السبت: 16/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

كم تنفق السلطة على كوبونات البنزين الحكومية؟؟

نشر بتاريخ: 22/09/2010 ( آخر تحديث: 22/09/2010 الساعة: 18:30 )
رام الله -تقرير وكالة معا- لماذا انزلق الجدل بخصوص ما اثير مؤخرا حول هدر المال العام في مؤسسات السلطة الوطنية الى مستوى شخصنة هذا الجدل وسط تبادل الاتهامات والتشكيك في مصداقية كل طرف ؟، وفي اوج هذا الجدل الصاخب لم يلتفت احدا الا القليل الى ان المشكلة المرتبطة بظاهرة الفساد واليات معالجتها ومحاربته لا يمكن من خلال بث الشائعات ونشر المعلومات بدون ادلة قاطعة، بل ان المطلوب التركيز على البيئة القائمة المواتية لارتكاب الفساد من جانب ، وتسليط الضوء على الاجراءات والقوانين والانظمة التي تمثل احد وسائل زيادة ارتكاب الفساد او مقاومته ومحاربته، الامر الذي يجعل من التركيز على الاجراءات المعمول بها في مؤسسات السلطة بمثابة "الحل السحري " في مكافحة الفساد لان تعديل وتصويب هذه الاجراءات هي المطلوبة وليس شخصنة قضايا الفساد التي تسيء للاشخاص وللسلطة على حد السواء اضافة الى انها تلحق الضرر بمصداقية السلطة الوطنية امام الشعب الذي يعتبر رضاه على اداء مؤسسات السلطة واليات عملها في مكافحة الفساد هي الغاية الاساسية لكل من يتولى منصبا عام ويكون مسؤولا عن انفاق المال العام.

في معمعمة الجدل والتشكيك والقذف والقدح التي جاءت على خلفية قرار الحكومة سحب المركبات العمومية من الموظفين العموميين الذين يستخدموها لاغراض شخصية بصورة غير مشروعة، وما تبعه من بدء معركة اعلامية صاخبة دارت رحاها بين مؤسسة ائتلاف امان ومفوضها العام د.عزمي الشعيبي ومجلس الوزراء من جانب ونقابة الموظفين العموميين وديوان الرقابة واتحاد نقابات المهن الطبية من الجانب الاخر، عمد كل طرف للتعرض للطرف الاخر بالقدح والتشهير وبث معلومات ثبت بعضها من خلال متابعة وكالة معا لتلك المعلومات بانها معلومات غير دقيقة ومنها الحديث عن رواتب ضخمة يتقاضاها موظفو مؤسسة امان تصل الى ما بين 5000 الى 30 الف دولار اميركي حيث تبين بعد مراجعة كشف رواتب الموظفين في المؤسسة ان تلك المعلومات مبالغ فيها بصورة كبيرة جدا.

في المقابل فان احد المسؤولين الذي اثيرت حوله قضايا مرتبطة باستخدام مركبة حكومية هو وزوجته، نفى في حديث لـ(معا)، صحة تلك المعلومات التي نشرت وتستهدف شخصنة القضايا المطروحة، مؤكدا ان تلك المعلومات عارية عن الصحة خاصة فيما يتعلق بزوجته التي حسب القوانين لا يحق لها قيادة سيارة حكومية كونها لم تحصل حتى درجة مدير( س).

ورغم ان قضية المركبات الحكومية واستخدامها بطرق غير مشروعة فجرت حالة الجدل والاتهامات، الا ان نقيب الموظفين العموميين، بسام زكارنة، اعلن في حديث لـ (معا)، رفضه القاطع لشخصنة القضايا المرتبطة بالموظفين .

وقال " انا نقيب ومن واجبي ان ادافع عن جميع الموظفين وفق القانون "، موضحا ان قضية المركبات انتهت من خلال التوافق على لجنة مختصة تتولى مسؤولية مراقبة وجمع هذه المركبات دون المساس بكرامة الموظفين او اهانتهم.

والموقف نفسه يؤكده الشعيبي حينما يؤكد رفضه القاطع لشخصنة هذه القضايا واهمية التركيز على الاجراءات ، موضحا ان امان كمؤسسة ناشطة في محاربة الفساد اكثر من يهممها حول موقف الحكومة المسؤولة عن انفاق المال العام وموقف المؤسسات الرسمية المسؤولة عن محاربة الفساد والنائب العام.

وقال الشعيبي في تصريحات صحافية ، هناك متضررون من الاجراءات الاصلاحية ومحاربة الفساد لذلك فانهم يسعون الى شخصنة القضية وتحويلها الى صراع بين افراد وشخصيات مع انها قضية تهم كل المجتمع الفلسطيني .

