الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الجيش الاسرائيلي جيش سياسي منذ حكومة دافيد بن غوريون

نشر بتاريخ: 19/08/2010 ( آخر تحديث: 20/08/2010 الساعة: 08:09 )
بيت لحم- معا- لم تكن فضيحة وثيقة "غلانت" التي هزّت أركان القيادة العسكرية الاسرائيلية، دون أن تكون القيادة السياسية ممثلة بوزير الجيش ايهود باراك ببعيدة عن تأثيرات الفضيحة وابعادها، الاولى من نوعها في تاريخ الجيش الاسرائيلي، الذي طالما تفاخر قادة اسرائيل بانه بعيد عن السياسة وجهة تنفيذية تنصاع بالمطلق لقرارات القيادة السياسية.

وبالعودة للتاريخ، وصولا لأول حكومة اسرائيلية والتي كانت تعرف حينها باسم "الحكومة المؤقتة" يتبين أن البعد السياسي وحتى الصراع السياسي لم يكن غريبا أو بعيدا عن الجيش الاسرائيلي، وانما كان اساسا في تربيته واعادة تشكيله وتعيين المقربين سياسيا من دافيد بن غوريون وابعاد المعارضين له عن سلم القيادة العسكرية وصولا الى طردهم نهائيا من صفوف الجيش.

ووفقا لصحيفة "معاريف" الناطقة بالعبرية اعادت فضيحة "وثيقة غلانت" الاسرائيليين وذاكرتهم الى الخطوات القاسية التي اتخذها رئيس الوزراء الاول دافيد بن غوريون ضد قادة منظمة "البلماخ" شبه العسكرية وطرد قادتها من صفوف الجيش لاعتبارات سياسية داخلية غلفها بطابع عسكري.

واضافت الصحيفة ان بن غوريون الذي منح الجانب الرسمي والاستقلالي اهمية كبرى سعى لاقامة جيش موحد للدولة الفتية، وسعى انطلاقا من هذه الرؤية الى التنكيل بقادة منظمة البلماخ وعلى رأسهم رئيس المنظمة واكثر الشخصيات العسكرية المعروفة قبل اقامة اسرائيل ايغال الون حيث رفض بن غوريون تعيينه كأول رئيس للاركان الاسرائيلي بعد نهاية حرب عام 48 ما ادى الى استقالة الون من الجيش، وهناك من يعتقد بانه طرد من الجيش بقرار من بن غوريون ليتبعه بعد وقت قصير العديد من كبار ضباط منظمة البلماخ وعلى راسهم مؤسس المنظمة وقائدها الاول يتسحاق سدية الامر الذي فسر حينها كتنكيل سياسي بقادة البلماخ.

وفي ذات السياق سعى بن غوريون بكل قوة لتفكيك منظمة الهغاناة شبه العسكرية واكبر المنظمات الصهيونية التي نشطت قبل اقامة اسرائيل فبادر بن غوريون واثناء حرب الـ 48 الى اقالة يسرائيلي غاليلي الذي وقف على رأس القيادة القطرية للمنظمة وعمل وزيرا " للدفاع " في الحكومة المؤقته .

وخطوة بن غوريون ضد منظمة الهغاناة تمام كحطواته التي اتخذها ضد البلماخ كانت سياسية بامتياز لكنه غلفها باطار عسكري كون المنظمة المذكورة كانت تميل سياسيا لحزب مبام اشد خصوم حزب بنغوريون " مباي" ما اثار حينها الكثير من اللغط والاحتجاج بدعوى ان بن غوريون يزيح خصومه السياسيين من الجيش بحجج عسكرية وبحجة بناء الجيش الجديد.

ولم يتوقف الصراع بين حزبي مبام ومباي عند هذه المرحلة حيث قدم عدد كبير من كبار الضباط استقالاتهم من الجيش احتجاجا على تعيينات جديدة فرضها بن غوريون في اطار بناء الجيش الجديد حيث فضل بن غوريون تعيين من خدموا في الجيش البريطاني في اعلى المناصب القيادية العسكرية بدلا من تعيين مقاتلي منظمة الهغناة والبلماخ.

مقربون من بن غوريون اكدوا حينها ان هذه التعيينات والاستبعادات جاءت بناء على اللون والانتماء السياسي وبعيدا عن المهنية العسكرية التي كان يدعيها بن غوريون، فأين الغرابة في فضيحة وثيقة "غلانت" والصراع السياسي الدائر حاليا حول منصب رئيس الاركان الجديد؟.