الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

السيدة "فيزا" تبحث عن جواز سفر!

نشر بتاريخ: 16/06/2010 ( آخر تحديث: 16/06/2010 الساعة: 16:29 )
غزة- معا- حملت همومها المثقلة بأوجاع سنوات عملها الممتد منذ ثمانية وعشرين عاماً، قضتها متنقلة من مكان إلى آخر في مستشفى الشفا بغزة، تخفف الآلام عن المرضى وتقدم المساعدة لكل من يحتاج إليها دون كللٍ أو ملل، بالرغم من كل الظروف الصعبة والحرجة التي رافقت عملها، خاصة سنوات الانتفاضة وفترة الحرب على غزة، إيمانا منها بقدسية العمل الذي تقوم به، مما جعلها محط إعجاب وتقدير الكثيرين، حيث منحتها منظمة "أميركيون من أجل صندوق الأمم المتحدة للسكان" جائزتها الدولية لصحة وكرامة المرأة للعام 2010.

إنها الممرضة فيزا احمد شريم (الزعانين) التي تبلغ من العمر خمسين عاما وتعيل أسرة مكونة من 13 فرداً خمسة منهم يدرسون في الجامعات الفلسطينية، وثلاثة آخرون يتقدمون للامتحانات الثانوية العامة.

رفض امني:

وتقول فيزا لمرسل وكالة "معا" (إبراهيم قنن)، الذي التقى بها في إحدى المؤسسات الحقوقية "تقدمت في منتصف آذار- مارس من هذا العام، بطلب للحصول على جواز سفر، بواسطة إحدى شركات الحج والعمرة، كي أتمكن من أداء فريضة الحج لهذا العام، والسفر للولايات المتحدة الأمريكية، لحضور أسبوع عمل في (نيويورك وواشنطن والكونغرس الأمريكي) بعد حصولي على جائزة دولية مرموقة من جمعية (أميركيون من أجل صندوق الأمم المتحدة للسكان) لكنني تفأجات بعد أسبوعين بأنني مرفوضة امنياً وبناء عليه لم يسمح لي بالحصول على جواز السفر والذي هو حق مكتسب لكل مواطن".

وتتساءل السيدة (فيزا) وعلامات الحزن والغضب تسيطر على ملامح وجهها الذي أنهكته سنوات العمل الصعب وتربية ألابناء، "لا افهم بالمطلق لماذا ارفض امنياً قبل السلطة في رام الله؟، وما هي الجريمة التي ارتكبتها لكي تقوم الأجهزة الأمنية (المخابرات) بمنعي من الحصول على جوزا سفر؟".

حلم حياتي:

وتقول (فيزا) إن الحصول على جواز السفر، حق مكتسب لكل مواطن وان حرية الحركة والتنقل مكفولة وفق القانون الفلسطيني والقانون الدولي الإنساني، وهي من ابسط الحقوق الإنسانية التي تمنح للمواطنين، فلماذا نمنع من هذا الحق؟! لقد أصبح احد أهم أحلامي وأمنياتي هو الحصول على جواز سفر يمكن من خلاله أداء مناسك الحج واستلام الجائزة التي منحتني إياها منظمة "أميركيون من أجل صندوق الأمم المتحدة للسكان" تقديرا لعملي قابلة خاصة في ظل ظروف صعبة للغاية".

وأشارت (شريم) إلى أن الجائزة التي حصلت عليها على مستوى العالم تعد جائزة لكل الشعب الفلسطيني ولكل الذين قدموا من حياتهم لخدمة قضاياهم الوطنية والإنسانية، وأولئك الذين فقدوا حياتهم وهم يقدمون المساعدة لأبناء جلدتهم خاصة الأطباء والممرضين الذين سقطوا شهداء وجرحى في الاجتياحات والحروب التي عانى منها الشعب الفلسطيني.

وأضافت "عندما أذهب لاستلام الجائزة من الولايات المتحدة الأمريكية، فانا اذهب باسم الشعب الفلسطيني وليس باسمي الشخصي، والجائزة تعد مفخرة لكل العاملين والموظفين الذين قدموا نموذجا رائعا في العمل في أوقات الأزمات والحروب".

ودعت الممرضة (فيزا) "الجهات المختصة برام الله وخاصة الأجهزة الأمنية لإصدار جواز سفر لها، والكف عن سياسة منع الجوازات لحجج أمنية غير معروفة"، كما دعت كافة الأطراف المتخاصمة لإيجاد حل يمكن من خلاله إنهاء هذه الأزمة المتفاقمة والتي يعاني منها عدد كبير من المواطنين.

شكاوي عديدة:

ويشير المحامي صلاح عبد العاطي من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، أن حالة الانقسام ساهمت بشكل كبير في تعميق أزمة جوازات السفر لسكان قطاع غزة وما ترتب عليها من معاناة كبيرة للمواطنين، حيث اضطر عدد كبير منهم للتوجه لمكاتب خاصة وسلك طرق التفافية من أجل الحصول على هذا "الجواز" مما كلفهم مبالغ مالية كبيرة.

وأكد عبد العاطي أن جواز السفر حق طبيعي لكل مواطن يرغب بالحصول عليه، وقضية منع إعطاء الجواز تحت حجج أمنية والرفض الأمني هو غير مبرر ولا يجوز بأي حال من الأحوال.

وبين أن سياسة الرفض الأمني وعدم منح جوازات السفر يخالف قرار الرئيس محمود عباس الداعي لإرسال جوازات ودفاتر السفر إلى قطاع غزة، مبيناً أن الهيئة خاطبت كافة الجهات المختصة وذات العلاقة بالضفة وطالبناهم بعمل ما يلزم لإنهاء هذه الأزمة.

وقال "إن الهيئة تلقت عددا كبيرا من المظالم لمواطنين ما زالوا محرومين من الحصول على جواز سفر من قبل الأجهزة الأمنية تحت حجة أسباب أمنية، وهذا يشكل انتهاكاً ومسا بحقوق الإنسان الخاصة بالتنقل والسفر والحصول على الأوراق الرسمية".