الأربعاء: 02/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

نداء الواجب يتغلب على الاحزان *بقلم: وائل رمانة

نشر بتاريخ: 18/10/2010 ( آخر تحديث: 18/10/2010 الساعة: 13:41 )
روح الانتماء وحرارة الايمان يجسدان الفداء فيتجليان في عيون سمراء تضيء قلوب وعقول الانسانية، التي تعي الكبرياء وتتحدى الهوان.

لا امتلك كلمات تعبر عن ذلك الفدائي ككلمات نبعت من قلب مجروح مفعم بالايمان، المستند الى مبادىء الوجود الفلسطيني، فهو فارس مغوار، رجل مقدام جرىء قال بعبارات التحدي: لست هنا لامثل ذاتي بل هي رسالة وطن وشعب فما اصابني انما هو جزء من تلك المعاناة المستمرة، لذا اهدي روح امي الحنونة، التي لم ارها منذ اكثر من عام ونصف الى شعبي، فانا لم ار، ايضا، عائلتي وابنتي منذ ولادتها.

حزن شديد ودموع تترقرق من عيني مقاتل قال: "يا اخي لو كنت بجانبها فهي الحنونة، التي عاشت من اجلنا وقضت عمرها تضحي، فقد ذهبت امي دون ان اراها ولم تراني، يا اغلى ام سامحيني، روحك العاشقة والمُحبة هي للوطن الغالي" .

قدر الله نافذ فقد تلقى مكالمة مؤلمة ذات وقع ثقيل، اثناء هبوط الطائرة في مدرج مطار موسكو تخبره ان والدته رحلت الى دار الخلود وهو بعيد، بصوت مليء بالحزن والشجن ويتوشح بالبكاء نادى: امي.. امي، وعلى الفور التف زملاؤه، كما وصفهم فرسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حوله حتى عاد الى الطائرة من خرج منها يواسيه ويشاركه البكاء والنحيب.

وباقل من دقيقة واحدة، فان اللواء جبريل الرجوب كعادته الأبوية يواسيه ويشاطره الحزن والاسى وقد فتح في وجهه جميع الابواب على مصراعيها مطلقا كل خيار للفارس المقدام، العودة على الفور فنحن على جاهزية تامة يا بني، لكن فارسنا تتلمذ على الصبر والتحدي وبثقة عالية قال: انا في واجب وطني ولن اتخلى عنه مهما بلغ الامر.

تماسك وكان عونا لزملائه وخاض مرانه ومباراته في اجواء اسرية حميمة تعود الجميع عليها وقد غلفتها المحمبة والمواساة لسليمان العبيد، الذي سطر معنى اخر من معاني الفداء.

ما جسده العبيد من رجولة وفداء هو مضرب مثل على مدى المعاناة، التي تواجه منتخبنا الوطني في كل لقاء يخوضه.

من نبع التجربة والامانة اجبت على سؤال من احد طلبتنا، وهو بالمناسبة يدرس في جامعة الصداقة في موسكو تمحور حول غياب بعض لاعبي الوطني، فلم اجبه فردا، ربما اردت الحديث في هذا الموضوع مستغلا جمع من الطلاب والجالية للاحاطة بجزء مما يعانيه منتخبنا الوطني، الذي تشرفت بمرافقته مرتين، الاولى اثناء مواجهة منتخب "جديان الصحراء" في العاصمة السودانية الخرطوم وهو منتخب قوي وعريق على المستوى الافريقي، اضافة الى هذا اللقاء " اقصد دينامو موسكو، الذي يعرفه الجميع" وفي كلتا التجربتين التم شمل منتخبنا على عدة مراحل ولكل مرحلة محطة وكذلك الامر اثناء العودة ناهيك عن موانع الاحتلال، التي تحول دون السماح لبعض اللاعبين من الخروج.

مع ذلك يتجمع جزء منهم في الاردن، كل مجموعة تخرج من ارض الوطن من معبر خاص حتى تلتقي مع الاخرى، ومن ثم تنطلق الى البلد المقصود كمحطة ثانية، وبعدها ينضم لاعبو الشتات الى المنتخب في ذلك البلد، وكل ذلك مرتبط بالرحلات الجوية لكل بلد، مثال انضم الكابتن رمزي صالح وعماد زعترة ومحمد شطريت ورأفت عياد الى المنتخب في موسكو كل على حدة، وعند العودة الى ارض الوطن يمنع الاحتلال دخول بعض اللاعبين رغم الجهود الكبيرة، التي بذلها اللواء الرجوب على المستوى الدولي للحد من هذه الصعوبات، والكل يعلم ماذا حدث مع المنتخب في مباراته مع موريتانيا، ومع ذلك فان الوصف لا يغني عن التجربة.