الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل انهارت مرجعية عملية السلام خلال 18 عاما من المفاوضات ؟

نشر بتاريخ: 02/08/2010 ( آخر تحديث: 02/08/2010 الساعة: 22:43 )
رام الله - معا - القيادة الفلسطينية تبحث عن ضمانات حقيقية للبدء بمفاوضات مباشرة مع الجانب الاسرائيلي، لكن من الواضح ان هذه الضمانات مازالت غير متوفرة لغاية الان ، ما يجعل القيادة الفلسطينية تتخذ موقف" الثبات السياسي" بخصوص مواقفها الرافضة قبول العودة للمفاوضات دون تحديد مرجعية واضحة لهذه العملية وتحديد جدول زمني ، اضافة الى وقف الاستيطان، ما يؤشر الى ان امكانية العودة للمفاوضات لن يكون قريبا.

مسؤولون فلسطينيون اكدوا لـ (معا)، انه رغم اختلال موازين القوى العسكرية لصالح اسرائيل، الا ان القيادة الفلسطينية تملك الكثير من الخيارات اقواها في هذه المرحلة تكمن في ممارسة الثبات السياسي ورفض الخضوع للضغوطات السياسية الساعية الى جرها الى مفاوضات بدون سقف زمني ومرجعية واضحة ووسط مواصلة اسرائيل للاستيطان .

وقال مسؤول فلسطيني مطلع على تفاصيل الجهود السياسية " استمرار اسرائيل للاستيطان دون مفاوضات افضل من ان تمارس اسرائيل ذلك تحت غطاء المفاوضات"، الامر الذي يشير الى موقف القيادة الفلسطينية الرافض للعودة في ظل الاستيطان بات يمثل خطا احمر لا يمكن للقيادة ان تتجاوزه باعتبار ان العودة للمفاوضات دون الزام حكومة نتنياهو بوقف الاستيطان سيمثل تشريعا فلسطينيا غير معلن لسياسته الاستيطانية .

وبينما تعمد القيادة الفلسطينية الى انتهاج سياسة الثبات السياسي على المستوى الخارجي ، فانها بدأت بحراك سياسي داخل من اجل تصليب موقفها من خلال عقد سلسلة اجتماعات بما في ذلك عقد المجلس المركزي للمنظمة باعتباره اعلى هيئة تشريعية فلسطينية واطلاعه على تفاصيل الجهود السياسية المبذولة لاتخاذ المواقف السياسية الملائمة، على ان يترافق ذلك مع البدء بتحركات سياسية واتصالات على المستوى العربي والدولي لشرح الموقف الفلسطيني خاصة ان اسرائيل وماكنتها الاعلامية ومنظومة علاقتها الدبلوماسية تسعى جاهدة لتحميل الجانب الفلسطيني مسؤولية تعثر المفاوضات.

وحسب ما تعلنه القيادة الفلسطينية فان الحديث عن المطالب الثالثة " تحديد مرجعية واضحة لعملية السلام، وتحديد جدول زمني للمفاوضات ، ووقف الاستيطان"، يكشف بوضوح عن مسائل بالغة الخطورة والاهمية ، فان مطالبة القيادة الفلسطينية بـ"مرجعية واضحة"، يدلل ان عملية السلام التي انطلقت منذ مؤتمر مدريد على ارضية الارض مقابل السلام وقرارات الشرعية الدولية 242 و388 و194مرورا باوسلو وخطة خارطة الطريق ومبادرة السلام العربية وانابولس، باتت بلا مرجعية الان الامر الذي يجعل العودة الى اية مفاوضات سياسية نوعا من العبث السياسي سيما ان المؤشرات تدلل على ان اسرائيل دمرت كل المرجعيات وابقت الاحتكام للقوى العسكرية هي سيدة الموقف، اما بخصوص المطالبة الفلسطينية بتحديد سقف زمني واضح للمفاوضات فان مرد ذلك يعود الى تجربة فلسطينية مريرة مع مفاوضات وصل عمرها 18 عاما دون نتائج للجانب الفلسطيني في حين ان اسرائيل "قوة الاحتلال نجحت في فرض حقائق جديدة على الارض طيلة هذه "المدة التفاوضية"، في حين ان المطالبة بوقف الاستيطان بما في ذلك القدس والتمسك الفلسطيني بهذا المطلب مرده اعتراف فلسطيني رسمي وغير رسمي بخطأ التفاوض طيلة السنوات في ظل استمرار اسرائيل للاستيطان ، الامر الذي يعني بانه في حال استمرار الفلسطينيين في المفاوضات يعني انهم قد يصلوا في نهاية المطاف الى مرحلة تحصر فيه اسرائيل المفاوضات حول مساحات قليلة جدا من الاراضي الفلسطينية في الضفة بعد ان تكون اخرجت كبرى المساحات من المفاوضات بحكم الامر الواقع.

القيادة الفلسطينية نجحت مؤخرا بتوجيه ضربة سياسية كان لها تداعيات على المستوى الاسرائيلي الداخلي حينما رفضت القبول البدء بالمفاوضات مع بداية الشهر الجاري حيث اعلن نتنياهو ان موعد المفاوضات سيكون بداية الشهر الا انه امام الرفض الفلسطيني والتمسك بالموقف السياسي اضطر نتنياهو للتراجع عن موقفه وسعى جاهدا لتبرير موقفه من خلال الحديث عن انه كان يتوقع حدوث ذلك، الامر الذي يكشف عن قدرة الفلسطينيين قول "لا" لاسرائيل وحتى للولايات المتحدة الاميركية خاصة عندما يتعلق الامر بثوابت وطنية لا يمكن التهاون او حتى المغامرة بسلوك طرق وعرة قد تعرضها للخطر ، ما يجعل خيار الثبات الواعي افضل 100 مرة من التحرك العشوائي غير المثمر.