ومن الواضح انه كلما نجحت السلطة في تعديل الاجراءات واقرار الانظمة الرافضة للفساد فانها بذلك تعمل على الخط السليم ، وفي المقابل ان شخصنة قضايا الفساد أثبتت انها غير مجدية بالشكل المطلوب لتحقيق الشفافية والنزاهة، وتؤثر بصورة او باخرى على وعي الجمهور التي يميل في اغلب الاحيان لمعرفة الفاسدين وتداول اخبارهم بالسر والعلن، دون ان يكون هناك تحرك جدي على المستوى الشعبي الذي في اغلبه مؤيد لمحاربة الفساد ومعاقبة المتورطين فيه.

ومن بين احد ابرز القضايا المرتبطة بسحب المركبات الحكومية من الموظفين الذين يستخدمونها بصورة غير مشروعة، ان الحديث يدور عن موظفين بدرجة مدير عام لديهم مركبات حكومية لاداء مهامها حسب المفترض لكنهم في الوقت ذاته يتقاضون بدل مواصلات من الخزينة العام وليس ذلك فحسب بل يحصلون على كوبونات بنزين ووقود ؟!.

وعند الخوض في التفاصيل وحسب دراسة اعدها ائتلاف امان حول كوبونات البنزين الحكومية والتي تؤشر الى انه آن الاوان لوضع اليات صارمة لضبط صرف كابونات البنزين وصرف الوقود والمحروقات في السلطة الوطنية؟، الحاحية طرح مثل هذا التساؤل منبعه من تاكيدات رسمية وشبه رسمية حصلت عليه وكالة "معا"، تؤشر الى وجود اشكاليات كبيرة ترافق عمليات صرف كابونات الوقود التي من المفترض ان تخصص للمركبات الحكومية اثناء اداء العمل، لكن الحديث يتجاوز اشكاليات الصرف لتوزيع بعض الكابونات لاشخاص ليس لهم علاقة بالوظيفة الحكومية، الامر الذي يستدعي وقف حالة التسيب الحاصلة سيما ان الحديث يدور عن مال عام يجب ان يكون محرما التهاون في انفاقه بصورة خارجة عن اطار القانون والانظمة من جانب ، واهمية العمل من اجل تظوير الانظمة والاجراءات المرتبطة بعملية الانفاق على اعتبار ان تصويب هذه الاجراءات وتعزيزها تعد المفتاح السري في وقف هدر المال العام .

في عام 2008 اثار ائتلاف امان موضوع كابونات البنزين من خلال دراسة اجريت لصالح الائتلاف كشفت استنادا لمعلومات رسمية بان الحديث يدور عن انفاق اموال طائلة من قبل السلطة على المحروقات بما فيها كابونات البنزين، حيث اشارت نتائج تلك الدراسة الى حجم الانفاق على استخدام الوقود من الموازنة العامة، مؤكدة ان اجمالي النفقات التشغيلية للسنة المالية 2005 حوالي 244 مليون دولار، شكلت ما نسبته 12.4% من النفقات الجارية، وما نسبته 10.9% من اجمالي النفقات العامة. وبلغ اجمالي النفقات المقدرة للوقود لسنة 2005 حوالي 2,935,000 دولار، أي ما نسبته 1.2% من اجمالي النفقات التشغيلية.

واوضحت الدراسة حينه ان اكبر المبالغ المرصودة تحت بند الوقود كان لوزارة الصحة حيث بلغت 4 مليون شيكل ( حوالي مليون دولار ) من اجمالي النفقات التشغيلية المقدرة بحوالي 22.8 مليون شيكل ( حوالي 5.6 مليون دولار ) ، أي ان نفقات الوقود تشكل ما نسبته 1.7% من اجمالي النفقات التشغيلية لوزارة الصحة. وكان اقل المبالغ المرصودة تحت بند الوقود هو في كل من التوجيه الوطني ودائرة العلاقات القومية والذي قدر بحوالي الفي شيكل لسنة 2005 ( 500 دولار ) من اجمالي النفقات التشغيلية والمقدرة بحوالي 385 الف شيكل للتوجيه الوطني ( حوالي مئة الف دولار ) و 229 الف شيكل ( 55 الف دولار ) لدائرة العلاقات القومية بما نسبته 0.5% من اجمالي النفقات التشغيلية للتوجيه الوطني، و 0.8% لدائرة العلاقات القومية.

وبالمقارنة مع الاعوام 2003 و2004 نجد ان اجمالي النفقات على بند المحروقات لعام 2003 هي 8,138,000 شيكل ( حوالي مليوني دولار ). وبلغ اجمال النفقات على بند المحروقات لعام 2004 (اعادة تقدير) حوالي 6,463,000 مليون شيكل ( 1.6 مليون دولار ).

