الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

"تنوير" تناقش خصخصة الكهرباء بالشمال وسعرها والتمييز بين قرية ومدينة

نشر بتاريخ: 08/08/2010 ( آخر تحديث: 08/08/2010 الساعة: 15:05 )
"تنوير" تناقش خصخصة الكهرباء بالشمال وسعرها والتمييز بين قرية ومدينة
نابلس - معا - بادر المنتدى التنويري الثقافي الفلسطيني "تنوير" بنقاش موضوع "تحويل القطاع العام" الى "القطاع الخاص في فلسطين"، وهو الموضوع الهام الذي يخص المواطن والمجتمع والسلطة، حاضرا ومستقبلا، كونه موضوع وطني بامتياز، لأن باقي القطاعات الهامة التي تعتبر امتيازا للشعب وحقا له، كالتعليم والمياه والصحة والخبز والنقل والمواصلات والتجارة الخارجية وغيرها، سوف تخضع لاحقا للتسليع وقوانين السوق والاحتكار الربحي إذا ما تواصلت سياسة الخصخصة في البلاد، وما موضوع شركة كهرباء الشمال إلا خطوة على طريق الخصخصة وتحويل أملاك الشعب الى ملكية خاصة تتصرف بها حفنة من المستثمرين والمدراء ذوي الياقات البيضاء.

كان عنوان الجلسة الحوارية في المنتدى "شركة كهرباء الشمال بين الخصخصة والنفع العام"، تحدث فيها كل من المهندس يحي عرفات، رئيس مجلس ادارة الشركة، والمهندس سلام الزاغة، رئيس الشركة، ود. يوسف عبد الحق، رئيس مجلس ادارة المنتدى التنويري. وأدار الجلسة المهندس زياد عميرة عضو اللجنة الثقافية في المنتدى والذي استهل حديثه بأسئلة حول أسباب انشاء الشركة وخططها، مشيرا الى أن المتخلفين عن الدفع انما هو نتيجة لواقع اقتصادي سياسي اجتماعي لا يزال قائما منذ الاجتياحات عام 2002 وحتى يومنا هذا.

المهندس يحي عرفات تحدث عن الشركة ومبرر وجودها اليوم، والتعرفة الجديدة، والجباية والفوترة، وحجم الشركة الذي يضم ستة محافظات من ضمنها نابلس، وتقديمها خدمات لنحو 950 ألف مواطن بواقع 200 ألف مشترك، معتبرا الشركة هي الأكبر من حيث عدد المشتركين وكمية الاستهلاك.

ثم تحدث عرفات عن هدف الشركة في توفير الطاقة الكهربائية للجميع بأسعار مدروسة ومعقولة وبقدر كاف لتنشيط الاقتصاد ولرفاهية المواطن، مشيرا الى عجز البلديات على تطوير قطاع الكهرباء في ظل ثقافة عدم الدفع عند شريحة واسعة من المواطنين، ثم قدر عرفات الارباح الصافية لبلدية نابلس بـ 40 مليون شيقل سنويا خلال سنوات ما قبل الاجتياحات الاسرائيلية في حين تكبدت خسائرا بـ 50 مليون في العام 2003.

وأشار عرفات أن السلطة غير مساهمة في الشركة لكنها داعمة لها لتخفيض صافي الاقراض، ولمح أن البلديات المشاركة في الشركة ليس من السهل أن تستغني عن دخل قسم الكهرباء الذي يقدر بـ 150 الى 160 مليون شيقل تدور على الاقسام الاخرى الا اذا عوضت عن هذه المبالغ، مشيرا أن الشركة ستربح مستقبلا، لكن هذه الارباح ستذهب للتطوير.

واستبعد عرفات أن تحول الشركة الى القطاع الخاص باعتبارها شراكة بين مجالس البلديات، يمنع بموجب القانون التنازل عن اي سهم من أسهمها لأي مستثمر، وستكون مرجعيتها الهيئات العامة لمجالس البلديات، قائلا :" صحيح أن الشركة مسجلة تجارية لكنها غير ربحية"، وأكد أن ثقافة عدم الدفع سوف تنتهي لأن في ذلك غرامات وإحالة للمحاكم بعد فصل التيار الكهربائي، وشدد على عدم سياسة التمييز بين مدينة وقرية ومخيم، ووعد بخصم في الفاتورة الثانية لذوي الدخل المحدود للفواتير دون 160كيلوواط.

رئيس الشركة المهندس سلام الزاغة تحدث عن الخصخصة وواقع قطاع الكهرباء في فلسطين، ثم تناول الجوانب الفنية للشركة معنونا مداخلته بمصادر واشكال الطاقة الكهربائية وخصائصها وكيفية استهلاكها ومعدل استهلاك الفرد، مقدرا ما يدخل خزينة الدولة من رسوم وضرائب جمركية على قطاع الكهرباء ب 222 مليون دولار، ذاكرا الاعتماد شبه الكامل على اسرائيل كمصدر للطاقة والذي يقدر ب88% بمجموع 230 نقطة ربط مع شركة الكهرباء الاسرائيلية، مشيرا إلى أن الشركة متخصصة في التوزيع في حين هناك خطط لإنشاء شركة خاصة للإنتاج الوطني للكهرباء.

