الإثنين: 18/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

مركز حقوقي يدحض إدعاءات الداخلية حول عدم التمييز في إصدار الجوازات

نشر بتاريخ: 27/07/2010 ( آخر تحديث: 27/07/2010 الساعة: 17:25 )
بيت لحم-معا- ادان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان استخدام وزارة الداخلية في الحكومة الفلسطينية في رام الله ما اسماها سياسة التمييز في إصدار جوازات السفر للمواطنين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، وتدخل جهاز المخابرات العامة في هذا الشأن.

وطالب المركز وزارة الداخلية بالامتثال للقانون الفلسطيني، وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء السياسي، أو زجهم في أتون حالة الانقسام السائدة منذ ثلاثة أعوام، وبالتالي التراجع عن سياساتها المتبعة حالياً في إصدار جوازات السفر، وبخاصة أن الوزارة المذكورة أعلنت أكثر من مرة (أن جواز السفر الفلسطيني هو حق طبيعي لكل مواطن، وهو حق يكفله القانون باستكمال تقديم الوثائق والمستندات المحددة والمعلنة التي نص عليها النظام دون أية إضافات أو شروط أخرى).

ففي تحقيقات المركز وفي أعقاب تلقي المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان شكاوى من عدد من المواطنين الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، ادعوا فيها أن وزارة الداخلية في رام الله ترفض إصدار جوازات سفر لهم على خلفية انتمائهم السياسي (حركة حماس)؛ توجه منسق أعمال المركز في الضفة الغربية بتاريخ 23/6/2010 إلى وزارة الداخلية للتأكد من مدى صحة هذا الادعاء، وللاستفسار حول أسباب عدم صرف جوازات سفر للمشتكين.

وفي حينه، أفاد مدير عام الإدارة العامة للجوازات في الحكومة الفلسطينية في رام الله، أحمد صافي، بأن وزارة الداخلية تُقِرُّ بحق أي مواطن فلسطيني بالحصول على جواز سفر بمعزل عن انتمائه السياسي.

وحدد الحالات التي تحول دون صرف جوازات السفر، وهي: إما بقرار من المحكمة، أو من النائب العام، أو من الشرطة، وفي حال شَكِّ الجهات المختصة (أمن المؤسسات) في وزارة الداخلية بصحة المعلومات الواردة في الطلب. وذكر أن قرارات المحاكم والنائب العام تتعلق بالقضايا الجنائية فقط. وفي حينه طلب صافي من منسق أعمال المركز تزويده بقائمة بأسماء الأشخاص الذين لم تمنحهم الوزارة المذكورة جوازات سفر.

وفي تاريخ 27/6/2010، توجه منسق أعمال المركز إلى مكتب مدير عام الإدارة العامة للجوازات، وسلمه قائمة بأسماء ستة مواطنين.

وقد أجرى السيد صافي فحصاً على جهاز الحاسوب الموجود في مكتبه، وذكر أن معاملات الأشخاص المذكورين غير مسجلة لدى الوزارة، ما يعني عدم وصولها إليها أصلاً.

ووجه منسق أعمال المركز إلى السيد عبد المجيد عودة، مدير دائرة طباعة جوازات غزة، وفحص الموظف المذكور، وبحضور مدير جوازات غزة، على جهاز الحاسوب أيضاً عن طلبات المواطنين المذكورين، إلا أنه أفاد بعدم وصول طلباتهم إلى إدارة الجوازات.

وأكد الموظفون الثلاثة أن أي طلب يصل إلى الوزارة، بما في ذلك إلى مكتب جهاز المخابرات العامة الموجود في داخل مباني وزارة الداخلية في مدينة رام الله، يجري تقييدها في سجلات الإدارة، بما في ذلك طلبات الأشخاص المرفوضة. ووفق تلك الأحاديث فإن طلبات المشتكين لم تصل إلى الوزارة المذكورة أيضاً.

وفي تاريخ 6/7/2010، توجه منسق أعمال المركز، وقدم طلباً بصفته الشخصية والوظيفية بالوكالة عن أحد المواطنين إلى مكتب جهاز المخابرات العامة داخل مبنى وزارة الداخلية. وفي تاريخ 11/7/2010، وعند مراجعته موظفي مكتب الجهاز أفادوا بأن طلب المواطن المذكور مرفوض، ولم يكشفوا عن أسباب الرفض، واكتفوا بالقول (أن معظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، تشترط حصول المواطن المتقدم بطلب لاستصدار جواز سفر على "شهادة حسن سير وسلوك"!!). وتبين أن هذه المرة هي الثانية التي يتقدم بها المذكور بطلب للحصول على جواز سفر جديد، ويتم رفض طلبه.

وفي تاريخ 11/7/2010، قدّم منسق أعمال المركز طلباً بصفته الشخصية والوظيفية بالوكالة عن سبعة مواطنين اخرين إلى مكتب جهاز المخابرات العامة داخل مبنى وزارة الداخلية. وفي تاريخ 13/7/2010، وعند مراجعته مكتب الجهاز أفادوا بأن طلبات أربعة منهم مرفوضة، ما يرفع عدد الطلبات المرفوضة إلى خمس طلبات من أصل ثمان طلبات، بينما لا توجد موانع أمنية على الثلاثة الأخيرين. وفي اليوم التالي توجه منسق أعمال المركز إلى مكتب جوازات غزة في مبنى وزارة الداخلية لتسليم الطلبات الثلاث الموافق عليها، إلا أن الموظف المسؤول عن استلامها حوَّله إلى مكتب الاستخبارات العسكرية كون اثنين من المعنيين موظفين حكوميين !!

