بمناسبة يوم البيئة العـالمي"أنواع عديدة... كوكب واحـد... مستقبل واحد"
نشر بتاريخ: 04/06/2010 ( آخر تحديث: 04/06/2010 الساعة: 21:44 )
بيت لحم -معا- يشارك العالم احتفالاته بيوم البيئة العالمي 2010 تحت شعار " أنواع عديدة، كوكب واحد، مستقبل واحد" لتكون هذه الاحتفالات ضمن اعلان العام 2010 السنة الدولية للتنوع الحيوي ) البيولوجي).
وكما في كل عام يعمل برنامج الأمم المتحدة للبيئة على توجيه أنظار العالم إلى القضايا الحساسة في البيئة، لينصب اهتمام العالم هذه السنة على التنوع الحيوي، أكثر المصادر الطبيعية هشاشة , وحساسية والأسرع إنجرافاًً، وربما الأكثر تجاهلاً، حيث يتوقع علماء التنوع الحيوي أن نحو 60000 نوعاً من النباتات البرية في العالم قد تختفي في نهاية العام 2040 وذلك نتيجة للزيادة السكانية المضطردة، وإزالة الغابات والمواطن البيئية، والتوسع الزراعي والتنمية الهدامة.
وللتنوع الحيوي أهمية كبرى تظهر قيمتها جلية في حقل الطب والدواء وحقل الزراعة، وقد كان هذا المصدر الطبيعي ولا يزال الرافد الأول للحياة لكافة المجتمعات البدائية غير المتطورة، والتي لا زالت تعتمد في عيشها وبقائها على المصادر الطبيعية من النباتات والحيوانات البرية في مسكنها وملبسها ومأكلها ودوائها.
ولإدراك الأهمية العالمية للتنوع الحيوي في خدمة البشرية جمعاء نأخذ مثالاً بسيطاً حيث تقوم المحميات الطبيعية والمنتزهات الوطنية في كندا بتخزين حوالي 4.43 مليون طن متري من الكربون الذي يقلل من آثار التغيرات المناخية وارتفاع حرارة الأرض وهي خدمة تقدر قيمتها السوقية بحوالي 11 مليار دولار، ويساهم الحاجز المرجاني العظيم في الاقتصاد الاسترالي بحوالي 6 مليار دولار استرالي.
أما فلسطين فهي تعد من أكثر بقاع الأرض غنىً بالتنوع الحيوي ومصادره، ويرجع ذلك إلى التباين الكبير في الأنظمة المناخية والتنوع في التضاريس الجغرافية وأنواع التربة، كما أن موقع فلسطين الاستراتيجي بين قارات العالم الثلاثة آسيا وأوروبا وأفريقيا جعلها مركزاً للحضارات المتعاقبة ومعبراً رئيساً لهجرات الطيور وموطناً للكثير الأنواع الحية. حيث يبلغ عدد الكائنات التي تم وصفها في فلسطين نحو 47000 نوعاً ويعتقد بوجود حوالي 4000 نوعاً آخر لم يتم وصفها.
وتزخر فلسطين بالكثير من أنواع الباتات البرية إذ يصل عدد النباتات المزهرة إلى حوالي 2700 نوعاً ويبلغ عدد الأنواع المتوطنة منها في فلسطين حوالي 261 نوعاً، 53 نوعاً منها خاصة بفلسطين، منها 12 نوعاً نادراً جداً، ويبلغ عدد الأنواع النباتية المهددة بالانقراض حوالي 543 نوعاً، خاصة العائلة الزنبقية والسوسنيةً. وتمتاز فلسطين بتنوع كبير في حيواناتها إذ يوجد 93 نوعاً من الثدييات ضمن 33 عائلة ، و520 نوعاً من الطيور ضمن 65 عائلة، وتعتبر هذه الأعداد كبيرة بالنسبة لمساحة فلسطين مقارنة مع غيرها من المناطق ذات مساحات مضاعفة مثل كاليفورنيا. كما تحوي فلسطين نحو 110 نوعاً وتحت نوع من الزواحف والبرمائيات، ويعيش في المسطحات والمجاري المائية الداخلية في فلسطين حوالي 32 نوعاً أصيلاً من الأسماك ونحو 14 – 16 نوعاً دخيلاً منها. ويعيش في فلسطين نحو 30,000 نوع من اللافقاريات.
ويوجد في الضفة الغربية أكثر من 48 محمية طبيعية، حدد بعضها في فترة الانتداب البريطاني، ثم في فترة الإدارة الأردنية وبعضها الآخر في فترة الاحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية، كمحمية أم الريحان في محافظة جنين التي ابتلعها الجدار العنصري، ومحمية وادي القف في محافظة الخليل ومحمية وادي الزرقا العلوي في سلفيت، ومحمية سلمان الفارسي في محافظة طولكرم. ومحمية الجبل الكبير في نابلس، حيث أعلنت السلطة الوطنية الفلسطينية عام 2000 ممثلة بوزارة شئون البيئة وادي غزة كأول محمية طبيعية.
