الخميس: 28/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

الاحصاء يستعرض الواقع البيئي في الاراضي الفلسطينية

نشر بتاريخ: 03/06/2010 ( آخر تحديث: 03/06/2010 الساعة: 13:14 )
سلفيت-معا- استعرضت علا عوض، القائم بأعمال رئيس الإحصاء الفلسطيني، الواقع البيئي في الأراضي الفلسطينية عشية يوم البيئة العالمي الذي يصادف في الخامس من حزيران/يونيو من كل عام تحت عنوان "البيئة الفلسطينية إلى أين؟"، والذي أعلنت عنه الجمعية العامة للأمم المتحدة، العام 1972 وذلك في ذكرى افتتاح مؤتمر استكهولم حول البيئة الإنسانية.

واشارت عوض أن الجمعية العامة للأمم المتحدة صادقت في اليوم ذاته على قرار تأسيس برنامج الأمم المتحدة للبيئة "UNEP"، مضيفة إن الاحتفال بهذا اليوم يهدف إلى جذب الاهتمام العالمي إلى أهمية البيئة والتحفيز والترويج لأهمية دور المجتمعات المحوري في تغيير المواقف تجاه القضايا البيئية ومناصرة الشراكة التي تضمن أن تتمتع كل الأمم والشعوب بمستقبل أكثر أماناً وازدهاراً.

وأشارت إلى أن شعار يوم البيئة لهذا العام هو "كثير من الأنواع الحية، كوكب واحد، ومستقبل واحد "، وهي بمثابة رسالة تركز على الأهمية المركزية للأنواع والنظم الايكولوجية. ويصادف أيضا هذا العام السنة الدولية للأمم المتحدة للتنوع البيولوجي. هذا وستجرى الاحتفالات الدولية الرئيسية بيوم البيئة العالمي 2010 في رواندا نظرا لما تواجهه هذه الدولة من مشاكل بيئية.

ونوه القائم بأعمال رئيس الإحصاء الفلسطيني، أن العالم يحتفل بهذه المناسبة في ظل العديد من التحديات البيئية العالمية أهمها: استمرار انبعاث غازات الدفيئة مما يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة الكون وزيادة ظاهرة تغير المناخ وزيادة التصحر ونقص الغذاء والفقر وقلة التنمية المستدامة وزيادة الفيضانات وثورات الزلازل والبراكين وغيرها.

وأضافت عوض، أما في فلسطين ففي الوقت الذي يحتفل العالم فيه بيوم البيئة العالمي وتتبارى الدول في التباهي بالإنجازات البيئية التي حققتها ومستوى جودة الحياة لمواطنيها مستخدمة معايير الاستدامة البيئية الدولية، فإن هذا التاريخ يذكرنا بقيام إسرائيل باحتلال الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة وغيرها من الأراضي العربية عام 1967. فبعد مرور 43 عاما على هذا الاحتلال، ما زال شعبنا يعيش تحت وطأته وممارساته التي تتمثل باستنزاف الموارد البيئية في الأراضي الفلسطينية وتدميرها وإقامة المستعمرات التي تركت آثارا مدمرة طالت جميع عناصر البيئة الفلسطينية، فبالإضافة إلى أعمال مصادرة الأراضي ومنع المواطنين الفلسطينيين من دخولها وممارسة أنشطتهم المختلفة، فإن هناك الكثير من مظاهر التدمير للبيئة الفلسطينية من أبرزها، إقامة الطرق الالتفافية وتشييد جدار الضم والتوسع وتدمير التنوع الحيوي، واستنزاف المياه الفلسطينية، والمياه العادمة، والنفايات الصلبة، وتلوث الهواء، والضجيج، وتدمير التراث الحضاري، وتدمير القطاع الزراعي.

