الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

فياض: لن نكون أسرى الخيارات الاسرائيلية بين الحصار أو الانفصال

نشر بتاريخ: 12/06/2010 ( آخر تحديث: 13/06/2010 الساعة: 09:45 )
رام الله -معا- شدد رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض على ضرورة الاسراع في انهاء الانقسام وحالة الانفصال المأساوية، واستنهاض كامل طاقات شعبنا الموحدة في مواجهة الاستيطان والحصار.

وقال: "من هنا ومن على منصة درويش أعلن أننا لن نكون أسرى الخيارات الاسرائيلية بين الحصار أوالانفصال. فلا للحصار ولا للانفصال. فكلنا موحدون في مواجهة الحصار، وعلينا أن نكون موحدين أكثر ضد مخاطر الانفصال... فوحدة الوطن هي الطريق للحرية والاستقلال، وهي الطريق لبناء دولة فلسطين، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي القلب من ذلك كله القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولتنا، وهي الطريق لحماية حقوق شعبنا كافة، وعلينا جميعاً ان نرتقي لمستوى المسؤولية والأمانة التي حمّلنا إياها شعبنا".

جاء ذلك خلال كلمة رئيس الوزراء في حفل افتتاح مؤسسة محمود درويش للابداع في قرية كفر ياسيف في الجليل، بحضور أسرة الشاعر المرحوم محمود درويش، والسيد محمد زيدان رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، والسيد رامز جرايسة رئيس اللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، والسيد عوني توما رئيس مجلس قروي كفر ياسيف، والناواب في الكنيست السيد محمد بركة، د.أحمد الطيبي، والسيد طلب الصانع، والأب عطا الله حنا، وحشد جماهيري واسع ، وعدداً من الشخصيات الرسمية والأهلية، وقادة الجماهير العربية.

وأكد فياض على أن الجماهير العربية وقفت دوماً في طليعة قوى السلام في إسرائيل، وكانت دوماً، ورغم ما لحق بها من ظلم وقمع وتمييز، السبَّاقة في بلورة ودعم طريق السلام العادل بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، السلام الذي يضمن انهاء الاحتلال عن كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ويؤمن للشعب الفلسطيني حقوقه التي كفلتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في العودة، وفقاً للقرار 194 والمبادرة العربية للسلام، وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.

وشدد رئيس الوزراء خلال كلمته على أن نجاح العملية السياسية في تحقيق أهدافها يتطلب إعادة المصداقية لها، وتصويب مسارها. وقال: "لا يمكن لهذا أن يتم إلا بالقدر الذي يتحمل فيه المجتمع الدولي بنفسه مسؤولية إنهاء الاحتلال، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة لإنهاء أطول احتلال شهده التاريخ الحديث، وضمان حق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف.

وأضاف "نقول للجميع: إن الحل لن يكون إلا على أساس قرارات الشرعية الدولية والاعتراف بحقوق شعبنا الوطنية". وكما قال درويش "إن أيدينا الجريحة ما زالت قادرة على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاض الأشجار التي يغتالها الاحتلال، إذا بلغ الإسرائيليون سن الرشد، واعترفوا بحقوقنا الوطنية المشروعة، كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق العودة والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وبحق تقرير المصير في دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس. إذ لا سلام مع الاحتلال ولا سلام بين سادة وعبيد". وقال "أضيف: لا سلام مع الاستيطان، ولا سلام دون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، ولا سلام مع أي مسٍ بمكانة الجماهير العربية في اسرائيل".

واعتبر فياض إلى أن افتتاح مؤسسة محمود درويش للابداع في كفر ياسيف في الجليل، يشكل امتداداً عضوياً لمسيرة المشروع الثقافي الفلسطيني، المستمد من مكانة درويش، وابداعه وجذور نشأته، واستمراراً لنهوض فكره الثقافي على الصعيدين الوطني والإنساني. كما يمثل أيضاً محطة هامة على درب حمل رسالتيّ الابداع والانفتاح اللتين تشكلان روح الثقافة والحداثة والقيم والمثل الإنسانية السامية، وقال: " نؤكد التزامنا الكامل للنهوض بالمشروع الثقافي الفلسطيني، وأصالته التي أسس لها درويش وكل الرواد، وبآفاقه الإنسانية الرحبة والمنفتحة على العالم وثقافاته، ونعتبره مكوناً أساسياً من مكونات تجسيد الهوية الوطنية في دولة فلسطين، وتعبيراً عن روح مشروعنا الوطني، وقلبه النابض. فالدولة التي نسعى لإقامتها، هي دولة القيم الانسانية النبيلة، التي تعتبر الابداع ركناً بارزاً في فسيفساء بنائها الجميل، وتطلق روح القدرة على الانجاز والثقة بالقدرة على تحقيقه، والتي لن يكتمل البنيان بدونها".

