السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

لجنة خدمات مخيم الفارعة ومؤسسات المخيم يزوران المخيمات الصيفية

نشر بتاريخ: 11/07/2010 ( آخر تحديث: 11/07/2010 الساعة: 18:23 )
طوباس - معا - رائد جعايصة و نضال سوالمة - أثلج صدري صبيحة هذا اليوم أن أشارك في جولة قامت بها الفعاليات والمؤسسات إلى المخيمات الصيفية المقامة حاليا في مخيم الفارعة لصالح الأطفال .....

أمران هامان احببت ان اشارككم بهما تميزت بها المخيمات الصيفية هذا العام اولهما: الخروج عن الشكل التقليدي لفكرة المخيم الصيفي وابتكار طرق وصور جديدة للانشطة والبرامج¡ وثانيهما البسمة التي لم تغب عن الوجوه البريئة التي شاركت في المخيمات الصيفية الاربع وهذا اهدى لي سعادة ما زلت اعيشها حتى وانا اخط هذه السطور .
فهناك وفي رحاب مدرجات مركز الشهيد صلاح خلف وفي قاعات القادسية نمت وترعرت افكار وابداعات جديدة صممتها عقول خبيرة عملت بلا كلل او ملل لاخراج مخيم العودة الصيفي مخيم الشهيد ياسر عرفات بشكله الذي ادهشني بترتيبه ونظامه ونظافته وتفاعل اطفاله... رحب بنا الاطفال صباح هذا اليوم بطريقتهم التي لم تخضع هذه المرة لعصا الكتّاب ولا لنبرات المدرب العالية¡ ولكن اتحفها قادة ومركزون يعرفون جيدا ما يفعلون ... فمرة انشد الاطفال كلمة "مرحبا" ومرة استعرضوا امامنا قسم العودة وطمأنونا ببراءتهم وايمانهم ان لا بديل عنها ... ثم حيوا العلم ثم اصطفوا ليرحبوا بنا بابتساماتهم...

مخيم العودة ... او ما أحب القائمون عليه ان يطلقوا عليه "مخيم الشهيد ياسر عرفات" كان هذه المرة درجة جديدة يرتقي بها مخيم الفارعة وكعادته على مدارج العابرين الى الحرية والعودة.. رأيت بعيني كيف رسم الاطفال خريطة الوطن وملامح القائد الشهيد وكيف لم يغب عن اذهانهم اقصاهم الحبيب وبين هذا وذاك صور واشغال امتزجت فيها معاني الطفولة وحب الوطن وصدق الانتماء ..

هذا المخيم مثله مثل العديد من المخيمات التي تنفذ حاليا في جميع انحاء مخيمات الضفة الغربية يحظى برعاية مباشرة من رئيس دائرة شؤون اللاجئين د. زكريا الاغا حيث تقوم هذه الدائرة مشكورة وضمن خطتها لهذا الموسم على دعم فكرة إنشاء هذه المخيمات ماديا ومعنويا حيث من المتوقع ان يصبح هذا المشروع تقليدا سنويا قابلاً للتطوير من خلال الافكار والمبادرات والخبرات التي يتم الخروج بها من كل مخيم حيث ستعمم المبادرات الناجحة ليستفيد منها الجميع.

نعم ... ما زلت ورفاقي هنا في مخيم العودة الصيفي نتفقد بصمات الاطفال على جداريتين جميلتين... نظرت من مكاني هنا الى الطرف الاخر لهذا العمل الرائع فارتد الي البصر وقد رأيت رسما زاهيا لعلم فلسطين واستطعت ان اقرأ في نهايته كلمة "عودة" .. .. ضحكت .. ثم قلت مثلما قال مَن قبلي: "لن يضيع حق وراءه مُطالب"!! ....

لقد اضاف لي اطفال مخيم العودة هذا اليوم ايمانا مع ايماني بأن الصغار لا ولن ينسوا وقالوا لي من غير ان يتكلموا : " نحن جيل العودة" ان شاء الله.

لم يشأ رفاقي ان يغادروا مخيم العودة الصيفي قبل ان يقدموا احر كلمات الشكر والتقدير الى قادة ومركزي المخيم: الى مدير المخيم الصيفي محمد سوالمه ¡ والى مركز محطة العودة والتربية الوطنية عائد جعايصة ومحمد خضر مركز محطة اللياقة البدنية والرياضة وطارق سوالمه مركز محطة الفنون الكشفية وقدموا شكرهم ايضا الى مركز محطة الاشغال اليدوية والفنون وصفي تايه ولم ينسوا مشرف الدعم النفسي سمير ابو طربوش وكذلك شملوا ضباط الصف ولجنة النظام بوافر من الثناء والتقدير.