وسلط د.عبد الحق في مداخلته الضوء على تكلفة الكهرباء قبل الشركة و بعدها مشيرا إلى أن أرقام الشركة المنشورة تفيد بحسبة بسيطة إلى أن تكلفة كيلو واط في بلدية نابلس لا تتجاوز 48 أغورة ( 42 السعر الاسرائيلي+ 7% ربح الكهرباء العالمي وفق تقدير الشركة نفسها) في الوقت الذي كان المواطن يدفع في المتوسط 72 أغورة، أي أن المواطن كان يدفع حولي ثلث فاتورته ظلما دون وجه حق قبل قيام الشركة، متسائلا من المسؤول عن ذلك وأين ذهبت هذه الفوائض الضخمة؟؟؟ ولماذا لا تتم مساءلة موضوعية عن ذلك، أم أن مال المواطن ولحمه وعظمه وعقله مباح لكل من هب ودب؟؟؟

أما السعر الفعلي في الشركة فيقدر في المتوسط بحوالي 62 أغورة /ك.و ( سعر الشركة المعلن 60 أغورة مع ضريبة القيمة المضافة + المبلغ المقطوع 2 أغورة في المتوسط) ، أي أنه أقل من سعر البلدية بحوالي 14% ولكنه لا زال في نفس الوقت يزيد عن سعر التكلفة بحوالي 29%، تطرح الشركة تبريراتها لذلك بأن ضربية القيمة المضافة سيستردها المستهلك التجاري والصناعي، في حين أن المستهلك المنزلي لا يستردها، وإذا علمنا أن الكهرباء تدخل في كل العمليات الإنتاجية وبالتالي سيقوم المنتج بتحميل المستهلك كامل ضريبة القيمة المضافة ، فإن المستهلك سيضاف له ضريبة جديدة لم تكن موجودة قبل الشركة وهي ضريبة القيمة المضافة على كل مبيعات الشركة من الكهرباء، وكأن المستهلك ينقصه مزيدا من الإفقار والتجويع؟؟؟؟؟

تابع د. عبد الحق قائلا: مبررات إنشاء الشركة المعلنة والمخفي منها أعظم، هي تخفيض الفاقد من الكهرباء من خلال تقليل مئات نقاط الشبك مع الشركة الإسرائيلية، وكذلك وقف عدم دفع فاتورة الكهرباء، وتساءل لماذا لم يتم تشكيل مجلس خدمات مشترك للكهرباء بين المجالس المحلية في الشمال، أليس هذا المجلس أقدر من الشركة على وقف عدم الدفع باعتباره جزءا من السلطة الحاكمة التي تمكنه من استخدام كل الوسائل المادية والقانونية والشرطية؟؟؟ وهو في نفس الوقت يستطيع تقليل عدد نقاط الربط مع الشبكة الإسرائيلية، إن ذلك يجعل سعر الكهرباء لا يتجاوز 50 أغورة أي أقل من سعر الشركة بحوالي 20% من خلال إلغاء كل النفقات والمصاريف العمومية التي تستفز كل عاقل حيث تجاوزت رواتب بعض كبار موظفي الشركة مع امتيازاتهم 5 آلاف دولار أي حوالي 5 أضعاف رواتبهم السابقة في البلديات؟؟؟؟

ناقش الحضور موضوع الكهرباء من زوايا مختلفة، فالبعض اعتبر وجود الشركة انما هو حل زكي لمشكلة قائمة، فالحل القائم يقوم على الترغيب أم القادم فيقوم على الارهاب، بيد أن الاجدى أن يكون قسم الكهرباء بيد مجالس البلديات باعتبارها منتخبة من الناس بدل احالته لشركة خاصة .... والبعض افترض حسن النوايا والحرص الوطني للشخوص الحاليين، لكن من يضمن عدم تسلل العناصر الشاذة والفاسدة مستقبلا في ادارة الشركة ومص دم المواطن.

آخرون لم يقبضوا الاهداف التي تدعو الى عجز البلديات نتيجة ثقافة عدم الدفع وانما نتيجة الفساد والاحتلال والحصار المفروض بحيث اعلنت أكثر من حكومة بأن منطقة نابلس وجنين والشمال عموما، هي مناطق منكوبة، وتم التراجع والتخلي عن ذلك مرارا، وهذا سبب تراكم الازمة..البعض تساءل عن المساعدات التي تأتي للسلطة من الدول المانحة لقسم الكهرباء والبلديات، والبعض تساءل في ظل تحقيق أرباح باهظة لماذا كانت تدور ولم تخفض التعرفة على المواطن وكانت تحول أموال البلديات الى مناطق اخرى، البعض استفسر عن العلاقة بين سلطة الطاقة مع الشركة، وعن عيوب الاتفاقات السابقة، وعن امتياز كهرباء القدس، وكيفية تقيم موجودات قسم الكهرباء وباي معايير، ومن يضمن عدم تقصير الشركة تجاه المواطن مستقبلا، وماذا سيحصل لبطاقات مسبقة الدفع.

فيما رأى آخرون أن الشركة هدفها الاساس هو الربح من كذا مواطن ولم تُخلق من أجل المواطن، كما أن مسؤولية توفير الطاقة هي مسؤولية الدولة وليس الشركة، والبعض شكك في تقليص التكاليف قائلا لمصلحة من هذا التقليص؟

البعض رأى أن لا ضمانة لمجالس قادمة الا اذا كانت مجالس دائمة على قاعدة أن لا انتخابات قادمة، وتساءل أخرون عن ربط كهربة الشمال بالقطرية مطالبا التوجه للانتاج الوطني بدل الربط، معتبرا سياسة الارتباط خطا سياسي وخطير لربط باقي القطاعات كالتعليم والصحة وغيره.

هناك من وجه اصبع الاتهام للشركة التي انتقل اليها العمل في القسم في 15/7/2010 بالتخلي عن الشهيد ميعاري عامل القسم الذي استشهد بصعقة كهربائية في 17/7/2010 بحيث لم تتابع امور عائلته حتى اللحظة لا البلدية ولا الشركة، علما بأن المهندسين عرفات والزاغة وعدا خيرا بعدم التخلي عن اسرته واولاده كونه زميلا متفانيا في العطاء والعمل .