وأضاف "لن تكون الثقافة التي حمت الهوية حجراً يهمله البناؤون. فإذا كانت الثقافة هي حارسة الهوية، فلن تجسد الهوية في دولة فلسطين دون الثقافة صرحاً بارزاً، وليس حجراً منسياً".

وهذا نص كلمة رئيس الوزراء

كلمة رئيس الوزراء
سلام فياض
في
افتتاح مؤسسة محمود درويش للابداع
الجليل - كفر ياسيف
12 حزيران 2010
يسعدني ويشرفني أن أكون معكم في هذه المناسبة لافتتاح مؤسسة محمود درويش للابداع. وأشعر بسعادة خاصة، وأنا بينكم اليوم في كفر ياسيف، التي تعود إلى 3000 سنة قبل الميلاد، وتحتضن أقدم المدارس في الشمال، وخرجت العديد من الشعراء والفنانين والمبدعين، وعلى رأسهم محمود درويش.

نلتقي في رحاب سيد الكلمة وفارسها، وربيع الابداع لجمال الفراشة ونعومة زهرة اللوز، وعمق جذور الزيتون التي تحمي أرضنا كما تحمي قصيدته أصالة ثقافتنا. لقد أسس لفلسطين مشروعها الثقافي الابداعي، ونقش بحروف لغته الفريدة مشروع الوطنية الفلسطينية المعاصرة الذي أسس له وقاده الخالد ياسر عرفات. وبين راحتيهما، وفي قلبيهما، كما في حدقات عيونهما، كانت القدس قبلة مشروعنا الوطني والثقافي الانساني، كيف لا؟ وهي عنوان الاخلاص الأبدي لرسالة الأنبياء، الذين رفعوا على مدى التاريخ راية الانسانية وقيمها السامية، بل وقاوموا كل اضطهاد مهما كان لونه أو طبيعته. وسيظل وفاؤنا للقدس رمز الوفاء لرسالة الأنبياء. فهي مفتاح السلام للبشر، وأمل أطفال فلسطين بالحرية والكرامة، وهي درة التاج وعنوان العدل والسلام والابداع.

نعم، لقد تجاوز درويش بإبداعه وعذوبة روحه جدران العزلة الفكرية والثقافية، وانتصر بانسانيته لانسانيتنا وأعاد صياغة فلسطين لتكون أم البدايات وأم النهايات. فكما لا يمكن فصل فلسطين عن تاريخها وابداعات شعبها، فإنه أيضاً لا يمكن عزل نهضتها المتجددة نحو الحرية والانعتاق عن أشعاره وكلماته ومشروعه الثقافي المتجسد في وصيته لشاعر شاب يواصل حمل رايته نحو الحرية والإنسانية الرحبة، أو لشابة ترسم رقصة الأمل، أو فلاح يحمي زيتون الأرض ويزرعها سنابل، لتتواصل رحلته الممتدة من البروة الأولى في تيه التشرد وعنفوان التجدد والبحث عن الأمل، لتتواصل فصول الرواية التي لا تنتهي، بل تتجدد بجمال أكثر زهواً في تلة تطل على مشارف القدس، تزهر فيها أشجار اللوز، وتحتضن ذكراه وميلاده، حضوره وغيابه، أشعاره وآماله، لا، بل آمال شعب مصمم على الحياة، والتي أعطى لها ولكلماتها معنىً جعل ما على هذه الأرض يستحق الحياة، يا سيد الكلمة وصانع فضائها.

إن الحدث الذي نلتقي من أجله اليوم يشكل امتداداً عضوياً لمسيرة المشروع الثقافي الفلسطيني، المستمد من مكانة درويش، وابداعه وجذور نشأته، واستمراراً لنهوض فكره الثقافي على الصعيدين الوطني والإنساني. كما يمثل أيضاً محطة هامة على درب حمل رسالتيّ الابداع والانفتاح اللتين تشكلان روح الثقافة والحداثة والقيم والمثل الإنسانية السامية.

