الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

د. اشتية: العلم هو إستراتيجية بقاء والمصالحة هي لبنة المشروع الوطني

نشر بتاريخ: 01/07/2010 ( آخر تحديث: 01/07/2010 الساعة: 20:01 )
جنين- معا - قال د. محمد اشتية عضو اللجنة المركزية لحركة فتح إن التعليم هو إستراتيجية بقاء وأن المصالحة هي لبنة استمرار المشروع الوطني، مشيرا إلى أن التعليم هو الخيار الاستراتيجي الذي يملكه الشعب الفلسطيني الذي خسر أرضه ويعاني قسوة الاحتلال وظلمه.

وجاء ذلك في كلمته بمناسبة حفل تخريج الفوج السابع الجامعة العربية الأمريكية بصفته رئيس مجلس أمناء الجامعة.

وفيما يلي نص الكلمة:

" يسعدني باسم مجلس الأمناء أن أهنئ الأمهات والآباء على تخرج هذه النخبة من صبايا وشباب فلسطين، حيث تعرف الشجرة من ثمارها، وإن ما نراه اليوم فيكم هو ليس فقط نتاج جهد هؤلاء الطلبة بل جهد ذويهم وتعبهم، فهذا الشتل من ذاك الشجر.

واليوم تقفون على الطريق وهو طويل وأحيانا شاق، وعلى البعض شاق جداً، لكن الحكمة الصينية تقول أن مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، والعرب يقولون من سار على الدرب وصل، واليوم تصلون إلى محطة جديدة ولا أقول الأخيرة. وعند هذه المحطة يتوقف بعضكم قليلاً والبعض الآخر يتوقف طويلاً. أما العلم فلا يتوقف ولا يعرف إطاراً زمنياً وليس للتعلم سن يقف عندها.

وفي هذا السياق نستذكر الإمام الشافعي إذ يقول:

كلما أدبني الدهر أراني ضعف عقلي
وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي

وقديماً قالت العرب أطلب العلم من المهد إلى اللحد.

والحياة أمامكم فيها صعود وهبوط، ويقابل كل جبل واد، ولقيان المعالي ليس بالشيء السهل فمن يطلب الشهد لا بد من لسع إبر النحل، ومن يخف صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر .

وهنا نترحم على ابن الوردي حيث يقول:

إنما الورد من الشوك وما ينبت النرجس إلا من البصل

لذلك فالحياة كفاح، وفيها مد وجزر، وهي يوم لنا ويوم علينا، ودروسها تحفر في الجلد، وهي جامعة الجامعات، وهنا تبدأ أحلامنا صغيرة ثم تبدأ تكبر يوماً بعد يوم، ونجاهد لنكون على أعلى درجات سلمها وليس على هامشها. وأحلامنا تحتاج إلى وقود وجهد وتعب.


وما استعصى على قوم منال إذا الإقدام كان لهم ركابا
وما نيل الطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا

ولتعلموا أعزائي الخريجين والاخوة الحضور أن العلم قوة والمعرفة سلاح، والرجل الحكيم في عز وذو المعرفة في قوة.

قال شوقي:

بالعلم والمال يبني الناس ملكهم لم يبن ملك على جهل وإقلال


ولتعلموا أن حبات المطر تصنع المحيطات، وحبات الرمل تصنع الأرض الواسعة. لكن المهم أن نحدث تراكم في حياتنا، ونراكم على تجاربنا وعلمنا ونراكم على تجارب الآخرين فلا أحد منا يصنع التاريخ وحده... ونراكم على دم الشهداء وعذابات الجرحى ووجع الأسرى ونضال من سبقونا. وإن كان الفلسطيني قصة ناجحة لوحده فإن المهم أن يكون لشعبنا جميعاً قصص نجاح تبنى على روح الفريق والعمل الجماعي. وما وصلتم أنتم إلى هنا لولا التراكم الذي أحدثه ذووكم وجامعتكم وعلم من سبقوكم.

ولكن أيضاً علمتنا التجارب أن ليس كل ما يلمع ذهباً، وأن الجبناء يموتون عدة مرات قبل أن يدركهم الموت. لذلك يجب أن نقيس خطواتنا ونحن ذاهبون بشجاعة إلى الأمام لكي لا نقع في حفر أخطاء الآخرين. وأن نميز بين الغث والسمين، وبين الشجرة وظلها، وأن ندرك المضمون من الشكل، ونعي أن أجمل وردة وإن وضعت في أجمل مزهرية لا تعطي ثمراً، وأن الأعشاب الضارة تتسلق على الأشجار المثمرة وتنمو بسرعة .

