السبت: 21/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

إسماعيل هنية: لم اقصد الزيت والزعتر حرفيا ولا نزال نحظى بتأييد الأغلبية - 475 حاجزاً إسرائيلياً تقطع أوصال الضفة

نشر بتاريخ: 22/06/2006 ( آخر تحديث: 22/06/2006 الساعة: 11:48 )
معا- أجرت مجلة «دير شبيغل» الألمانية، حواراً مع رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية ألقى فيه الضوء على شروط حماس للسلام مع إسرائيل، وخطط الرئيس محمود عباس للاستفتاء الجماهيري على وثيقة الأسرى. ورؤية حكومته لآفاق العمل الفلسطيني في المرحلة المقبلة وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تجد طعم الحياة عندما تضطر للعيش على الزيت والزيتون؟

عندما قلت أخيراً، ان شعبنا سيعيش على الزيت والزيتون إذا دعت الضرورة، لم أكن أعني حرفياً الزيت والزيتون فقط. لكن ما عنيته هو أن شعبنا يتحلى بالصبر اللازم لتحمل الوضع الراهن الصعب. وأن الفلسطينيين يفضلون التخلي عن بعض المواد الغذائية على التخلي عن حقوقهم.

* لكن لا يبد و أن الناس يريدون إبقاء حماس في السلطة، مهما يكن من أمر. فالفلسطينيون يتظاهرون من أجل الحليب والخبز كل يوم، وموظفو السلطة يطالبون بمرتباتهم، التي لم يتلقوها منذ ثلاثة أشهر. هل بالغتم في تقدير شعبيتكم؟

الناس يعانون حقاً، لكن هذه ليست غلطة الحكومة. إنها أول مرة في تاريخ البشرية التي يتم فيها معاقبة شعب على نتيجة انتخاباته الديمقراطية ، مع أنه لا يزال يعيش تحت الاحتلال. هذا عقاب مضاعف.

وكل عائلة فلسطينية تعاني من وطأة الحظر الدولي، لكن كلما زاد الضغط على الحكومة كلما زاد الدعم الشعبي لها، من الشارع الفلسطيني ومن الشارعين العربي والإسلامي على حد سواء.

* لكن من المسؤول عن هذه الأزمة؟ هل هي فعلاً فقط البلدان التي تقاطع إدارتكم؟ ألا يجعلكم سلوككم مسؤولين جزئياً أيضاً؟

هذه ليست أزمة سياسية، وإنما بيان إفلاس أخلاقي من جانب المجتمع الدولي.، وأعلم أن الكثيرين في أوروبا غير راضين عن سياسات حكوماتهم إزاء الفلسطينيين.

* لكنك لن تجد في أوروبا من ينكر على إسرائيل حقها في الوجود. بعبارة أخرى يمكنكم حل المشكلة بالاعتراف بإسرائيل.

يدهشني أن الشروط تفرض بشكل متواصل على الضحية وليس على المحتل، أولاً عليكم أن تطالبوا إسرائيل بالاعتراف بحقنا بالوجود وحقنا في إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة.

* لكن إسرائيل فعلت ذلك في خارطة الطريق الدولية للسلام في 2003 .

ومنظمة التحرير الفلسطينية، والرئيس الراحل ياسر عرفات والرئيس الحالي أبومازن اعترفوا أيضاً بإسرائيل ووضعوا أساساً للمفاوضات لتسوية الصراع. لكن على ماذا حصل الفلسطينيون في المقابل؟

* انسحاب الجيش الإسرائيلي من المدن الفلسطينية، على سبيل المثال، سلطة حكم ذاتي وقوة شرطة خاصة بها وانتخابات ديمقراطية أوصلتكم إلى السلطة. ومع ذلك لا تزال حماس ترفض الاعتراف بإسرائيل.

نحن لا نتحدث عن الشكليات، بل عن التجارب الواقعية خلال السنوات القليلة الماضية. برغم الاتفاقيات والمعاهدات والإقرارات، لا يزال الشعب الفلسطيني يعاني من الفقر والظلم والاحتلال.