غادر الجميع ارض مخيم العودة متجهين الى داخل ساحات مركز الشهيد صلاح خلف حيث يقام المخيم الكشفي التدريبي للاشبال باشراف مفوضية الكشافة في محافظة جنين ويشارك فيه عدة طلائع من كشافة القادسية – مخيم الفارعة اضافة الى طاقم التدريب والاشراف ...

لم يشأ الاشبال المشاركون في هذا المخيم ان ينتظروا حتى نصل اليهم بل بادروا وبايعاز خاص من قائدهم الى التقدم نحونا بخطوات منتظمة مرتبة رأينا فيها النظام والانضباط وقدموا لنا التحية بطريقتهم الكشفية ... ثم تقدم قائد المخيم التدريبي "حكم جميل" نحونا واعطانا شرحا مختصرا عن فكرة المخيمات التدريبية للاشبال والتي هي جزء لا يتجزأ من القانون الكشفي العالمي والتي يخضع من خلالها المشاركون الى تدريبات على فنون الحبال واللياقة البدنية والاسعاف والتخييم والمبيت الخلوي كما انها ترسخ لدى الاشبال قيم خاصة يتم التركيز عليها من خلال البرامج التي تنفذ تحت رقابة كاملة من قيادة المفوضية وهيئة الإشراف في المخيم الكشفي. ...

نعم، هنا يقضي اشبال المخيم اوقاتهم بما هو مفيد وممتع في نفس الوقت ... فلسان حالهم يقول: "احنا الكشافة .. هيّه دي حياتنا .. مغامرات وبطولة .. في الشدة تلاقونا" ...

مخيم اشبال الكشافة التدريبي بدا وكأنه خلية نحل يعمل فيه الشبل والقائد يدا بيد، فمن تقاليد الصباح ورفع العلم الى الفنون الكشفية كبناء المواقد والبوابات الكشفية وجسر القردة ومهارات بناء الخيام الى مهارات الاسعاف والاطفاء اضافة الى الاهتمام بالواجبات الشخصية نحو الله والوطن ونحوالنفس ونحو الاخرين ...

لا ترى في هذا المخيم الا ارضا نظيفة وحركة منتظمة وهنداما نظيفا يسر الناظرين .. وهذا - وكما تعلمون - ليس مألوفا في الاماكن التي يتجمع فيها الاطفال حتى لو توفرت فيها كل المرافق والخدمات ... فشكرا والف شكر مني ومن رفاقي في اللجنة الشعبية لخدمات مخيم الفارعة وممثلي المؤسسات والفعاليات الى جمعية الكشافة ولطاقم التدريب وللاطفال الذين قالت لنا عيونهم وبصدق: كلنا للوطن ومن هنا تكون البداية.

ومن ارض مركز الشهيد صلاح خلف حثثنا الخطى متجهين الى مدرسة ذكور الفارعة الاساسية حيث تقيم مؤسسة "الامديست" مخيمها الصيفي بالتعاون والتنسيق مع وكالة الغوث .. وهناك استقبلنا مدير هذا المخيم الاستاذ "خالد زحالقة" وشرح عن المنهجيات المستخدمة ثم الاهداف التي اقيم هذا المخيم لتحقيقها وعلى رأسها تنمية المهارات اللغوية الانجليزية للمشاركين هذا بالاضافة الى العديد من ورش العمل التي وزعت بعناية داخل قاعات المدرسة لتحقيق الاهداف المرجوة من هذا المخيم ...

المنهجية المميزة التي يعمل من خلالها مركزوا مخيم الامديست الصيفي تحقق – كما علمنا- هدفين هامين وهما ايضا من الاحتياجات التي يعالجها برنامج المخيم فبالاضافة الى تنمية مهارات اللغة الانجليزية يقوم المدربون بترسيخ هذه المهارات عن طريق التجارب العلمية المستوحاة من المناهج المدرسية ثم تعاد صياغتها ويطبقها الاطفال باشراف ومراقبة خاصة ويرافق ذلك شرح وتعريف بخطوات التجارب باللغة الانجليزية وهذا يحقق الهدفين سوية ... حيث لم يغفل مشرفو المخيم عن اثبات ما ذكر بعمل اختبارات عشوائية للمشاركين ولم نخف اعجابنا بما قدمه لنا الاطفال ...