وفي أعقاب ذلك، وبعد مواجهة المسؤولين في وزارة الداخلية، والذين سبق لمنسق أعمال المركز وأن قابلهم بهذا الشأن، بالحقائق التي نفوها في الزيارات السابقة، أفادوا بأنهم جهات تنفيذية داخل الوزارة، وأن عليه مقابلة عطوفة وكيل وزارة الداخلية، حسن علوي. وعلى الفور، توجه المنسق إلى مكتب الوكيل، إلا أنه لم يتمكن من مقابلته كونه خارج في مكتبه في ذلك الوقت.

وفي صباح يوم الأربعاء الموافق 13/7/2010، توجه منسق أعمال المركز إلى عطوفة وكيل وزارة الداخلية، وقدم شرحاً له حول الخطوات السابق ذكرها، وسلمه صورة عن الطلب الذي تقدم به إلى مكتب جهاز المخابرات العامة، ووعده بالاتصال به، والرد عليه إما في ساعات الظهيرة، أو في صباح اليوم التالي. وفي حوالي الساعة 9:00 صباح يوم الخميس الموافق 15/7/2010، توجه منسق أعمال المركز إلى مكتب وكيل وزارة الداخلية، إلا أنه لم يتمكن من مقابلة وكيل الوزارة لانشغاله في اجتماعات داخلية. وفي حوالي الساعة 11:00 صباح اليوم المذكور عاد منسق أعمال المركز إلى وزارة الداخلية، وقام وكيل الوزارة بتسليمه صورة الطلب الذي قدمه إليه في اليوم السابق، وشرح عليه (يتم إنجازها بموافقة معالي). وفي اليوم نفسه، قام المنسق بتسليم طلبات المواطنين الخمسة التي تم رفضها سابقاً.

وفي تاريخ 25/7/2010، توجه منسق أعمال المركز إلى دائرة جوازات غزة في وزارة الداخلية في رام الله لاستلام جوازات السفر، إلا أنه تفاجأ بوقف معاملات الجوازات الثمانية، بما في ذلك الجوازات الثلاثة التي جرت الموافقة عليها في وقت سابق. وقام المنسق بمراجعة مدير عام الإدارة العامة للجوازات، وإدارة جوازات غزة، حول هذا الشأن عدة مرات خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، كان آخرها في حوالي الساعة 10:30 صباح هذا اليوم، الثلاثاء الموافق 27/7/2010 حيث جرى إبلاغه أن سبب منع إصدار جوازات سفر للأشخاص الذين قدمت طلباتهم يعود "لعدم التزامهم بالشرعية".

ويشير المركز إلى أن أحد المواطنين الذين رفضت طلباتهم يعاني من فشل كلوي مزمن ويعالج بالديلزة (الغسيل الدموي) مرتين أسبوعياً، ولديه تقرير بذلك صادر عن قسم الكلية الصناعية في مستشفى الشفاء في مدينة غزة. كما أن لديه تحويل من دائرة العلاج التخصصي في وزارة الصحة إلى مستشفى معهد ناصر في جمهورية مصر العربية منذ تاريخ 5/7/2010 لزراعة كلية.

يشار إلى أن وزارة الداخلية في رام الله قد أصدرت بتاريخ 12/7/2010 بياناً ذكرت فيه (أن وزارة الداخلية تؤكد على أن جواز السفر الفلسطيني هو حق طبيعي لكل مواطن، وهو حق يكفله القانون باستكمال تقديم الوثائق والمستندات المحددة والمعلنة التي نص عليها النظام دون أية إضافات أو شروط أخرى. وأن مسؤوليتنا جميعا أن نحافظ على هذا الحق، وفي ذات الوقت أن نحافظ على مصداقية وجودة جواز السفر).

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، ومن خلال متابعته لهذه القضية العينية، يود التأكيد على ما يلي:

أولاً: رغم إصدار وزارة الداخلية في رام الله ما يزيد عن خمسمائة جواز سفر يومياً لمواطنين فلسطينيين من سكان قطاع غزة، إلا أن إجراءات إصدارها تمر ضمن سلسلة طويلة ومعقدة.

ثانياً: تسوق وزارة الداخلية مبررات عديدة لإجراءاتها، وبخاصة في مجال تشخيص المواطنين الذين يتقدمون بطلبات لاستصدار جوازات سفر.

ثالثاً: اتضح للمركز، وبشكل قاطع، أن جهاز المخابرات العامة هو الجهة التي تقرر منع أو منح إصدار جوازات سفر للمواطنين، وأن وزارة الداخلية تلتزم بشكل قطعي بقرارات الجهاز المذكور، وليس العكس.

رابعاً: لم يفصح جهاز المخابرات العامة عن المعايير المتبعة لديه في اتخاذ قراراته سوى إصدار جُمَلٍ عامة مثل "مسؤولية الأجهزة الأمنية عن حماية شعبنا"!! أو أنه يتطلب مثول الأشخاص المرفوضة طلباتهم أمام موظفي الداخلية ... إلخ أو حصولهم على شهادة (حسن سير وسلوك)؛ أو "عدم التزامهم بالشرعية" !!

خامساً: إن الطلبات التي تقدم بها المركز تمثل حالة عينية، ويعكس رفضها أعداد المواطنين المحرومين تعسفاً من حقهم في الحصول على جواز سفر، استناداً للقانون المحلي وللمعايير الدولية لحقوق الإنسان.

وبناء على ما تقدم، فإن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان يجدد مطالباته السابقة والمتكررة بتحييد المواطنين الفلسطينيين وعدم زج مصالحهم وحقوقهم في أتون الصراع الدائر بين حركتي (فتح) و(حماس).

وفي هذا الصدد، يطالب المركز الحكومة الفلسطينية في رام الله بالامتثال للقانون وإصدار جوازات السفر في ضوئه، وبعيداً عن التجاذبات السياسية.