اخر حديث صحفي لسماحة السيد حسن نصرالله للواشنطن بوست قبل العدوان الاسرائيلي بايام

بيت لحم - معا- اجرى الصحفي الامريكي روبين ريت من صحيفة الواشنطن بوست حديثا صحفيا مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قبيل اندلاع العدوان الاسرائيلي الاخير على لبنان جمع فيه بين المقابلة الصحفية والسيرة الذاتية واحتارت صحيفة" معاريف" الاسرائيلية في اختيار عنوان له.

فعلى غلاف مجلتها اختارت عنوان "مقابلة مع الشيطان " وفضلت على صفحتها الداخلية عنوان "العدو يتكلم " نضعها بين ايديكم كاملة كما ورد من المصدر ..

الشيخ حسن نصرالله مجود في المكان الذي اختاره بالضبط حيث قص علي زعيم حزب الله اثناء لقائي معه في معقله بالضاحية الجنوبية من بيروت عن تطلعاته القيادية ورغبته الجامحة بالوصول الى ما هو عليه منذ ان كان طفلا في التاسعة من عمره وقال " كنت في العاشرة او الحادية عشر من عمري حين كنت اعتمر منديل والدتي الاسود واصنع منه عمامة واقول للحضور انا زعيمكم الديني ويجب عليك الصلاة خلفي ".

ويجمع نصر الله بين الرب والسلاح والسلطة وتتقاطع شخصيته مع الامام الخميني والثائر العالمي جيفارا بنموذج اسلامي ويتميز بقدرة تكتيكية عالية في ادارة حرب العصابات وذات كاريزما خاصة حيث تحولت عمامته الى علامة تجارية،ويعتبر السياسي الاكثر شهرة على الساحة اللبنانية وتصدح الهواتف الخلوية بالكثير من كلماته المنتقاة من خطاباته التي استعاض بها سواق المركبات العمومية في لبنان عن سماع الموسيقى ويمكننا مشاهدة صوره على البوستارات وعلاقات المفاتيح وبطاقات الهاتف وخلفيات اجهزة الحاسوب .

ومن ناحية اخرى يعتبر نصرالله من اكثر الزعماء الذين انقسم العالم العربي بشأنهم حيث يقف في مركز الصراع القاسي مع اسرائيل منذ 25 عاما واستطاع خلال مسيرته الطويلة ان يجمع بين الاسلامي المتطرف والسياسي العلماني حيث وصفه السفير الاسرائيلي في واشنطن داني ايلون باكثر الزعماء العرب ذكاء وخطرا .

نجح نصرالله في لعب دور الذكي والخطير حتى بداية الهجوم الاسرائيلي الاوسع منذ عام 1982 حيث شرح لي بتوسع فضائل الديمقراطية مضيفا بان الاستشهاديين فقط يستطيعون حماية الديمقراطية وقال " طالما هناك مقاتلون يسعون الى الشهادة ستبقى بلدنا امنه " وربما بعد الهجوم سيجد الرجل الذي اقام حزب الله نفسه مجبرا على الاختيار .

عندما قابلته في مكتبه قبيل بداية الهجوم الاسرائيلي اكد لي حسن نصرالله بان مستقبل الحزب سياسي بالدرجة الاولى وقال " يوجد لدينا اعضاء برلمان ورؤساء مجالس محلية ورؤساء نقابات وشركات واضاف بفخر اثناء جلوسنا في قمرة قيادته الذي حولته الطائرات الاسرائيلية الى كومة ركام " ان احتفاظنا حتى الان بسلاحنا امر اقتضته الضرورة بسبب التهديد الاسرائيلي الدائم ونحن حزب سايسي بكل معنى الكلمة يقع في المساحة بين ضرورة الاستمرار بالمقاومة واحتمال وقفها ".

الضاحية الجنوبية لبيروت والمعروفة بارض حزب الله اسم يتجاوز في معناه نصوص الكلمات ليعبر عن معاني الفقر والحاجة والازدحام اضافة الى الخطر تحول فيها الحزب الى شركة ضخمة حيث تقوم باعمال من المفترض بانها من واجب الحكومة بشكل افضل مما تقوم به اضافة الى اقامة الحزب لشبكة من الخدمات الاساسية مثل عملية جمع القمامة ومستشفى ومدرسة وصيدليات توزع الدواء على المحتاجين باسعار رمزية وبقالات تبيع بضائعها لسكان الضاحية باسعار غير ربحية ودارا للايتام ومؤسسات رعاية ابناء شهداء المقاومة وباختصار يتمتع اكثر من نصف مليون لبناني هم مجموع سكان الضاحية بخدمات حزب الله الذي يعتبر المشغل الثاني من حيث القدرة والحجم على مستوى لبنان .