وهنا، فإننا نؤكد التزامنا الكامل للنهوض بالمشروع الثقافي الفلسطيني، وأصالته التي أسس لها درويش وكل الرواد، وبآفاقه الإنسانية الرحبة والمنفتحة على العالم وثقافاته، ونعتبره مكوناً أساسياً من مكونات تجسيد الهوية الوطنية في دولة فلسطين،و تعبيراً عن روح مشروعنا الوطني، وقلبه النابض. فالدولة التي نسعى لإقامتها، هي دولة القيم الانسانية النبيلة، التي تعتبر الابداع ركناً بارزاً في فسيفساء بنائها الجميل، وتطلق روح القدرة على الانجاز والثقة بالقدرة على تحقيقه، والتي لن يكتمل البنيان بدونها. وأقول: لن تكون الثقافة التي حمت الهوية حجراً يهمله البناؤون. فإذا كانت الثقافة هي حارسة الهوية، فلن تجسد الهوية في دولة فلسطين دون الثقافة صرحاً بارزاً، وليس حجراً منسياً.


إنه لشرف كبير بالنسبة لي أن أتواصل معكم مباشرة، في رحاب محمود درويش، ومن خلالكم مع كل أبناء شعبنا الذين صمدوا على أرضهم، هنا في الجليل والمثلث والنقب، والذين انتصروا لهويتهم العربية الفلسطينية، وتمكنوا بفعل هذا الصمود البطولي، رغم كل سياسات التمييز والظلم الذي لحق بهم، من كسر حواجز العزلة والتشكيك، ومحاولات التشويه الظالمة وفارغة المضمون التي لحقت بهم في مرحلة ما بعد النكبة... فالدرس الذي انتصرت به الجماهير العربية هنا، وجعلته نموذجاً نتعلم منه ونحتذي به، تمثل في الثبات على الأرض والصمود في وجه كل محاولات الطمس والالغاء. وهذا بحد ذاته يستحق منا، ومن كل الشعوب العربية، كل التقدير والثناء. فخلاصة هذه التجربة الغنية شكلت ومازالت تشكل نموذجاً للصمود والثبات لشعبكم في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وإصراره على التمسك بحقوقه الوطنية المشروعة، وفي مقدمتها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وتفاني هذا الشعب في نضاله المتواصل لنيل حقوقه كافة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

نعم، هذا هو الدرس الأهم وخلاصة التجربة التي يحق للجماهير العربية في اسرائيل أن تعتز بها وتفخر. فهذا الدرس يشكل الإسهام الأهم الذي قدمته الجماهير العربية للحركة الوطنية الفلسطينية ولنضال شعبنا المتواصل لنيل حقوقه المشروعة. ويكفيكم فخراً أن هذه الجماهير هي التي أنجبت محمود درويش، أحد أبرز أعمدة الوطنية الفلسطينية، كما انجبت القادة الأوائل من الرواد، الذين حملوا الراية دفاعاً عن شعبهم وحقه في البقاء والحياة على أرضه... وفي مقدمتهم القادة توفيق طوبي، واميل توما، واميل حبيبي، وتوفيق زيَّاد، وكل الرواد القادة،... قادة مدرسة الصمود وتحدي الظلم، والتي حمل درويش صوتها ومعاناتها وحقها الطبيعي في الحياة إلى كل أرجاء الكون.

واسمحوا لي هنا أيضاً أن أتوجه بالتحية إلى كل قوى السلام والديمقراطية المناهضة للاحتلال، في اسرائيل. وليس من باب المجاملة أقول: إن الجماهير العربية وقفت دوماً في طليعة قوى السلام في إسرائيل، وكانت دوماً، ورغم ما لحق بها من ظلم وقمع وتمييز، السبَّاقة في بلورة ودعم طريق السلام العادل بين الشعبين الفلسطيني والاسرائيلي، السلام الذي يضمن انهاء الاحتلال عن كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ويؤمن للشعب الفلسطيني حقوقه التي كفلتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حقه في العودة، وفقاً للقرار 194 و المبادرة العربية للسلام، وحقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.

