الأربعاء: 25/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

ما قصة السلطة الوطنية مع "التنظيف"؟

نشر بتاريخ: 30/06/2010 ( آخر تحديث: 30/06/2010 الساعة: 19:03 )
رام الله- تقرير معا- ما قصة السلطة الوطنية مع "التنظيف"؟، ففي الوقت الذي بدأت فيه السلطة الوطنية ومؤسساتها الرسمية والقطاع الخاص باطلاق حملة وسام الكرامة "من محل لمحل" في اطار مكافحة منتجات المستوطنات الرامية الى نشر رسالة الحملة ضمن شريحة اصحاب المنشآت التجارية وحثهم على الالتزام بقانون حظر ومكافحة منتجات المستوطنات، فان رئيس هيئة الكسب غير المشروع رفيق النتشة كان اعلن خلال اقرار قانون مكافحة الفساد الذي صادق عليه الرئيس محمود عباس، ان اقرار هذا القانون خطوة بالغة الاهمية من اجل "تنظيف" السلطة ومؤسساتها من ما علق بها خلال السنوات الماضية فيما يخص قضايا الفساد واستغلال المنصب العام وهدر المال العام.

ومن الواضح ان حملات "التنظيف" التي تقودها السلطة الوطنية باتت تسير ضمن اطار واحد هو الوصول الى بناء مؤسسات الدولة وتقويتها من خلال مشروع متكامل اقل ما يمكن وصفه بانه "مشروع مقاوم من الطراز الاول"، تدعمه مؤسسة الرئاسة وتعمل الحكومة الفلسطينية على تنفيذه.

وبينما حرص الرئيس عباس على حضور المؤتمر الصحفي الخاص بالاعلان عن اقرار قانون مكافحة الفساد، في اطار دعمه الكامل لتطبيق هذا القانون من اكبر مسؤول في السلطة وحتى اصغر موظف، وتأكيدات النتشة الذي نقل عن الرئيس قوله "اذا كان لديكم ملاحظات علي فابدأوا بي"، على اهمية دعم الرئيس لهذه القانون واجراءات تطبيقه.

في حين كانت اكثر تعبيرات اصرار الحكومة على خوض غمار معركة مكافحة منتجات المستوطنات، ما قام به رئيس الوزراء د. سلام فياض، قبيل البدء باطلاق الحملة، حينما الصق شعاراً يقول: "هذا الموقع نظيف من منتجات وخدمات المستوطنات"، وتأكيده خلال اطلاق الحملة على أن هذه الحملة تشكل حلقة هامة في الجهد الوطني المبذول على المستويين الرسمي وخاصة الأهلي لتنظيف السوق الفلسطينية من منتجات المستوطنات بشكل نهائي.

وحسب ما اكده فياض فان الفترة الزمنية المحددة لتنظيف السوق الفلسطيني من منتجات المستوطنات هي نهاية هذا العام الجاري.

واشار فياض الى ان الحملة الوطنية لمكافحة منتجات المستوطنات اشتملت أيضاً على عدة أنشطة كان منها حملة من بيت لبيت، والقصد من ذلك كان توعية المستهلكين في فلسطين من التوقف في التعامل مع منتجات المستوطنات"، وتابع "أصابت الحملة قسطاً كبيراً من النجاح، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى الجاهزية التامة لمواطنينا لتأييد هذه الحملة والعمل بمضمونها الهادف إلى وقف الاتجار بشكل نهائي بمنتوجات المستوطنات".

ورأى في اطلاق حملة وسام الكرامة "من محل لمحل" بانها حلقة هامة وحاسمة في الجهد الهادف إلى تنظيف السوق الفلسطيني بشكل نهائي من منتجات المستوطنات الاسرائيلية مع حلول نهاية العام الحالي.

وتمكنت السلطة الوطنية ومؤسسات القطاع الخاص من تجنيد عدد كبير من المتطوعين وفي كافة المحافظات في فلسطين، حيث سيقوم المتطوعين بزيارة حوالي 66616 محل تجاري، وعلى مدار اسبوع كامل للتأكد من أنها لا تشتمل على منتجات المستوطنات".

ويفاخر فياض بالتجاوب والتعاون الشعبي مع هذه الحملات التي تكشف عن الرفض التام للمشروع الاستيطاني الاسرائيلي بكافة مكوناته، وما ينتج من المستوطنات، وحيا اصحاب المحال التجارية، الذين ستُعاين محالهم.

وأشار إلى أنه وبعد المعاينة من قبل المتطوعين سيستلمون شهادة تفيد بخلو منشآتهم ومحلاتهم من منتجات المستوطنات.