وبالرغم من القيم الكبرى الجمالية والاقتصادية والاجتماعية والطبية للتنوع الحيوي، لا تزال الأخطار تحدق بهذا المصدر الطبيعي الحساس، ممثلةً بتدمير وفقدان المواطن البيئية الطبيعية للأنواع من خلال التغيرات في استخدامات الأراضي لصالح الأنشطة البشرية اليومية، والاستثمارات الأقتصادية غير المستدامة، كذلك تحويل الأرض لصالح الزراعة، حيث حول الانسان ما بين 20 – 50 % من مساحة الاحياء البرية على كوكب الآرض إلى أراض زراعية. هذا عدا عن الاستخدام غير المستدام للأنظمة البيئية والاستغلال المفرط للتنوع البيولوجي نتيجة للفقر في المجتمعات الفقيرة، وذلك لتلبية الاحتياجات الأساسية والكمالية لعيش البشر. ويعد التغير المناخي بصورة تدريجية أكبر تهديد للتنوع البيولوجي في المدى المنظور، حيث لوحظ التغير في فترات الإزهار وأنماط الهجرة وتوزيع الأنواع والتسارع في فقدانها. ويتعبر إدخال أنواع غازية جديدة غير معروفة بوجودها في المنطقة من أهم الأخطار التي تؤدي إلى تشويش النظام البيئي ومنافسة الأنواع المتوطنة الأصلية على الغذاء والمسكن، كما أصبح التلوث بأشكاله المتعددة والناتج عن الأنشطة الانسانية وأهمها التلوث بالنفايات الصلبة والمياه العادمة وتلويث الهواء من الأخطار الكبيرة.
وفي فلسطين تزداد الأخطار والمهددات على التنوع الحيوي نتيجة ممارسات الأحتلال الاسرائيلي وسياساته على الأرض الفلسطينية، فبناء المستوطنات وما يصاحبها من مصادرة ونهب وتجريف للأرض الفلسطينية خاصة مناطق الغابات والمحميات الطبيعية الغنية بالتنوع الحيوي والأراضي الزراعية، وما ينتج عنها من نفايات صلبة ومياه عادمة تعمل على تلويث ما تبقى من أراض خارج حدود المستوطنات، وإقامة جدار الفصل الذي عمل على تجزئة وتقطيع الأنظمة البيئة الطبيعية للأحياء وعزل الكثير من الأنواع من حرية التنقل والتزاوج، هذا فضلاً عن شق الطرق الألتفافية لصالح المستوطنين على حساب الأراضي الطبيعية.
وضمن جهود سلطة جودة البيئة العملية للمساهمة في الحفاظ على التنوع الحيوي العالمي والمحلي نحو بيئة حضارية فقد قامت بإعداد التقارير الوطنية للتنوع البيولوجي الأول والثاني والثالث وهي الان بصدد إعداد التقرير الرابع التزاماً بتطبيق الأتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي (CBD)، ولأعتبار المحميات الطبيعية والمتنزهات الوطنية مخازن طبيعية للكائنات الحية عملت سلطة جودة البيئة ومنذ تأسيسها على وضع خطة وطنية استراتيجية للتنوع الحيوي والمحميات الطبيعية لإنشاء شبكة وطنية للمحميات الطبيعية والعمل على صونها وحمايتها وتطويرها بما ينسجم مع الخطط الوطنية للتنمية المستدامة وبالتعاون مع المؤسسات الوطنية ذات العلاقة، كما قامت سلطة جودة البيئة مؤخراً وبالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والاتحاد العالمي لصون الطبيعة IUCN وبالتعاون مع وزارة الزراعة بعمل دراسة بحثية ميدانية لوضع المحميات في فلسطين تركزت الدراسة في 26 موقعاً معروفاً من أصل 48 موقعاً، منها 19 موقعاً سلمت للسلطة الوطنية الفلسطينية، وذلك من أجل العمل على إنشاء شبكة وطنية للمحميات الطبيعية للحفاظ على التنوع الحيوي في فلسطين باتباع سياسة مستدامة في التخطيط الحضري والتنمية المستدامة لهذه المصادر بما يضمن تحقيق التقاسم العادل والمنصف لمنافع التنوع الحيوي وتحقيق الرفاهية ومكافحة الفقر للمجتمعات المحلية وصون الأنواع المهددة بالأنقراض.
ولضمان الحماية القصوى للتنوع الحيوي والمحميات الطبيعية تم وضع التشريعات اللازمة لذلك متوجة بقانون البيئة الفلسطيني الذي تضمن فصلاً كاملاً لحماية الطبيعة والتنوع الحيوي والمحميات الطبيعية، واللوائح التنفيذية المصاحبة له لحماية وصون الأنواع من التدهور والإنقراض. كما تم إيلاء موضوع التنوع الحيوي وحماية الطبيعة أولوية عليا في الأستراتيجية البيئية الفلسطينية الجديدة. كما قامت سلطة جودة البيئة بعدة مشاريع لأغراض الصون والحماية كالحديقة النباتية في اريحا والتي أسست تحت اشراف وزارة شئون البيئة في العام 2000 وسلمت لهيئة تنشيط السياحة لإدارتها والإشراف عليها، كما أنشئت مشروع حديقة الكوم التعليمية والعديد من مشاريع الحدائق المدرسية ومشاريع التخضير بالأشجار البرية المهددة كعنصر هام من عناصر تطوير التوعية البيئية على التنوع الحيوي وحماية الطبيعة في فلسطين.
سلطة جودة البيئة وتحقيقا للمصلحة الوطنية العليا وبمقتضى قانون البيئة اهابت بأبناء شعبنا الاهتمام أكثر والمحافظة على مواطن التنوع الحيوي وكذلك ندعو كافة المستثمرين ورواد التنمية الاقتصادية والصناعية الى ضرورة اخذ البعد البيئي ومتطلبات التنمية المستدامة بعين الاعتبار وتكثيف الجهود والتعاون بين القطاع العام والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات البيئية الأهلية في سبيل درء المخاطر التي تتهدد البيئة الفلسطينية ،والعمل المشترك لحماية عناصر هذه البيئة كمقوم أساسي من مقومات بناء وإقامة الدولة المستقلة القادمة لا محالة.