الأحد: 29/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير اسرائيلي يعرض تردي حالة الامن نتيجة ممارسات المستوطنين بالقدس

نشر بتاريخ: 05/09/2010 ( آخر تحديث: 05/09/2010 الساعة: 09:35 )
القدس- معا- نشرت جمعية حقوق المواطن في اسرائيل اليوم تقريرا بعنوان "حيز غير آمن"؛ عرضت فيه صورة شاملة عن تردي حالة حقوق الإنسان الفلسطيني في أحياء القدس الشرقية التي استوطن داخلها خلال السنوات الاخيرة مستوطنون ينتمون لجمعيات ذات ايدولوجيا واضحة لتهويد القدس.

ويبين التقرير كيف تقوم الشرطة والبلدية وجهات رسمية اخرى بالتنصل من واجبها في الحفاظ على سلامة وحاجة جميع سكان المدينة بدون تمييز او انحياز لطرف.

ووفق شهادات السكان الفلسطينيين المعروضة في التقرير، تقوم الشرطة بتطبيق القانون بشكل انتقائي على السكان، حيث تتجاهل شكاوي السكان الفلسطينيين وتنكل باطفالهم؛ حراس وزارة الإسكان الذين يحرسون المستوطنين ويستفزون ويضطهدون السكان الفلسطينيين, وفي حالات متطرفة يستخدمون الرصاص الحي ضدهم؛ في حين أن بلدية القدس والمؤسسات الحكومية الاخرى تواصل التمييز ضد السكان الفلسطينيين لصالح المستوطنين وتدأب على تحسين ظروف سكنهم داخل هذه الأحياء.

ومن بين الظواهر المعروضة في التقرير:
العنف برعاية الشرطة:
يشتكي سكان الأحياء من الفلسطينيين من أنه في حالات كثيرة جدا، عندما يتعرضون لعنف لفظي أو لعنف جسدي، لا تطبق الشرطة القانون ولا تعمل على لجم المستوطنين المتهمين بممارسة العنف. كما يشكوا السكان الفلسطينيون من امتناع الشرطة عن التحقيق في شكاويهم حول تخريب ممتلكاتهم. وحسب ما ورد في التقرير، لا تحرّك الشرطة ساكنا في حالات كثيرة لدى استدعائها، فتكون النتيجة اتساع مظاهر العنف.

مشتبه بهم على الدوام
وأشار التقرير إلى أنه وفي مرات عديدة يقدّم فيها السكان الفلسطينيون شكاوي ضد المستوطنين أو حراسهم، بيد ان هذه الشكاوى لا تُفحص فحسب، بل تنقلب الأمور فيها عليهم، إذ أن الفلسطينيين هم الذين يتحوّلون إلى مشتبه بهم. ويقول السكان الفلسطينيون أنه في حالات كثيرة يتم تأجيل معالجة شكاويهم بذرائع مختلفة لمنعهم من تقديم شكاوي. ومما يُقال للسكان المشتكين الذين يصلون إلى مركز الشرطة: المحقق مشغول، ليس لدينا محققين اليوم، عودوا غدا، الشكوى ليست منطقية.

ونوه التقرير إلى ان الشرطة تتصرف على هذا النحو حتى تُتيح للمستوطنين وحراسهم تقديم شكاويهم أولا، وبذلك يتم التحقيق مع السكان الفلسطينيين كمشتبه بهم تحت طائلة التحذير حتى عندما يحضرون بأنفسهم لتقديم شكاوي بخصوص الأحداث نفسها، علما بأن معظم شكاوي السكان بخصوص أداء الشرطة موجّه تجاه محطة "شليم" ومحطة "دافيد" التابعة لشرطة لواء القدس، وهي المحطات المسؤولة عن تطبيق القانون في البلدة القديمة وفي الأحياء العربية من حولها، حيث تتواجد الغالبية العظمى للبؤر الاستيطانية اليهودية في الأحياء الفلسطينية.

ويُستدلّ من شهادات السكان أيضا، وجود شك في إدارة التحقيقات بشكل موجّه من خلال استخدام غير قانوني للتهديد مثل تخويف المشتبهين باعتقال أفراد من العائلة وتجاهل أدلّة قائمة. كما يتحدث التقرير أيضا، عن غياب الثقة التامة من السكان المقدسيين بالشرطة والخوف منها، الأمر الذي يؤدي في حالات كثيرة إلى عدم التوجه إلى محطات الشرطة وتقديم الشكاوي حتى في حالات اعتداء خطيرة. وحسب أقوال السكان فإن أداء الشرطة ولّد اعتقادا مفاده أن الشرطة تعمل لحماية المستوطنين فقط وبالتنسيق معهم.

