الإثنين: 30/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

عبر الانترنت والأنفاق.. فول سوداني بأيد غزيّة

نشر بتاريخ: 27/10/2010 ( آخر تحديث: 27/10/2010 الساعة: 14:32 )
غزة- معا- في غزة ثمة مزارع واحد كسر القاعدة الزراعية واستبدل دورة زراعة البطاطا الحلوة والبطاطا المالحة بالفول السوداني "الفستق" أو "أبو الفقير" اسم يطلق عليه لأنه محصول يستوعب العديد من الأيدي العاملة ولا يحتاج الكثير من الماء أو الكيماويات أو الاحتياطات الزراعية الكبيرة.

قرر اختبار الفكرة، والمغامرة بالتنفيذ فكان الحصاد ثمرة عمل أحاطته التخوفات، ليخرج إلى النور فول سوداني غزاوي أشبه ما يكون بالسوادني الحقيقي ولا فارق بالجودة أو المذاق.

المحصول الذي بدأ التفكير به قبل عام واحد أصبح فكرة على أرض الواقع وازدادت مساحات زراعته فيما بدأ مطلع الشهر الجاري موسم حصاده وتزويد محامص غزة به..كمنتج ومحصول محلي بعيداً عن علامة الجودة الإسرائيلية.

السودان والإنترنت داعمان...

فكيف بدأت الفكرة؟ يقول المزارع المغامر زياد محمد فرحات من خان يونس ان الفكرة راودته هو وزميله هاني عطا الله بعد أن قرر الاحتلال وقف تصدير محاصيل غزة لاسرائيل وللدول الأوروبية والمحيطة وبالأخص محصول "البطاطا الحلوة" والبطاطا المالحة التي كانت تسوق للاحتلال بقيمة 50 شيقلا لكل 15أو 18 كيلو غراما، ولكن الاحتلال لم يطل شهر عسل التصدير فأغلق المعابر وأوقف تصدير محاصيل غزة سوى الزهور والفراولة بتدخل هولندي.

ولأن تسويق هذه المحاصيل بغزة لا يجدي كثيرا ولا يعطي المردود المادي المطلوب- كما قال فرحات لـ "معا"- فإن الفكرة بدأت باستبدال هذا المحصول بمحصول آخر قد يعود بالفائدة ويقلل من الاعتماد الدائم على الاحتلال، وكذلك ضرورة التفكير بمحاصيل نوعية وغير موجودة في قطاع غزة ولا تحتاج إلى مدخلات إنتاج غير متوفرة في السوق، وخاصة أن الفول السوداني (الفستق) يعتبر من المحاصيل ذات الاحتياجات المائية الملائمة، حيث أنه من أهم المحاصيل الزيتية ويُدر عائداً نقدياً سريعاً للمزارع، مشيراً إلى أن فترة تخزينه تعتبر طويلة مما يحميه من تدهور الأسعار في موسم الوفرة أو نتيجة الإغلاق.

ولذلك فقد وافق على اقتراح صديقه هاني عطا الله بالتفكير بزراعة الفول السوداني بعد وضع دراسة الجدوى وجمع المعلومات الكافية عن طرق زراعته وسبل النجاح في جمع المحصول، فبدأ التنفيذ بزيارة إلى السودان، ثم جمع المعلومات عن الشبكة العنكبوتية حول زراعة الفستق، اطلع الباحثان المزارعان على مواقع وزارات الزراعة السودانية والمصرية والإسرائيلية فتأكدا أن هذا المحصول مناسب زراعته في أي تربة ولا يحتاج الكثير من المياه ويمكن زراعته بالأرض الرملية كما في مواصي رفح وخان يونس، فبدأ الاختبار الأول بزراعة دونمين من الأرض خلال فترة الدور الزراعية الصيفية والتي تبدأ من منتصف نيسان- أبريل حتى بداية تشرين الأول- أكتوبر وبالفعل تم جني محصول بذات الجودة رغم ان زراعة الدونم الواحد كلفتهما 1300 ألف شيقل أي ما يعادل 359 دولارا أميركيا.

في العام الثاني تم زيادة المساحة لتتجاوز 17 دونماً تابعة للمزارع زياد فرحات في مواصي خان يونس و15 دونماً أخرى تابعة للمزارع هاني عطا الله بالقرب من مستوطنة موراج المخلاة.

وحسب فرحات فإن تكلفة زراعة الدونم الواحد تقلصت إلى أكثر من النصف بعد التوصل إلى الكميات المطلوبة من المياه والكيمياويات والمتابعة اللازمة للمحصول حيث يعطي الدونم الواحد 400كيلو- 600 كيلو فستق، يتهافت عليها التجار بعد وقف استيراد الفستق من الجانب الإسرائيلي بقرار من وزارة الزراعة بالحكومة المقالة التي تبنت سياسة الاقتصاد المقاوم وإحلال المحلي محل الواردات.

تلقيح التقاوي- إسرائيليا أم أنفاق..

اما عن جلب التقاوي "أي بذور الفول السوداني" فقد قررت إسرائيل ضمها لقائمة الممنوعات عن غزة، وحسب فرحات فإنه طلب من منسق ان يقوم باستيراد تقاوي الفول السوداني له من الداخل المحتل وبالتحديد من شركة هازارا التي تورد للقطاع بذور الخيار والطماطم والفلفل الحار والفلفل الحلو.

وتمت الموافقة من الجانب الإسرائيلي ولكن الاحتلال قام باللحظات الأخيرة بإنزال بذور الفستق من شاحنات البضائع الموردة للقطاع عبر معبر كرم أبو سالم، فاستعاض المزارع فرحات عن ذلك بجلبها من مصر والسودان عبر الأنفاق الحدودية مع مصر حيث يكلف كيلو البذور الواحد فقط 11 شيقل أي ما يعادل قرابة 3 دولار أميركي.

وبدأت الزراعة أولا بجلب البذور وتعقيمها بمادتي اكسادور وبيزيستين لمدة 24 ساعة ثم غرسها بالتربة ورشها بالكيمياويات الملائمة وطبعا ريها بالمياه خاصة ان هذا المحصول يمكن ريه بمعدل نصف ساعة ري لكل ثلاثة دونمات زراعية.

مكاسب بالجملة..
وبدأ الحصاد وانهال المشترين على المزارع الوحيد للفستق وذلك بالطبع قبل موسم الأعياد، نظراً لندرته في أسواق قطاع غزة، خاصة انه ممنوع استيراده من إسرائيل وأيضاً يفضله التجار عن المهرب من الأنفاق لأن مدة تخزينه تكون أقل من تلك المهربة عبر مصر.

فرحات اشتكى من قلة الدعم الحكومي لهذه الزراعة المستحدثة مؤكداً وجوب تقديم الدعم عبر مد هذه الأراضي بشبكات ري جديدة ودعم المزارع بأفكار زراعية جديدة وفرز عمال بطالة للقيام بزراعة الأرض والمحافظة عليها وجني المحصول في موسم الحصاد.