الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

بطن الهوى بسلوان: هكذا يتعمد الجنود والمستوطنون استفزاز المواطنين

نشر بتاريخ: 30/06/2010 ( آخر تحديث: 30/06/2010 الساعة: 19:02 )
القدس- معا- أضيف حي بطن الهوى أو ما يعرف ب"حارة الرجبي" وسط بلدة سلوان في الآونة الأخيرة إلى قائمة الأحياء الشهيرة في بلدة سلوان: مثل وادي حلوة، وبير أيوب، والبستان، والثوري الحي المجاور لبلدة سلوان والتي تحولت منذ أشهر عديدة إلى مسرح لمواجهات شبه يومية بين سكان هذه الأحياء الذين يدافعون عن أنفسهم وبين الجنود الذين غالبا ما يندفعون وراء مجموعات من المستوطنين وحراسهم يتولون حمايتهم بعد أن يقوم هؤلاء باستفزاز سكان هذه الأحياء بالسباب والشتائم أو الاعتداء الجسدي على الأطفال والنساء وكبار السن، وإلحاق الضرر بالممتلكات.

وكما يؤكد مواطنو البلدة ومن بينهم جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة، والحاج فخري أبو دياب من لجنة الدفاع عن منازل حي البستان فإن تحرشات المستوطنين واعتداءاتهم شبه اليومية هي التي تستفز المواطنين، ما يفضي إلى مواجهات تتسم في العادة بطابعها المقاوم دفاعا عن النفس وردا لهذه الاعتداءات التي لا تحرك الشرطة سكنا لوقفها، وبدلا من ذلك تتدخل على نحو عنيف لملاحقة الضحايا والاعتداء عليهم واعتقالهم بمن في ذلك الأطفال القاصرين الذين امتلأت بهم مراكز التحقيق في سجن المسكوبية.

ولعل اعنف المواجهات ما سجل في يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر حزيران الجاري في حي بطن الهوى وهي مواجهات أوقعت عشرات المصابين والجرحى من بينهم نساء حوامل بعضهن استنشقن الغاز المسيل للدموع والبعض الآخر منهن تعرضن للضرب، فيما تعمد الجنود إطلاق الرصاص المطاطي وقنابل الصوت والغاز عن مسافة قريبة جدا بهدف إلحاق الأذى الجسدي والتسبب بالضرر، ما أدى إلى إجهاض سيدة في الثانية والثلاثين من عمرها تدعى رجاء سمرين من حي الثوري وهي حامل في شهرها الثالث، وفقدان الشاب مهند القواسمي في السابعة عشرة من عمره عينه اليمنى جراء إصابته بقنبلة صوت بينما كان يحاول مساعدة امرأة حامل أصيبت بحالة إماء بعد استنشاقها الغاز المسيل للدموع.

بدوره نشر مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية اليوم إفادات مشفوعة بالقسم لعدد من ضحايا أعمال التنكيل التي اقترفها جنود ومستوطنون في مواجهات بطن الهوى الأخيرة، أظهرت عنف وقسوة الجنود في تعاملهم مع المواطنين الفلسطينيين سكان الحي، وتدميرهم لبعض ممتلكاتهم ومركباتهم أثناء توقفها أمام منازل أصحابها.

ويروي المواطن فؤاد خضر عبد الفتاح الرجبي تسلسل الأحداث التي شهدها حي بطن الهوى يوم 26 حزيران الجاري فيقول:" قي يوم السبت 26/6/2010 وبينما كنت أتابع المونديال قرابة الساعة العاشرة مساء، سمعت صراخا ، وأصواتا غير مفهومة، فخرجت وأشقائي إلى الحوش حيث مصدر الصراخ ، فشاهدت عددا كبيرا من الناس يتجمهرون يقابلهم حشد من جنود حرس الحدود ، ورأيت الجنود ربما 50 جنديا يطلقون الغاز المسيل للدموع قنابل الصوت باتجاه المواطنين، فيما يرد الفتية على الجنود برشق الحجارة. في ذات المنطقة كانت سيارات للجيران متوقفة في الشارع، فسمعت الضابط شادي وهو عسكري يطلب من سائق دورية جيب أبعاد سيارة فيات اونو بيضاء اللون موديل عام 1994 من طريق الجنود ، الذين كانوا يختبئون من رشق الحجارة ويحاولون المشي بجانب الحائط، بينما السيارة المذكورة تقف على يمين الطريق، فقام الجيب العسكري وكنت على مترين من الضابط شادي والجيب العسكري بصدم السيارة أل "فيات اونو" التي بجانب منزل المواطن مراون غيث ، والذي يبعد عن منزل صاحب السيارة إبراهيم شاهين حوالي 10 أمتار ، فقام الجيب العسكري ويحمل رقم 22/463 بصدم السيارة وإبعادها عن طريق الجنود ، فاصطدمت بدورها بالحائط، وأصبحت أكثر التصاقا باتجاه اليمين، وعلق مصباح الجيب بسيارة الاونو عندما ضربها الجيب من الخلف ، واتضح هذا لدى مغادرة الجنود للحي وانتهاء الأحداث. وبعد أن غادر الجيب العسكري المذكور الحارة، جاء بدلا منه جيب عسكري آخر يحمل رقم 22/286 ، وقام بصرب سيارة الفيات مرة أخرى من الخلف ، وعاد إلى الوراء وأثناء عودته اصطدم بسيارة اوبل بيضاء اللون موديل 1991 يملكها الجار عبد الكريم وزوز، واستمرت المواجهات بين الفتية والجنود حتى فجر اليوم الثاني الأحد 27/6/2010. أما سبب الأحداث فهو قيام احد حراس بيت المستوطنين "بيت العسل " وكان دائم التحرش بفتيات الحي، وقد تمكن الشبان من طرده قبل يومين وطردوه من الحي ، ولكنه عاد إلى الحي لاحقا، وقام بفتح صوت المسجل من داخل سيارته على أعلى صوت ، مما استفز الفتية فتصدوا له ورشقوه بالحجارة ، وأطلق وابلا من قنابل الغاز والصوت من قبل الجنود الذين تدخلوا لحماية المستوطنين كما يدعون".

