السبت: 28/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

نجحوا بالعودة لاراضيهم في قلب "بيتار"

نشر بتاريخ: 09/08/2010 ( آخر تحديث: 09/08/2010 الساعة: 18:24 )
بيت لحم- خاص معا- منذ عشرة سنوات لم يكن عماد الشاعر ( 42 عاما) يتصور أنه سيفلح في العودة إلى أرضه التي شاءت الأقدار أن تتوزع داخل حدود مستوطنة "بيتار عليت" المتربعة غرب بيت لحم، وكذلك معسكرا للجيش الاسرائيلي حرم أهالي حوسان من الوصول إلى اراضيهم الواقعة الى الجنوب الغربي من قريتهم.

ولكن أخيرا وجد الشاعر وغيره من المزارعين يدا قد مُدّت اليهم، كي تسير بهم في طريق معبد بالمصاعب نحو العودة لاراضيهم واعادة استصلاحها وفلاحتها، بعد أن كان ذلك ضربا من المجازفة والتحدي غير المحسوب العواقب، نظرا للاعتداءات التي كان جنود الاحتلال والمستوطنون يقومون بها لمنع المزارعين من الوصول إلى اراضيهم.

يقف عماد سعيدا وسط أرضه ويرقب بعينيه المعسكر الذي لا يفصله سوى سياج سلكي، لم يكن بوسعه الوصول اليه أو الاقتراب منه لسنوات طويلة، يقول لـ "معا": كان الجيش يعارضنا بشدة ويعتدي علينا ويضرب حتى الاطفال إذا اقتربوا من المعسكر، بحجة الأمن، أما اليوم وبعد أن نُفّذ مشروع الاستصلاح ولقينا دعما ماديا ومعنويا كبيرا لمقاومة اجراءات الاحتلال نجحنا في العودة الى هنا ولنقف وسط أرضنا من جديد.

وتملك عائلة الشاعر حوالي 48 دونما من الارض غالبيتها تقع وسط مستوطنة "بيتار عليت" فيما تقع سبع دونمات على حد معسكر الجيش الذي اقيم بجوار المستوطنة، وجميعها تمكنت العائلة من العودة اليها واستصلاحها.

ويرى ابراهيم مناصرة المشرف الميداني على مشاريع الاستصلاح التي تنفذها جمعية الاغاثة الزراعية في بيت لحم، أن مشروع الاستصلاح لاراض واقعة داخل إحدى المستوطنات وبجوار معسكر للجيش من ابرز المشاريع التي نجحت مؤسسته في تحقيقها، ويروي البداية الصعبة لهذا المشروع من خلال الوصول لتلك الاراضي تحت غطاء مهندسين زراعيين للاشراف على المزروعات.

ورويدا رويدا ومن خلال واد يسمى وادي "عين قديس" الوحيد الذي كان يصله المزارعون ويربط بين الاراضي داخل المستوطنة وخارجها، تمكنت الاغاثة من إدخال الاليات وشرعت بالعمل لاستصلاح الاراضي، وهذا جوبه من قبل الجيش والمستوطنين، الذين قاموا بحجز الاليات في اليوم الاول من العمل لمدة اربع ساعات.

واضاف مناصرة لـ "معا"، بعد المواجهة من قوات الاحتلال تبين لنا انهم لا يملكون أي وثائق تعطيهم الحق في منع المزارعين من اراضيهم، سوى الحجة الامنية التي خرجوا بها، والتي اصبحنا نواجهها من خلال الرفض ومطالبتهم بجلب الشرطة لنا، والتي بدورها لا تملك مصوّغا لمنعنا، وعلى هذا الحال قضينا فترة العمل، "نسرق الوقت ونفرض الوقائع على الارض".

وأكد أن مساحة الاراضي التي نجحت الجمعية في استصلاحها بلغت (40) دونما تعود لست عائلات من قرية حوسان، وقدّر تكلفة استصلاح الدونم الواحد بدءا من تسوية الارض حتى زراعتها بألف دولار، ساهمت جمعيته في تغطية ثلاثة ارباع منها، فيما ساهم المزارع بجهده وعمله في الربع الاخير.

بدوره وصف عماد الشاعر العمل الذي انجزه المزارعون بمساعدة الاغاثة الزراعية بالعمل الرائع، مرتئيا أن النضال لم ينته عند هذا الحد، بل ما زال المستوطنون يحاولون طردهم، فقبل أيام نصبوا بيتا متنقلا "كرفانا" في اراضي المزارعين، إلى أن تدخلت الشرطة بعد الشكوى من المزارعين واخلتهم من المكان، هذا فضلا عن المضايقات التي لا تنتهي بين الجيران الاعداء.

ويؤكد الشاعر أن عائلته فقدت مساحات كبيرة من الارض لاسباب تعود لعدم حصرها في الوثائق الرسمية، ولأن أجدادنا كانوا لا يسجلون كل ما يملكون من الارض في السجلات الرسمية تهربا من الضريبة التي كانت تفرضها عليهم الدولة العثمانية، لذلك من كان يملك 100 دونم كان يسجل نصفا او أقل من ذلك، وعندما جاء الاحتلال الاسرائيلي صادرها من أصحابها، وبشكل خاص الاراضي التي لم تزرع بالاشجار بل كانت تزرع بالحبوب فقط من قمح وشعير.

ولدى عماد رؤية ربما يجزم بها وهي أن الاراضي التي تصادرها سلطات الاحتلال تستخدم لبناء مرافق عامة كمراكز للشرطة وغيرها من الامور التي تملكها الدولة، فيما الاراضي التي تبنى عليها بيوت المستوطنين تكون في الاغلب قد بنيت على أراض باعها اصحابها لشركات يهودية.

ويواجه المزارعون مشكلة في حفر الآبار الزراعية، فعندما يشرعون بها يداهمهم رجال التنظيم الاسرائيلي ويخطرونهم بهدمها، الامر الذي يضطرهم لحفرها يومي الجمعة والسبت ومن ثم طمرها حتى لا يتمكن الاسرائيليون من كشفها وبالتالي هدمها.

وبحسب مناصرة فإن جميعته ستقوم الآن بشق شارع زراعي صوب الاراضي الواقعة داخل مستوطنة "بيتار عليت" لتمكين المزارعين من زراعة اراضيهم والاستفادة منها.

يشار إلى أن مستوطنة "بيتار عليت" التي اقيمت في العام 1982، تضم اليوم اكثر من 40 ألف مستوطن معظمهم من المتزمتين اليهود، وتوسعت على حساب اراضي قرى حوسان وبتير ونحالين ووادي فوكين وقسم من اراضي الجبعة.