البلدان النامية تقود العالم نحو التعافي وديون الاغنياء تحجب الآفاق
نشر بتاريخ: 09/06/2010 ( آخر تحديث: 09/06/2010 الساعة: 22:27 )
واشنطن - معا - حذر البنك الدولي اليوم في أحدث إصدار له من تقرير "الآفاق الاقتصادية العالمية 2010" صدر على موقعه الإلكتروني من أنه على الرغم من مضي الاقتصاد العالمي في طريق التعافي، فإن أزمة الديون الأوروبية قد وضعت مزيداً من العقبات على طريق النمو المستدام في الأمد المتوسط.
ووفقاًً لهذا التقرير، يتوقع البنك الدولي أن يزداد إجمالي الناتج المحلي العالمي بواقع 2.9 - 3.3 في المائة في عامي 2010 و 2011، وأن يتعزز في عام 2012 ليصل إلى 3.2 - 3.5 في المائة، وهو ما سيؤدي إلى عكس اتجاه الهبوط الذي سجله بنسبة 2.1 في المائة في عام 2009. ومن المتوقع كذلك أن يكون معدل النمو في البلدان النامية في حدود 5.7 - 6.2 في المائة سنوياً خلال السنوات 2010-2012. إلا أن معدل النمو المُتوقع في البلدان المرتفعة الدخل سيكون في حدود 2.1 - 2.3 في المائة في عام 2010 ـ وهي نسبة لا تكفي لمحو آثار الانكماش الذي شهدته في عام 2009 وبلغت نسبته 3.3 في المائة ـ يليه معدل نمو في حدود 1.9 إلى 2.4 في المائة في عام 2011.
وتعليقاً على صدور هذا التقرير، قال جوستين لين، رئيس الخبراء الاقتصاديين والنائب الأول لرئيس البنك الدولي لشؤون اقتصاديات التنمية: "إن تحسّن أداء البلدان النامية في عالم اليوم المتعدد الأقطاب يبعث على الاطمئنان. لكن يتعين على البلدان المرتفعة الدخل، كي تضمن استمرار الانتعاش، أن تغتنم الفرص التي تتيحها معدلات النمو الأقوى في البلدان النامية".
ويواجه التعافي الاقتصادي العديد من الأوضاع المناوئة في الأمد المتوسط، منها انخفاض التدفقات الرأسمالية الدولية، وارتفاع معدلات البطالة، والطاقة الإنتاجية الفائضة التي تتجاوز 10 في المائة في بلدان عدة. ويرى التقرير أنه بينما تم احتواء الآثار الناشئة عن أزمة الديون الأوروبية حتى الآن، فإن طول أمد أزمة الديون السيادية المتفاقمة قد يؤدي إلى رفع أسعار الائتمان وخفض معدلات الاستثمار والنمو في البلدان النامية.
وعلى الجانب الإيجابي، يشير التقرير إلى أن حركة التجارة السلعية العالمية سجلت ارتفاعاً حاداً، ومن المُتوقع أن تزداد بنحو 21 في المائة هذا العام، وذلك قبل أن تتراجع معدلات النمو إلى مستوى معتدل نسبته 8 في المائة تقريباً في عامي 2011-2012. وسيأتي حوالي نصف الارتفاع في الطلب العالمي في عامي 2011-2012 من البلدان النامية.
وتفترض تقديرات البنك الدولي أن الجهود التي يبذلها صندوق النقد الدولي والمؤسسات الأوروبية ستنجح في درء شبح الإعسار أو اللجوء إلى إعادة هيكلة واسعة النطاق للديون السيادية في أوروبا. ورغم ذلك، فإن البلدان والمناطق النامية التي لها روابط تجارية ومالية قوية مع البلدان المرتفعة الدخل المثقلة بالديون قد تشعر بتداعيات متتابعة بالغة الخطورة.
من جانبه، قال هانز تيمر، مدير مجموعة آفاق التنمية في البنك الدولي: "لقد أصبحت محفزات الطلب في البلدان المرتفعة الدخل بصورة متزايدة جزءاً من المشكلة وليست من الحل. ويمكن لتسريع خفض الإنفاق أن يحد من تكاليف الاقتراض وأن يعزز النمو في كل من البلدان المرتفعة الدخل والبلدان النامية في الأمد الأطول".
وبغض النظر عن كيفية تطور أوضاع الديون في البلدان الأوروبية المرتفعة الدخل، من غير المُمكن استبعاد حدوث موجة ثانية من الأزمة المالية في بعض البلدان النامية في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، حيث يمكن لارتفاع نسبة القروض المتعثرة نتيجة لتباطؤ التعافي الاقتصادي والمستويات الكبيرة للديون القصيرة الأجل، أن يشكل خطراً على ملاءة القطاع المصرفي.
على صعيد آخر، قال أندرو برنز، مدير إدارة الاقتصاد الكلي العالمي في البنك الدولي: "البلدان النامية ليست في معزل عن آثار أزمة الديون السيادية في البلدان المرتفعة الدخل. لكننا نتوقع استمرار الأداء الجيد في الكثير من البلدان إذا ركزت على إستراتيجيات النمو، وعملت على تيسير مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، أو زيادة كفاءة الإنفاق. لكن يجب أن يتمثل الهدف الرئيسي لهذه البلدان في أن تمكن المستثمرين من التمييز بين طبيعة مخاطرها من جهة، وطبيعة المخاطر التي تعاني منها البلدان المرتفعة الدخل من جهة أخرى".
لكن التقرير يرى أن العديد من البلدان النامية ستستمر في مواجهة فجوات تمويلية كبيرة. ومن المُتوقع أن تنتعش التدفقات الرأسمالية الخاصة إلى البلدان النامية بدرجة متواضعة فقط، وذلك من 454 مليار دولار (2.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في بلدان العالم النامية) في عام 2009 إلى 771 مليار دولار (3.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي) بحلول عام 2012، وهو ما يظل أقل بدرجة كبيرة من المستوى القياسي الذي بلغته في عام 2007 والذي بلغ 1.2 تريليون دولار (8.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي). وتشير التوقعات بصفة عامة إلى أن الفجوة التمويلية في البلدان النامية ستكون في حدود 210 مليارات دولار في عام 2010، لكنها ستنخفض إلى 180 مليار دولار في عام 2011 ـ مقابل نحو 352 مليار دولار في عام 2009.
ويرى التقرير أن هذه الأوضاع يمكن أن تؤدي، خلال العشرين عاماً المقبلة، إلى إعاقة جهود مكافحة الفقر في العالم إذا اضطرت البلدان الفقيرة إلى تقليص استثماراتها في الأنشطة الإنتاجية ورأس المال البشري نتيجة لانخفاض المعونات الإنمائية وتقلص الإيرادات الضريبية. وإذا تراجعت تدفقات المعونات الثنائية، كما حدث في السابق، فيمكن أن يؤثر ذلك على معدلات النمو في الأمد الطويل في البلدان النامية ـ وهو ما قد يؤدي إلى زيادة أعداد الفقراء المدقعين في عام 2020 بما يصل إلى 26 مليوناً.