مخيم الامديست الصيفي والذي يتم تنفيذه في مخيم الفارعة يضم تسعين طفلا من ثلاث فئات عمرية تم توزيعهم على ورش العمل والمحطات بما يتناسب مع قدراتهم واستيعابهم وذلك باشراف احد عشر معلما من اصحاب الخبرات العلمية واللغوية .... ولم يغب عنا ان نسأل القائمين على هذا المخيم عن المقاييس التي يسمح من خلالها للاطفال بالمشاركة في مثل هذا المخيم المتخصص فأشاروا الى ان المعدل العام للطالب اضافة الى علامته في مبحث اللغة الانجليزية هي المحددات الاساسية للمشاركة.

قدم وفدنا شكره للاستاذ المشرف والى طاقم العمل في هذا المخيم واتجه الجميع صعودا الى مخيم "نور العين" الصيفي والذي تنفذه الجمعية المحلية للتاهيل المجتمعي في مدرسة ذكور الفارعة الثانوية ويستهدف الاطفال المعاقين دمجا مع الاطفال غير المعاقين ....

هنا وما ادراك ما هنا ... كان مسك الختام ... فمنذ اللحظة الاولى لدخولنا مخيم نور العين حظيت عيوننا برؤية ما لم تتوقعه عقولنا ... فكما اسلفنا فان هذا المخيم يستهدف شريحة من ذوي الاحتياجات الخاصة التي يعتبرها الكثيرون فئة عاجزة غير منتجة .. وتحرم عادة من نيل ابسط حقوقها في المشاركة او الاستهداف ... اما هنا فقد نالت هذه الشريحة حظا وافرا من الاهتمام والرعاية ... لا بل ومنحت فرصة كبيرة لتعبر عن ذاتها وتعمل بيديها وترسم ما يجول في خاطرها ... كل ذلك بفضل مشاركتهم في مخيم نور العين...

الداخل الى المخيم لا يحتاج الى كثير من المساعدة ليعرف حجم التفاعل بين المؤسسات الاهلية والوطنية والدولية في سبيل تحقيق هدف الدمج الحقيقي للمعاقين من خلال المخيمات الصيفية، نعم يعرف ذلك من اللافتة المتربعة على البوابة الرئيسة للمدرسة والتي تقول ان هذا العمل هو نتيجة تضافر جهود وامكانيات الجمعية المحلية للتاهيل المجتمعي كجهة متخصصة في التخطيط والتنظيم والادارة اضافة الى برنامج النوع الاجتماعي بوكالة الغوث وجمعية اغاثة اطفال فلسطين كجهتين راعيتين، حيث عمل الجميع هنا لاخراج مخيم بهذا الاختصاص وتلك الابداعات...

لقد وقع الاختيار هنا على الآنسة سمر شاهين صاحبة الاعاقة الحركية والعقل المتفتح على ان تكون مديرة للمخيم الصيفي وهي نفسها التي نالت قبل ايام جائزة تقديرية في مراثون المعاقين الذي نظم في منطقة رام الله ...

صحبتنا مديرة المخيم في جولة خلال قاعات ومحطات نور العين لتطلعنا على الانشطة والبرامج التي يتم العمل عليها هنا وسهر على إعدادها واخراجها بصورتها الحالية طاقم العمل والاشراف الاداري في الجمعية.... كانت هناك أيدٍ تعمل بصمت فمن هذه الجهة ترى خيوطا واسلاكا وشريطا لاصقا او قطعة قماش ثم لا تلبث ان ترى في الناحية الاخرى مزهريات جميلة او براويز او اشكالا تكاد تخلو منها القصور بجمالها ودقة صنعها ... وكانت هناك حلقات اخرى للالعاب الشعبية ومحطة في ناحية اخرى للترفيه واكتشاف المواهب الفنية ... اما الطابق العلوي للمبنى فقد خصصه القائمون على مخيم نور العين الصيفي ليكون معرضا يتم تنسيقه بعناية واتقان تضاف اليه الابداعات اليومية لزوايا الاشغال اليدوية والفنون لينمو ويكبر يوما بعد يوم كدليل لا يقبل التفسير او التاويل على ان الاعاقة لا تلغي الطاقة ... وعندما هممت ورفاقي بمغادرة المخيم دعتني مديرة المخيم لاحتساء فنجان من القهوة ثم لأوقع في سجل زوار المخيم ... فكتبت ما لم يكن بدعًا مما كتب وهو ما حضرني ساعتها : "ادفع عمري لمن يجعل طفلا باكيا يضحك".