د. هندي: ستبقى جامعة بيرزيت فضاء للحريات الأكاديمية ومدرسة للأجيال
نشر بتاريخ: 26/08/2010 ( آخر تحديث: 26/08/2010 الساعة: 11:47 )
رام الله- معا- أكد رئيس مجلس أمناء جامعة بيرزيت د. حنا ناصر أن اختيار د. خليل هندي لتوليه منصب رئاسة الجامعة يعود إلى مكانته العلمية والأكاديمية العالمية الواسعة، وكذلك لخبرته الغنية في المجالات الإدارية وخاصة الأكاديمية منها، إضافة إلى رغبة الجامعة في استقطاب العلماء الفلسطينيين في المهجر ليعودوا إلى البلاد، حيث نجحت الجامعة قبل سنوات في استقطاب د. محمد الحلاج ود.عزت الغوراني ود.واصف العبوشي ود. إبراهيم أبو لغد.
جاء ذلك خلال حفل الترحيب الرسمي بالدكتور خليل هندي بمناسبة تعيينه رئيساً جديداً لجامعة بيرزيت، والذي حضره حشد من أسرة الجامعة.وأوضح د. ناصر أن الجامعة تجري تغيرات دورية في قيادتها دون المساس ببنيتها الأصلية مما يشير إلى مصادر القوة الذاتية فيها.من ناحيته عبر د. هندي عن سعادته البالغة كونه في وطنه وبين أهله وأصدقائه وزملائه، فالعودة َحلمٌ يراودُ كلَ منفي ومغترب. كما عبر عن اعتزازه بقيادة جامعة فلسطينية، وليس أي جامعةْ فلسطينية، بل الجامعة الفلسطينية الأولى ليس من حيث النشأةِ الزمنية فحسب، بل أيضا من حيث التميّز الأكاديمي ورفعة المنزلة والوقع والتأثير. في الوقت نفسه فإن شعوره بالاعتزاز يقابلـه تواضع جم صادر عن إدراك لحجم المسؤولية وعظم التحديات.
وأضاف د. هندي أن تحقيق هدف الجامعة يتطلب التشبث بإصرار وعناد بالمفهوم الأصلي والأصيل للجامعة. فالجامعة، لربما قبل كل ِ شيء، مُتـّحَد، أي جماعة متحدة، من الأكاديميين يلعبون عن وعي ٍ وسابق إصرار وتصميم دورَ حماية وصيانة ونشر ِ العقلانية في المجتمع، ودور محاربة الظلام والظلامية والجهل والجهالة والتجهيل بأنوار الاستنارة وأضواء التنوير، فالأكاديميون معلمون ليسوا مربون فحسب، رغم أن ذلك جزءاً كبيراً ونبيلاً من مهامهم، بل إنهم أيضا علماءُ بحّاثة يوسّعون حدودَ العلم ويعملون على تـخوم المعرفة، إنهم قادة رأي وفكر، وروادُ أدب رفيع، وصانعو فن وتكنولوجيا.
وقال: إن الجامعة فضاء للحرية ومجال مفتوح لتفاعل ِواصطراعِ الأفكار والآراء ِعلى اختلافها، وملاذ لمحطـمي الأصنام الفكرية، وساحة لمساءلة وتحدي الحكمة السائدة، وكل ذلك في جو من النزاهة والتجرد والموضوعية والنقاش الهادئ الحضاري المتمدن وفي ظل ود الزمالة واحترام الأقران.
وأشار: إن الجامعة مدرسة لتنشئة وتربية الأجيال، لا لتزويد الصبايا والشباب بالعلوم والمعارف والمهارات فحسب، بل ولعل ذلك هو الأهم، لصقل شخصياتهن وشخصياتهم، وتزويدهن وتزويدهم بالذكاء الاجتماعي ومهارات الاتصال وروح النقد والقدرة على التحليل والتفكير الإبداعي الخلاق، وفوق ذلك كله تنمية الذائقة الفنية والإحساس الجمالي وغرس حب الحياة والاستمتاع بها والتلهـف على التعلم مدى الحياة والقدرة على ذلك.