وبإجراء مقارنة الانفاق على المحروقات في الاعوام 2003، 2004، 2005 لا نجد ان حجم الانفاق يأخذ مساراً محدداً سواء باتجاه الصعود او الهبوط. حيث نلاحظ ان حجم الانفاق على الوقود قد تراجع في العام 2004 مقارنة مع العام 2005 بنسبة 20.6%. وقد يعود جزءاً من اسباب هذا التراجع الى سياسات ضبط الانفاق في السلطة الوطنية، وسياسة الرقابة على استخدام الوقود، الا ان ارتفاع اجمالي المبلغ المرصود للمحروقات في مشروع موازنة العامة لسنة 2005 الى 12345000 شيكل ( حوالي 3.1 مليون دولار ) بنسبة 91% لا يشير الى استمرار تبني سياسة ضبط الانفاق التي توقعناها من الملاحظات على الانفاق على بند الوقود في الاعوام 2004 و2003.

واوضحت الدراسة ان الارقام المتوفرة لا تظهر حجم الانفاق على الوقود في مختلف وزارات ومؤسسات السلطة الوطنية، سواء كانت للمركبات او لأغراض اخرى. كما ان الارقام لا تظهر ما استخدم منها لأغراض شخصية وفق الامتيازات الممنوحة لبعض المراكز الوظيفية، او حجم استخدام الوقود في مهام العمل، حيث يتم التعامل مع بند المحروقات في الموازنة العامة وفي مختلف موازنات مراكز المسؤولية كوحدة واحدة.

وعند مراجعة الاجراءات المعمول بها حينه تبين توفر نظام مالي تفصيلي موحد ينظم عملية الانفاق على الوقود في السلطة الوطنية، اذ كان يستند الى تعميم يشمل الكميات والفئات التي تستطيع الاستفادة من امتياز الحصول على كوبونات الوقود. لكنه تعميم يقوم على اساس منح كوبونات الوقود للاستخدام الشخصي، وليس وفق معايير تتعلق بحاجات العمل. كما انه يتعامل مع الكميات ليس كحد اقصى، حيث لم يذكر في تلك البنود (الحد الاقصى المسموح به) على سبيل المثال؟!

واشارت الدراسة الى ان هناك آليات رقابة جيدة تتبع في وزارة المالية للرقابة على استخدام كوبونات الوقود، ولكنها غير كافية، وخاصة فيما يتعلق بعدم القيام بفرز الاستخدام الشخصي والاستخدام لمهام العمل فيما يتعلق بصرف كوبونات الوقود. واستخدام كافة الكشوفات والنماذج المعدة مسبقاً لهذا الغرض، كما ان عدد كادر الموظفين الذين يتبعون الدائرة العامة للرقابة المالية العسكرية في وزارة المالية غير كاف، اذ ان ستة موظفين لا يستطيعون القيام بمهامهم بكفاءة عالية، مما يؤدي الى التأثير سلباً على الاداء الرقابي، ولا ينسجم مع سياسة رفع كفاءة الرقابة على الاداء المالي والاداري في السلطة الوطنية.

واوضحت انه لا يتم فرز استخدام الوقود في اغلب الوزارات والمؤسسات العامة لاتمام مهام العمل وما استخدم منها بشكل شخصي، علماً ان هناك نماذج لحركة السيارات مفترض ان تستخدم اثناء العمل وما بعد العمل.

ورأت الدراسة ان منح امتيازات كوبونات الوقود للفئات الوظيفية المختلفة باعتبارها مبلغ مقطوع دائم يصرف شهرياً مع الراتب تعتبر مخالفة لقانون الخدمة المدنية الذي نص على مجموعة من الحقوق المالية منها الراتب وعلاوات لم يتضمنها بدل الوقود، مؤكدة ان الاستمرار في احتساب بدل مواصلات من البيت الى مكان العمل وبالعكس، وفي نفس الوقت صرف كوبونات الوقود التي تستخدم كاستخدام شخصي للمدراء العامين وغيرهم يعتبر مخالفاً للقانون.

واشارت الى انه بالرغم من وجود آلية رقابة ميدانية على استخدام كوبونات الوقود من قبل العسكريين، والتي تتمثل بارسال موظفين من هيئة الامداد والتجهيز التابعة للأجهزة الامنية الى محطات الوقود للرقابة والتدقيق على مستخدمي كوبونات الوقود، الا ان هذه الآلية بحاجة الى التطوير والتكامل مع آليات تدقيق اخرى.