هناك 475 حاجزاً على الطرق في الضفة الغربية. والمنطقة كلها مقسمة إلى كانتونات. هناك جدار يبنى سيضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل، ولقد تم فرض حظر على قطاع غزة بأكمله، ويتم توسيع المستوطنات اليهودية وضم وادي الأردن. ونحن لا نريد توقيع وثيقة أخرى، بل نريد تحسين الأوضاع للشعب الفلسطيني.

* لكن الحكومة الإسرائيلية أعلنت مراراً وتكراراً أن الحدود النهائية لم تناقش بعد. بعبارة أخرى، هذه حدود مبدئية على الأقل من المنظور الإسرائيلي. وكل شيء يعتمد على الاعتراف المتبادل على حق كل من الطرفين بالوجود.

إذا كان الأمر كله يتعلق بالاعتراف المتبادل، لوافقنا على الاعتراف. لكن الواقع مختلف، فإسرائيل ترفض تقسيم القدس، وترفض عودة اللاجئين وترفض الانسحاب حتى حدود 1967.

* إذا انسحبت إسرائيل حتى حدود 1967 وتركت القدس الشرقية، بما في ذلك المواقع المقدسة للفلسطينيين، هل ستكونون على استعداد عندها للاعتراف بإسرائيل؟

إذا قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت غداً ان إسرائيل ستنفذ هذه الشروط، فسنقدم شيئاً بالمقابل.

* ماذا يمكن أن تقدموا؟

هدنة طويلة الأمد، أو وقف إطلاق نار لخمسين سنة مقبلة.

* لكن لماذا هذا فقط؟ لماذا لا تخطون خطة أخرى إلى الأمام وتقولون: إذا نفذت إسرائيل هذه الشروط فسوف نعترف بدولة إسرائيل.

هذه كلها أسئلة افتراضية. وإلى الآن لم يعلن زعيم إسرائيلي واحد عن مثل هذه التنازلات. بل ان إسرائيل تعلن إجراءات أحادية. وتقول إن القدس ستبقى موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية.

وأنها لن تسمح بعودة اللاجئين ولن تزيل المستوطنات الكبيرة. هذا هو الواقع. نحن نريد السيادة، نريد دولة ونريد أن نعيش مثل بقية شعوب العالم. إذا اعترفت إسرائيل بحقوقنا، سوف نضمن عودة السلام والاستقرار إلى هذه المنطقة.

* من الواضح أن الكثير من الفلسطينيين يشعر بالإحباط. لكن لدينا أنطباعاً أن الموقفين المتعنتين المتضادين يتصادمان هنا. أنتم تطرحون مطالب تهز دولة إسرائيل من أساسها، مثل عودة اللاجئين الفلسطينيين.


هل يوجد قانون لتقييد حقوق اللاجئين؟ ألا يرى العالم معاناة الملايين من الفلسطينيين الذين يعيشون في المنفى في أنحاء العالم، أ وفي مخيمات اللاجئين من 60 عاماً. هؤلاء بلا دولة، بلا وطن، بلا هوية، بلا حق للعمل. ألا يرى العالم هذا الظلم؟

* العالم يرى هذه المصائر. لكن كان دائماً هناك الكثير من اللاجئين عبر التاريخ. وثمة ملايين ارغموا على الفرار من أوطانهم بعد الحرب العالمية الثانية. ومع ذلك تم القبول بالوضع الراهن في سبيل السلام. ومن شأن عودة هؤلاء اللاجئين أن تسبب معاناة جديدة.

حق العودة حق فردي. ولا أحد من ممثلي الشعب الفلسطيني ولا المنظمات ولا الحكومة ولا الرئيس يملك الصلاحية للتخلي عن ذلك الحق. لكن يمكن لكل لاجئ أن يقرر بنفسه ولنفسه ما إذا كان يريد العودة إلى بلده الأصلي.

* بمعنى أن بإمكانه أن يقرر أن الأفضل له الانتقال إلى الدولة الفلسطينية الجديدة وتلقي تعويض مالي عن ذلك.

هل تتوقع أن يبيع الفلسطينيون بلدهم وبلد أجدادهم الأصلي مقابل المال؟

* كلا، لكن يجب أن تكون المقترحات واقعية. في عام 1947، قررت الأمم المتحدة إعطاء الشعب اليهودي دولته المستقلة. وإذا عاد 4 ملايين لاجئ فلسطيني، فسوف يعرض هذا الأغلبية اليهودية للخطر.