كما أكد د. هندي أن الجامعة حاضنة لا طاردة، تتسع للطلبة من كافة الخلفيات والاتجاهات والمشارب والأهواء، بل وتسعى إلى أن يكون الجسم الطلابي فيها مشكـّلا منها جميعا. ومشدداً على ضرورة السعي الحثيث أن تكون جامعة بيرزيت الخيار الأول للطلبة من كافة أنحاء الوطن من غزة والخليل وبيت لحم والقدس ورام الله وطولكرم ونابلس وجنين. وضرورة السعي إلى مستقبل لا يفشل فيه أي طالب مقبول في بيرزيت في الالتحاق بها بسبب ضائقة مالية، وليس ذلك من منطلق المسؤولية الاجتماعية فحسب، بل وأيضا لأن التنوعَ الاجتماعي شرط من شروط الحياة الجامعية الصحية والصحيحة. كذلك يجدر الإطلاع إلى وضع تستطيعُ فيه الجامعة أن تنفق بسخاء على اجتذاب أفضل الطلاب، فالطلاب الجيدون يعلمون الطلاب الجيدين، ولذا فإن الإنفاق في هذا الباب هو في حقيقته إنفاق على مدخل من مدخلات التعليم الجامعي أسوة بالإنفاق على الأساتذة الجيدين والمختبرات والكومبيوترات وغير ذلك من الموارد.
وأدان د. هندي الأحداث ِ المؤسفة ِ التي وقعت يوم الخميس الفائت، عندما قامت ثـُلـّة ٌ من الطلاب بإغلاق مبنى الإدارة ومبنى كلية تكنولوجيا المعلومات بالقيود والسلاسل مدة ساعتين، عامدة عملياً إلى أخذ رئيس الجامعة ونواب الرئيس وغيرهم أسرى ورهائن. مشدداً أن ذلك حدث يحمل معاني كثيرة مؤلمة ومقلقة، بل ومروعة، فمريع ٌ أن تـُستخدم القيود والسلاسل في جامعة، والجامعة فضاء للحرية وساحةٌ للتفاعل الحر الودي المتمدن بين الناس، كما أنه مريع أن تستخدم القيود والسلاسل في مجتمع لا يزال يناضل لكسر القيود والسلاسل، و البلد لا يزال يعاني الأمرينِ من الإغلاقات والحواجز، ومريع أن يؤخذ كبار الأكاديميين أسرى في مجتمع طالما عانى ولا يزال يعاني من كثرة أسراه وطول أمد عذاباتهم، كما أنه مريع أن يقوم بهذا العمل المشين قادة جزء من الجسم الطلابي يؤمل عادة أن يمضوا ليصبحوا بعض قادة المجتمع، ومريع أن يعتقد هؤلاء أن أساتذتهم سيقبلون بالتفاوض معهم في ظل ابتزاز وتهديد واضحين صريحين.
وأكد أن الجامعة تسعى إلى وضع لا يجد فيه الطلبة ما يدعوهم إلى الاحتجاج، وإن وجدوا أنهم مضطرون في أحيان متباعدة جدا إلى القيام باحتجاج ما، فعلوا ذلك بالوقوف رافعين لافتاتهم صامتين أمام مبنى الإدارة، فترتعدُ الإدارة خجلا لأن الأمور وصلت إلى هذا الحد وتسارع إلى تداركها.
وأضاف: لنعمل على تحقيق الحلم بجامعةٍ تمضي بالبناء على ما حققتموه من إنجازات بطولية في أحلك ِ الظروف ِ لتصبحَ جامعة ً عالمية ً تظلُ في الوقت ذاته منغرسة ً في مجتمعها المحلي، جامعة ً تساعدُ شعبنا على رفع ِ رأسه ويرفعُ رأسَه ُ بها.
يذكر أن د. هندي من مواليد الطنطورة القريبة من حيفا، لجأ بعد النكبة مع عائلته إلى طولكرم وتعلم في المدرسة الفاضلية هناك. ثم أكمل دراسته الجامعية الأولى في الجامعة الأمريكية في بيروت وبعدها أكمل دراسته العليا في بريطانيا، حيث تخصص في الهندسة الكهربائية. وقد عمل في الحقل الأكاديمي في بريطانيا ونشر أبحاثاً متعددة في مجال تخصصه أهلته بجدارة إلى الترقيات الأكاديمية السريعة. وخلال تلك الفترة أيضاً شارك في العمل السياسي وفي الوفد الفلسطيني المفاوض وذلك في أوائل التسعينات. وقد عاد مؤخراً من بريطانيا إلى الجامعة الأمريكية في بيروت ليعمل في التدريس والإدارة في آن واحد.