الثلاثاء: 24/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

في القاهرة- مع القاهرة- عن القاهرة- هل يفكر الرئيس بما نفكر به؟

نشر بتاريخ: 31/07/2010 ( آخر تحديث: 31/07/2010 الساعة: 23:38 )
القاهرة- رئاسة التحرير- لم يعط الاعلام العربي- عمدا او جهلا- ما جرى في القاهرة في الايام الماضية حقه في التغطية والتحليل، فيما يمكن القول ان ما حدث كان أشبه "بغزوة" سياسية قاسية على صعيد الموقف العربي من اسرائيل.

ورغم ان الفلسطينيين خاضوا حروبا قاسية مع الاشقاء العرب دفاعا عما وصفوه (استقلالية القرار الفلسطيني) فكانت احداث ايلول الدامية في الاردن عام 1970 وكانت معركة تل الزعتر 1976 مع الجيش السوري وكانت الحرب الاهلية في لبنان 1978 ومغدوشة عام 1983 وغيرها، رغم ذلك الا ان الرئيس ابو مازن قرر اللعب بالعد العكسي، فحمل القرار الفلسطيني المستقل واعاده للعرب في لجنة المبادرة المنبثقة عن الجامعة العربية ليعرض عليهم ( الحصار ) ضد السلطة من اجل الضغط عليها للعودة للمفاوضات المباشرة.

والحقيقة ان معظم الجمهور العربي كان يعرف ان العرب من اقصى يسارهم الى اقصى يمينهم لن "يخذلوا" الولايات المتحدة وسيطالبون ابو مازن بالذهاب الى المفاوضات المباشرة، الا ان البعض توقع منهم بعض الدلال وان يتريثوا قليلا في اعلان هذا القرار ... ولكن الدول العربية وعلى رأسها قطر وسوريا وباقي الدول العربية كانت اسرع مما اعتقد المحللون في حث رئيس السلطة على القبول بما تريده امريكا!!.

وقد شارك الرئيس محمود عباس الثلاثاء الماضي في اجتماع وزراء الخارجية العرب الأعضاء في لجنة المتابعة العربية الخاصة بمبادرة السلام العربية والذى عقد بمقر الجامعة العربية بالقاهرة.

وكانت اللجنة التي تضم ممثلين عن 13 دولة عربية عقدت اجتماعا الثلاثاء بحضور الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى بهدف اتخاذ القرار اللازم بما يخص عملية السلام والاطلاع على نتائج الاتصالات التي تجريها القيادة الفلسطينية وعلى الأفكار الأمريكية المتعلقة بعملية السلام والمفاوضات.

وقد هاجمت التنظيمات الفلسطينية لجنة المتابعة العربية بسبب موافقتها على اجراء مفاوضات مباشرة مع اسرائيل، وقالت ان قرارها بهذا الامر يعد "رضوخا" للضغوط الامريكية، فيما رحبت اسرائيل بالقرار ودعت الى مفاوضات مباشرة على مستوى "صناع القرار".

واشارت حركة حماس الى ان موقف لجنة المتابعة العربية بالموافقة على استئناف المفاوضات المباشرة مع اسرائيل يعد "رضوخا لسياسة الامر الواقع التي يفرضها الاحتلال الصهيوني، وانصياعا لضغوط ادارة الرئيس (باراك) اوباما المنحاز للاحتلال لحسابات انتخابية داخلية".

وكانت لجنة المتابعة العربية منحت تفويضا للرئيس محمود عباس بالدخول في مفاوضات مباشرة مع اسرائيل، لكنها اكدت على ضرورة توافر متطلبات بدئها، تاركة تحديد موعد انطلاقها لابو مازن، ووجهت في اعقاب اجتماعها اول امس بالقاهرة رسالة للرئيس الامريكي باراك اوباما تتضمن شرحا للموقف العربي في شأن بدء المفاوضات المباشرة والاسس والثوابت التي يجب توافرها في عملية السلام.

وجددت حركة الجهاد الاسلامي رفضها لانطلاق المفاوضات، وقال خالد البطش القيادي خلال مسيرة نظمت تنديدا بقرار لجنة المتابعة العربية "كنا نتوقع من امتنا ومن قادة دول العالم العربي ان يتحركوا لحماية هذا الشعب وان يفكوا الحصار عنه وان يقفوا بجانب الحق الفلسطيني".

واضاف "فبدلا من ان يعاقب هذا العدو على جرائمه، وبدلا من ان تعزل اسرائيل على ايدي العرب نرى العرب مرة اخرى، ممثلين بلجنة المتابعة العربية تقدم طوق النجاة للمحتل الصهيوني وحكومته المتطرفة".

واشار الى ان لجنة المتابعة تحولت من لجنة لاسناد الحق الفلسطيني الى لجنة لكي تنفذ "مخططات الولايات المتحدة الامريكية، وترضي طموح نتنياهو وليبرمان في تشديد الحصار على الشعب الفلسطيني".

يشار الى ان محمد دحلان مفوض الاعلام في حركة فتح قال ان حركته لا تزال تطالب بضرورة الحصول على ضمانات قبل الانتقال للمفاوضات المباشرة.

وقال معقبا على نتائج اجتماع لجنة مبادرة السلام العربية في القاهرة، "موقفنا لم يتغير وما زلنا متمسكين بضرورة الحصول على ضمانات قبل الانتقال الى المفاوضات المباشرة".