واستعرض علا عوض، القائم بأعمال رئيس الإحصاء الفلسطيني، الواقع البيئي في الأراضي الفلسطينية عشية يوم البيئة العالمي، 05/06/2010، على النحو التالي:

قطاع غزة أكثر بقاع العالم اكتظاظا بالسكان واقلها موارد طبيعية:
إن الاستغلال والاستخدام الجائرين للموارد البيئية من قبل الاحتلال الإسرائيلي يؤثر سلباً على البيئة وينهكها, كما وان زيادة السكان على حساب الموارد المتاحة يسبب تدهورا في البيئة المحيطة، وفي هذا السياق تعاني الأراضي الفلسطينية من كثافة سكانية عالية وشح في الموارد الطبيعية، فقد بلغت الكثافة السكانية في الأراضي الفلسطينية في نهاية العام 2009 حوالي 663 فرد/كم2 بواقع 439 فرد/كم2 في الضفة الغربية و4,140 فرد/كم2 في قطاع غزة، أما في إسرائيل فبلغت الكثافة السكانية في نهاية العام 2009 حوالي 350 فرد/كم2 من العرب واليهود، وفي مقابل هذه الكثافة السكانية العالية لا نجد مصادر طبيعية متجددة وإنما استنزاف من قبل الاحتلال الإسرائيلي لما هو موجود، الأمر الذي أدى إلى تدهور الحياة الطبيعية والبيئة، وتردي جودة المياه وندرتها، وازدياد المناطق السكنية المكتظة على حساب الأراضي الزراعية والغابات.

المياه في الأراضي الفلسطينية واقع وتحديات:
تجمعت عوامل عديدة لتشكل مخاطر على المياه في فلسطين، من بينها الاستهلاك المفرط للمياه من قبل الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، مما أدى إلى استنزاف المخزون الجوفي المتاح. إلا أن أهم هذه المخاطر يتمثل في الإجراءات الإسرائيلية المختلفة حيث حددت إسرائيل الاستهلاك الفلسطيني للمياه من خلال العديد من الإجراءات، إذ وضعت سقفاً لكمية المياه المستخرجة من الآبار الفلسطينية بحيث لا تزيد عن 100 متر مكعب في الساعة، ومنعت الفلسطينيين من حفر آبار جديدة بعد مصادرتها للآبار القديمة والأراضي التي بنت عليها المستعمرات. وفي حالة الموافقة على حفر آبار للفلسطينيين فإنها تلزمهم بأن لا يزيد عمقها عن 140 متراً. وتحرم إسرائيل الفلسطينيين من استخدام مياه نهر الأردن، كما تعرقل إمدادات المياه إلى البلديات الفلسطينية.

بالإضافة إلى ذلك أدى الاستعمال الإسرائيلي المفرط للمياه، وزيادة النمو السكاني بمعدل 2.9% سنوياً، وتذبذب كميات مياه الأمطار من سنة لأخرى، والاستهلاك غير المتوازن إلى تناقص المياه في فلسطين، حيث بلغت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي من شركة المياه الإسرائيلية (ميكروت) للعام 2009 ما يقارب 47.4 مليون متر مكعب في الضفة الغربية وذلك بحسب البيانات الأولية لسلطة المياه الفلسطينية. أما في العام 2008 فقد بلغت كمية المياه المتاحة سنوياً في الأراضي الفلسطينية 308.7 مليون متر مكعب. وبلغت كمية المياه المزودة للاستخدام المنزلي في الأراضي الفلسطينية عام 2008 حوالي 185.5 مليون متر مكعب. هذا وبلغت حصة الفرد الفلسطيني من المياه المزودة للقطاع المنزلي 132.9 لتر/فرد/يوم.

تلوث المياه في الأراضي الفلسطينية:
توصف المياه بالملوثة إذا وجدت ملوثات بدرجة تعيق استعمال هذه المياه للأغراض المختلفة كالشرب والري. ويمكن لكل متر مكعب ملوث من المياه أن يلوث من 40 - 60 مترا مكعبا من المياه النقية. ومن أسباب تلوث المياه: مسببات العدوى بسبب تصريف مياه المجاري، والمخلفات الزراعية والحيوانية، والمنظفات، والمواد المستهلكة للأوكسجين، والنفط ومشتقاته، والمواد الكيميائية، والمواد المشعة، والمعادن الثقيلة. وتتمثل أهم مظاهر التلوث في المياه الفلسطينية في زيادة نسبة الأملاح، وزيادة نسبة النترات.

