الحديث ذو شجون * بقلم : فايز نصار
نشر بتاريخ: 03/07/2010 ( آخر تحديث: 03/07/2010 الساعة: 13:33 )
المدرب اللاعب !
لم يستطع أي نجم تألق فوق المستطيل الأخضر زحزحة الجوهرة السوداء بيليه عن عرشه ، كملك لكرة القدم عبر العصور ، حتى يأتي نجم ينسخ أرقام الجوهرة ، كصاحب للرقم القياسي في التهديف ، وفي حمل كأس العالم !
ولا يختلف اثنان في كون المشاغب مارادونا هو أفضل من داعب "لاحسة" عقول الناس ، لان بين الولد الشقي والجلد المنفوخ وشائج قربى ، جعلت ابن البلاد الفضية يخرج بأغلى الغنائم ، على صعيد الفرق والمنتخبات ، ولولا عدم توفيق الرجل خارج الملاعب ، لكانت صورة التانغوي الساحر أكثر سحرا وتألقا !
ولا يجد الأوروبيون صعوبة في اختيار أفضل نجومهم عبر الزمان ، ويقتصر الاختلاف على أسماء بكنباور وبلاتيني وكرويف ، وقد ينال القيصر قصب السبق لدى الخبراء ، لأنه صنع المعجزات مع الأحمر البافاري ، ونال المجد المونديالي من طرفيه كلاعب ومدرب ، ونجح في الحفاظ على صورته كملهم للماكينات !
ورغم أن جناح هولندا الطائر يوهان كرويف لم يحرز كأس العالم مع الطواحين ، إلا ان تألق الأشقر البرتقالي مع الاياكس والبرشا كقائد ومدرب ، يضعه في خانة أفضل نجوم الكرة عبر الزمان .. حتى تأتي هولندا بنجم يغير هذه المسلمات .
وإذا استثنينا بلاتيني ، الذي يرأس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ، والذي يفضل أن يبقى بعيدا عن جعجعة التصريحات ، يجمع بيليه وكرويف وبكنباور ، وحتى مارادونا على ان منتخب البرازيل ، الذي شارك في مونديال البافانا ، ليس منتخب البرازيل الذي نعرفه ، وكلهم قال هذا الكلام قبل الإقصاء الدرامي للسامبا ، عندما أطاحت الطواحين بأبناء دونغا !
ولا نريد هنا ان نحاسب الناس على آرائهم ، ولكن إجماع هؤلاء النجوم على غياب السحر البرازيلي ، الذي طالما صنعه بيليه وغارنشا وروفلينو وزيكو وسقراطس وروماريو ورونالدو ورونالينو يؤكد أن الكرة البرازيلية تعيش أياما صعبه ... وقد يكون هذا الإخفاق مقدمة لمزيد من الكوارث على المنتخب الذهبي ، أذا لم يسارع البرازيليون إلى وضع اليد على الجرح ، واصلاح العطب !
من وجهة نظري المتواضعة ، فالمشكلة أن الاتحاد البرازيلي وضع مقاليد العارضة الفنية للسامبا بيد الدمث دونغا ، البرازيلي الذي تفتحت مواهبه في المانيا ، التي قضى معظم أيامه متألقا تحت شمس البوندسلسغا فيها ، والكرة هناك صناعة ولياقة وانضباط ميداني وحسابات ربح وخسارة ، قبل أن تكون سحرا وعروضا راقية ، تمهد الطريق للنتائج الفنية !
ولا خلاف على كون دونغا نجح في ترسيخ أسس منتخب منضبط ، ولكن محبي الساميا يتساءلون عن اللمحات الفنية للساميا ،ويفتقدون ا العروض الجماعية الخلابة ، ويحنون إلى التبادل الجماعي للكرة بين جميع اللاعبين ، بما يشعرك أن البرازيل قادرة على التسجيل في أي وقت !
ولا ندعي هنا أن دونغا ليس مدربا ، لأنه كان قائدا ميداني لمنتخب البرازيل في أيام العز المونديالي ، فشخصية الرجل وطاقاته القيادية ، نؤهله للإشراف على أي منتخب ، ولكن أسلوبه في العمل ، وطريقته في اللعب لا يبدو أنها تناسب المدرسة البرازيلية ، التي كانت بحاجة إلى قناص مثل باتو ، وصانع العاب مثل رونالدينو !
الكلام نفسه ينجر على منتخب الأرجنتين ، الذي سلم المقاليد الفنية للملهم مارادونا ،فتأهل المنتخب المدجج بالنجوم إلى المونديال بعملية قيصرية ، وبدا أن في الأفق قطيعة فنية بين المدرب المشاغب ونجومه الرائعين ، وعلى رأسهم ميسي ، وبدا أن المنتخب بحاجة إلى صانع العاب عصري مثل ريكلمي قبل الحاجة للمعتق بوفون ، مما يجعل مصير الأرجنتين مفتوح على كل الاحتمالات ، ولن نغير رأينا هذا حتى لو فاز رجال التانغو باللقب العالمي ، لأننا نعتقد أن ساحر الملاعب مارادونا ، ليس بالضرورة ان يكون ساحر العارضة الفنية !
وبين خروج دونغا من البطولة خاوي الوفاض ، وعدم قدرة مارادونا على توظيف قدرات الارمادا الأرجنتينية ، يبقى السؤال مطروحا حول ضرورة أن ينجح نجوم الملاعب في تدريب الفرق والمنتخبات ، بعد نجاح كل من زاغالو وبكنباور في الظفر بالكاس الغالي في الحالتين ، على عكس مدلل فرنسا بلاتيني ، الذي انسحب بسرعة من عالم التدريب بعد تجربة غير مجدية مع الديك الأزرق في الكأس الأوروبية سنة 1992 !
والحديث ذو شجون