الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس"متحفظ" ويفكر كثيرا، يقلل من الاستشارات وغزة طيرت النوم من عينيه

نشر بتاريخ: 11/08/2010 ( آخر تحديث: 11/08/2010 الساعة: 13:53 )
رام الله- رئاسة التحرير- يلاحظ على رئيس السلطة محمود عباس في الاشهر الاخيرة انه ينتهج اسلوبا جديدا في العمل لا سيما في اعقاب تقرير غولدستون وحالة الارباك التي شهدتها السلطة، وليس سرا ان الرئيس شعر فترتها "بالخذلان" تجاه العديد من القيادات الفلسطينية والعربية التي كان يثق بها، وخصوصا ان هذه القيادات كانت تعلن مواقف معينة بين يديه وتخرج على شاشات الفضائيات وتعلن موقفا مغايرا تماما للموقف الذي اعلنته في مكتب الرئيس.

بل ان الرئيس يكثر من التفكير منفردا، وباستثناء عدد قليل جدا من المستشارين المخلصين لا يأخذ الرئيس ابو مازن اية اقتراحات بسهولة، بل انه يكاد يغضب اذا يذكر احد من الحضور بالنقد اسم اية دولة عربية او اي زعيم عربي او دولي، ويسارع لزجر المتحدث ويقول له "اسكت".

وابو مازن طوال رحلة السفر بالطائرة يميل الى قراءة القران الكريم، ويعمل على ختم قراءة المصحف اكثر من مرة، ولعله يجد في كلام الله ما هو افضل بكثير من كلام البشر والسياسة، وقد أبدى سيادته مؤخرا اهتماما كبيرا بالصحافيين والمثقفين وصار يصطحبهم معه في رحلاته وجولاته العالمية، وفي الطائرة يصارحهم ويتصارح معهم ليعرفوا الحقيقة، وكأنه يقول: هذا انا وهذا عهدي وهكذا اعمل وانتم احفظوا للتاريخ ماذا ترون وماذا تستشعرون !!.

والرئيس وان كان يبدو من خلال الصور وشاشات التلفزيون رجل متجهم وعابس، الا انه على عكس ذلك تماما، فهو شخص يحب النكتة والامثال الشعبية وطالما يقطع حديثه ويقول مثلا شعبيا في سياق النقش، ويضحك من دون اسراف ويتعمد عدم احراج اي ضيف - ما امكن ذلك - فهو يعتبر الاختلاف بالرأي شئ والاحترام بين البشر شئ اخر.

وفي اخر لقاء معه قال: "الليلة قبل الماضية لم اتمكن من النوم، وظللت افكر في أمر غزة وكيف يمكن ان نحل المشكل ونستعيد وحدة الوطن، لم تكن احلاما بقدر ما كانت احلام يقظة، اسهبت في التفكير حتى الفجر في امر غزة واسال نفسي ماذا عساني افعل لحل المشكلة، وقلت لنفسي ( يا رب لا انسى في ساعات الصباح الافكار التي يمكن ان تنجح في حل الاشكال ) وفي الصباح واصلت التفكير، وفعلا انا لا انام الليل وانا افكر في غزة ولم اجد الا حل واحد فقط وهو الذهاب الى انتخابات، والناخب يحكم بيننا وبين حماس.

ومما وجدناه في شخصية الرئيس "الجديدة " امور لا نريد ان نبحث فيها لكننا نذكرها للقراء من باب الامانة الصحافية:

*الرئيس يكثر من التفكير ويقلل من الاستشارات. والتقى الصحافيين والكتاب الاردنيين والمصريين والسعوديين لاستمزاج رأي الشارع العربي والفلسطيني عن كثب.

*الرئيس ينتظر اي ضمان امريكي - اي ضمان- للذهاب الى المفاوضات المباشرة فهو لا يرفض المفاوضات المباشرة بل يريد ان يضمن انها ستؤدي الى حل ما.

*الرئيس يدعو الصحافيين والكتاب العرب لزيارة فلسطين والقدس ورام الله وغزة، ليشاهدوا فلسطين الحقيقية.

