ومالي,وتجفيف مصادر الدعم الفلسطيني.

وحصار سياسي.

ومحاولات حميمة لتفجير الصراعات الداخلية,والهدف أصبح واضحا لكل مراقب انه تركيع للشعب الفلسطيني,ومعاقبة على خيارة الديمقراطي,, ودفعه إلى تقديم تنازلات سياسية.

السيد الرئيس:

إن فكرة الاستفتاء المعروضة على الساحة تحمل مخاطر كثيرة على وحدة الشعب

الفلسطيني,واخشى أن تحدث شرخا تاريخيا, تعاني منه القضية الفلسطينية لعقود قادمة,ولقد شرحت لسيادتكم الموقف مفصلا من خلال الاتصال الهاتفي الذي جري بيننا يوم الثلاثاء الماضي,وتمنيت عليكم إعادة النظر في الموضوع ,وإعطاء المجال لاستكمال الحوار الوطني وبهدف التوصل إلى وافق وطني يعزز من لحمتنا الفلسطينية,ويقطع الطريق علي المخاطر المحدقة بشعبنا,وأرسلت لسيادتكم آلية مناسبة من خلال الرسالة التي حملاها الإخوان منيب المصري وروحي فتوح.

إن الاستفتاء الذي تنوى الإعلان عنه غدا السبت ينطوي على إشكاليات عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:

1-لا يتوفر الأساس الدستوري والقانوني للاستفتاء فلا يوجد في مواد القانون الأساسي ما يسند الاستفتاء ولا يوجد ما يحدد طريقته, والمواضيع ونوعها ومن يحدد السؤال.

2-لا يمكن اللجوء إلى الاستفتاء في قضايا مصيرية كالتي نتناولها الآن, فمن يحكم هو السلطة التنفيذية المنتخبة مباشرة والتي تخضع لرقابة وثقة السلطة التشريعية المنتخبة.

3-لا يستفتي شعب ويقسم إلى قسمين مع وضد, فلا يتم اللجوء إلي هذه الخطوة المصيرية لحسم قضايا نظرية ليست للتنفيذ أصلا ,فالوثيقة قد تصلح أن تتبناها الفصائل إذا توافقت عليها كبرنامج تناضل من اجله , وبالكاد يبحثها البرلمان ,فكيف تستفتي شعبنا عليها.

4-لا يستفتي جزء من الشعب علي قضايا مصيرية بينما نصفه الآخر محروم من المشاركة ,وطرحه بهذا الشكل تكريسا للانقسام بدل من هدف الاتفاق القائم علي روحية الوثيقة.

5-القيادة الفلسطينية لم تستفت الشعب الفلسطيني علي اتفاقيات أوسلو التي طرحت للتنفيذ ,رغم أنها شكلت تغيرا كبيرا قياسا ببرنامج المنظمة , وإذا صح الاستفتاء فقد صح هنا,والقيادة الفلسطينية لم تستفت الشعب الفلسطيني علي تغيير الميثاق الوطني الذي قبلته, ولا علي أفكار كلينتون التي رفضتها في كامب ديفيد,وقد أيدناها في ذلك الرفض دون استفتاء.

6-وهل يوجد عندنا فراغ دستوري أو مؤسساتي حتي نلجأ للاستفتاء ,فنحن عندنا مجلس وطني يسعي الجميع الي تجديده,ولدينا مجلس تشريعي, ومؤسسات تنفيذية وفصائل وقوى في الداخل والخارج ,وهذه المنظومة مؤهلة لإدارة شئون الشعب وتحديد الاتجاهات المطلوبة.

أخي الرئيس:

إن البديل العملي والسليم والواقعي يتمثل في الآتي,وهذه المقترحات هي رسالة الحكومة وحركة حماس وأظنها أيضا رسالة العديد من الفصائل الوازنة فى ساحتنا الفلسطينية في الداخل والخارج وتتمثل في الآتي.

أولا: استبعاد فكرة الاستفتاء.

ثانيا:إجراء حوار عاجل علي أساس وثيقة الأسري, وبهدف التوصل إلي توافق وطني.
ثالثا:وفي ضوء هذا التوافق يصار إلي تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأنا شخصيا ملتزم بمتابعة هذا الحوار في الداخل وفي الخارج بهدف الوصول الي اتفاق بإذن الله.

الأخ الرئيس:

إنني أناشدك بالله,ثم برحم الإسلام والوطنية التي تجمعنا,وأناشدك بدماء الشهداء وآلام الأسرى والجرحى, وبمعاناة شعبنا في الداخل والخارج ,أن تعتمد الحوار لا الاستفتاء سبيلا وحيدا لتجميع الساحة وللخروج منم الحصار المضروب علينا, ومن اجل حماية الوحدة الوطنية وصيانة الدماء الفلسطينية وعدم إدخال ساحتنا في متاهات الزمن القادم.

إن القيادات الأسيرة التي صاغت الوثيقة تثبت فيها أن من حق الجميع مناقشتها أو التعديل عليها, وما كان لهؤلاء القادة أن يروا الوثيقة سببا في الخلاف أو التجاذبات أو تخضع للاستفتاء,بل هي جاءت مساهمة محمودة من إخواننا القادة الموقعين عليها لتعزيز الوحدة وإثراء الحوار, والتحرك المشترك لرفع الحصار عن شعبنا,فجاءت الوثيقة مشتملة على نقاط عديدة هي محل الاتفاق والتفاهم , وفيها ما يحتاج إلي بحث ونقاش,وهذا أمر طبيعي لوثيقة هي من صياغة البشر(فكل أحد يؤخذ من كلامه ويرد إلا المعصوم محمد صلي الله عليه وسلم).

أخي الرئيس:

أملى فيك كبير, وأنت الحريص علي الوطن والمواطن, وأنا أعرف أن البعض يشيع أن هناك من يريد ان يكسر كلمة الرئيس فهذا أخر ما يفكر فيه العقلاء,فإننا ننطلق من نوايا صادقة وعقول مفتوحة,وصدور مشروحة للحق الذي نراه في صالح شعبنا وقضيتنا,وننطلق من التعاون الذي أمرنا الله به(وتعاونوا على البر والتقوى) وأذكر بأن علماء الأمة من السلف الصالح قالوا من أقسم علي شيء ثم رأى ما هو أبر منه فليحنث بقسمه وليفعل ما فيه من الخير والبر والصلاح,فنحن في سفينة واحدة ووطن واحد ولنا مستقبل واحد,وهمنا أن نصون البلاد ونحمى العباد ونقطع الطريق علي الاختلاف والشقاق,فنحن جميعا أمناء على حقوق شعبنا ودمائه ومستقبله,وغدا سنقف بين يدي الله ليسألنا عن الأمانة التي نحمل ,و عن المسجد الأقصى المبارك ومقدسات العرب والمسلمين علي أرضنا الفلسطينية المباركة, فنسأله سبحانه أن يعيننا على الخير وان يهيئ لنا من أمرنا رشدا.

(فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله إن الله بصير بالعباد)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخوكم
إسماعيل هنية

رئيس مجلس الوزراء