الأحد: 24/11/2024 بتوقيت القدس الشريف

خلفيات وواقع العلاقة الفلسطينية السورية

نشر بتاريخ: 07/07/2005 ( آخر تحديث: 07/07/2005 الساعة: 22:54 )
بقلم: محمد عبد النبي اللحام
ابتعدت الصحف الفلسطينية الصادرة اليوم عن التحليل واكتفت بنشر صور واخبار زيارة الرئيس ابومازن لدمشق ، وعلى الصفحة الاولى من صحيفة القدس صورة ملونة للرئيس ابومازن الى جانب المسؤول السوري فاروق الشرع وكتب تحتها عنوان ان عباس سيلتقي قادة الفصائل الفلسطينية هناك الى جانب القمة مع الرئيس بشار الاسد .
وتأتي هذه الزيارة في سياق التحركات الفلسطينية ووفق المصالح الفلسطينية و السورية والفلسطينية السورية المشتركة ولا شك ان العلاقة ما بين الشكل الفلسطيني الرسمي والنظام السوري قد شهدت انعطافات عميقة وكانت في الغالب علاقات متوترة تراكمت عبر عقود من الزمن في محاولة سوريا لجذبها لفلكها ومحاولات فلسطينية للانفلات من منطقة الجذب ، فبدأ التوتر في العلاقة ما بين النظام السوري والقيادة الفلسطينية عام 1966 عندما قتل ضابط سوري من اصل فلسطيني هو ( يوسف عرابي ) قيل انه كان يعمل مع الجيش السوري من اجل التخلص من عرفات، وعقب اغتياله اصدر الاسد قرار باعتقال عرفات و12 من اعضاء فتح ، ومع ذلك فقد تدخلت القوات السورية بفرقة دبابات لتعزيز الموقف الفلسطيني في احداث ايلول عام 1970 في الاردن ، وكان لسوريا دور كبير في الاعتراف بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والذي ترجم في مؤتمر القمة عام 1974 ، وعادت العلاقة للتوتر عام 1976 عندما قام الجيش السوري بضرب وحده عسكرية فلسطينية، وبعد الحرب الاهلية اللبنانية دعمت سوريا تنظيمات يسارية لبنانية ضد منظمة التحرير وكانت القطيعة الحقيقية في اعقاب الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 وما تعرض له عرفات وحلفائه على يد النظام السوري وتشجيع الانشقاق داخل فتح بقيادة ابوموسى وحصار وحرب المخيمات الذي كان يستهدف طرد عرفات وأنصاره من الساحة اللبنانية وتقليص نفوذهم وخلق قيادة بديله للمنظمة بعيداً عن عرفات ، وكان هذا التناقض ايضاً في موقف الطرفين من غزو العراق للكويت حيث كان موقف المنظمة قريب للعراق وموقف سوريا مع الكويت ، وهذا التناقض والثقة المهزوزة بين الطرفين سمحت لاسرائيل بأن تلعب على المسارات العربية بعد مؤتمر مدريد وتوقع اتفاقاً منفرداً في اوسلو مع المنظمة وتبقي الحوار مع سوريا في واشنطن ........
ومنذ اوسلو زار عرفات دمشق مرتين في عام 1996 للقاء حافظ الاسد والثانية في تشييع الاسد ، وفي قمة عمان عام 2001 التقى عرفات مع بشار الاسد على هامش القمة وتم ترتيب زيارة لعرفات لدمشق وتم الغائها في اللحظات الاخيرة في حينه ......
وتأتي الجولة الجديدة للرئيس عباس لسوريا في اجواء أكثر انفراجاً وأكثر مصلحة فالسلطة تريد من سوريا ان تلعب دور الضاغط على الفصائل الفلسطينية الرافضة لاتفاق اوسلو وخاصة حركة حماس والجهاد فحماس في الداخل لها موقف متصلب وتصعيدي، وترجم ذلك بتصريحات الزهار الاخيرة حيث يأمل عباس بأن تمارس دمشق ضغوطاً على مشعل ورفاقه في الخارج لتليين الموقف والدخول في حكومة وحده وطنية وكذلك الالتزام بالتهدئه وعدم اعطاء اسرائيل مبرر للتأجيل او لضرب غزة في حالة تصعيد حماس عند الانسحاب الاسرائيلي وعلى اقل تعديل يريد عباس من دمشق ضمانات للهدوء في ظل الانسحاب وما يتبعه من خطوات ....

في حين تريد سوريا من التقارب والتجاوب ان تعيد لنفسها دوراً في المنطقة خاصة بعد تقليص النفوذ في لبنان نتاج الضغط الامريكي وكذلك بعث رسائل للخارج مفادها ان سوريا تلعب دور سلمي ودور المهدىء والدافع للاستقرار والسلام وذلك تبديداً للصورة التي تحاول ان تصورها الولايات المتحدة على انها داعمة للارهاب وحامية للجماعات الارهابية في فلسطين ولبنان والعراق . وتدرك القيادة السورية ان شخصية الرئيس عباس تحوز على تعاطف دولي ويجب عليها ان تتساوق مع هذه النظرة ، ويبرز في هندسة هذه العلاقة من الجانب الفلسطيني فاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية امين سر حركة فتح القريب تاريخياً من دمشق وكذلك جبريل الرجوب المستشار العسكري للرئيس عباس والذي قام بجولات مكوكية لدمشق في الفتره الاخيره . وهذا يعني ان التقارب مصلحة مشتركة تفرضها مقتضايات المرحلة على اقل تعديل .