*الرئيس يدعو الكتاب والصحافيين الفلسطينيين ان يزيدوا من لقاءاتهم مع الكتاب والصحافيين الاسرائيليين لاختراق الموقف المتطرف لحكوماتهم واظهار عدالة القضية ويقول لنقيب الصحافيين الذي سأله: هل يعتبر هذا تطبيع ؟ يرد الرئيس بغضب "اي تطبيع ونحن تحت الاحتلال اذهبوا والتقوا بهم واقنعوهم بعدالة القضية ولا تنسوا نحن اصحاب قضية عادلة ".

*الرئيس لا يريد ان يتحدث عن موقف الدول العربية من صندوق القدس، ولكن ومن دون ان يتحدث لمسنا حجم المرارة من الدول التي تباهي وتطالب بمساعدة القدس على الفضائيات وهي لا تقدم للقدس اي شئ.

*الرئيس مقتنع ان امريكا والـ "سي. اي. ايه" فتحت خطوط اتصال ولقاءات مع حماس وكذلك يقتنع ان هناك لقاءات دورية بين اسرائيل وحماس ولكنه لا يريد اعطاء اية تفاصيل كيلا يكشف مصادر السلطة. وقال حرفيا انه مقتنع ان حماس ليست معرضة وانها تمنع المقاومة المسلحة مثله تماما مع اختلاف البرنامج فقط.

* الرئيس مقتنع ان من حق فتح المطالبة بتعديل حكومي لكنه يقول انه مشغول بالورقة السياسة وان الوضع اخطر مما يعتقد البعض، لذلك يعمل الرئيس على تأجيل التعديل الوزاري، كيلا يضع السلطة في ازمة جديدة وعلى رأسها الرواتب من دون ان تكون الظروف تسمح بهذا التعديل ... وحين سأله احد الصحافيين اذا كان الدكتور فياض يهدد بالاستقالة !!! رد ممازحا: انا الذي اهدد بالاستقالة.

*وصف الرئيس المجلس الثوري الجديد لفتح بأنه فاعل جدا ومتابع جدا وان اللجنة المركزية والرئاسة دائما تتعرض للنقد من جانبه وقال يقصد المديح ( لسان المجلس الثوري الحالي اطول مليون شبر من لسان المجلس الثوري السابق).

* الرئيس غير مقتنع ولا بأي شكل من الاشكال بالمقاومة المسلحة ولا يريدها ابدا ويعتبرها خطوة لتدمير الوطن والمدن الفلسطينية من دون اي مبرر، وقال في حال فشلت انا فان الخطة البديلة ستكون العودة الى القيادة الفلسطينية لتقرر وهو يؤمن بان على القائد العضو في القيادة الفاعلة ان يقول رأيه داخل الاطر التنظيمية وليس عبر الصحافة لنيل اعجاب الجمهور، وهو لا يخفي ابدا انه لا يسعى لاسترضاء الجمهور بل لتحقيق قناعات القيادة بالرؤية الصلحة للنجاح ... وحين جرى ذكر اسم احد القادة وانه يدلي بتصريحات " نارية " لوسائل الاعلام قال غاضبا : شوفو ابو بطيخ هادا ماذا يقول !!

وختام القول، ان الرئيس وعلى عكس رئيس الوزراء سلام فياض، يقلل من حركات استرضاء الجمهور ويذهب في تفكير جدي نحو البحث عن حل لقضيتين: الاولى استعادة وحدة الارض مع غزة والثانية الذهاب الى انتخابات تحل ازمة الانقسام السياسي....ويقول بصوت عال: وينك يا هاني المصري - عضو لجنة الاصلاح -اسمع اذا قال لك قادة حماس انهم يؤيدون اجراء انتخابات وبأي ضمانات يريدون فمعنى ذلك انهم صادقون فعلا، واذا رفضوا الانتخابات لا تصدقهم ابدا ابدا فهم يريدون اذن للانقسام ان يستمر.