"اسمعونا": ستون يوما تفصلنا عن إقرار قانون عقوبات فلسطيني مستنير
نشر بتاريخ: 12/06/2010 ( آخر تحديث: 12/06/2010 الساعة: 18:04 )
بيت لحم- معا- أي قانون عقوبات فلسطيني نريد؟ والى أي حد ينسجم او يتعارض قانون العقوبات مع باقي القوانين، وما هي مرجعياتنا القانونية، والى أي درجة هذا القانون يتوافق مع حاجتنا المجتمعية؟.
جل هذه الأسئلة وأسئلة أخرى للتفاكر حولها مع ضيوف حلقة برنامج "اسمعونا"، الذي تقدمه الإعلامية ناهد أبو طعيمة، حيث استضاف البرنامج كلا من الأستاذ ناصر الريس، باحث ومستشار قانوني في مؤسسة الحق، والأستاذة حليمة أبو صلب، الناشطة النسوية والمحامية في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي، والأستاذ خليل كراجة، وكيل وزارة العدل وعضو لجنة الصياغة.
يأتي قانون العقوبات في مقدمة القوانين التي يثار حولها الخلاف والجدل، وهذا ربما يعزى لعدة امور، منها ارتباطه بادق تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع، التمييز الواضح في نصوص القانون لبعض الفئات كالاطفال والنساء، او ربما لأن مسودة مشروع القانون في مسودته الأولى جاءت متقاربة ومنقولة عن قانون العقوبات المصري لعام 1936.
وقد بدأت الحلقة بسؤال موجه الى الاستاذ ناصر الريس حول اهمية وجود قانون عقوبات فلسطيني، الذي بدوره اعتبر ان هذا القانون هو الضابط والحامي، فهو قانون للتجريم والعقاب، يلاحق الاشخاص لارتكابهم افعال مجرمة واعتداءات، ويضمن حقوق الفرد وحرياته وحرمة الشخص وجسده وممتلكاته، وهذه الامور مجمع عليها فلسطينيا وعالميا، ومن هنا تكمن اهمية وجود قانون عقوبات فلسطيني متطور ومجاري لروح العصر.
عن أي قانون عقوبات نحن بحاجه له في فلسطين؟، تحدث الريس عن الفلسفة التي يبنى عليها قانون العقوبات على صعيد المجتمع المتحضر فهذا القانون عليه ان يوازن بين حقوق الانسان وحرياته وبين النظام والصالح العام، وتقيد الحقوق وعدم اطلاق فلسفة الصالح العام فتصبح عبئا على المواطن، وبالتالي عليه ان يكون متوزان ويسعى الى حماية الفرد كفرد والجماعة كجماعة.
ومن ناحية اخرى تطرق الريس الى الحديث عن التطور الحاصل في الحراك الدولي فيما يتعلق بالفلسفة العقابية، حيث اصبح مفهوم العقاب في المجتمع الدولي ليس بمعنى الايلام والزجر والانتقام من المرتكب للجريمة، وانما الفلسفة هي عقوبة من خلال الفكر المتحضر المستنير الذي يقوم على كيفية دمج وتأهيل من يرتكب الفعل الاجرامي ليصبح عضو صالح في المجتمع، وبالتالي لا يكرر الفعل المرتكب، فهذه الفلسفة اصلاحية، علاجية، وقائية وتقوم على الموازنة بين الحقوق والحريات سواء للفرد او للصالح العام.
اما المسألة الثالثة والتي اعتبرها الريس مهمة فهي ان المجتمع الدولي دخل في تشابك على صعيد العلاقات والمسائل التي تعنى بها مجموعة من الدول، خاصة في مجال التجريم والعقاب، فحسب الريي هناك الكثير من الاتفاقيات الدولية التي نظمت كثير من الامور المتعلقة بالجريمة، منها الضمانات الواجب اتاحتها.
وعن الاختلاف الملموس بمسودة مشروع قانون العقوبات الفلسطيني لعام 2010 مع مسودة القانون ذاته لعام 2003، اكد الريس وجود اختلاف كلي بين المسودتين، خاصة وان مسودة عام 2003 كانت تختلف مع المعايير والمبادئ الدولية المنظمة لحقوق الانسان وحرياته، ولم تكن تراعي اهم المبادئ الجنائية ومنها التناسب بين الذنب والعقوبة، بالاضافة الى تغييبها للضمانات بشكل كامل تقريبا، ووضعها بصيغة ذكورية تجاهلت الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة، وغيرها من الاشكاليات التي دعتنا لرفض هذه المسودة.
اما المشروع الجديد فقد أكد الريس على انسجامه مع روح الاتفاقيات الدولية وتوجهات القانون الاساسي الفلسطيني.