عبد الباري عطوان وتحت عنوان مبروك استئناف المفاوضات يدعو لحل السلطة وكتب يقول : حتى ان السيد عمرو موسى امين عام الجامعة لم يكن "مفوها" كعادته في "نحت" مخارج جديدة لانقاذ ماء وجه النظام الرسمي العربي بعد هذا التراجع . المعادلة القديمة ما زالت على حالها، اسرائيل تطلب، امريكا تتبنى، والانظمة العربية تنفذ باذعان مخجل ودون اي مناقشة لهذه الطلبات الامريكية ـ الاسرائيلية ".

تعالوا نسأل: ماذا لو قال الفلسطينيون 'لا' للطلب الامريكي باستئناف المفاوضات المباشرة، والضغوط الامريكية المرافقة له؟ وماذا لو قال العرب الشيء نفسه اي 'لا' كبيرة؟.

ويضيف " فانهيار السلطة الفلسطينية او حلها قد يكون اكبر انجاز يحققه الفلسطينيون في مسيرة مقاومتهم. فعلينا ان نتخيل وضع الضفة الغربية في حال عودة المقاومة والعمليات الاستشهادية اليها، او القنابل الموقوتة على جوانب الطرقات المؤدية الى المستوطنات او تلك التي يستخدمها الجيش الاسرائيلي مثلما هو حادث حالياً في العراق وافغانستان؟".

ويقول : أصبحنا كعرب 'أضحوكة' في نظر جميع شعوب الأرض، فجميع الامم الاخرى 'تقاوم' من اجل كرامتها وقضاياها الوطنية الا نحن، نستمرئ الهوان والاذلال بل ونستمتع به، خاصة اذا جاء من امريكا واسرائيل.

في الماضي القريب، كانت الأنظمة العربية تضحي بمصالح شعوبها ورفاهيتها من أجل قضية فلسطين التي تجسد اسمى معاني الكرامة العربية، الآن باتت هذه الأنظمة تضحي بقضية فلسطين ليس من أجل مصالح شعوبها، وانما من أجل مصالحها هي واستمرارها في الحكم.

اما حافظ البرغوثي رئيس تحرير صحيفة الحياة الجديدة فيتفق مع عبد الباري عطوان في النتيجة وان اختلف معه في التحليل فيقول تحت عنوان مفاوضات صورية : حتى الآن ليس ثمة ما يبرر الدخول في مفاوضات مباشرة لأن الموقف الاسرائيلي لم يتغير مطلقاً، فكل ما هناك أن ثمة حاجة أميركية اسرائيلية وربما عربية لإحداث جعجعة على المسار الفلسطيني دون طحن،.....فالمفاوضات المباشرة ستكون عبثية اذا لم تستند الى المرجعية وستكون غطاء لمعارك أميركية ? اسرائيلية في المنطقة لا ناقة لنا فيها ولا بعير ولا برميل.

إذ لا يجب أن نجد أنفسنا لخدمة جبروت القوة الاسرائيلية وغطرسته ولا للسياسة الاميركية اذا لم يكن هناك مقابل على الأرض، فالسياسة الاسرائيلية تتوحش استيطانياً كل يوم، وما التجميد إلا مسرحية صورية والسياسة الاميركية في العراق وأفغانستان تعاني الفشل ويجب انتهاز هذه الظروف للمصلحة العربية وليس تجهيزنا لخدمة هذه السياسات، فإما أن تكون هناك تبادلية وإما لا. ففي حديث أمام الصحفيين المصريين في القاهرة قال الرئيس مازحاً «إنه إذا لم تسر الأمور فإنه سيخلع» ولا أظنها مزحة، بل هي حقيقة لأن الحديث أيضاً دار حول حل السلطة أيضاً، فالموقف العربي عملياً يساهم في ذوبان وحل السلطة لأنه لا يدعمها مادياً، فيما تمارس الدول المانحة الأجنبية ضغوطاً عليها، وحل السلطة ليس حاجة فلسطينية لكنه قد يحدث لإهمال عربي الذي لم يدفع فلساً من أجل القدس ولم يسدد سوى 10 في المائة من التزاماته المالية للسلطة، وفي حالة تدمير السلطة بإهمال عربي ورغبة اسرائيلية فليكن الطوفان الاسرائيلي على الجوار العربي.

ومن " الاسرار " التي نقلت عن اجتماعات لجنة المتابعة العربية تهافت بعض ممثلي الدول العربية " المقاومة " على دفع رئيس السلطة للعودة الى المفاوضات مع نتانياهو وانهم كانوا رأس الحربة في تبني مواقف " الاعتدال " بينما هم وامام كاميرات الفضائيات لا يزالوا يطالبون بالمقاومة !!

رئيس السلطة وبعد عودته من القاهرة بدا غير متفاجئ ابدا من الموقف العربي لا سيما وانه كرر اكثر من مرة امام السفراء العرب ان العرب لم يفوا بالتزاماتهم في دعم القدس ولا باي شكل وان الشعارات الكبيرة التي نسمعها في القمم العربية باتت للاستهلاك الاعلامي .

رئيس السلطة يكثر مؤخرا من التفكير المنفرد . وبدا - اقل من اي وقت مضى - يسعى للاستشارات ، فقد علّمته تجربة تقرير غولدستون ان الجميع قادة وابطال مقاومة على شاشات الفضائيات وانهم هم انفسهم اول من يدعو الى عدم اغضاب امريكا والى القبول بأي شئ ، وانهم يستسهلون تحميل الفلسطينيين مسؤولية كل شئ ، فالفلسطينيين ورئيسهم هم المتهم الانسب لكل الاتهامات ، وهم الضحية الاسهل لدى الجميع.

وقد اعرب الرئيس في جلسات مغلقة عن قناعته ان نتانياهو ليس لديه ما يقدمه في المفاوضات وان اسرائيل تدير ظهرها لعملية السلام ... فماذا سيفعل الرئيس ؟.