الريّس: يجب اثارة قضايا التعذيب لدى القضاء الفلسطيني
نشر بتاريخ: 08/09/2010 ( آخر تحديث: 08/09/2010 الساعة: 13:59 )
رام الله- معا- اعرب ناصر الريّس المستشار القانوني في مؤسسة الحق عن أسفه لعدم وجود تشريع فلسطيني يعالج قضية التعذيب في مراكز الاحتجاز، وغيابه من اهتمامات المشرع الفلسطيني مما يشير الى وجود خلل في نظرة المشرع، خاصة في ظل تطبيق منظومة قانونية قديمة مختلطة في الاراضي الفلسطينية لا تنسجم مع فلسفة المجتمع الدولي.
واشار الريّس خلال برنامج بلا قيود الذي ينتجه مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب بالتعاون مع تلفزيون وطن، ضمن مشروع "كسراً للصمت، لا للتعذيب" الممول من الاتحاد الاوروبي الى ضرورة الاهتمام بموضوع التعذيب في التشريعات والقوانين الفلسطينية، لمنع تكرار حالات التعذيب التي حدثت خلال الفترة السابقة من قبل الاجهزة الامنية، مشيراً الى ان غياب المجلس التشريغي حال دون اقرار قانون خاص قد تم اعداده لتقديمه للمجلس في العام 2005.
وحول ان كان هناك فرقا بين التعذيب الذي تمارسه سلطات الاحتلال الاسرائيلي، او ما تقوم به الاجهزة الامنية الفلسطينية من الناحية القانونية، قال الريس "من الناحية القانونية لا يوجد فرق فيما يخص التعذيب بين من يرتكب هذا الفعل، سواء كان من ابن القطر الواحد، او من قبل شخص اجنبي، لان القانون الدولي لا يفرق وفق"شخص الجاني".
واضاف الريس "هناك فرقا في المرجعية القانونية لكل حالة، ففي حالة الاحتلال فان المرجعية القانونية هي القانون الدولي الانساني، واتفاقية جنيف الرابعه، والتي يتم الاحتكام اليها بين قوات الاحتلال والمواطنين، في حين ان المرجعية القانونية بين المواطن وسلطته هي التشريعات المحلية، اضافة الى القانون الدولي الانساني الذي لم يجرم الكثير من القضايا، ولكنه اعتبر التعذيب من الجرائم الدولية في حين ان القانون الدولي الانساني ادرج التعذيب ضمن جرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية.
واكد الريس ان بعض المواثيق والاتفاقيات الدولية اصبحت "اتفاقيات امرة"، بمعنى امتلاكها صلاحيات ملاحقة مرتكبي جريمة التعذيب ومساءلتهم سواء كانوا من دولة موقعه ومصادقة على تلك الاتفاقيات ام انها خارجها.
وبخصوص موضوع توثيق التعذيب اشار الريس الى ضرورة التفريق والتمييز بين التعذيب وما يختلط به من مصطلحات قريبة كالمعاملة القاسية الحاطة للكرامة الانسانية، موضحا ان التعذيب يمارسه احد النافذين بتطبيق القانون باستخدام الضغط الجسدي والنفسي ضد شخص اخر بغية الحصول على معلومات، بينما المعاملة القاسية تستخدم هذا الاسلوب بهدف الحاق الاذى بالضحية ، وتعمد ايذاءه دون مبرر.
واوضح الريّس "ان اهمية التوثيق تكمن في حفظ حقوق الضحايا على الصعيد الوطني، وحفظ الوقائع بتجلياتها الكاملة بصورة دقيقة، مشيرا الى ان التعذيب ومنع التوثيق يكون من توجهات الدولة البوليسية والنظام الحاكم الذي يعتمد هذا الاسلوب لفرض هيمنته ووجوده."
وتابع "التوثيق الدقيق المعتمد على اسناد ومعلومات موثقة وواضحة تساعد الضحية لاستخدام القضاء الداخلي والخارجي لملاحقة من نفذ التعذيب، مشيرا الى صعوبة تحريك الشكوى، والاستفادة من الالية القضائية اذا كان التوثيق مختل.
وحول التوثيق في معتقلات الاحتلال قال الريس ان هناك بعض الافراد والجهات التي تقوم بتوثيق بعض حالات التعذيب التي يمارسها جنود الاحتلال، من اجل حفظ حقوقهم، موضحاً ان تلك العملية تحتاج الى تقارير طبية وشهادات صادرة من جهات طبية متخصصة تثبت ان الشخص تعرض لضغط جسدي ونفسي.
وبشأن ان كان الاطباء في معتقلات الاحتلال يقدمون التقارير الطبية، والخدمات العلاجية الى الاسرى اوضح الريس "ان الاطباء هم جزءاً من الجهة التي تمارس التعذيب، وفي احيانا كثيرة يساعدوا المحققين في تعريفهم بنقاط ضعف المعتقل، مؤكدا انه لا يثق بالاطباء في المعتقلات، والمؤسسة الطبية الاسرائيلية التي تساعد الاحتلال على تنفيذ سياساته، وتغطية ممارساته وانتهاكاته".