الاطار القانوني:

وفقاً لأحكام قانون الموازنة العامة والشؤون المالية رقم (7) لسنة 1998، فإن بند المحروقات هو احد البنود المدرجة ضمن بنود النفقات التشغيلية، وذلك من اجل تمكين العاملين في السلطة الوطنية الفلسطينية من القيام بالمهام المنوطة بهم وفق مراكزهم الوظيفية. ويشمل بند المحروقات ما يتم استخدامه في التدفئة وفي تشغيل المولدات الكهربائية، بالاضافة الى كويونات وقود السيارات وهو ما سيتم التركيز عليه في هذا التقرير.
وتحدد كل وزارة او مؤسسة عامة او هيئة عامة المبلغ المطلوب لتغطية نفقات بند المحروقات للسنة المالية، وتدرس من قبل وزارة المالية وقد تجري عليها بعض التعديلات قبل ان تحال الى مجلس الوزراء.

وكانت عملية صرف كوبونات الوقود تتم وفق تعميم من وكيل وزارة المالية المساعد ومدير عام وزارة المالية صدر بتاريخ 1/1/1997 والذي تضمن آلية بدل المهمات الخارجية، وآلية استخدام البليفونات وألية استخدام المحروقات. وتنص آلية استخدام الكوبونات على ان يتم الصرف لكل من التالية مناصبهم كوبونات محروقات بالقيمة المقررة شهرياً وفق التالي:

1. الوزير/ الوكيل/ الوكيل المساعد 1500 شيكل ( 400 $ )شهرياً
2. المدير العام 1000 شيكل (270 $) شهرياً

ملاحظة: ما يزيد عن ذلك يعرض الى السيد وكيل وزارة المالية المساعد لأخذ الموافقة.

وفي العام 2003، ادخل تعديلاً على الآلية المعمول بها في السلطة الوطنية، حيث تم استبدال المبالغ المالية بالليترات بسبب الارتفاع المتواصل في اسعار الوقود، فقد تم استبدال المبالغ المالية بما يعادلها من الوقود، بحيث اصبحت كمية الوقود المخصصة شهرياً للوزراء والوكيل والوكيل المساعد 450 لتراً شهرياً، وللمدير العام 300 لتراً شهرياً. ومن الجدير ذكره ان التغير في هذه الآلية تم بموافقة وزير المالية على اقتراح مقدم من مدير عام وزارة المالية الى وزير المالية والذي اشر عليه "مع الموافقة".

وما زالت عملية صرف كوبونات الوقود تتم وفق الآليتين، فبعض الوزارات تعتمد السقف المالي، بينما تعتمد وزارات اخرى سقف الليترات، وتقوم وزارة المالية بالصرف وفق الاثنتين.

وفي هذا الاطار تبرز مجموعة من التساؤلات:
1.هل يحق لمن حصل على امتياز استخدام مركبة حكومية كاستخدام خاص الحصول على امتياز استخدام الوقود على حساب الموازنة العامة؟ كوزير متقاعد مثلاً؟!
2.هل يحق لأي من العاملين في السلطة الوطنية الحصول على امتيازات استخدام كوبونات البنزين كاستخدام خاص على حساب الموازنة العامة حتى لو لم يملك حق استخدام مركبة حكومية كاستخدام خاص، وكان يشغل منصب وكيل او مدير عام على سبيل المثال؟!
3.هل هناك نظام تفصيلي لهذا الاستخدام يحدد من يستطيع الحصول على هذا الامتياز غير الواردة وظائفهم في القرار، كالمستشارين على سبيل المثال، وما هو السقف الاعلى المسموح به الذي يمنح تلقائياً حتى لو لم يستهلكه المسؤول، وما هي الآليات التي تحدد هذه الامتيازات؟
4.هل هذا النظام قادر على فرز استخدام كوبونات الوقود لأغراض خاصة، والاستخدام لمهام العمل؟
وقد جرى تغيير على قرار وزير المالية من خلال قرار مجلس الوزراء رقم (22) لسنة 2004 بشأن الاشراف على المركبات الحكومية، والذي ينص في المادة (1) على : "تنقل مسؤولية الاشراف على المركبات الحكومية الى الوزارات والمؤسسات الحكومية، بحيث تتولى كل وزارة او مؤسسة حكومية المسؤولية عن مركباتها بما يشمل الاشراف على تطبيق نظام الاستخدام، الوقود، الصيانة، والتأمين". بعد ان كانت مسؤولية الاشراف على المركبات الحكومية تتم من قبل وزارة النقل والمواصلات، وحسب القرار المذكور فإن المسؤولية اصبحت تنحصر في الوزارة المختصة بما في ذلك الاشراف على تطبيق نظام صرف الوقود لهذه المركبات. وقد اكدته المادة (62) فقرة (2) من النظام المالي رقم (43) لسنة 2005م للوزارات والمؤسسات العامة والتي تنص على ما يلي:
"2. تتولى الدائرة (الوزارة او المؤسسة العامة) المسؤولية على المركبات الحكومة بما في ذلك الاشراف على تطبيق نظام استخدام، الوقود، الصيانة والتأمين"

