الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

حين لا تدخل سيارة الإسعاف أحياء مقدسية: يستشهد الأطفال ويموت المرضى

نشر بتاريخ: 25/09/2010 ( آخر تحديث: 25/09/2010 الساعة: 22:18 )
القدس- معا- نشرت وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، اليوم السبت، تفاصيل إضافية عن ظروف وملابسات استشهاد الطفل الرضيع محمد أبو سارة من سكان بلدة العيسوية شمال القدس، والذي قضى صباح أمس الجمعة مختنقا بالغاز المسيل للدموع الذي أطلقته الشرطة الإسرائيلية على منازل المواطنين في البلدة خلال اليومين الماضيين.

ويتضح من رواية والد الطفل أن كثافة الغاز الذي أطلق خلال مواجهات الشرطة مع شبان البلدة، وامتناع سيارات الاسعاف الإسرائيلية من دخول الاحياء والبلدات الفلسطينية إلا بمرافقة شرطية حال دون تمكنه من نقل نجله بأمان إلى المستشفى لعلاجه من حالة ضيق النفس التي ألمت به جراء استنشاق الغاز.

وفي إفادته الكاملة لحقيقة ما جرى روى والد الطفل الشهيد:

"في مساء يوم الأربعاء 22/9/2010 أخذت طفلي لؤي ( عامان ) ومحمد ( عام ) إلى منزل والدي في الطور هربا من المواجهات التي اندلعت في العيسوية على اثر استشهاد الشاب سامر سرحان من سلوان،حيث كانت المواجهات قريبة من منزلنا في منطقة الظهير بالعيسوية. وعند الساعة الثانية من فجر يوم الخميس عدت إلى المنزل بعد أن أجريت اتصالا مع شقيقي والذي يقيم أيضا في العيسوية ، حيث أكد لي بأن المواجهات بين الشبان والقوات الإسرائيلية قد انتهت. لذا قررنا العودة إلى المنزل. وحين عدنا كانت رائحة الغاز تملأ المكان ، وفي داخل البيت أيضا.

في يوم الخميس 23/9/2010 اليوم التالي للمواجهات كان ابني محمد يعاني من ضيق في التنفس ، علما بأنه يعاني من أزمة منذ الولادة ، وكان يعتمد على استخدام البخاخ مرة واحدة في الأسبوع. وفي ساعات الظهر أخذت الطفل إلى مركز مؤحيدت الطبي حيث طلب الطبيب مني أن استخدم البخاخ بشكل مستمر مادام هناك ضيق بالتنفس ، ولكن الرضيع لم يتحسن وقررت عند الساعة السادسة مساء نقله إلى المستشفى. وبسبب إغلاق مداخل البلدة نتيجة تكدس المتاريس الحجرية والوجود الكثيف لقوات الشرطة الإسرائيلية لم أتمكن من مغادرة منزلي حيث كانت المواجهات تجري على بعد حوالي 150 -200متر هوائي !ولم أفكر بطلب سيارة الإسعاف ، لان سيارة الإسعاف الإسرائيلية لا تدخل البلدة إلا بمرافقة سيارة شرطة ، كما أن حجم المواجهات العنيفة في ذلك اليوم لم تكن تسمح بمرافقة سيارة الشرطة لسيارة الإسعاف!.

وبعد انتهاء المواجهات، أي عند حوالي الساعة الثانية من فجر يوم الجمعة 24/9/2010، قررنا النوم بعد أن شعرنا بأن طفلي محمد قد تحسن وأصبح التنفس لديه طبيعيا. ولكن عند الساعة الخامسة والنصف من فجر ذلك اليوم قامت زوجتي لتطمئن على الطفل الرضيع فوجدت عيناه مفتوحتان وكذلك فمه ، وعندما لمست جسده كان باردا كالثلج . عندها صرخت بأعلى صوتها فنهضت، ورأيت هول المشهد الذي كان عليه طفلي الرضيع، فحملته على الفور وركضت نحو الباب الرئيس للمنزل ولكني شعرت بالعجز أمام حالة الطفل المحمول بين يدي، وعلى الفور لجأت إلى والدي الذي يقيم بالطور وطلبت منه الحضور لنقل الطفل إلى المستشفى، فحضر عند الساعة السادسة صباحا، حيث توجهنا إلى مشفى هداسا العيسوية وهناك تم إعلان وفاة الطفل الرضيع ، وجاءت الشرطة وأجرت تحقيقا معي ومعي زوجتي كل على انفراد، وتم منحنا رخصة للدفن، وقد تم ذلك عند حوالي الساعة الثالثة مساء يوم الجمعة 24/9/2010 ".