فقد وصلت نسبة الأملاح في مياه نهر الأردن إلى خمسة آلاف جزء في المليون، بعد أن كانت لا تتعدى 600 جزء عام 1925. وزادت نسبة الكلورايد إلى 1,365 ملغراما في اللتر في منطقة أريحا خلال السنوات العشرين الماضية بعد أن كانت 24 ملغراما. وأدى الضخ الإسرائيلي للمياه الجوفية بطريقة مفرطة إلى تزايد نسبة الملوحة في الخزان الجوفي، مثل تسرب المياه عالية الملوحة إلى مناطق وجود المياه العذبة. وأشارت الدراسات إلى زيادة نسبة الملوحة عن الموصى بها دولياً (50 ملغراما في اللتر) في 27.2% من مياه الضفة الغربية. كما أن النترات تلوث العديد من مصادر المياه، ففي طولكرم لا تتعدى نسبة المياه الناجية من التلوث بالنترات 27%، في حين تنخفض النسبة في قلقيلية إلى 23%. وترتفع معدلات النترات على 50 ملغراما في اللتر في 14% من مياه الآبار في الضفة الغربية.

في قطاع غزة تعد مشكلة التلوث المائي أكبر من مثيلتها في الضفة الغربية، للعديد من الأسباب أهمها: وصلت كمية الكلورايد في بعض المناطق إلى 1500 ملغرام في اللتر، ولا تتعدى المناطق التي تستخرج منها مياه ذات معدلات كلورايد منخفضة (250 ملغراما في اللتر) عن 45 كيلو مترا مربعا في المناطق الشمالية، وعن 35 كيلو مترا مربعا في المناطق الجنوبية، إن مياه قطاع غزة تصنف في نوعية المياه القلوية، مع ارتفاع عالٍ في كمية الكلورايد، كذلك فان 85% من مياه الآبار في قطاع غزة غير صالحة للشرب بسبب المكونات القلوية، وزيادة نسبة الأملاح في المناطق الجنوبية الشرقية وأجزاء من المنطقة الوسطى لتصل إلى ألف ملغرام في اللتر وزيادة نسبة النترات عشرات المرات على الموصى بها دولياً.

النفايات الصلبة في الأراضي الفلسطينية:
تواجه فلسطين الآن مشكلة النفايات الصلبة للعديد من الأسباب أهمها: تزايد أعداد السكان، وعدم توفر الإمكانات المادية اللازمة، وضعف الخبرات الفنية لإدارة النفايات الصلبة، وسنوات الاحتلال الإسرائيلية الطويلة للأراضي الفلسطينية التي تركت آثارها على هذا الجانب، فالاحتلال يستخدم الأراضي الفلسطينية، كمكبات للنفايات الصناعية والمياه العادمة، الناتجة من المستعمرات الإسرائيلية، المقامة على الأراضي الفلسطينية، وهي في الغالب نفايات صناعية من الدرجة الأولى، وبالتالي عالية الخطورة على البيئة وعلى المياه السطحية والارتوازية الفلسطينية.

وساهمت سياسية الإغلاق والحصار وجدار الفصل العنصري في زيادة عدد مكبات النفايات العشوائية المفتوحة، حيث وصل عدد هذه المكبات إلى 189 مكب نفايات عشوائي منها 133 مكب في الضفة الغربية، مع العلم أن هذه المكبات العشوائية متواجدة بالقرب من المناطق السكنية وتستخدم تقنية حرق النفايات الصلبة، وتعتبر هذه التقنية هي التقنية الوحيدة المتوفرة أو المتاحة أمام الهيئات المحلية الفلسطينية، ونتيجة للتمدد العمراني والتوسع السكاني فإن كثير من مكبات النفايات أصبحت غير ملائمة لمهمتها، هذا بالإضافة إلى أن سلطات الاحتلال قامت بإغلاق بعضا منها بحجة أنها تقع في أراضي خاضعة للسلطات الإسرائيلية، أو نتيجة أن المكب انتهت صلاحيته ولم يعد قادرا على استيعاب كميات إضافية. هذا وقدر متوسط إنتاج الفرد عام 2009 في الأراضي الفلسطينية يوميا من النفايات بـ 0.6 كغم، وقد قدرت كمية النفايات المنزلية المنتجة في الأراضي الفلسطينية بما يزيد عن 2,321 طن يومياً لعام 2009.