فالفقرة (2) من المادة المذكورة تمنح المسؤولية للدائرة (الوزارة او المؤسسة العامة) في الاشراف على تطبيق صرف كوبونات الوقود. وهذا يعني انه لا بد من وجود نظام يحدد آليات استخدام الوقود للمركبات الحكومية، واليات الرقابة عليه. حيث ان القرار الاداري الصادر عن وزير المالية يتعامل فقط مع الموضوع حصراً على انه امتياز محدد لمراكز وظيفية والسقف المسموح لها.

استخدام كوبونات الوقود للوزراء ووكلاء الوزراء والوكلاء المساعدين:

وجرى تطوير للقرار السابق من خلال قرار مجلس الوزراء رقم 86/2006 بنظام عمل المركبات الحكومية، حيث تنص المادة (5) على: "يصرف لرئيس الدائرة الحكومية ما يحتاجه من الوقود بشكل غير محدد. ويصرف لوكيل الوزارة الحكومية (250) لتر من الوقود كحد اقصى شهرياً وذلك بعد موافقة رئيس الدائرة الحكومية.

كما يصرف للوكيل المساعد (150) لتر من الوقود كحد اقصى شهرياً بعد موافقة رئيس الدائرة الحكومية". هذه المادة من القرار المذكور حددت الفئات التي تستطيع الحصول على امتياز استخدام الوقود وهم : الوزير، الوكيل، والوكيل المساعد فقط. وحسب فهم المادة المذكورة فإن من هم في حكم الوزراء من رؤساء المؤسسات الحكومية، لا ينطبق عليهم نص المادة المذكورة، وبالتالي لا يحق لهم الحصول على امتياز الوقود. وايضاً فإن النظام المعمول به من منح امتياز الحصول على كوبونات الوقود للمدراء العامين او من هم اقل درجة في السلم الوظيفي يصبح مخالفاً لقرار مجلس الوزراء والذي يلغي قرار وزير المالية. كما ان المادة المذكورة لم تحدد للوزير السقف الاعلى من كميات الوقود التي يستطيع الحصول عليها، حيث يستطيع الوزير الحصول على الكمية التي يحتاجها من الوقود دون تقييد. الا انه تم تقييد هذا الامر بالنسبة للوكيل والوكيل المساعد من جانبين: الاول يتعلق بالكمية وهي (250 لتر للوكيل) و(150 لتر للوكيل المساعد)، والثاني يتعلق باشتراط حصول ذلك بموافقة الوزير. ويلاحظ هنا ان نص المادة لم يحدد ماهية الاستخدام للوقود هل هي للاستخدام الخاص ام للقيام بمهام العمل او بكليهما دون تحديد؟ الا انه وبالنظر الى نص المادة (13) من قرار مجلس الوزراء رقم 86/2005 حول وقود مركبات الحركة والذي ينص على: "يتم صرف عدد من لترات الوقود لكل مركبة حركة وفق جدول وآلية ورقابة محددة في دائرة الحركة لدى كل دائرة حكومية" . وهو ما يعني التمييز بين المركبات الحكومية للاستخدام الشخصي، والمركبات الحكومية لاستخدام العمل (مركبات الحركة)، وبهذا فإن نص المادة (5) يتعلق بالمركبات الحكومية ذات الاستخدام الشخصي بما في ذلك الوقود.

استخدام كوبونات الوقود لأعضاء المجلس التشريعي:

وحسب الدراسة السابقة فان قانون "مكافآت ورواتب اعضاء المجلس التشريعي واعضاء الحكومة والمحافظين رقم (11) لسنة 2004" لم يتطرق الى اية امتيازات لأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني بشأن استخدام الوقود كاستخدام عام او شخصي على حساب الخزينة العامة. حيث حصر الحقوق المالية لرئيس واعضاء المجلس التشريعي في المكافأة الشهرية وبدل مهمات عن جلسات المجلس ولجانه واعفاء جمركي لسيارة واحدة وصيانتها وترخيصها، ولم يتطرق الى حقهم في الحصول على صرف بدلات وقود لتلك المركبات.