اعتقالات القاصرين في منتصف الليل
كما يتضح من الافادات التي وردت في التقرير أن الشرطة تتخذ إجراءات إشكالية جدا فيما يتعلّق بالأولاد المشتبه بهم برمي الحجارة تصل حدّ القيام بأعمال مخالفة للقانون والأصول المرعية. واتضح لجمعية حقوق المواطن من شهادات أدلى بها أطفال اعتقلوا في السنة الأخيرة، صورة قاتمة عن اعتقالات أولاد تم انتزاعهم من فراشهم في منتصف الليل، واقتيدوا إلى غرف التحقيق مكبّلين ودون مرافقة والديهم. تحدث الأولاد عن تحقيقات عنيفة ومُخيفة أجراها رجال شرطة ليسوا بمحققين مختصين بالتحقيق مع الأطفال.

وعلى الرغم من انه تم مراجعة الشرطة وقسم التحقيق مع رجال الشرطة بخصوص هذه الأساليب، إلا انه يستمرّ هذا النمط من العمل في الأشهر الأخيرة، بل ويدعي الأهالي أن هناك ازديادا في حالات اعتقال الأولاد. حيث تتم الاعتقالات في الآونة الأخيرة بواسطة قوات كبيرة جدا من الشرطة و"حرس الحدود" الذين يٌقيمون حواجز في مداخل الأحياء وينتشرون بكثرة حول المنازل السكنية. حسب أقوال السكان فإن دخول البيوت يتم بواسطة اقتحام الأبواب، وفي بعض البيوت يتم إجراء تفتيش واسع يتسبب في قلب البيوت رأسا على عقب وإحداث ضرر كبير لها. والظاهرة الأخطر هي التحقيق في الشرطة مع أولاد دون سن ألـ 12 عاما سن المسؤولية الجنائية، حسب القانون.

وعدا عن كون أداء الشرطة في هذه الحالات باطلا ومخالفا للقانون، فإنه يعدم أي مواجهة مع الواقع المركّب الذي يؤدي بالأولاد إلى رمي الحجارة، على فرض أنهم رموها فعلا, فقرارها التعامل مع الأمر بقبضة من حديد، لا يخفف من شحنات التوتر ومشاكل المنطقة، بل يؤدي إلى التصعيد في الوضع. في مجتمع يسعى إلى حماية حقوق الأولاد تشكّل طريقة عمل الشرطة هذه خيانة منها لوظيفتها.

أصابع حراس المستوطنين خفيفة على الزناد
ونبه التقرير إلى أن حقيقة أن تعمل في القدس الشرقية شركات حراسة خاصة تعمد إلى استعمال القوة بما في ذلك السلاح الناري وإطلاق النار دون المراقبة المطلوبة من جانب الدولة يفتح الباب لانتهاكات خطيرة لحقوق السكان العرب. ويتضح من تقارير السكان بأنه في قسم من الأحداث يعتمد الحراس خطوات يعتبرها الأهالي تنكيلا تجاه الأولاد الذين يلعبون في الأزقة وتجاه البالغين أيضا، وفي الحالات الأشد خطورة يكون هناك عنفا لفظيا وجسديا يصل حد استخدام السلاح الناري. وحسب ما ورد في التقرير بناء على ادعاء الأهالي فإن أصابع الحراس خفيفة على الزناد وهم يعتقدون أنهم أصحاب الحلّ والربط فيما يتصل بسير الحياة اليومية في هذه الأحياء. اولظاهرة الأساسية التي يُشير إليها السكان هي أعمال التنكيل والعنف من جانب الحراس بحق السكان الفلسطينيين الذين يحتكون عن قرب بالحراس هم الأولاد الكثيرون الذين يلعبون في الأزقة وقد نتجت عن تجربة الأطفال المتراكمة مع الحراس ما يسمونه الخوف من العنف اللفظي والجسدي تجاههم. ويؤكد كثير من الأطفال أنهم في أعقاب ذلك يمتنعون من اللعب في الشوارع. ويقول الأهالي في بعض الحالات أنهم يمنعون أولادهم من اللعب خارج البيت خشية المواجهات مع حراس المستوطنين.