نصر الله ولد في ضاحية مسيحية عام 1960 ليكبر اخوته التسعة والذي انضم لصفوف الحزب عقب الاجتياح الاسرائيلي عام 1982 وتلقى تعليمه في افضل المعاهد الدينية في العراق وايران وخضع هناك للتدريب العسكري ليتحول الى ابرز القادة العسكريين في تلك المعسكرات كأيقوانة جميلة .

وقال السيد حسن نصرالله لمحدثه الامريكي " كنت في الثانية والعشرين من عمري وكنا نتحدث عن مواضيع مختلفه ونتساءل هل يتوجب علينا طرد الاحتلال الاسرائيلي من ارضنا وكيف نستطيع القيام بذلك ولاحظنا ماذا يحدث في فلسطين والضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان وصحراء سيناء ووصلنا الى نتيجة مفادها انه يحظر علينا الاعتماد على دول الجامعة العربية او الامم المتحدة وان الطريقة الوحيدة لانجاز هذا الهدف هي التسلح وقتال المحتلين بانفسنا ".

واستطاع نصرالله مع قوة عسكرية بسيطة تتشكل من 600-1000 مقاتل نظامي والاف الشبان الذين جندهم من الشوارع ليتحولوا الى قنابل بشرية انجاز ما عجز عنه مئات الالاف من الجنود في جيوش مصر وسوريا والاردن واجبر اسرائيل على الانكفاء والانسحاب من جنوب لبنان.

تولى حسن نصرالله الامانة العامة لحزب الله عام 1992 ولم يتجاوز الثانية والثلاثين من عمره عقب اغتيال الامين العام السابق عباس موسي على يد القوات الاسرائيلية وكان اول قراراته الهامة السير بالحزب نحو دائرة العمل السياسي الداخلي بعد ان وصم بالارهاب نتيجة اعماله العسكرية ضد امريكا وفرنسا واسرائيل ولكن من الخطأ الاعتقاد بان هذا التغيير قد جنح بالحزب نحو الاعتدال مثلما حدث مع الحركات الاسلامية في بعض البلدان الشرق اوسطية بل عمل التغيير كأداة نجاة خاصة بعد انتهاء الحرب الاهلية حيث وجد الحزب نفسه بين خيار الانخراط بالعمل السياسي الداخلي او تجريده من سلاحه مصدر قوته الاساسية .

ونجح الحزب على مدى السنوات الست التي اعقبت انسحاب اسرائيل من جنوب لبنان بالضبط النفس النسبي وحتى يوم الاربعاء الماضي عمل الحزب بوتيرة منخفضة على طول خط الحدود وحاول ربط اي مواجهة بمزارع شبعا المحتلة لكنه لا زال يرفض تطبيق قرار الامم المتحدة رقم 1559 الداعي لتجريده من سلاحه .

وقال حسن نصر الله ان لبنان لا زال بحاجةالى مقاومة شعبية لحمايته من سلاح الجو الاسرائيلي الذي يستطيع تدمير الجيش البناني خلال ساعات او ايام على احسن تقدير لكنه لن يستطع القيام بذلك ضدنا كوننا نمارس حرب العصابات .

ويشكل الارهاب اشكالية لدى زعيم حزب الله الذي اعاد توصيف تكتيكات الجماعات الاسلامية المتطرفة بحيث اضحت منظمات مثل القاعدة وحماس تقلد تكتيكاته خاصة وانه اول من استخدم الاستشهاديين ونفذ عمليات نوعية ذات دلالة رمزية .

وكان حزب الله قد استنكر قطع رأس نيكولاوس بورغ عام 2004 على يد تنظيم القاعدة في العراق وحين سألت نصراللة فيما اذ كان استنكار الحزب لهذه العملية ينسحب على قتل المدنيين الاسرائيليين اجابني بان موضوع فلسطين المحتلة مركبا وانا ارى ضرورة تجنب قتل الاطفال والنساء ولكن العملية الفلسطينية جاءت بعد عمليات قتل وتدمير قامت بها اسرائيل لمدة اشهر عديدة تخللها قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم ومدارسهم وفرض الحصار عليهم ولا يوجد لدى الفلسطينيين طريقة اخرى للدفاع عن انفسهم لذلك لا استطيع ادانة عمليات كهذه في فلسطين المحتلة .