ودعا في نهاية حديثه الى التفكير والتعاون لتسخير الادوات القضائية والقانونية الدولية، لملاحقة المسؤولين الاسرائيليين في المحافل والمحاكم الدولية، مشيرا الى ان رفع القضايا ضدهم في المحاكم الدولية تعتبر الخطوة الاولى لمقاضاتهم، ومحاكمتهم.
وتمنى الريّس ان يتم اثارة موضوع التعذيب لدى القضاء الفلسطيني، وان لا يُسكت عنه، معربا عن امله بأن يقوم كل شخص تعرض للتعذيب في مراكز التوقيف التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، برفع قضية ضد من نفذ التعذيب، او ضد السلطة الفلسطينية للحصول على تعويض عادل ومنصف، معللاً ان المواطن يخشى من التوجه الى القضاء ورفع قضية، لانه فاقداً للثقة ولم يرى يوما محاسبة المسؤولين عن تلك الاعمال
من جهته اكد وسام سحويل مدير دائرة الابحاث في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب ان التعذيب في سجون الاحتلال الاسرائيلي، وفي مراكز الاحتجاز الفلسطينية، غير عشوائي، ويعتمد على اسس علمية، يطوره اشخاص مختصين.
واضاف سحويل ان السياسة العامة الاسرائيلية لمنهج التعذيب تعتمد على تشريع التعذيب وفق قانون لانداو للعام 1987، والقانون الصادر عن ما تسمى"بمحكمة العدل الدولية للعام 1999" والذي اظهر استخفافاً بالقانون الدولي، حيث اقرت المحكمة بمنع التعذيب، دون ان تحدده وتعرف وسائله وانواعه وادواته.
وبين سحويل ان الاحتلال يمارس التعذيب الجسدي والنفسي، بحق المعتقلين باعتبارهما جزءاً من السياسة التي مارسها الاحتلال خلال الحقب الزمنية السابقة، موضحا ان سلطات الاحتلال تسعى الى تغيير طبيعة بعض الممارسات بهدف ابقاء الوسائل قادرة على احداث اثر في المعتقل.
واكد سحويل "ان التعذيب في سجون الاحتلال يشهد تحولا، حيث يزداد التوجه لاستخدام التعذيب النفسي ضد المعتقلين على حساب التعذيب الجسدي لاسباب كثيرة منها ان التعذيب النفسي لا يترك اثراً ملموسا على الجسد، اضافة الى صعوبة التحقق من التعرض للتعذيب النفسي فيما بعد، واستمرار اثاره الى فترة زمنية طويلة."
وحول دور الاطباء داخل المعتقلات في تقديم الخدمات العلاجية للاسرى، ومراقبة حالات التعذيب، قال مدير دائرة الابحاث في مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب "ان الاطباء يخضعون مباشرة لاوامر وقوانين مصلحة السجون الاسرائيلية، ويشاركون في عملية التعذيب ويساعدوا في التغطية على تلك الممارسات، مشيراً الى ان اخر التقارير والابحاث اكدت ان 10% من الاطباء داخل سجون الاحتلال ارتكبوا التعذيب النفسي ضد الاسرى، كما ان نحو 70% من الاسرى تم مفاوضتهم وابتزازهم على الاعتراف مقابل تقديم الخدمات الصحية لهم."
وبخصوص ان كان هناك فرقا في استخدام وسائل التعذيب بين الاسرى، قال سحويل ان جميع الاسرى يتعرضون للتعذيب، مع فرق كمية التعذيب، مشيرا الى ان الابحاث والدراسات الاخيرة بينت ان التعذيب الجسدي يمارس على الاسرى بشكل اكبر من الاسيرات، حيث يتعرضون للضرب على المناطق التناسلية، والشبح والاهانة، بينما يتعرضن المعتقلات الى التعذيب النفسي اكثر من الرجال.
اما بشأن التعذيب في مناطق السلطة الفلسطينية فقد اكد انه تم ممارسة التعذيب على نطاق واسع في الفترة الماضية، مشيراً الى قلة توثيق حالات التعذيب بسبب خشية المواطن وخوفه من الملاحقة والتعذيب مجدداً من قبل الاجهزة الامنية في حال اقدامه على رفع دعوى بما حدث، وهو ما قلل من حالات توثيق الجرائم.
ولفت سحويل الانتباه الى ان النافذين بتطبيق القانون في مراكز الاحتجاز الفلسطينية بدأوا يميلون الى استخدام ادوات قريبة من وسائل التعذيب النفسي، كالعزل وتجريده من الظروف المعيشية، وعدم تزويده باحتياجاته.