مهند محمود علي القواسمي فقد عينه بقنبلة صوت

وفي اليوم التالي تجددت المواجهات في بطن الهوى وأحياء أخرى من سلوان ، لكنها كانت أعنف من سابقتها.، وأدت إلى سقوط مزيد من الإصابات، وكان سببها أيضا استفزازات المستوطنين وحراسهم. ومن بين من جرح في هذه الأحداث ولم يشارك فيها الفتى مهند محمود على القواسمي الذي كان يحاول مساعدة سيدة حامل مع طاقم إسعاف محلي، حيث فقد مهند عينه اليمنى جراء إصابتها بقنبلة صوت بصورة مباشرة.

عن أحداث تلك الليلة روى القواسمي لباحث مركز القدس للحقوق الاجتماعية تفاصيل إصابته بقوله: "عند الساعة 9:30 من مساء يوم الأحد الموافق 27-6-2010 كنت اجلس في بقالة أخي في حي البستان ، وكانت هناك مواجهات تدور في حارة بطن الهوى ، حيث يقع بيت المستوطنين – بيت العسل- . تواجد في المكان أيضا طاقم إسعاف تابع للهلال الأحمر لإخلاء الجرحى، فطلب مني احد المسعفين مساعدته في حمل امرأة مصابة جراء استنشاق الغاز. وبينما كنت احمل المرأة وقرب الدرج الواصل بين حي البستان ، كان هناك جنود ينزلون الدرج وهم يركضون ويطلقون العيارات المطاطية فنظرت إليهم وكانوا على بعد 30 مترا تقريبا ، فشعرت بشيء يخترق عيني اليمنى ، ثم وجدت نفسي بمستشفى العيون حيث علمت من الأطباء بأن الإصابة بالغة الخطورة ، وجرى بعد ذلك استئصالها".

أما المواطن عبد الله احمد سالم أبو ناب البالغ من العمر 54 عاما من سكان بطن الهوى ، فروى لمركز القدس رواية مشابهة لسكان آخرين في الحي فقال: "في يوم الأحد الموافق 27/6/2010 تكرر تحرش احد حراس بيت المستوطنين –بيت العسل – بالفتيات من الحي حيث أشار لإحدى الفتيات من عائلة الرجبي بسبابة الإصبع الوسطي- فاتصل أهل الفتاة بمسئول الدورية التي تتواجد في الحارة، وكان جوابه "عليكم تقديم شكوى". كان ذلك بعد صلاة العصر، ولكن الشباب قالوا له: نحن نعرف كيف نأخذ حقنا بأيدينا، وعند حوالي الساعة 8:00 مساء ولدى خروج ذلك الحارس من بيت المستوطنين ، هاجمه الشبان ورشقوه بالحجارة، فقام بإطلاق النار بالهواء، وحضرت دورية الجيش المناوبة في الحارة وأطلقت الغاز وقنابل الصوت والعيارات المطاطية نحو الشباب ، ثم اتسعت دائرة المواجهات وحضرت قوات كبيرة من الجيش، ووقعت قنبلتا غاز داخل منزل ابن أخي ناصر أبو ناب، فاندلع حريق صغير تمت السيطرة عليه. وبينما كان احد أفراد العائلة يهم بالدخول إلى المنزل، لحقه عشرة جنود أو أكثر واقتحموا ساحة المنزل الخارجية، ولكنه قام بإغلاق الباب خلفه ، فبدأ الجنود بتحطيم النوافذ، واقتحموا ساحة المنزل، ولكن شباب الحارة اقتحموا المنزل واشتبكوا مع الجنود وقاموا بطردهم من المنزل واستمرت المواجهة داخل المنزل حوالي عشر دقائق.

واستنادا لتقرير حصل عليه باحثو مركز القدس من مستشفى المقاصد، فقد وصل إلى قسم الطوارئ في المستشفى عدد من المصابين جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع وتلقوا العلاج فيه، وهم: رشيد ابو رموز- 18 عاما، اسعد رشدي ابو رموز 40 عاما، شكرية الشلودي 17 عاما، نافذة ناصر الرجبي، نسرين فاخوري 33 عاما، عايش أبو ميالة 17عاما ، صلاح خياط 19 عاما، آلاء أبو ناب – حامل بالشهر الرابع- 23 عاما حمدي الرجبي 17 عاما.

في حين قال تقرير آخر صادر عن مستشفى الهلال للولادة والجراحة النسائية: "حضرت آلاء أبو ناب الحامل في شهرها الرابع حوالي الساعة العاشرة مساء ، وقد تبين أن وضع الجنين جيد ولم يتأثر جراء استنشاق الغاز، وخرجت في نفس الليلة".