الى أين تأخذ الحرب اسرائيل؟ والى أين يأخذنا السلام؟
نشر بتاريخ: 09/07/2006 ( آخر تحديث: 09/07/2006 الساعة: 13:47 )
كتب رئيس التحرير ناصر اللحام - لا شك بأن الاسرائيليين قد ملّوا الحروب, وفي كل مرة يعود فيها جندي في تابوت خشب, تفيض عليهم اوجاع القرن الماضي, وفي كل مرة ينفجر فيها سوق او حافلة, يسألون انفسهم- ولو من دون مجاهرة- ماذا اخطأنا بحق السماء لينزل الله علينا هذه اللعنة؟
ومن جانبهم - الفلسطينيون يتساءلون ويقولون لانفسهم : في كل مرة نهفهف الجراح, ونترك السلاح, يستضعفنا العالم ويهضم حقوقنا, جنود الحواجز يجبرون نساءنا أن يلدن على قارعة الطريق, وقناصة يفقأون قلوب اطفالنا بالنحاس, ومستوطنات تبتلع ما تبقى من ارضنا وزيتوننا, فماذا أخطأنا بحق السماء لينزل الله علينا هذا البلاء؟
وما من مرة يلتقي فيها الليبراليون من كلا الطرفين لصنع السلام الا ويفشلون فشلا ذريعا, وهم يستحقون هذا الفشل لانهم سطحيون ساذجون يريدون معالجة القشور لا أكثر.
فالاسرائيليون يبحثون عن سلام استسلامي يكون فيه الفلسطينيون نعجة يجزون صوفها في الصيف ويستحلبون ضرعها في الشتاء , والفلسطينيون يريدون سلاما مؤقتا, الى حين استعادة حيفا ويافا والمجدل واللد والرملة.
وبعد مقتل اسحق رابين وفوز نتنياهو في منتصف التسعينات اكتشفنا نواياهم الاستيطانية, وبعد اشتداد عود حماس اكتشفوا زيف ابتسامتنا على الحواجز لجنودهم, ولمسوا جمر الرفض في قلوبنا, فسارعنا الادعاء بالدهشة وسارعوا يتذوقون الصدمة.
فقد كانت اتفاقية اوسلوا اشبه بصفقة بيض فاسدة واشتريناها نحن بنقود مزورة, وما ان حاولنا طهي البيض حتى قتلتنا رائحته الكريهة, وما ان حاولوا صرف الربح الذي جنوه حتى فقدوا عقلهم من الغضب, ولكن هذا لم يفاجىء الاف المثقفين العرب واليهود ... واذكر من بينهم للمثال لا للحصر , حيدر عبد الشافي واوري افنيري.
هم قتلوا منّا حتى كرهوا رائحة الدم, ذبحوا قادتنا واذلّوا اشرافنا, وقهرونا امام اطفالنا حتى صرنا نخجل ان ننظر في عيونهم فخرجنا في انتفاضة الاقصى وشعارنا اما الموت او الاستقلال, مرة والى الابد.
وقتلنا منهم الالاف, وحرقنا قلوبهم على اولادهم ليعرفوا ان لحمنا مرّ, واننا لن نجعلهم يهنأون لحظة, او يغمضون جفنا على هذه الارض, فبنوا جدارا يظنون انه يعصمهم من غضبنا.
اظهروا لنا أسوأ ما عندهم, واظهرنا لهم أسوأ ما لدينا, ولم يكتفوا, ولن نكتفي, ويقتلون ونقتل, ويقصفون ونفجر, ويسجنون فنخطف الى ان يقضي الله بيننا.
ولا اخفي انني ومثلي الملايين لم اعد ابحث عن حل, بل واشفق على من يحاول البحث عن حلول, فقد جربنا كل شيء تقريبا ولم ينفع ولن ينفع.
ونشاهد الان ثلاثة الوية عسكرية اسرائيلية تهجم على غزة, ونرى على البث المباشر عائلات تذبحها القذائف واطفالا يرتجفون مثل جناح عصفور حين تدكهم الصواريخ, فلا تتحرك شعرة واحدة في شوارب جنرالات الحرب.
واذا ليس اليوم, فبعد غد, سينجح فلسطيني في الدخول الى حافلة او مجمع تجاري اسرائيلي ويفجّر نفسه هناك فيحرق لحمهم ويشوي عيونهم, فلا تتحرك عضلة واحدة في وجوهنا.
نعم, انه الحقد, انها الكراهية, وعدم المسامحة, لن تغفر لهم, ولا نريدهم ان يغفروا لنا, لا نصدقهم, ولن يصدقوننا...
اتذكر الان حين وقف رئيس وزراء اسرائيل ارئيل شارون في مستوطنة جيلو قرب بيت جالا وكان فلسطيني فجر نفسه في حافلة وقتل عشرين اسرائيليا وسأله الصحافيون الاسرائيليون ما الحل ؟؟ فقال لا يوجد حل - الحل اما الله او عبد الله ، كما و اتذكر الان الزعيم الراحل ياسر عرفات حين وقفنا من حوله في مقاطعة رام الله عام 2002 وسألناه: سيدي الرئيس ما الحل؟ فقال: ... لا يوجد حل - الحل الوحيد هو ان تأتي قوات دولية وتفصل بيننا...
ملاحظة: يبدو ان الامم المتحدة وبدلاً من ان ترسل القوات الدولية الى هنا ارسلتها عن طريق الخطأ الى دارفور.