السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل أحبطت المخابرات والضابطة الجمركية عمليات تزييف محتملة؟

نشر بتاريخ: 21/06/2010 ( آخر تحديث: 21/06/2010 الساعة: 21:19 )
الخليل- تحقيق معا- باتت حكاية عمليات ضبط وإتلاف المواد والسلع المخالفة للمواصفات الفلسطينية معروفة لدى الجميع، وتولدت لدى المواطن ثقافة السؤال عن المنتج قبل شرائه ولا يتوانى بتقديم شكوى ضد أي صاحب محل أو تاجر يقوم بتسويق سلع غير مطابقة للمواصفات، وفي هذا الصدد ضبطت المخابرات العامة والضابطة الجمركية كميات من أقلام الحبر في محافظات الضفة الغربية، يقول عنها رجال الأمن بأنها تشكل خطراً على الأمن الاقتصادي والاجتماعي.

والسؤال الذي يطرح نفسه، هل منعت المخابرات العامة والضابطة الجمركية، عمليات تزييف وتزوير محتملة، أم أن وجود هذه الأقلام في السوق شيء طبيعي ونحتاج لاستخدامها كل يوم، نكتب ونمسح ما نشاء ونستغني عن أقلام الرصاص، أم أنها موجودة بشكل غير قانوني.

المخابرات العامة أول خيط..

مصدر في المخابرات العامة، كشف لـ "معا" أن المخابرات وبناء على تحرياتها، اكتشفت وجود أقلام حبر سائل تستخدم في عمليات التزوير والتزييف في منطقة الخليل، فتم تمرير هذه المعلومات لجهاز الضابطة الجمركية، وبعد التأكد من ان هذه الأقلام تشكل خطراً على الأمن الاقتصادي والاجتماعي، تقرر وبعد مشاورة قسم حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني بمصادرة هذه الأقلام من أسواق الضفة الغربية والبحث عن مصدرها، وتبين لاحقاً ان مصدرها شركة الحرباوي للاستثمار والتجارة الدولية ومقرها في الخليل، فقررت الضابطة الجمركية إرسال دورية لمقر الشركة ومصادرة كميات الأقلام الموجودة في مخازن الشركة والطلب من الشركة بتزويدها بقائمة الأماكن والمكتبات التي تم تزويدها بهذه النوعية من الأقلام.
يقول رجل المخابرات، تفاجأنا من قدرة هذه الأقلام على تغيير الحقائق، وجلسنا في مكتبنا نرسم بعض السيناريوهات لما يمكن أن تحدثه هذه الأقلام ومنها... تكبت رقماً وتعرض الورقة للحرارة فتختفي الكتابة أو تقوم بمسح ما كتبت.

واليكم سيناريو: تلقينا شكوى حول تعرض رجل أعمال، لعملية احتيال، وتمت العملية بعد أن كتب لرجل أعمال آخر شيك بقيمة 5000 دينار ليفاجأ بأنه تم سحب مبلغ 50000 دينار من رصيده، وحينما راجع البنك ودقق في الشك الذي كتبه، اكتشف بأنه تعرض لعملية احتيال، فأصيب بجلطة قلبية وأدخل المستشفى.

وسيناريو آخر: اشترى شخص من آخر عقاراً بقيمة 100 ألف دولار، وتم التوقيع على عقد البيع وحينما ذهب لاستلام المبلغ اكتشف بأن سيتلقى 10 آلاف دولار مقابل عقاره، فجن جنونه وهجم على الشاري وقام بقتله.. ونترك لمخيلة القارئ أن يضع السيناريو الذي يتخيله.

الضابطة الجمركية في قفص الاتهام..

شُغل اقتصاديون ورجال أعمال على مدار الأيام الماضية بعقد اجتماعات وإصدار بيانات شجب واستنكار لما قام به أفراد من جهاز الضابطة الجمركية في الخليل تجاه شركة الحرباوي للاستثمار والتجارة الدولية، وخرجت تصريحات صحفية من هنا وهناك، ولعل أبرزها ما نشر على وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا" بتاريخ 17/6/2010، تحت عنوان " فياض وابو لبده يشجبان التجاوزات التي تمت بحق شركة الحرباوي"، إضافة لعقد جلسة طارئة لمجلس إدارة مركز التجارة الفلسطيني "بال تريد"، أكد المجلس فيها على وجوب تطبيق القانون على الجميع ودون استثناء، حرصا على تعزيز وترسيخ تنفيذ الأنظمة والتشريعات وصولا إلى تحقيق سيادة القانون، على طريق بناء دولة المؤسسات والقانون.