إن نجاح العملية السياسية في تحقيق أهدافها يتطلب إعادة المصداقية لها، وتصويب مسارها. ولا يمكن لهذا أن يتم إلا بالقدر الذي يتحمل فيه المجتمع الدولي بنفسه مسؤولية إنهاء الاحتلال، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة لإنهاء أطول احتلال شهده التاريخ الحديث، وضمان حق شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف. ونقول للجميع: إن الحل لن يكون إلا على أساس قرارات الشرعية الدولية والاعتراف بحقوق شعبنا الوطنية. وكما قال درويش "إن أيدينا الجريحة ما زالت قادرة على حمل غصن الزيتون اليابس، من بين أنقاض الأشجار التي يغتالها الاحتلال، إذا بلغ الإسرائيليون سن الرشد، واعترفوا بحقوقنا الوطنية المشروعة، كما عرفتها الشرعية الدولية، وفي مقدمتها حق العودة والانسحاب الكامل من الأراضي الفلسطينية المحتلة في العام 1967، وبحق تقرير المصير في دولة مستقلة ذات سيادة، وعاصمتها القدس. إذ لا سلام مع الاحتلال ولا سلام بين سادة وعبيد". وأضيف: لا سلام مع الاستيطان، ولا سلام دون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين المستقلة، ولا سلام مع أي مسٍ بمكانة الجماهير العربية في اسرائيل.

لقد اعلنت السلطة الوطنية في آب الماضي برنامجها "فلسطين: انهاء الاحتلال وإقامة الدولة" الذي أتى من واقع التجربة الملموسة لشعبنا وحقوقه الطبيعية في الحرية والاستقلال والعودة. فهذا البرنامج ببساطة يشكل أداة فعل لهزيمة اليأس والاحباط، وانتصار الثقة بالنفس والقدرة على الانجاز، والتي نراها يوميا مع كل طفلة تشق طريقها للمدرسة، ومع كل طريق يعبد، وكل مصباح يضاء، ومع كل عيادة تؤمن العلاج للمرضى، ومع كل مشروع يعزز صمود شعبنا ويقربه من لحظة الخلاص من الاحتلال. ومع ذلك وقبله وبعده، مع كل فرصة إبداع تمنح لفنان أو شاعر أو كاتب أو مسرحي أو سينمائي، وفي بيئة قادرة على حماية هذه الابداعات، وتطويرها. فثقل الاحتلال وممارساته لن يجعلنا نغفل عن واجبنا في رعاية ودعم المشروع الثقافي والنهوض بكامل مكوناته. فالمشروع الثقافي هو البوصلة التي تمكننا من الاّ نضل الطريق.

إن برنامج انهاء الإحتلال وبناء الدولة، أيها السيدات والسادة، ليس مشروعاً خيالياً بعيد المنال، بل هو فعل مقاوم عنيد، وورشة حقيقية للعمل الجاد والمنظم، بدأ يتحول إلى ورشة تعزز الانجاز وتعجل في تحقيقه. وما نحتاجه دوماً هو تضافر العقول والجهود والأيادي. فلا وقت لدينا لانتظار العالم حتى ينصفنا، ولا وقت لدينا حتى تفيق غطرسة القوة من عنجهيتها. فما نسعى إليه هو الخلاص من المرحلة الانتقالية، وقيودها المجحفة، وليس الدخول في مراحل انتقالية جديدة. نعم، إن ما يسعى اليه شعبنا، وتعمل السلطة الوطنية على تحقيقه، هو الخلاص التام من الاحتلال ومراحله الانتقالية، والدخول في عهد جديد هو عهد الحرية لشعبنا، عهد الدولة المستقلة كاملة السيادة، وعاصمتها الأبدية القدس الشريف... عهد السلام الحقيقي والأمن الراسخ لشعوب المنطقة.

إن جوهر برنامج عمل الحكومة، يرتكز أساساً على استكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، تمهيداً لاقامة الدولة، وبما يوفر في الوقت نفسه مقومات الصمود لشعبنا ويعزز قدرته على حماية أرضه. وهذا المسار يتكامل عضوياً مع مسار المقاومة الشعبية السلمية لاستنهاض عناصر القوة الذاتية، وإسناد مسار النضال السياسي الذي تقوده منظمة التحرير الفلسطينية مع كافة الأطراف الدولية وفي كافة المحافل. وتمثل هذه المسارات الثلاث في مجملها حلقات مترابطة وركائز أساسية لانجاز مشروعنا الوطني.

