الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

ورشة عمل متخصصة لتطوير نظام عدالة الأحداث في فلسطين

نشر بتاريخ: 15/07/2010 ( آخر تحديث: 15/07/2010 الساعة: 16:19 )
رام الله- نظمت وزارة الشؤون الاجتماعية وبالتعاون مع بعثة الشرطة الأوروبية والاتحاد الأوروبي ورشة عمل أمس حول تطوير نظام عدالة الأحداث في فلسطين.

وحضر الورشة وزيرة الشؤون الاجتماعية ماجدة المصري ووكيل وزارة العدل خليل كراجة وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة والشرطة الفلسطينية ونقابة المحامين ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" وجمع من المهتمين ومندوبي عدد من الوزارات والهيئات الحكومية، والمنظمات الأهلية والدولية العاملة في مجال الدفاع عن الطفولة وحقوق الإنسان وموظفي وزارة الشؤون الاجتماعية وركز النقاش في هذه الورشة على الوثيقة التي أعدها الخبير الوطني نادر سعيد حول واقع عدالة الأحداث في فلسطين.

وبدأت الورشة بعزف النشيد الوطني الفلسطيني والوقوف دقيقة صمت إجلالا لأرواح الشهداء، تلتها كلمة من عماد عمران مدير مركز دار الأمل للملاحظة الاجتماعية رحب فيها بالحضور وتحدث فيها عن أهمية هذه الورشة لتطوير البرامج والخطط الوطنية في التعامل مع هذه الشريحة الواسعة من المجتمع الفلسطيني.

وألقت الوزيرة المصري كلمة أوضحت فيها أن جهود وزارتها لتطوير نظام عدالة الأحداث تأتي في سياق توجهات وجهود السلطة الوطنية والحكومة الفلسطينية التي أكدت على أن قضايا حقوق الإنسان المتعلقة بالقطاع الاجتماعي أصبحت أكثر إلحاحا، وكذلك الحاجة لوضع سياسات واستراتيجيات واضحة لدعم مجموعة النساء والأطفال، لتعزيز وصون حقوق الإنسان وكذلك حقوق المواطن وحرياته الأساسية، حيث تشكل حقوق الطفل جزءاً مهماً من هذه الحقوق.

وقالت المصري أن الاحتلال الإسرائيلي هو المسؤول الأول عن إيجاد الظروف القاسية والصعبة في الميادين السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي يعيشها الإنسان الفلسطيني بشكل عام والأطفال بشكل خاص، والتي تترك آثارا كبيرة وسيئة على نفسية الأطفال وميولهم لاسيما وهم يشاهدون عنف الاحتلال وجرائمه وممارساته القمعية تحيط بهم في كل مكان، في البيت والمدرسة والشارع

وأضافت أن السلطة الوطنية الفلسطينية أكدت التزامها بالمواثيق الدولية حول الطفولة والأطفال في ظروف صعبة ومن هم بحاجة للحماية، حيث تكفل مواثيق حقوق الطفل معاملة كريمة وإنسانية للأطفال الذين يواجهون ادعاءات أو تهم لمخالفتهم القانون، وهم من يطلق عليهم مصطلح "الأطفال في تماس مع القانون" تماشياً مع فهم موسع إنساني لوضع هؤلاء الأطفال، حيث نصت اتفاقية حقوق الطفل على أن تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل يدعى انه انتهك القانون أو يتهم بذلك أو يثبت عليه، في أن يعامل بطريقة تتفق مع رفع درجة إحساس الطفل بكرامته وقدره، وتراعي سنه وأهمية تشجيع إعادة اندماجه وقيامه بدور بناء في المجتمع.

وألقى خليل كراجة وكيل وزارة العدل كلمة قال فيها أن وزارة العدل تعمل على متابعة ومراقبة حسن سير وتطبيق القوانين كما تقوم إستراتيجيتها على عدد من المحاور أبرزها تقديم الدعم التشريعي لتهيئة البيئة المناسبة لتحقيق العدالة، والمساهمة في تطوير التشريعات من خلال السياسة التشريعية للقوانين لمواكبة التطورات والمستجدات.

وأوضح أن من أهم آليات إصلاح عدالة الأحداث على المستوى القانوني يتمثل في سن قانون خاص بالمعاملة الجنائية للأحداث متضمنا القواعد الموضوعية والإجرائية اللازمة، والتركيز على جوانب العدالة الإصلاحية للأحداث من دون المحاكمة التقليدية وأن يتم التوسع في الأخذ بالتدابير التربوية دون العقوبات، وحظر حبس الأحداث قيد التحقيق إلا كملاذ أخير ولقصر فترة ممكنة، وإنشاء ضابطة قضائية تسمى شرطة الأحداث، وصولا إلى التأكيد على أهمية وجود محاكم خاصة بالأحداث.

