الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

لا تفعلها يا ابا مازن

نشر بتاريخ: 01/10/2010 ( آخر تحديث: 01/10/2010 الساعة: 19:24 )
كتب رئيس التحرير - على متن الطائرة الرئاسية جلس الرئيس محمود عباس بيننا وقال : هذه آخر مرة تسافرون معي... ساد الصمت على ارتفاع 32 الف قدم فوق الاراضي التركية، وبعد برهة من الوجوم، انهارت اسئلتنا على الرئيس لكنه كان متحفظا على الاجابة، نظرت في عيني المستشار اكرم هنية علني اقرأ اية تعابير لكنه كان ابرع من لغة الجسد وخبأ ما يعرف تحت جفونه.

وبغض النظر عن صحة او عدم صحة، رغبة او عدم رغبة الرئيس في الاستقالة، فانني ارى خطوة الاستقالة، ضربة مؤذية للمجتمع الفلسطيني بتكويناته وانساقه، صحيح ان الرئيس سيكسب كثيرا، كثيرا جدا على صعيده الشخصي والاسري والنضالي والسيرة الذاتية، وستغني له القنوات الفضائية التي كانت تهاجمه، وسينظم فيه الدكتور الفطحل من لندن نثرا رومانسيا خجولا، وسيقرض الدكتور الفلاني من قطر اشعارا تراجيدية في خطوة الرئيس، وتستضيفه عواصم العرب واوروبا وافريقيا باعتباره الفارس الذي ترجّل عن صهوة الحكم ضد امريكا الامبريالية، وسيصدر بيان عن ابو فلان من غزة وابو علان من دمشق يؤكد الثناء ويكتب الكتاب ويعلي الجواب، وسيفرح الكثير من قادة رام الله لانهم يقتربون اكثر من سدة الحكم ....الا ان المواطن الفلسطيني المغلوب على امره سيعاني كثيرا ويتألم كثيرا من هذه الخطوة.

واذا كان الرئيس عباس يبحث عن السلامة الفردية فقط، فله ان يستقيل فورا، وسيحصل على ذلك بكل تأكيد، وسيربح مثله مثل الزعيم عرفات، سيربح ويدخل التاريخ بصموده امام امريكا واسرائيل.

ولكن عليه ان يعلم ان الفوضى ستعم المجتمع الفلسطيني لانه لا يوجد لغاية الان قيادة متفق عليها، وحماس وفتح لا تزالان مختلفتان على كل شيء، والمعارضة داخل فتح قوية، وحماس تتسع ثغراتها وتتعزز الفجوة بين الحزب وبين السلطة وبين دمشق وبين غزة، فحكومة غزة لا تزال تحتاج الى اموال قطر وايران من اجل البقاء والا تنهار في دقائق، وحكومة الدكتور سلام فياض لا تزال تحتاج الى شرعية الرئيس واموال الغرب والا تنهار في دقائق، والاهم من ذلك ان القيادات على اختلاف مشاربها لا تملك خطة بديلة للسلطة، ورغم كل ما نقوله في لحظة غضب لا نزال غير متفقين، كما لا نزال غير جاهزين.

يا ابا مازن، نريد وحدة وطنية ونريد انتخابات جديدة، وبعدها اذا تريد انت والقيادة الحالية قدّم استقالتك وفقك الله لكل خير، ويا حبّذا لو يستقيل معك قادة حماس ايضا وقادة الفصائل الاخرى التي تتحمل مسؤولية الهزيمة الداخلية التي لحقت بنا ... اما الان فلا تفعلها يا ابا مازن، ولا تترك شعبك في سفينة توقفت في عرض البحر... لا تتركنا لاصحاب المال وتجار السلاح وعصابات البزنس، لا تتركنا سلطة بلا سلطة وخزينة بلا مال وبحر بلا ميناء وسماء بلا مطار وقرى بلا زراعة ومدن بلا شوارع، لا تتركنا الان نتناحر على كراسي لا معنى لها ووزارات لا تحمل من السيادة الا تصريح من الحاكم العسكري للاحتلال، او نفق تحت الارض لم ير بعد شمس الحرية.