اللافت للنظر، ان تلك التصريحات لم تشر لا من قريب أو بعيد للسبب الذي كانت تتواجد فيه الضابطة الجمركية في مقر شركة الحرباوي يوم الخميس الماضي، قمنا في "معا" بعمل تحرياتنا بين الخليل ورام الله، لوضع القارئ في صورة ما حدث.

الخليل مصدر الحكاية..

وصلتنا في "معا" معلومات حول قيام الضابطة الجمركية والمخابرات العامة بمصادرة كميات من الأقلام تستخدم في عمليات التزييف، وبعد التشاور مع رئاسة التحرير، ونظراً لامتناع الضابطة الجمركية والمخابرات العامة عن تقديم إيضاحات حول الخبر، تقرر التريث في نشر الخبر لحين اتضاح صورته.

في صبيحة يوم الأحد 20/6/2010 توجهنا لمقر جهاز الضابطة الجمركية في رام الله، والتقينا بقائد الجهاز المقدم غالب ديوان، بحضور مدير مكتب الخليل النقيب حسام خلايلة، وقمنا باستجوابهما.

ما الذي حدث في شركة الحرباوي؟

المقدم ديوان: نحن في جهاز الضابطة الجمركية نعمل وفق القوانين المعمول بها في أراضي السلطة الوطنية، وإن كان هناك نوع بضاعة ممنوع دخولها أو غير مطابقة للمواصفات الفلسطينية أو غير مرغوب بها، يتم مصادرتها وتغريم صاحبها بغرامة مالية وتقديمه للجهات المختصة لاستكمال المقتضى القانوني بحقه على اعتبار أن هذه البضاعة مخالفة وغير شرعية.

شركة الحرباوي تتهمكم بأنكم تعاملتم معهم خارج نطاق القانون؟

- في عملنا لا نفرق بين كبير وصغير حال مخالفة أحدهما للقانون والكل سواسية أمام القانون.

هل كان رئيس الحكومة د. سلام فياض على علم بما تفعلون خاصة وانه وزير للمالية وأنتم تتبعون لوزارة المالية؟

- نحن نقوم باطلاع دولة رئيس الوزراء ووزير المالية بشكل تقارير دورية على مجمل الأحداث خلال فترة معينة، ولا داع لاطلاعه على تفاصيل حيثيات العمل الميداني، وشركة الحرباوي شأنها شأن باقي الشركات المرخصة، ومحمد نافذ الحرباوي شأنه شأن كافة المكلفين في فلسطين.

هل قمتم بعمل تحقيق داخلي والوقوف على تفاصيل ما حدث؟

- لا داع لوجود مثل هذا التحقيق خاصة وأننا كنا ننفذ القانون بكافة حذافيره.

ما هي الخطوة التالية بعد عملية ضبط ومصادرة الأقلام؟

- سنقوم بإتلافها بعد تشكيل لجنة مختصة بالاشتراك مع كافة الجهات ذات العلاقة.

ونفى المقدم غالب ديوان، ان قام أفراد الضابطة الجمركية باستخدام العنف أثناء مراجعة مقرات شركة الحرباوي، أو التلفظ بألفاظ نابية مع أصحاب الشركة، وهذا ما أكده محمد نافذ الحرباوي رئيس مجلس إدارة الشركة، إلا أن الحرباوي أشار الى قيام الضابطة الجمركية باعتقاله، ونقله لمكتب الضابطة في الخليل، وأكد النقيب حسام خلايلة بأنهم قاموا بالطلب من الحرباوي بأن يتوجه لمكتبهم لاستكمال الإجراءات القانونية، وقد حضر للمكتب بسيارته الشخصية واستمر مكوثه في مكتبنا نحو الساعة ثم غادر بعد استكمال كتابة المحضر.

الحرباوي وفي تعقيبه على الحادثة، قال: تمت عملية المداهمة والمصادرة من قبل الضابطة الجمركية بدون وجود مسوغ قانوني لذلك، وتم استخدام قوة كبيرة من الأمن حاصرت مقر الشركة، ورد خلايلة "بأنهم قاموا باستدعاء قوة إسناد بعد تهجم الحرباوي وعماله على أفراد الضابطة الجمركية والشرطة التي كانت ترافقها، ورفض الحرباوي قيامنا بمصادرة الأقلام.

وأشار الحرباوي الى أن شركته والتي تعمل منذ 20 عاماً في تجارة وبيع الأقلام تواكب التطور العلمي وعملت هذا العام على جلب منتج جديد للسوق ينافس الأقلام الأخرى بنوعيته حيث يمكنك الكتابة واستخدام الممحاة لمسح ما كتبت.

للحكاية بقية لن تستطيع هذه الاقلام محوها... تابعونا.