وعن مصلحة الاسرة الفلسطينية وما مدى اهتمام مسودة مشروع القانون بها، اكدت ابو صلب على ان هناك اختلاف جذري بين مسودة عام 2010 وسابقتها عام 2003 ، وحتى القانون الاردني الساري.
وفيما يتعلق بالمرجعيات القانونية التي تم اعتمادها عند وضع مسودة مشروع القانون، اشار الريس الى اعتمادهم الكثير من المرجعيات، يأتي في مقدمتها الاعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية حقوق الطفل، بالاضافة الى الاهتمام بتضمين المسودة جملة من النصوص القانونية الحامية للمواطنين الفلسطينيين من الانتهاكات الاسرائيلية التي تعتبر جرائم ضد الانسانية.
كما تخللت الحلقة "صوت الناس" وهو عبارة عن تسجيلات صوتية لاراء الشارع الفلسطيني، وحول قانون العقوبات تحدث احد المواطنين عن ضرورة ملاءمة هذا القانون للوضع الفلسطيني، في حين اشارت مواطنة الى اهمية وجود قانون خاص بنا كفلسطينيين نستقل به عن القانون الاردني.
وحول ما اذا كانت مسودة القانون منصفة للمرأة، اعتبرت ابو صلب، ان المسودة اصبحت منسجمة مع اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقية سيداو وغيرها من الاتفاقيات الى جانب انسجامها مع القانون الاساسي الفلسطيني.
ونوهت ابو صلب الى ان قانون العقوبات الاردني ومسودة مشروع القانون الفلسطيني لعام 2003، والتي تزامنت مع فراغ تشريعي، لم تحتويان على عقوبة لمن يضرب زوجته، او للمعتدي جنسيا، او عقوبة للاجهاض وغيرها، لكن مسودة 2010 حلت هذه الاشكاليات، كما اكدت ابو صلب على ضرورة الحديث عن سيادة للقانون ولتنفيذه، فقانون العقوبان هو القانون الجنائي بشقيه قانون العقوبات وقانون الاجراءات اللذين يكملان بعضهما البعض.
وعما اذا كان هناك رضى على النصوص المتعلقة بالاطفال والنساء، قالت ابو صلب: "الورشات العديدة التي عقدت لوضع هذه المسودة خصصت منها مساحات واسعة لهذا الجانب فقد كان هناك حوار، لم نحقق كل ما نريد لكن هناك رضا لان الوضع اصبح افضل من السابق".
ومن جهته اكد الاستاذ خليل كراجه على ان القانون عصري وحديث، الى جانب تاكيده على ضرورة عدم بقائنا رهائن الانقسام، خطة الحكومة المسماة "خطة فلسطين" تهدف الى انهاء الاحتلال واقامة الدولة وهذه هي بوصلتنا لاقامة الدولة، فالقانون المقترح يلبي طموحاتنا ونضالنا الفلسطيني، وحسب كرجه فإن القانون سيسري في الضفة وغزة وفي الداخل والخارج، مشيرا الى السعي لانهاء الانقسام وترجمة وثيقة الحكومة ترجمة تشريعية صادقة عنوانها قانون العقوبات، فهو سيادي يكرس سيادة الحكومة والدولة.
واضاف كراجه ان مشروع قانون العقوبات محكوم بسياسة تشريعية اتفق عليها داخل اطار الفريق الوطني الذي اعد مسودة مشروع القانون الاولى، وهناك اتجاه للتركيز على مبدا عدم الافلات من العقوبة، مع ادراك حتمية وجود تدريج في الجريمة وكذلك العقاب.
وعن موعد خروج هذه المسودة للنور، أكد كراجه على حماس رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور سلام فياض، ووزير العدل الاستاذ على خشان، اتجاه القانون، ويتوقع كراجه ان يتم تسليم المسودة الثانية أي النسخة النهائية من المرحلة الاولى من مشروع القانون لمجلس الوزراء خلال اسبوعين.
يشار الى ان برنامج "اسمعونا" ينتج بالتعاون مع جمعية تنمية المرأة الريفية، وبتمويل من الوكالة الدولية للتنمية، الحكومة البريطانية ويبث كل يوم أربعاء في تمام الساعة الواحدة ويعاد يوم الجمعة فى تمام العاشرة صباحاً، عبر أثير شبكة "معا" الاذاعية، راديو موال- بيت لحم، رايدو مرح- الخليل، راديو القمر- اريحا، راديو امواج- رام الله، راديو البلد- جنين، راديو نغم- قلقيلية، راديو نابلس- نابلس، راديو كل الناس- طولكرم، راديو طوباس اف ام، راديو الشمال من سلفيت.