السبت: 11/01/2025 بتوقيت القدس الشريف

الاسكافي.. مهنة ضرورية لا يرغب أحد بتوريثها لابنائه

نشر بتاريخ: 25/09/2010 ( آخر تحديث: 25/09/2010 الساعة: 17:03 )
غزة- تقرير معا- وسط سوق الزاوية أحد الأسواق الشعبية في قطاع غزة، يجلس العديد من الاسكافيين يتزاحم عليهم المواطنون لإصلاح أحذيتهم.. فبدل أن يضطر المواطن لدفع 150 شيقلا، حوالي (40 دولارا) ثمن حذاء جديد فإن يفضل إعادة ترميم وتصليح حذاء مستخدم ما قد يكلفه 5 شواقل فقط، في ظل الحصار الذي يدفع بعضهم إلى التفكير مليا قبل أن يشتري حذاء جديدا.

مهنة الاسكافي يلجأ إليها فقط من تسد في وجهه طرق الرزق الاخرى لأسباب تتعلق بنظرة المجتمع احيانا وبمردودها الضعيف نسبيا في أحيان أخرى.

"معا" استمعت لمشوار 15 عاما قضاها أبو محمد نوفل (يعمل اسكافيا) واحد من بين عشرات الاسكافيين الذين رفضوا التحدث إلينا ربما قد يكون خجلا من المهنة، أو لأن البعض قد لا يقدر الجهد الذي يبذله هؤلاء لتوفير قوت عائلاتهم، فمنذ أن كان عاملا لدى البعض إلى أن أصبح اليوم صاحب العمل ويستقبل العمال لديه، بعد عشر سنوات من الجهد والتعب استطاع أن يشترى ماكينة لتصليح الأحذية.

أبو محمد الوحيد في عائلته الذي أتقن هذه المهنة بمهارة حتى غدا مصنعا في شكل إنسان قال لـ"معا": "هذه المهنة كأي صنعة يأتي الحذاء مهترئ ونرجعه جديدا من خلال تركيب نعل أو كعب جديد أو تخييطه".

ويقول: "لم يتسن لي ان أنهي دراستي، وكنت ابحث عن عمل عندما عرّفني احد أصدقائي على هذه المهنة وعملنا سويا وكنا عمالا إلى أن استطعت أن أكوّن نفسي وان يكون لدي عملي الخاص في هذه المهنة منذ خمس سنوات فقط عندما اشتريت الماكينة"، مبينا أن بداياته في العمل كانت صعبة ما اضطره إلى بيع مصاغ زوجته ليكوّن نفسه".

من خلال هذه الماكينة التي كلفته تسعة آلاف دولار استطاع أبو محمد أن يبنى لأطفاله الأربعة شقة تأويهم، ويذكر كيف قبلت زوجته بأن يكون زوجها اسكافيا بعكس كثير من البنات، مبينا انه من بين الصعوبات التي واجهته هي أثناء بحثه عن شريكة حياته فمعظم الأسر لم ترض أن تزوج بناتها لـ "كندرجيا" كما يقول مشددا "الحمد الله وجدت من رضيت بي كما أنا وقبلت أن تعيش مع "كندرجي" وهي التي تحثني على العمل في هذه المهنة وترفض أي حديث عن ترك المهنة".

ويفكر أبو محمد أن يترك مهنة الاسكافي في أقرب فرصة تتاح له خوفا على مستقبل بناته الثلاثة كما يقول "أخاف مستقبلا أن لا يأتيهن النصيب كونهن بنات "جندرجي" إلا ان جميع من حوله رفض الفكرة وحثه على التمسك بها كونه أتقنها.

وإذا ما كان سيحظى ابنه حسين بذات المهنة رفض أبو محمد الفكرة قائلا: "من خلال جلوسي لساعات طويلة خلف هذه الماكينة اطمح أن ادخل أطفالي إلى الجامعات، فالتعليم مهم فلا أريد لهم أن يعانوا ما عانيت".

في الصغر عانى أبو محمد كثيرا كونه اسكافيا دون أن يدرك أهمية مهنته، ومع مرور السنين بات عمله مصدر رزقه الوحيد وبات أمر اعتاد عليه هو وأفراد عائلته، يجلس خلف الماكينة ويفتخر بأنها قد تكون سببا في ان يرى ابنه حسين مهندسا أو طبيبا يفتخر به بين الناس".