وألقى أحمد الأشقر كلمة باسم مجلس القضاء الأعلى نقل فيها تحيات رئيس المجلس المستشار فريد الجلاد للمشاركين منوها إلى أهمية هذه الورشة والنتائج التي ستتمخض عنها، وقال أن مجلس القضاء الأعلى يولي أهمية كبيرة لقطاع الأحداث، ويحرص على الانسجام والتكامل بين القوانين التي تعالج موضوع الأحداث والمواثيق الدولية مع مراعاة الخصوصية الفلسطينية، ومع عمل اللجنة التوجيهية لعدالة الأحداث، وقال أن الأحداث بحاجة إلى علاج اجتماعي ونفسي وليس إلى العقاب، مؤكدا أن المدرسة الاجتماعية هي الأساس الذي يجب أن يقوم عليه قانون الأحداث، مع إمكانية معالجة الحدث ضمن المجتمع.

كما تطرق إلى جملة من الضمانات التي يوفرها القانون الفلسطيني لصالح الحدث ومن بينها تبني النظرة الاجتماعية الشاملة، وسرية المحاكمة، والحفاظ على سمعة وكرامة الطفل، وعدم تقييد الحدث إلا في حالات التمرد.

وتحدث أحمد براك رئيس النيابة العامة عن ضرورة إنشاء نيابة عامة متخصصة للأحداث داعيا إلى الاستفادة من الدراسة القيمة التي أعدها الدكتور نادر سعيد، كما استعرض بعض محطات الاهتمام الفلسطيني بموضوع عدالة الأحداث وبخاصة توقيع منظمة التحرير الفلسطينية على اتفاقية الطفل العربي، وقانون الطفل الفلسطيني الذي تضمن المعايير الحديثة للطفل من حيث المعاملة.

بدوره تحدث الرائد فياض الحريري عن دور الشرطة الفلسطينية في التعامل مع قضايا الأحداث حيث جرى استحداث شرطة خاصة للأحداث، وإنشاء إدارة حماية الأسرة، ويجري العمل على تطبيق القانون بالفصل بين الأحداث والأشخاص البالغين في أماكن التوقيف.

وألقى مارك غيلير ممثل الاتحاد الأوروبي كلمة تحدث فيها عن أهمية سيادة القانون والتدريب المستمر لعناصر الشرطة والجهاز القضائي والتنسيق القائم مع الحكومة الفلسطينية ووزارة الشؤون الاجتماعية.

وأعرب غيلير عن سعادته للاهتمام الذي تبديه مؤسسات السلطة وجديتها في التعامل مع قطاع عدالة الأحداث انسجاما مع المعايير الدولية والحديثة، كما أبدى استعداد الاتحاد الأوروبي لتمويل الجهود الرامية لتطوير هذا القطاع.

من جانبه تحدث نيكولاس روبسون ممثل بعثة الشرطة الأوروبية فشكر الوزيرة المصري على الجهود التي تبذلها لتطوير نظام عدالة الأحداث وثمن الدراسة التي قدمها الخبير الوطني الفلسطيني نادر سعيد، وقال أن بعثة الشرطة الأوروبية تنسق بشكل حثيث مع العديد من المؤسسات الفلسطينية لتطوير وتعزيز نظام عدالة الأحداث وبناء وتطوير شرطة الأحداث وأماكن خاصة للتوقيف، معربا عن أمله في أن تشكل الورشة قاعدة قوية لبناء هذا المشروع.

وبعد قيام الدكتور نادر سعيد بعرض الخطوط العريضة للوثيقة التي أعدها والتي كانت محور النقاش في الورشة تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات عمل وقدمت هذه المجموعات توصياتها التي تركزت على ضرورة الشروع الفوري بوضع خطة وطنية لقطاع الأحداث، وتطوير عمل اللجنة التوجيهية التي تقود الجهود في هذا المجال والمشكلة من عدد من الوزارات والهيئات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني.

كما أوصى المشاركون بضرورة إيجاد قانون فلسطيني عصري خاص بالأحداث يراعي الواقع الفلسطيني والتطورات التي يشهدها مع مراعاة المعايير الدولية، وتوفير الإمكانيات والاحتياجات الضرورية لعمل مؤسسات رعاية الأحداث وموظفي رقابة السلوك، ومواءمة المباني وإيجاد مؤسسات جديدة ضمن المعايير الخاصة واتفاقية بكين، وكذلك إيجاد نظام تحويل ومتابعة يضمن السرعة في الإجراءات في كل المراحل التي يمر بها الحدث، والتعامل مع قضايا الأحداث باعتبارهم ضحايا وليسوا مجرمين، والنظر لقضايا الأحداث على وجه الاستعجال، فضلا عن ضرورة رصد الموازنات اللازمة والضرورية لهذا القطاع ووضع مسألة العدالة التصالحية موضع التنفيذ كفكرة جديدة تستحق الاهتمام والتطوير.