وهذا ما اكده عبد الكريم ابو طه مدير عام المالية في المجلس التشريعي، حيث اشار في لقاء مع جريدة الحياة اليومية بتاريخ 5/4/2006 بأنه لا يصرف بدل وقود لأعضاء المجلس التشريعي وذلك على هامش جلسة عقدها المجلس التشريعي بشأن اقتراح بتخفيض رواتب اعضاء المجلس التشريعي. ولكنه ذكر لاحقاً في نفس السياق بأن اعضاء هيئة رئاسة المجلس يتمتعون بحق صرف وقود لمركباتهم بحكم طبيعة عملهم الاداري على مدار الشهر. وتنص الفقرة (1) من المادة (22) من قرار مجلس الوزراء رقم 86/2006 بنظام عمل المركبات الحكومية، والمتعلقة بمركبات اعضاء المجلس التشريعي على: " يصرف لهيئة المكتب في المجلس التشريعي مركبات حكومية ذات طابع شخصي ويعامل النائب الاول والنائب الثاني وامين سر المجلس التشريعي معاملة رئيس الدائرة الحكومية فيما يتعلق بصرف المركبات والبدلات ذات العلاقة" وهذا يعني ان رئيس المجلس التشريعي والنائب الاول والنائب الثاني وامين السر يستطيعون الحصول على كميات غير محددة من الوقود ذات الاستخدام الخاص حيث انهم يعاملون معاملة الوزراء في هذا الجانب استناداً الى نص المادة (5) من قرار مجلس الوزراء رقم 86/2006.

استخدام كوبونات الوقود في الاجهزة الامنية:

ووفقا للدراسة فانه كان يتم صرف كوبونات الوقود في الاجهزة الامنية للمسؤولين في تلك الاجهزة وفق الرتب العسكرية التي يتم مساواتها بالمناصب والمراكز الوظيفية المدنية، وذلك باستخدام جدول خاص يشمل المناصب والمراكز الوظيفية، مع قائمة بالرتب العسكرية التي تقابلها. كما يتم صرف كوبونات الوقود للرتب العسكرية الاخرى والمتعلقة بالمهام وفق تعليمات يصدرها مسؤول الجهاز او من يخوله بذلك.

آليات الرقابة على صرف كوبونات الوقود:

لقد تطرق خطاب وزير المالية في المجلس التشريعي الى حصر تنفيذ الانفاق في اطار القانون وتعزيز الرقابة والتدقيق على العمليات المالية. وذلك بما ينسجم مع ما نص عليه قانون الموازنة العامة والشؤون المالية، حيث نظم هذا القانون الاطار العام للرقابة على التصرف بالأموال العامة. فالانفاق العام لا يتحقق الا اذا توفرت الرقابة المالية الحازمة التي يمتد سلطانها الى كل بند من بنود النفقات العامة، على قاعدة الاقتصاد والتدبير.

لقد حدد النظام الفئات التي تستطيع الحصول على كوبونات الوقود للاستخدام الشخصي والسقف المسموح به للصرف، وهناك كوبونات تصرف ضمن مهام العمل هي بحاجة الى اجراءات رقابية وتدقيق لضمان عدم استخدامها كاستخدام شخصي، وبالتالي فإن الانفاق على صرف كوبونات الوقود، واسوة بباقي بنود الانفاق في الموازنة العامة يتطلب وجود آليات رقابية مناسبة، وكشوفات ونماذج معدة مسبقاً للتأكد من ان صرف النفقات قد تم بصورة صحيحة، وهذا ما تناولناه في تقريرنا حول "امتياز استخدام الهواتف النقالة في مؤسسات السلطة الوطنية".

وتقوم دائرة الرقابة الداخلية في وزارة المالية بمهام التأكد من عدم تجاوز السقف او الحد الاعلى المسوح به للفئات المستفيدة من صرف كوبونات الوقود، ولا تشمل فرز ما هو لاستخدام العمل وما هو للاستخدام الشخصي. كما ان مهمات المراقبين الماليين المعينين من قبل وزارة المالية في الوزارات والمؤسسات العامة لا تشتمل على القيام بالتأكد من مطابقة كشوفات عدادات السيارات لحصر كميات الوقود المستخدمة شهرياً ومقارنتها بالمسافات المقطوعة وطبيعة المهام التي صرفت في انجازها هذه الكميات من الوقود لتحديد ان كانت قد صرفت كاستخدام شخصي او لاتمام مهام العمل.

وفي اطار مهام وزارة المالية في الرقابة على صرف كوبونات الوقود المخصصة للأجهزة الامنية، فإن عملية صرف كوبونات الوقود تكون وفق كشف يرسل من رئيس او مسؤول الجهاز الامني الى وزارة المالية، ويشمل الكشف الاسماء والرتب العسكرية والمبلغ المطلوب تغطيته والسقف المحدد للصرف، ويرفق مع كوبونات الوقود نموذج لحركة السيارات الذي يتضمن مجموعة المسافات المقطوعة. وتتم مطابقة الكشوفات المرفوعة مع كشف مسبق تم تحديده من قبل رئيس الجهاز الامني بأسماء الاشخاص المستفيدين من صرف كوبونات الوقود ورتبهم العسكرية والسقف المحدد لكل منهم.