نعم، إن التنامي الملموس لحالة الوعي والالتفاف الشعبي حول المقاومة الشعبية السلمية، والجهد الوطني المبذول لبناء مؤسسات دولة فلسطين وبنيتها التحتية، كمسارين متلازمين، يتكاملان مع مسار النضال السياسي لتوسيع قاعدة الاجماع الدولي، ونقله من تأييد حقوق شعبنا العادلة، ودعم خطة سلطته الوطنية لاقامة مؤسسات دولة فلسطين، إلى تدخل فاعل ومباشر في العملية السياسية لضمان انهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من تحقيق اهداف مشروعه الوطني. "فالبقاء مقاومة"، وتعزيز قدرة شعبنا على البقاء في مواجهة المشروع الاستيطاني الاحتلالي يمثل المربع الأول في اي جهد حقيقي يستهدف انهاء الاحتلال. وإن هذا الأمر يترافق مع ما نشهده من تنامٍ واضح في الوعي الدولي بشأن المشروع الاستيطاني الاسرائيلي، بكل ما يمثله من خطر على أية امكانية لضمان تحقيق حل عادل ودائم يكفل لشعبنا حقه في العيش بحرية وكرامة في وطن له. ويبدو ذلك جلياً في المواقف الدولية المتنامية والتي تم اعلانها في بيان الاتحاد الاوروبي في شهر كانون أول العام الماضي، وبيان اللجنة الرباعية في موسكو في شهر آذار من العام الحالي، بكل ما تضمناه من عناصر قوة أساسية مساندة لحقوقنا وقضيتنا العادلة. إذ أعلن العالم بوضوح أنه لا يعترف بضم القدس الشرقية، وأن وضع القدس يشكل قضية أساسية من قضايا الوضع النهائي، ويجب حلها وفق مرجعية واضحة تقوم على قرارات الشرعية الدولية، وقواعد القانون الدولي، وعلى أساس حدود الرابع من حزيران عام 1967. كما أكد دعمه الواضح لخطة السلطة الوطنية الفلسطينية في مجال البناء والاعداد لقيام الدولة،.. فالعالم يقف اليوم موحداً مع حق شعبنا في العيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة له. وفي هذا كله عناصر قوة اضافية لشعبنا في هذه المرحلة من مراحل نضاله الطويل، علينا أن نحسن استثمارها، ونتحرك وفقها، وبما يمكن شعبنا من انجاز حقوقه الوطنية، بما فيها حقوقنا في القدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطين.

إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب الاسراع في انهاء الانقسام وحالة الانفصال المأساوية، واستنهاض كامل طاقات شعبنا الموحدة في مواجهة الاستيطان والحصار. ومن هنا ومن على منصة درويش أعلن أننا لن نكون أسرى الخيارات الاسرائيلية بين الحصار أو الانفصال. فلا للحصار ولا للانفصال. فكلنا موحدون في مواجهة الحصار، وعلينا أن نكون موحدين أكثر ضد مخاطر الانفصال... فوحدة الوطن هي الطريق للحرية والاستقلال، وهي الطريق لبناء دولة فلسطين، في قطاع غزة وفي الضفة الغربية وفي القلب من ذلك كله القدس الشرقية العاصمة الأبدية لدولتنا، وهي الطريق لحماية حقوق شعبنا كافة، وعلينا جميعاً ان نرتقي لمستوى المسؤولية والأمانة التي حمّلنا إياها شعبنا.

وفي الختام، أحيي جهودكم وأبارك لكم هذا الانجاز، واؤكد لشعبنا أن السلطة الوطنية سترعى وتدعم كل المبادرات الكفيلة بمواصلة اندفاعة الفكر والثقافة والفنون والآداب والإبداع بكافة مكوناتها، وذلك بهدف تكريس هويتنا الثقافية، وتعميق وحدة المثقفين في الداخل والخارج، ولمواجهة كل أشكال الإلغاء والتغريب والاستلاب، ولتطوير علاقتنا الثقافية مع عمقنا العربي ومحيطنا الإنساني.

هذا عهدنا لكم. فقوتنا تكمن في توفير المناخ الحرّ للإبداع، بكل مكوناته، باعتبار الحرية شرطاً للحصانة الوطنية... هذا هو وفاؤنا لدرويش وروحه المحلقة في سمائنا... وهذا هو التزامنا لشعبنا، ولن نحيد عنه.