فالجامعة بستان يتم تعشيبه من الأعشاب الضارة على مدار 4 سنوا ت وأنتم اليوم القمح النقي فلا غبار ولا زوان .
والجامعة سلحتكم بسلاح العقل فلو تنازلتم مع أكبر المصارعين تغلبونه بالشطرنج وبالعقل وليس بالملاكمة.
وشعبنا البطل يقاتل بالحق منذ أكثر من 100 عام, متسلح بالصبر والعزيمة والتضحية والعلم والأمل, رغم الحواجز والحصار و الاعتقال والتضييق _ قال الطغرائي في لامية العجم:

أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل


وما إجراءات الاحتلال من حصار على قطاع غزة وتهود لمدينة القدس إلا مسلسل مبرمج من إجراءات الاحتلال ضد شعبنا, وفي القدس، والتي هي أقرب نقطة إلى السماء، يمارس أبشع صور التزوير لتاريخنا العربي الفلسطيني الإسلامي والمسيحي.

يا فاتح القدس خل السيف ناحية ليس السلاح حديدا كان بل خشبا
إذا نظرت إلى أين انتهت بده وكيف جاوز في سلطانه القطبا
علمت أن وراء الضعف مقدرة وأن للحق، لا للقوة، الغلبا


ومن جنين غراد, ومن الجامعة العربية الأمريكية نقول للسيد نتنياهو أن برنامج الاستيطان قي القدس والضفة والأغوار سيجرف حل الدولتين, وأن تكثيف الاستيطان الذي لا يريد أن يعرف الفرق بين معاليه أدوميم وتل أبيب يعني بالنسبة لنا أيضا أننا لن نفرق بين حيفا وجنين.

ومن جنين غراد أيضاً ومن الجامعة العربية الأمريكية وباسم المجتمعين هنا ندعو إلى الوحدة الوطنية ووحدة الهدف ووحدة المصير ووحدة الأدوات، ووحدة النص في الورقة المصرية التي وقعناها من أجل المصالحة ولا زالت تنتظر من حركة حماس أن توقعها.

الأخوات والاخوة الحضور

ألا تستحق القدس أن نعلو فوق الفواصل هنا وأل التعريف هناك، ألا تستحق دماء الشهداء أن نحافظ على رائحتها الزكية، ألا تستحق عذابات الأسرى أن نرتقي إلى مستوى المسؤولية الوطنية، لا يستحق مشروعنا الوطني المتمثل في العودة وإقامة الدولة المستقلة و عاصمتها القدس قطرة حبر تنهي هذا الفصل الأسود في تاريخ قضيتنا وتلتحم الجغرافيا والديمغرافيا مرة أخرى؟


تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا وإذا افترقن تكسرت آحادا

إن سيادة الأخ الرئيس أبو مازن يبذل منذ اليوم الأول للانشقاق جهداً كبيراً من أجل المصالحة الوطنية ولم الشمل الفلسطيني ويعمل مع الحكومة على بناء المؤسسات وتطوير الأراضي الفلسطينية استكمالاً لما قام به الرئيس الشهيد الراحل ياسر عرفات منذ اليوم الأول لتأسيس السلطة وتأسيساً لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، ونحن نعلم أن بناء المؤسسات ومشاريع التطوير تحتاج إلى إطار سياسي وتقدم في المسار التفاوضي، وإلا فإن خدمات السلطة لا تتعدى كونها مشاريع بلدية. إن الذي نصبو إليه هو إنهاء الاحتلال أولاً وإنهاء الاحتلال ثانياً وأخيراً.

باسم مجلس الأمناء, أبارك للطلبة، لذويهم، لإدارة الجامعة رئيسا وعمداء و مدرسين وموظفين وأشكرهم على جهدهم في تحضير هذه الخميرة والتي منها نصنع الخبز والبرمجيات و إدارة الأعمال ونعتني بصحة أسناننا ونحافظ على تراثنا ونقاتل أعداءنا بكل الأشكال بالعلم والمنطق والقراءة والكتابة وبزراعة الزيتون والصبار وبزغاريد الأمهات الفرحات بتخرج الأبناء وعودة الآخرين من ميادين الوغى وعتمة السجون.

ولنتعلم من شاعرنا الكبير حيث يقول:

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

وفقكم الله وألف مبروك"