ومن الجدير ذكره أن أصابع الحراس صارت خفيفة على الزناد في الأشهر الأخيرة، إذ ازدادت الحوادث التي استعملوا فيها السلاح بأنواعه المختلفة تجاه السكان بل أطلقوا النار دون أي تحذير أو خطوات وفق نظام الحذر والتحذير قبل إطلاق النار الذي يلزم قوات الشرطة والجيش في إسرائيل. برز في الأحداث الاخيرة في القدس قيام حراس المستوطنين بفتح النار في حين أن الشرطة فضلت استعمال وسائل أقل ضررا وخطرا. ويستدلّ من الشهادات أنه في عدد من المواجهات غابت الشرطة عن الأحداث ولم تحضر إلا في مراحل متأخرة نسبيا.

انتهاك الخصوصيات
ويشير التقرير إلى أن الكثيرين من سكان الأحياء الفلسطينية يشتكون من أن المئات من كاميرات التصوير المثبتة في الأحياء موجهة نحو بيوتهم ومداخلهم الخاصة تنتهك بشكل خطير خصوصيتهم. وكما هو معروف فإن الحق في الخصوصية هو أحد الحقوق الأساسية الهامة، ويُقصد به أن يحفظ للفرد حيز يستطيع فيه أن يعيش حياته الشخصية بعيدا عن أعين الآخرين أو تدخلهم. وعلى الرغم من أنه يمكن من حيث المبدأ تقديم شكاوي للشرطة في هذا الخصوص يمتنع الأهالي عن القيام بذلك في ضوء غياب الثقة بسلطات تطبيق القانون. وحسب ادعاءات السكان الفلسطينيين فإن المتضرر الأكبر من كثرة الكاميرات ومن عدم مراعاة الأنماط والعادات الاجتماعية العربية الإسلامية هن النساء. كما يعاني الفلسطينيون من تصويرهم المستمر من قبل المستوطنين وحراسهم الذين يصورونهم أحيانا عن قرب وسط الشارع دون أن يوضحوا لهم الأسباب لذلك.

والأكثر من ذلك فإن كاميرات المراقبة غير الموجّهة إلى الحيز الخاص للسكان، على غرار مئات كاميرات الشرطة المثبتة في أرجاء البلدة القديمة تمسّ بخصوصية السكان وحقهم في الاستقلالية والكرامة. كاميرات المراقبة هي وسيلة تنتهك الخصوصية وتهدد حقوق وقيم هامة أخرى. وبوصفها كذلك ينبغي أن تخضع لقيود وضبط السلطات، وهو ما لم يتم تنفيذه في إسرائيل حتى الآن بخصوص كاميرات مثبتة في الحيز العام، وهذا الأمر صحيح بالنسبة لكل شخص وكل مجتمع لكنه يحمل معاني خطيرة فيما يخص القدس الشرقية، حيث تسكنها مجموعة مستضعفة بشكل خاص تجد صعوبة في حماية حقوقها.

عدم منع الإزعاج والتحريض
وأكد التقرير أن التواجد اليهودي في الأحياء الفلسطينية في القدس جلب معه ظواهر مختلفة منها الاحتفالات الكثيرة التي تصل أحيانا حد إسماع أقوال خطيرة وشتائم ضد السكان الفلسطينيين. وفي هذا الموضوع أيضا تمتنع الشرطة عن معالجة شكاوي السكان في حالات كثيرة.

وعلى سبيل المثال ، في احتفالات يوم "ضم القدس" مساء 14/5/2010 وصل حوالي أربعين زائرا يهوديا الى حي وادي حلوة في سلوان، حيث قاموا بالغناء والرقص على طول الطريق من خلال التفوه بأقوال عنصرية مثل "الموت للعرب" وأقوال مثل "عام يسرائيل حاي" نكايةً بالأهالي كما روى أحمد صيام مختار وادي.

إضافة إلى هذا، يشتكي السكان من أن الكثير من الاحتفالات التي تتم في الأحياء تستمر حتى ساعات الفجر الأولى وتقلق راحة الجيران في ساعات غير اعتيادية وبشكل دائم، لم تنفع حتى الآن مراجعات الأهالي للشرطة ولم يتم تطبيّق القانون بهذا الخصوص.

