الإثنين: 25/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

هل قررت حكومة اولمرت ان تضحي بالجندي الاسير لتحقيق برنامجها العسكري ؟؟

نشر بتاريخ: 29/06/2006 ( آخر تحديث: 29/06/2006 الساعة: 13:54 )
كتب رئيس التحرير ناصر اللحام - يستدل من التطورات الساخنة في الساعات الاخيرة ان تحوّلا قد طرأ على الموقف الاسرائيلي باتجاه الحل العسكري، وخصوصا بعد اعطاء البيت الابيض الضوء الاخضر لتل ابيب " بالدفاع عن نفسها " وهو مصطلح سياسي يعني التوجه مباشرة نحو الحل العسكري .

تشديد القصف على غزة، واختطاف حوالي 70 من وزراء ونواب وقادة حركة حماس في الضفة الغربية، يعيد الى الذاكرة طريقة حزب العمل واسحق رابين في التعامل مع الانتفاضة الاولى بداية التسعينات وابعاد اكثر من 400 من نشطاء حماس الى مرج الزهور، وهي خطوة عسكرية خشنة تسبق البحث عن حل سياسي اضطراري حين يعجز الحل العسكري .

كما ان اعتماد الفلسطينيين على فكرة رغبة اسرائيل في الحفاظ على حياة الجندي جلعاد شليط بأي ثمن، وعدم رغبتها في استفزاز المقاومة في غزة، تعتبر فكرة قديمة بعض الشئ، لان كل فكرة يمضي عليها ساعة او اكثر في مثل هذه الاوضاع تبدو قديمة، فجنرالات الحرب لا ينفكون يتحينون الفرصة لتحقيق برامج جاهزة في جوارير هيئة الاركان.

فالمخطط قديم وبدأ حين نشرت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية في 21 حزيران تقريرا تحت عنوان "قادة الارهاب نزلوا الى المخابيء" تسهب في وصف الية التصعيد العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة في محاولة جديدة لوقف اطلاق الفلسطينيين للصواريخ.

وبحسب الصحيفة فان الهجوم العسكري الاسرائيلي- قبل اسبوع من وقوع الجندي في الاسر - سيكون على مراحل واول هذه المراحل الهجوم الجوي على معسكرات ومؤسسات المنظمات وثانيها تركيز الاغتيالات باتجاه اشخاص محددين وثالثها الاجتياح البري والبقاء المستمر في مناطق القطاع, ورابعها اعادة احتلال القطاع.

وقالت الصحيفة ان تنفيذ هذه الخطوات يتعلق الآن بالفرصة المناسبة لذلك, وان قادة الجيش لن ينتبهوا كثيرا للمقبلات على طاولة غزة, بقدر ما سيتوجهون مباشرة الى الوجبة الرئيسية, والمهم لدى قادة الجيش, تجهيز الفرصة الآن, والاستخبارات اللازمة عن اهداف ثمينة في الطرف الاخر, حيث ان الجيش الاسرائيلي جاهز ومتجهز ومعتّد وجائع منذ مدة لعدم قيامه بالصيد وعدم رده منذ فترة على الصواريخ.

والجيش كما قالت الصحيفة لا يلزمه خطة جديدة, فالخطوة الاولى ستكون الهجوم من الجو على معسكرات التنظيمات وقواعد النشطاء ومن دون الحاجة للتواجد الارضي كما سيستخدم في البداية " نيران غير دقيقة نسبيا مثل المدافع وذلك لتحقيق الاهداف السيكولوجية من الهجوم منذ البداية, وسيعمل الجيش على استخدام قذائف ذات صوت عالي جدا مصحوبة بغارات جوية, وبالفعل فقد استدعيت المدفعية واكملت انتشارها حول غزة منذ الان, حيث سيشمل قصفها مكاتب وزارية ومقار عامة لحركة حماس ومعسكرات التدريب.

وفي المرحلة الثانية ستبدأ موجة الاغتيالات حيث ستكون مهمة جهاز الشاباك استكشاف مكان القيادات العسكرية والسياسية لحماس وللمنظمات الاخرى والهدف هو تحطيم كامل للجهاز العسكري لحماس والمنظمات الاخرى الى جانب المس بحياة كل من له صلة بشبكات اطلاق الصواريخ, مثل المهندسين والمصنّعين والناقلين والمرشدين والمستكشفين والمطلقين.

وتقضي الخطة ان اهداف الاغتيال يجب ان تكون كبيرة لتفي بغرض الردع كما سيكون هناك كمائن برية وقناصة بعد اغلاق غزة على اهلها ويدور الحديث عن 3 كم ولعدة اسابيع والوصول الى بيت حانون وبيت لاهيا ولاسابيع طويلة.

اذن قضية الجندي - جاءت - وكأنها هدية من السماء لحكومة اولمرت ، او على طريقة رب ضارة نافعة، ولكن لم يخطر ببال حكومة اسرائيل ان وسائل الاعلام ستخرج في موجات البث المباشر وان الصحافة ستجند الرأي العام من اجل غاية واحدة هي اعادة الجندي المختطف على قيد الحياة .

وهذا يفسر بطء تنفيذ الهجوم، وعمل الجيش على استقطاب المراسلين العسكريين في التلفزيون لقلب الرأي العام، والا لماذا يأخذ كل مراسل عسكري 15 دقيقة من نشرة الاخبار في حين لا يأخذ المراسل او المحلل السياسي سوى دقيقة ونصف فقط .

وبالفعل فبعد مئة ساعة على وقوع الجندي في الاسر، اخذ مفعول المحللين العسكرين والصحافين الامنيين يسري في اوساط المجتمع العبري، وسارعت الصحف لافراد صفحات وصفحات لاصحاب الاقلام الداعية الى الهجوم على غزة وتحطيم حماس، وبما ان هذا لم يكف الرأي العام الاسرائيلي جاءت الخطوة التالية .

فقد هاجمت النفاثات الحربية الاسرائيلية الاجواء السورية وحلقت فوق قصر الرئيس السوري بشار الاسد في اللاذقية والهدف من ذلك هو توسيع الدائرة وعدم حصر المعادلة بين غزة الفقيرة وبين اسرائيل القوية امام العالم ، فارأي العام العالمي يحتاج الى دولة ضحية للمرحلة .

والمتوقع في الساعات القادمة ان تواصل اسرائيل بحثها عن ذريعة للهجوم العسكري على غزة وضغط المقاومة لقتل الجندي، فيصرخ الشارع الاسرائيلي مطالبا بالانتقام، ما سيدفع لانفجار الاوضاع وينفذ الجيش خطته فترد حماس وفصائل المقاومة هجمات تفجيرية في المدن العبرية، فينزف الطرفان دما كثيرا، ويعود السياسيون الى ترتيب الاوضاع من جديد، ولكن على اساس قديم جديد - القوي عسكريا هو القوي تفاوضيا .

اسبوع دموي امامنا، لن يحمل في اخره سوى اعادة ترسيم الصورة القديمة الجديدة، اللاحرب واللاسلم، وهي الحالة التي كان يصفها مروان الرغوثي بالحالة الاشتباكية.

ويبقى امام المقاومة والحكومة احتمالان - ان تتبع طريقة ياسر عرفات الذي حمل غصن الزيتون في يد والبندقية في يد اخرى وبالتالي عدم قتل الجندي الاسير رغم هجوم اسرائيل العسكري و افشال خطة اولمرت، او ان تحمل البندقية بكلتا يديها، ويبدو ان طريقة عرفات هي السائدة في الحالة الفلسطينية .