وتقوم وزارة المالية بتنفيذ رقابة مالية ميدانية على صرف كوبونات الوقود حيث يوجد لدى الوزارة آلية تتضمن كشفاً بالسيارات وارقامها واسماء المحطات التي تستطيع تلك السيارات التزود بالوقود منها باستخدام الكوبونات. ولتحقيق مزيد من التدقيق والرقابة تقوم هيئة الامداد والتجهيز او اللوازم العسكرية في الاجهزة الامنية بإرسال افراد مكلفين بالتدقيق على السيارات والكوبونات المستخدمة للتزود في الوقود، وذلك بمقارنة ارقامها بالكشف المحدد من الجهاز. حيث يقوم الافراد المكلفين بالمتابعة اليومية في محطات الوقود او القيام بزيارات مفاجئة لها.

ويتضمن النظام المالي رقم (43) لسنة 2005 للوزارات والمؤسسات العامة آليات الرقابة على تنفيذ بنود الموازنة للوزارات والمؤسسات العامة، ومن ضمنها آليات الانفاق المتبعة وتوثيقها وتسجيلها وتدقيقها، للتأكد من مدى مطابقتها لأحكام النظام المالي. وفيما يتعلق بالرقابة على استخدام الوقود، تضع المادة (62) من النظام المالي الاطار العام للرقابة على استخدام المركبات الحكومية حيث تنص الفقرة (2) من المادة المذكورة على ما يلي:
" 2. تتولى الدائرة المسؤولية على المركبات الحكومية بما في ذلك الاشراف على تطبيق نظام الاستخدام، الوقود، الصيانة والتأمين".

وهذا ايضاً ما تؤكده المادة (146) من النظام المالي رقم (43) لسنة 2005 للوزارات والمؤسسات العامة والتي تحدد فيها المهام للمراقبين الداخليين، حيث ان الفقرة (3) من المادة المذكورة تنص على: "الرقابة على نفقات الدوائر سواء الممولة من الموازنة العامة او المنح". وفي الفقرة (4) من نفس المادة تنص على: "التأكد من صحة تقارير الانفاق الشهرية قبل رفعها الى الجهات المختصة في الوزارة" أي تطبيق الرقابة الوقائية التي سبق واشرنا اليها والمتمثلة بالتأكد من صحة البيانات المتعلقة بالصرف على النفقة قبل رفعها الى وزارة المالية، حيث ان تقارير الانفاق الشهرية يجب ان تتضمن كافة بنود الانفاق بما فيها الوقود والتي لا بد ان تتوفر فيها الكشوفات التفصيلية والنماذج المعدة بشكل يسمح بالتدقيق على آلية الانفاق على كوبونات الوقود والتأكد ان كانت وفق الانظمة المالية المتبعة، حيث تشير الفقرة (7) من المادة (16) من النظام المالي رقم (43) لسنة 2005 للوزارات والمؤسسات العامة، الى وجوب توفر كشوف تفصيلية من ضمنها الكشوف التفصيلية بالمركبات الحكومية، وهذا يتيح امكانية تحديد استخدام الوقود ان كان لأغراض شخصية او لأغراض مهام العمل.

وتنص المادة (12) من قرار مجلس الوزراء رقم 86/2006 بنظام عمل المركبات الحكومية على: "يتم تحديد آلية عمل وفق الاصول المتبعة في كل دائرة حكومية لضبط عمل مركبات الحركة اثناء الدوام وبعد الدوام الرسمي وبالتنسيق مع النقل الحكومي في الوزارة"

كما نصت المادة (13) من القرار المذكور على: "يتم صرف عدد من لترات الوقود لكل مركبة حركة وفق جدول وآلية ورقابة محددة في دائرة الحركة لكل دائرة حكومية". حيث ان مهمات الرقابة للوزارة او المؤسسة العامة، تشمل الرقابة على استخدام الوقود وفق الانظمة واللوائح والتعليمات، وهذا الامر بحاجة الى توفر آليات رقابة على استخدام المركبات الحكومية بما في ذلك استخدام الوقود، والتي تتطلب وجود كشوفات ونماذج معدة لهذه الغاية. بحيث يتم اعداد وتجهيز المستندات الخاصة باستخدام الوقود، وفقاً لأحكام النظام، وفرز حالات الاستخدام الشخصي او الاستخدام ضمن مهام العمل. ويتم ذلك عن طريق مطابقة كشوف استخدام الوقود بنماذج حركة المركبات الحكومية المستخدمة في الوزارة او المؤسسة العامة، وهو ما يتحقق اذا وجدت رقابة مالية داخلية. ولذا تتوفر في بعض الوزارات والمؤسسات العامة ما يعرف بآلية استخدام المركبات الحكومية، وما يهمنا في هذا التقرير تلك الآلية آليات حركة السيارات التي لها علاقة بماشرة باستهلاك والوقود، فعلى سبيل المثال تتوفر آلية استخدام السيارات في الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ضمن برنامج التعداد العام للسكان والمساكن والتي تتضمن ما يلي:

1.ان يقوم مستخدم السيارة الحكومية بتوثيق حركة السيارة في السجل المخصص لذلك مع تحديد نوع الاستخدام سواء عمل او خاص.
2.في كلا الاستخدامين العام او الخاص يقوم مستخدم السيارة الحكومية بتعبئة نموذج سجل حركة السيارة والذي يسجل فيه التاريخ واسم السائق او مستخدم السيارة وساعة الانطلاق وساعة العودة وبداية عداد السيارة ونهايته مع الاحتفاظ بالسجل في السيارة لأي مستخدم آخر لاحق.
3.آليات الفحص والتدقيق على نماذج سجل حركة السيارات والتأكد من صحة التسلسل الزمني وصحة تسلسل ارقام عدادات السيارات واحتساب المسافات المقطوعة.

وحسب التوصيات الخاصة بالدارسة فانها اوصت باهمية العمل على اصدار نظام مالي موحد يحدد آلية استخدام الوقود في الوزارات والمؤسسات العامة، بحيث لا يتضمن اية امتيازات للاستخدام الشخصي للعاملين في السلطة الوطنية، وانما توفير المحروقات للسيارات الحكومية التي تستخدم اثناء العمل، وذلك بالزام الوزارات والمؤسسات العامة والاجهزة الامنية كافة باعتماد الآلية التفصيلية الموحدة لاستخدام للوقود، مما يسهل متابعة الاستخدام ويظهر شفافية عالية في هذا الاستخدام.

وضرورة التوقف عن الاستمرار في صرف كوبونات الوقود للعاملين في السلطة الوطنية الذين يستخدمون هذه الكوبونات ضمن الاستخدام الخاص، بما في ذلك التوجه من والى مكان العمل، والتوقف عن الاستمرار في صرف بدل مواصلات للموظفين الذين يستخدمون السيارات الحكومية التي تتمتع باستخدام الوقود كاستخدام شخصي.

كما اكدت على اهمية الاسراع في استكمال تعيين مراقبين ماليين في الوزارات والمؤسسات العامة تابعين لوزارة المالية، وتعيين مراقبين ماليين في الاجهزة الامنية تابعين لمؤسسة الرئاسة، وتحسين وضع الكادر الوظيفي في وزارة المالية، وتعيين مدققين ماليين في دائرة الرقابة المالية العسكرية، وذلك بهدف تمكين الوزارة من القيام بمهامها الرقابية والتدقيق على عمليات الانفاق، بما في ذلك الانفاق على الوقود.

وشددت على ضرورة التقيد باستخدام الكشوفات والنماذج كافة والتي خصصت لمتابعة استخدام الوقود اثناء العمل وما بعد العمل، وخاصة بما يعرف بنموذج متابعة حركة السيارات، وتسجيل عداد السيارة عن بدء الحركة وعند الانتهاء، وتسجيل التاريخ والوقت ومنطقة التحرك، واستخدام آليات الفحص والتدقيق على نماذج سجل حركة السيارات والتأكد من صحة التسلسل الزمني وصحة تسلسل ارقام عدادات السيارات واحتساب المسافات المقطوعة، وذلك للتأكد من مدى مطابقة كميات الوقود مع المسافات.

والزام كافة محطات الوقود بالتقيد بصرف كوبونات الوقود لمستحقيها الاساسيين، وعدم التعامل في عملية تجيير الكوبونات لغير المستفيدين الاساسيين منها. ويتم ذلك عن طريق الزام اصحاب المحطات بتسجيل البيانات المتعلقة بكل كوبون يتم صرفه، والزام المستفيد بالتوقيع قبل عملية الصرف، وفرض عقوبات رادعة في حالة عدم التقيد بذلك. حيث ان ارفاق توقيع المستفيد من صرف الكوبون، يمكّن المراقبين والمدققين الماليين في الاجهزة الامنية من مقارنة ذلك التوقيع مع توقيع الاشخاص الذين يقومون عادة بصرف كوبونات الوقود.