حق العودة حق منصوص عليه في القرارات الدولية التي تتضمن أيضاً خيار التعويض المالي.

* اتفق زعماء الأسرى الفلسطينيين من التنظيمات المختلفة في السجون الإسرائيلية على صياغة خطة من 18 بنداً تتضمن من بين أمور أخرى حل قيام الدولتين على حدود 1967. ووقع على الوثيقة أيضاً أسير من زعماء حماس. هل تقبلون بهذا الاقتراح؟

هذه الوثيقة لا تمثل كل الأسرى الفلسطينيين. ولا ينبغي أن ننسى أنها أتت من داخل سجن إسرائيلي. ولم يستطع غالبية الأخوة الأسرى المحتجزين في إسرائيل المشاركة فيها.

* لكن بعض الشخصيات الفلسطينية البارزة وقعت على هذه الوثيقة.

بالطبع نحن نحترم أولئك الذين وقعوا على الوثيقة، التي نعتبرها إسهاماً في الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس محمود عباس. بعض البنود جزء من الإجماع الوطني، لكن هناك بنوداً أخرى بحاجة إلى نقاش.

* أية بنود تقصد؟

اقصد البنود التي تتعلق بالاعتراف بإسرائيل، والاستمرار في تطبيق الاتفاقيات الموجودة ومسألة التفاوض مع إسرائيل.

* الناس لم تنتخبكم بسبب صراعكم ضد إسرائيل، بل بسبب الفساد داخل حركة فتح ومعدلات البطالة المرتفعة في الأراضي الفلسطينية.

إن لدى حماس رؤية عالمية وبرنامجاً سياسياً، والناس صوتوا لها على هذا الأساس. ويتضمن البرنامج مقاومة الاحتلال وانتقاد الفساد في الحكومة السابقة على حد سواء. ولا تزال حماس تحظى بتأييد الأغلبية.

* هل مازال وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه حماس في مارس 2005 ساري المفعول؟

عملياً لا تزال حماس والتنظيمات الأخرى تحترم وقف إطلاق النار. والإسرائيليون هم من يخرقه، بقصف أراضينا واحتلالها.

* إذا كان الفلسطينيون ملتزمين بوقف إطلاق النار، كيف تفسر الهجوم في 17 إبريل على محطة الحافلات في تل أبيب؟ ولماذا سعت حماس لتبرير هذا الهجوم باعتباره «مقاومة»؟

نحن شعب لم يهاجم أحداً في يوم من الأيام. لسنا نحن المعتدين. نحن نريد السلام والاستقرار في هذه المنطقة. الإسرائيليون هم المشكلة. عليهم أن يضعوا حداً لعمليات الاغتيال والقصف اليومي على قطاع غزة.

* هل هذا يعني أن حكومتكم تفعل كل ما بوسعها لمنع الهجمات على إسرائيل؟

نحن نريد السلام والاستقرار في المنطقة. وأنا أدعو إسرائيل إلى ترسيخ الظروف التي تمكن حكومتي من تحقيق هدف إطلاق النار على المدى البعيد.

* كنا نتحدث عن مسؤوليتكم أنتم لا عن مسؤولية إسرائيل. إذا كان لديكم أية معلومات عن مفجر انتحاري وكان باستطاعتكم إيقافه، فهل ستمنعونه من تنفيذ العملية المخطط لها؟

نحن لا نسيطر على الضفة الغربية. والقوات المسلحة الإسرائيلية هي المسيطرة هناك. قواتنا الأمنية مقيدة الأيدي. وطالما بقي المحتلون على ترابنا، تبقى المقاومة الحق الشرعي لشعبنا.

* السيد رئيس الوزراء شكراً على المقابلة.

الآن أود أنا أن اطرح عليك سؤالاً . إضافة إلى كوني رئيس وزراء، فأنا أيضاً وزير الرياضة والشباب. وكنت أمارس لعبة كرة القدم. ماذا علي أن أفعل لأحصل على دعوة من المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل لحضور كأس العالم؟

* حتى يحدث هذا عليك أن أيضاً أن تعترف بحق إسرائيل بالوجود ونبذ العنف.

إذا أفضل أن أتابع مباريات الكأس على شاشة التلفزيون.