الزراعة وأثرها في تلوث البيئة:
تتعرض التربة في بلادنا إلى العديد من الأنشطة البشرية الزراعية والصناعية مما ينتج عنه الكثير من الآثار السلبية التي تحد من قدرة الأرض على الإنتاج ومن أبرز القضايا التي تواجه التربة في فلسطين هي الإفراط في استخدام المخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية ونظراً للزيادة الكبيرة في عدد السكان وضيق الرقعة الزراعية لجأ السكان إلى استخدام المخصبات الزراعية ومبيدات الآفات الزراعية لزيادة كمية إنتاج الأراضي الزراعية، ففي الضفة الغربية بلغ المعدل السنوي لاستخدام المخصبات الزراعية 30,000 طن من الأسمدة الكيماوية والعضوية، وبلغ المعدل السنوي لاستخدام المبيدات الحشرية 502.7 طن مكون من حوالي 123 نوع وهناك 14 نوعاً منع استخدامها لأسباب صحية، وفي قطاع غزة بلغ حجم المخصبات الزراعية المستخدمة سنوياً للخضروات 12,000 طن منها 3,500 طن من الأسمدة الكيماوية والباقي أسمدة عضوية. أما مبيدات الآفات الزراعية فقد بلغ حجم المستخدم منها 893.3 طن مكونة من 160 نوع منها 19 نوع محرمة دولياً وتكمن أخطار المخصبات الزراعية والمبيدات في الإقلال من جودة التربة وتلوث المياه. هذا وتفيد بيانات إحصاءات الزراعة للعام 2009 إلى أن 19.7% من تكاليف مستلزمات الإنتاج النباتي تصرف على المبيدات بينما 26.0% من تكاليف هذه المستلزمات تصرف على الأسمدة.

تغير المناخ والبيئة:
لقد طالت الاعتداءات الإسرائيلية على البيئة الفلسطينية الهواء، حيث نجد أن إسرائيل عملت على زيادة معدلات هذا التلوث عن طريق المصانع المنتشرة في مستعمراتها، فإن كميات كبيرة من الغازات السامة والضارة الناتجة من المصانع الإسرائيلية داخل إسرائيل تصل إلى الأجواء الفلسطينية بفعل الرياح بسبب قرب موقعها الجغرافي من الحدود، كما يصل الدخان والغازات الناتجة عن محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم في أسدود والمجدل إلى قطاع غزة بفعل الرياح أيضاً لتزيد من درجات تلوث الهواء. كما تنبعث الغازات السامة التي تلوث الهواء من المصانع الإسرائيلية أثناء عملية النقل الأمر الذي يؤدي إلى حدوث عمليات تسريب لهذه المواد. تشكل الصناعات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، والصناعات داخل إسرائيل الخطر الأكبر على تلوث الغلاف الجوي في الأراضي الفلسطينية، حيث أن المراكز الصناعية الإسرائيلية الكثيرة المنشرة في شتى أنحاء الضفة الغربية تلوث الغلاف الجوي بكميات كبيرة من غازات الدفيئة، حيث يتوقع خبراء المناخ أن تزداد غازات الدفيئة المنبعثة من المناطق المحتلة عام 1948 بنسبة 40%، وذلك حتى العام 2020.

ومن مظاهر تغير المناخ في فلسطين تناقص كميات الأمطار وارتفاع درجات الحرارة حيث أظهرت البيانات أن كميات المطر تراوحت ما بين 593.1 ملم في محطة جنين، و115.7 ملم في محطة أريحا خلال العام2009 ، بينما أظهرت بيانات السلاسل الزمنية للفترة 1973- 2009 إلى أن المجموع السنوي العام لسقوط المطر حسب البيانات المتوفرة وصل إلى 942.7 ملم في محطة نابلس في العام 2003. أما بالنسبة لدرجات الحرارة فتشير بيانات عام 2009 إلى أن المعدل الشهري لحرارة الهواء العظمى يصل إلى أدنى قيمة له في شهر كانون ثاني حيث بلغ 12.2 درجة مئوية في محطة الخليل، ثم تتزايد درجات الحرارة العظمى لتصل إلى أعلى قيمة في شهر تموز، حيث كان أعلى معدل شهري لحرارة الهواء العظمى 39.8 درجة مئوية في محطة أريحا، وتعود معدلات الحرارة العظمى لتتناقص ثانية حتى شهر كانون أول.

كما تشير بيانات السلاسل الزمنية أن المعدل السنوي لحرارة الهواء الدنيا للفترة 1975-1995 تراوح ما بين 11.2 درجة مئوية في محطة الخليل و15.7 درجة مئوية في محطة أريحا. في حين تراوح المعدل السنوي لحرارة الهواء الدنيا لعام 2009 ما بين 12.8 درجة مئوية في محطة الخليل و18.3 درجة مئوية في محطة كردلة في محافظة طوباس.