ويشكو السكان أيضا، من أن ضجيجا قويا يشكل مصدر ضيق لهم ينبعث من أعمال الحفريات الأثرية الواسعة التي تتم في وادي حلوة سلوان على مدار ساعات اليوم. ويُستدلّ من شهادات السكان أن الأعمال التي تنفذها سلطة الآثار وتمولها جمعية "إلعاد" الاستيطانية تستمر إلى ساعات متأخرة من الليل خلافا لما ينصّ عليه قانون ساعات العمل والاستراحة. إضافة إلى ذلك، يشتكي السكان من الضجيج والإزعاج المقصود والمفتعل من جهة حراس المستوطنين العاملين في الأحياء العربية، ومن جهة عناصر حرس الحدود المتواجدين في المنطقة بشكل دائم.

الاستيلاء على أراض وساحات تابعة لأهالي الحي
كما يحظى الوجود اليهودي في الأحياء الفلسطينية بدعم من جانب سلطات الدولة المختلفة يتجسّد بنقل ملكية ألأراضي إلى أيدي المستوطنين أو بتطويرها لسدّ احتياجاتهم من خلال تجاهل احتياجات السكان المحليين. ومثال صارخ للاستيلاء على مساحات من الأراضي التي كانت تحت تصرف السكان الفلسطينيين هو نقل حق التصرف وإدارة الحدائق الوطنية والمواقع السياحية إلى أيدي جمعيات ذات أجندة سياسية واضحة تعمل على تهويد القدس الشرقية. فقد منحت دائرة الأراضي الإسرائيلية في سنوات التسعين تفويضا بإقامة حماية وصيانة موقع "مدينة داوود" إلى جمعية "إلعاد"، وهي جمعية أحد أهدافها المعلنة تكثيف الوجود اليهودي في سلوان.

وفي حالات أخرى وضعت سلطات الدولة مساحات عامة مفتوحة تحت التصرف الحصري للجمعيات الاستيطانية. وهي حالة القطعة 44 في وادي حلوة- سلوان التي تبلغ مساحتها 850 مترا مربعا، إذ كانت لسنوات طويلة تحت تصرف أبناء عائلة قراعين التي تعيش بجوارها، حيث كانت تستعمل لزراعة اشجار الزيتون وأشجار مثمرة، وكساحة لعب لأولاد الحي. وفي عام 2000 تقريبا منحت دائرة أراضي إسرائيل التي تملك الأرض حق التصرف فيها إلى سلطة الطبيعة والحدائق. تسمح السلطة لجمعية "إلعاد" باستعمال هذه الأرض أيضا. وكانت النتيجة أنه تم تسييج الأرض وإغلاقها أمام السكان العرب، تشكل هذه الارض اليوم حديقة لإقامة المناسبات والاحتفالات لليهود فقط.

ومثال آخر لغايات السلطات في هذه الأحياء هو النية والعمل على وضع اليد على الأراضي الخالية الوحيدة في حي سلوان والشيخ جراح، وتحويلها إلى مواقف للسيارات لتخدم بالأساس السياح الوافدين إلى "مدينة داوود" في وادي حلوة سلوان وضريح "الصديق شمعون" في الشيخ جراح.
هذا الأداء للسلطات وفي مقدّمتها بلدية القدس، يأتي على خلفية النقص الشديد في الخرائط الهيكلية والمس المستمرّ بحقوق الإنسان في مجال التخطيط، مما زاد في الطين بلّة. وليس صدفة أن يثير الأمر حفيظة السكان الذين يعتقدون أن السلطات تؤيد وتدعم المستوطنين على حسابهم.

المس بحرية التنقل
وفيما يتعلق بحرية التنقل يقول التقرير إن سكان القدس الشرقية يجدون أنفسهم أحيانا كثيرة أمام حواجز تسدّ الطرق في وجوههم حتى عندما لا يكون الأمر بشأن خطر حقيقي على الأمن العام والأملاك. ويُستدلّ من شهادات السكان أن إغلاق الطرق يتم بشكل متتال عندما تقام نشاطات بحضور جماهيري في البؤر الاستيطانية في الأحياء الفلسطينية، بما فيها مناسبات خاصة تغلق خلالها الشرطة الطريق أمام الفلسطينيين بينما تبقيها مفتوحة أمام المستوطنين فقط. شهادات عن ممارسات كهذه من الشرطة تأتي بالأساس من شارعين في القدس الشرقية، من شارع وادي حلوة في سلوان، ومن شارع عثمان ابن عفان في الشيخ جراح.