ولا يمكن فصل جهود السلطة الوطنية "رئاسة وحكومة ومؤسسات" في التأسيس لبناء الدولة الفلسطينية عبر مجموعة خطوات عملية، وتكريس الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد على المستوى الداخلي، وبين ما تقوم به من معركة حقيقية في مكافحة منتجات المستوطنات وصولا الى تنظيف السوق الفلسطيني من تلك المنتجات، حيث تشكل هذه الخطوات حالة من التكامل التي يجب ان تحظي باوسع دعم شعبي وجماهيري لتحقيق نتائج ملموسة لهذه الخطوات المتوقع ان تفضي الى تحقيق اهدافها.

واكثر ما يزيد من اهمية حشد التأييد الشعبي خلف السلطة الوطنية في جهودها الرامية الى مكافحة الفساد " تنظيف مؤسسات السلطة الوطنية من هذه الظاهرة"، ومكافحة منتجات المستوطنات وتنظيف الاسواق منها، هو ادراك قيادة السلطة بمختلف مكوناتها ان هذه الخطوات لن تتم بسهولة ، فالفاسدون سوف يحاربون للافلات من العقاب ، ومروجي منتجات المستوطنات ومن يقف خلفهم "سلطة الاحتلال"، لن يسلموا بهذه الاجراءات، بل الطرفين سيعملون بكل جهد من اجل احباط توجهات السلطة الوطنية.

وتتميز حملة وسام الكرامة من «محل الى محل»، بمدى الاستعداد الشعبي في الانخراط الطوعي حيث يحرص المشاركون فيها على ارتداء قبعة خاصة وتي شيرت، حيث اكد وزير الاقتصاد الوطني ، د.حسن ابو لبدة، ان اصحاب المحال التجارية الخالية من منتجات المستوطنات سوف يتسلمون ملصقا يعلق على باب المحل يؤكد خلو هذا المحل من منتجات المستوطنات، واعطائه معلقة لتعليقها داخل المحل تشير للمستهلك بأن هذا المحل لا يتعاطى مع منتجات المستوطنات.

واشار ابو لبدة الى أن هذه الحملة هي حملة طوعية واخلاء المحلات من منتجات المستوطنات هو جهد ذاتي، موضحا ان ما يميز هذه الحملة أن السلطة الوطنية تعرض فترة سماح على تجار الجملة والتجزئة ليقوموا بالاخلاء الطوعي لمحلاتهم من منتجات المستوطنات، وليقوموا أيضا طوعيا بالتعهد والالتزام بأنهم لن يتعاطوا مع منتجات المستوطنات.

واضاف "ان القانون يعطينا الحق بفرض اجراءات صارمة جدا، ولكننا لا نرغب بأن يكون أسلوب تنظيف السوق من منتجات المستوطنات مبنيا على استخدام القانون بشكل كما يتيح لنا ذلك القانون"، مؤكدا ان السلطة الوطنية تراهن على وطنية والتزام تجارنا وقطاعنا الخاص.

وقال "نحن لا نرغب بأن نكون طرفين بل طرفا واحدا، فهذه معركة مشتركة وموحدة لاخلاء السوق المحلية من منتجات المستوطنات ولذلك نتوقع من تجارنا أن يستكملوا دورة الالتزام دون أن نلجأ للقانون".

والتناغم ما بين معركة السلطة في تنظيف الاسواق الفلسطيني من منتجات المستوطنات ، وبين مكافحة الفساد يظهر جليا في اصدار القوانين الخاصة بهذين الامرين الخطيرين، فانتشار الفساد يهدد ويزعزع مصداقية السلطة وثقة الجمهور في مؤسساتها اضافة الى الخسائر المالية الكبيرة التي تحلقها ظاهرة "الفساد" بالسلطة والمجتمع، في حين ان التعامل مع منتجات المستوطنات تهدد الاقتصاد الوطني والانتاج المحلي اضافة الى ما الاضرار على المستوى السياسي في تكريس عدم مشروعية الاستيطان والمستوطنات فوق ارضنا.

ورفيق النتشة قال بوضوح خلال مؤتمر الاعلان عن قانون مكافحة الفساد، " المهة ليست سهلة ورغم ذلك علينا ان نبدأ بهذه الخطوات من اجل التأسيس لبناء الدولة "، والرئيس عباس دعمه في ذلك بالقول " بناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس تبدأ من مثل هذه الخطوات".

ورئيس الوزراء د. سلام فياض قال اكثر من مرة "علينا ان نؤمن بحتمية بناء الدولة المستقلة خلال عامين ويجب علينا ان بجد من اجل الوصول الى هذا الهدف "، الامر الذي يكشف بوضوح عن توفر الارادة السياسية في خوض هذه المعارك المتوازية من اجل تحقيق الاهداف الوطنية في اقامة دولة فلسطينية مستقلة رغم كل التحديات والمصاعب التي تواجه السلطة الوطنية ومؤسساتها الرسمية وغير الرسمية للوصول الى دولة "نظيفة" نباهي بها الامم.