الثلاثاء: 01/10/2024 بتوقيت القدس الشريف

المباراة الحميمية ! ..بقلم: فايز نصار

نشر بتاريخ: 27/10/2010 ( آخر تحديث: 27/10/2010 الساعة: 14:53 )
الحديث ذو شجون
بهمة الرجال ، وخلال أقل من اربع وعشرين ساعة كان رئيس اللجنة الاولمبية الفلسطيينة ، اللواء جبريل الرجوب ، يسافر من اقصى الغرب في بلاد الازتيك ، الى قلب العالم في بلاد الكنعانين ، مرورا بفرنسا والاردن .

الرحلة كانت طويلة ... ولكن من قضى وراء قضبان الاحتلال اكثر من سبع عشرة سنة ، حرق مراحلها ، مقربا بين موعدين في التاريخ الاولمبي الفلسطيني ، مؤكدا ان في ثنايا هذا الشعب من الارادة ما يلغي كل مستحيل ، لأن على هذه الأرض ما يستحق الحياة .

بسرعة وصل ابو رامي الى البلاد ، وقبل ان يذهب الى بيته تفقد احوال المنتخب الوطني الاول ، قبل ساعات من لقاء المحبة مع الكهنة الكاثوليك .. وبسرعة تحول الاخ ابو رامي لمتابعة تفاصيل الاعداد االفني والتنظيمي للمباراة ، رغم ان هاتفه المحمول لم يتوقف عن الاتصال لمتابعة أدق تفاصيل التحضيرات ، من خلال مكالمات مع رئيس لجنة الاستقبال ، الأخ معاوية القواسمي.

وبسرعة ايضا انتقل الاخ ابو رامي الى استاد الخضر للترحيب بضيوف "الاب" ابراهيم فلتس ، ضيوف فلسطين ، القادمين من كل المقاطعات الايطالية ، يحملون قلوبهم ، تنثر المودة والوئام ، على أرض المحبة ولاسلام ، ناقلين للمعذبين قرب جدر الفصل ، وحواجز القهر تضامن الآلاف المؤلفة من الكهنة الكاثوليك ، ممن وصلتهم اصداء الجرائم ، التي يرتكبها المستوطنون ، بحق بيت لحم والقدس ، وبحق الدوالي والزيتون ، فجاءوا في مظاهرة رياضية ، وفي قلوبهم من الاماني بأن يسود السلام ، ويتعمد الشرق العظيم من أوجاع الاحتلال ، لان الأكيد أنهم سيقارنون بين من يوحدون المساجد والكنائس في اجواء الملاعب ، ومن يفرقون الناس بالجدر العنصرية.

لم تكن كرة القدم ، بتفاصيلها الفنية في وارد "الاب" ابراهيم فلتس ، والاخ جبريل الرجوب حين اتفقا على تنظيم المباراة ، لأن في ثنايا هذا اللقاء من الحميمية والمحبة ، ما لو توزع على كل أهل الارض لعمدهم ، وأعادهم الى جادة الصواب ، بعيدا عن ضوضاء الخارجين علن النص .

لم يتحدث واحد من آلاف متابعي المباراة عن نتيجتها ، ووحده الاخ ابو رامي دخل في الموضوع في كلمته في حفل العشاء ، الذي نظمه مستضيفو الكهنة الكاثوليك ... الاخ أبو رامي قال بالحرف الواحد : إن قاضي المباراة ، الحكم الدولي ميشيل حنانيا ، اعلن فوز منتخب فلسطين بالتسعة ، وانا – كرئيس للاتحاد الفلسطيني – أرفض هذه النتيجة ، واعلن فوز منتخب الكهنة الكاثوليك الطليان بهدف لصفر .

نعم .. لقد حقق سفراء الفاتيكان الهدف الاهم في هذه المباراة ، ولا أعني هنا الهدف الغالي ، الذي سجلوه في مرمى شبير ، لان في تفاصيل هذه المبارة من النجاحات الفلسطينية ، في ميدان العلاقات العامة ، ما يكشف شيئا من مفاتيح النجاح الكبير ، في المحطات الاولى لمشروعنا الرياضي ، بقيادة اللواء الرجوب ، لأنه لا يكفي أن تكون مظلوما لتستعيد حقك .. فالقضية العادلة تحتاج الى محامين أذكياء ، يحسنون ادارة الملفات ، وهذا ما فعله الرجوب ، فجاءت النتائج عظيمة في أقل من ثلاث سنوات .

نعم .. انها الحميمية الفلسطينية ، في توطيد العلاقات مع اشرف الناس ، رجال الفاتيكان ، الذين تواضعوا انسانيا للعب مع منتخبنا ، الذي تواضع فنيا ليعلب معهم ، فكانت المباراة التي حملت اكثر من دلالة ، بالنظر لثلاثة امور حددها اللولاء الرجوب:

أولأ .. لأن المباراة هي الاولى لمنتخبنا الأول ، على استاد الخضر ، في محافظة بيت لحم ، التي تحتل مكانة خاصة لدى المسيحيين في كل مكان .

ثانيا .. لأن المباراة هي الأولى لمنتخب الكهنة الكاثوليك ، الذي يريد نثر عبق المسرة والسلام ، في مناطق الصراع والنزاع ، وكون البداية من جوار مهد المسيح يحمل أكثر من دلالة .

والثالثة .. ان الجماهير التي حضرت المباراة كان معظمها من العائلات الفلسطينية ، - بعيدا عن الحساسيات السياسية والدينية ، فأكدت المباراة أن شعبنا بكل اطيافه موحد وراء المشروع الوطني ، الذي تمثل الرياضة الواجهة الاكثر ابداعا في صفحاته .

اذا . نحن امام مكرمة ايطالية جديدة في دفاتر الصداقة بين الشعوب .. ولا يقترب منها الا مكرمة 1982 عندما أصر نجوم منتخب ايطايا الفائزين بمونديال تلك السنة في اسبانيا على اهداء الكأس العالمية لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية لمدة اسبوع ، تضامنا مع الشعب الفلسطيني ، وقائده الراحل الكبير ابو عمار ، في حصار - الميت سريريا – شارون لبيروت !

والحديث ذو شجون