أما بالنسبة للسكان الفلسطينيين فإن الأمر يشكّل مسّا خطيرا بحرية تنقلهم لأن إغلاق الطرق أمامهم يسبب اختناقات سير شديدة، يؤخرهم ويضطرهم إلى البحث عن طرق بديلة طويلة وملتوية للوصول إلى غاياتهم. يشتكي الأهالي من أن هذا الأمر يخلق إحباطا وتذمرا شديد خاصة في ضوء سماح الشرطة بمرور جمهور معين ومنعها ذلك من جمهور آخر.

واكدت المحامية نسرين عليان معدة وكاتبة التقرير انه في ضوء الواقع الذي يطالعنا في احياء القدس الشرقية من الواضح أن سلطات دولة اسرائيل، ومن ضمنها الشرطة وبلدية القدس ووزارة البناء والإسكان وغيرها فشلت فشلا ذريعا في مهمتها بتوفير الحماية والخدمات لكافة سكان المدينة دون تمييز. وإن نتائج هذا الفشل تنطوي على كارثة في كل ما يتعلق بحماية حقوق الإنسان، وهي تقوّض أساس وجود مجتمع ونظام سويين.

وتعمل اليوم الشرطة، بلدية القدس، ووزارة الاسكان في سلوان والشيخ جراح وأحياء أخرى من اجل تطوير سكن ومصالح المستوطنين على حساب السكان الفلسطينيين، الذين يبقون معرضين للعنف والاضطهاد. في حين أن التمييز الموجه والتطبيق الانتقائي للقانون يؤدي الى تردي مقلق، يشمل انتهاكات خطيرة لحقوق السكان. هذا الوضع يلزم عمل مستعجل وواسع.

ومن أجل إحداث تغيير جذري في وضع حقوق الإنسان في القدس الشرقية بوجه عام وفي الأحياء التي ذكرها التقرير بوجه خاص، بشكل يُتيح حياة يومية خالية من العنف والتنكيل والمضايقات المتنوعة، على سلطات الدولة أن تتحمّل المسؤولية وتغيير سياساتها من الأساس:

وعلى سلطات تطبيق القانون أن تجري فحصا جذريا بهدف التعامل على قدم المساواة مع كل السكان في المدينة. كما ينبغي تثقيف جمهور رجال الشرطة العاملين في القدس الشرقية من جديد بالأنظمة والقوانين ومحاكمة كل مّن يخرق صلاحياته ويستغل مسؤوليته بشكل مسيء, وعلى الشرطة أن تعتقل القاصرين وتحقق معهم بما يتفق مع القانون في القدس الشرقية، وعلى الحكومة أن تتبنى توصيات اللجنة العامة لفحص الحراسة والحماية في المواقع الاستيطانية في شرقي القدس من العام 2006، وأن تلغي نظام حماية المستوطنين بواسطة شركات خاصة، وتكليف المهمة للشرطة.

وينبغي وضع حدّ فعلي لعمل حراس وزارة الإسكان في هذه الأحياء الذين ينشطون هناك كقوة شرطة خاصة لصالح المستوطنين دون أي قاعدة قانونية, وعلى الشرطة أن تطبّق القانون وتنزع كاميرات الحراسة في الأحياء لانتهاكها الحيز الخاص, في حين أن على بلدية القدس ودائرة أراضي إسرائيل أن يغيرا سلم الأولويات في كل ما يتصل بتخصيص الأراضي العامة بحيث يتم الأخذ بالحسبان احتياجات الجمهور عامة. وينبغي الامتناع عن إغلاق مناطق في الأحياء بوجه سكانها الفلسطينيين وعدم إعطاء الأفضلية لاحتياجات المستوطنين أو احتياجات الزوار الوافدين إلى المواقع السياحية.

وأكدت عليان أن تغييرا جذريا في رؤية الأمور، والتوجّهات، وانقلاب لسلم الأولويات المعمول به اليوم يُمكن أن يخلقا واقعا جديدا لا ينطوي على توتر وخوف السكان الفلسطينيين الدائم من التنكيل والعنف وسلب أملاكهم. مثل هذا الانقلاب ضروري من أجل حماية الحيز العام الذي يحمي بدوره السكان كافة من المس بحقهم في الحياة والعيش بكرامة ويكفل لهم إجراءات قضائية عادلة وحرية التنقل والخصوصية وحق التملك، حقوق غير قائمة اليوم للسكان الفلسطينيين في مناطق آخذة بالاتساع من القدس الشرقية، "وخير البرّ عاجله".