الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

إعلامنا الرياضي ليس رياضي **بقلم :طارق الجعبري

نشر بتاريخ: 23/05/2010 ( آخر تحديث: 24/05/2010 الساعة: 00:32 )
هكذا وباختصار وصف بعضهم إعلامنا العربي الرياضي بأنه إعلام ليس رياضي على العموم ،فهو إعلام مريض منتسب زورا وبهتانا للرياضة ، وعالق به كالمرض في الجسم السليم ، ونحن معه على العموم وأنه من عموم البلوى إلا من رحم ربي من منارات إعلامية رياضية بارزة لها كل الاحترام .

وهل حقا إعلامنا الرياضي ليس رياضي ، إنا هنا لن انصب نفسي قاضيا ولست ذلك الخبير الذي يفتي في علم كبير من علوم الإعلام ، ولكني سأحكم على هذا الإعلام كأحد متابعيه ومشاهديه وباعتباري مشجع ورياضي ، تعالوا نتكلم ببساطة الرياضة وسهولتها .

عندما نقول رياضي يعني جسما سليما قوي البنية وعالي المهارة ،فكم من إعلاميينا قوي الحجة وذا مهارة وطلاقة لسان وحلاوة أفكار ؟ أما ما يقدمه الرياضي من أداء في الملعب فهو يعتمد أساسا على التدريب المنتظم والمتواصل في ملاعب التدريب حتى تكتمل لياقته فيستحق شرف اللعب في المباراة وأمام الجمهور ، لكن الإعلامي الفذ هذه الأيام يتدرب أمام الكاميرا وعلى الهوا ، ويلعب بأفكاره ويؤدي بكلماته مباشر من غير تدريب أو حتى إحماء .

والرياضي دائم المنافسة والتواجد في معترك التحديات ، ولا يبقيه في الملعب أساسيا إلا أداءه وقدرته في إقناع المدير الفني، وعلو كعبه على أقرانه في مركزه ، وإلا مصيره دكّة البدلاء أو حتى الاستغناء ، أما أن يحجز نفسه أساسيا في مركزه وعلى ملعب وشاشة الأستوديو فقط لأنه منتمي لنادي ما أو تاريخ مضى أو مصلحة ما ، فليس هذا من قانون الرياضة اليوم .

والرياضي ينجح بجهده وعرقه من خلال طاقم فني متخصص يتابعه ويرشده ويمده بالصالح والمفيد ليتقدم يوما بعد آخر ، أما أن يستعين بنطيحة علم وموقوذة فكر ومتردية خبرة ، فلن يمده حينها إلا بأخبار وأفكار وتحاليل ليست اقل من صاحبها نطيحة وموقوذة ومتردية .أو ربما يرى الإعلامي الفذ الاعتماد على اسمه اللامع وبريقه الفاقع ، فليس هذا زمان العالم الشامل الجامع أو اللاعب الخارق .

والرياضة أيا كان نوعها تحكمها قوانين واضحة ومعلومة وموثقة ، تحكم أداء اللاعبين وتوجههم نحو الأداء السليم وتحذرهم الانحراف عنها بعقوبات رادعة واضحة ، يدركها اللاعب ويفهمها وليس بإمكانه أيما كان أن يتجاوزها أو يتلاعب بها ، فما هي بالله عليكم قوانين إعلامنا الرياضي ومن هو الحكم ومن المراقب ومن يرفع التقرير ولمن .

والرياضة أخلاق وهي دعوة لكل شيء جميل وفيها المتعة والتسلية والصحة ، وإعلامنا الرياضي كذلك لكن مع بعض الاختلاف ، فهو إعلام بأخلاق لكن من عالم غير رياضي بل هو من السوق آو إن شئت قل السوء ، فما نسمعه أو نقرأه أو نشاهده ليس إلا سلع تجارية يراد لها الإعلان والترويج من خلال مقدم البرنامج أو قل فتى الإعلان ، معتمدا على نظرية اكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى يصدقك الآخرون ، انه ترويج وإعلان لأجل الربح فقط ، بغض النظر عن السلعة وحقيقة جودتها أو صلاحيتها أو صدقها ، فالمهم تحصيل اكبر دخل وأكثر دعايات واكبر مشاهدة واكبر وأكثر و...،فلا مانع من خلق الإثارة واختلاق

الأحداث وتعظيم التافه ، وتكبير المهمل ومداعبة العواطف والغرائز حتى وان كانت منتنة أو جاهلية أو ساقطة.
واذا أين هي الرياضة وقوانينها وأعرافها ،أين هو قوام الرياضة في الإعلام الرياضي ،وأين معاني الرياضة الجميلة في هذا الواقع للإعلام الرياضي ، بل أين هي الرجال وأخلاقهم وأين هي المبادئ والتزامهم ، وأين كلمات الخير وشاشات النور، وكلمات الحق ،وأين ميزان الحق عندكم ،وهل من عبرة ووقفة ،إن لم تكن لدنياكم فلآخرتكم ،إنها نصيحة محب وموعظة لحق وتذكرة للعقبى ، ومصداقا لقوله تعالى (وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ).
[email protected]