ابو الحاج: لن يكون ثمن سنوات اعتقالهم اقل من تحقيق هدفهم النضالي
نشر بتاريخ: 31/10/2010 ( آخر تحديث: 31/10/2010 الساعة: 10:38 )
القدس- معا- في اطار الانشطة الاعلامية لمركز ابو جهاد لشؤون الحركة الاسيرة في جامعة القدس، يواصل فهد ابو الحاج مدير عام المركز، مشواره الهادف الى التذكير ببطولات عمداء الحركة الاسيرة، واعادة طرق ابواب نضالاتهم عبر وثائق وارشيف المركز ،وذلك سعيا منه الى اطلاع الاجيال الشابة على نضال هؤلاء.
ويشير ابو الحاج ،الى ان سنوات الاعتقال الطويلة لهؤلاء ،جعلت منهم نموذجا يحتذى به في الارادة والتصميم على نيل الحقوق الوطنية ،وستصبح عبر الازمنة القادمة جزء اصيلا من الملاحم التاريخية والتي ستتلا ،على مسامع كل من يطوق للحرية والانعتاق من الاحتلال.
وقال ابو الحاج ابطالنا لهذه الزاوية ،سيلحظ كل من يقرء سيرهم النضالية ،بانهم كونوا نماذج مميزة في النضال والصبر والجلد ، كما انها تحمل مباديء خلاقة في احترام الذات وبنائها ،ليسطر كل منهم آيات عظام في صلابة الارادة وقدرة النفس البشرية المبدة والخلاقة.
الاسير توفيق ابراهيم عبد الله
السيرة الشخصية
يقول ابو الحاج ( ولد الاسير توفيق وترعرع في قرية دير بلوط في محافظة سلفيت في العام 1955 م ،ودرس المرحلة الابتدائية والاعدادية في مدرسة دير بلوط واكمل المرحلة الثانوية في مدرسة كقر الديك لمدة ثلاث سنوات ،حيث كان الطلبة يعانون في تلك الفترة معاناة شديدة وذلك لعدم وجود وسائل النقل ،وكان تزيد معاناتهم في فصل الشتاء ،ومع كل تلك الظروف الا ان الاسير توفيق كان متفوقا في دراسته ،وكان متميزا ايضا على المستوى الرياضي).
واكمل الاسير توفيق تعليمه الجامعي في جامعة بيروت العربية في العام 1974 ،وانهى الدراسة في العام 1978 بنيله درجة البكالوريس في تخصص الجغرافيا في تقدير جيد، وكان من الشخصيات الاعتبارية في القرية ، وسعيا لتحسين ظروفه وعائلته ،فقد توجه الاسير عبد الله الى ليبيا ،حيث عمل هناك مدرسا لمدة اربعة سنوات، وعقد قرانه على ابنة خاله لمياء ،حيث كانت تسكن وعائلتها في البرازيل ،وفي العام 1983 اتم زواجه منها ،واقيم له حفل زواج في قريته دير بلوط.
حياته النضالية
التحق الاسير توفيق في صفوف حركة فتح من خلال وجوده في لبنان اثناء فترة الدراسة ،وفي العام 1986 ،واثناء عوته من زيارة لاقاربة في البرازيل استمرت لاشهر ،تم اعتقاله هو وزوجته ،ونسبت اليه عدة تهم امنية وسياسية ،وحكم على كل من الاسير توفيق وزوجته بالسجن المؤبد مدى الحياة ،وولكون الاسير توفيق يقطن هو وزوجته في بيت العائلة ،فقد تم هدم منزل العائلة وتم تشريد الاسرة باكملها ،وذلك كعقوبة جماعية هدفت للانتقام.
وقد زج بالاسير توفيق وزوجته بالسجون الاسرائيلية تاركين خلفهم طفلتهم لبنى والتي كانت تبلغ من العمر في تلك الفترة 6 اشهر ،وقد تربت وترعرعت في بيت جدها في البرازيل.
وحتى الان تاتي لبنى مرة واحدة بالسنة لتزور والدها في سجون الاحتلال ،اما بخصوص زوجة الاسير لمياء ،فقد افرج عنها في العام 1996 ، بعد ان امضت ما يقارب احد عشر عاما، وتم ابعادها الى البرازيل لكونها تحمل الجنسية البرازيلية ، ومنذ تلك الفترة لم تتمكن لمياء من رؤية زوجها ،وذلك بسبب منعها من دخول المناطق الفلسطينية وايضا اسرائيل ، وتتواصل لمياء مع زوجها عبر المكالمات الهاتفية وذلك كلما سمحت الفرصة بذلك ،او عن طريق الرسائل.
ويلفت ابو الحاج الى ان معاناة توفيق لم تنته عند تشتيت اسرته واعتقال ومن ثم ابعاد زوجته وبعد ابنته ،ففي العام 1989، تم اعتقال اشقائه رفيق وجعفر ،وحكم على رفيق ستة عشر عاما اما جعفر فقد حكم عليه اربعة سنوات ونصف ،ومرة اخرى طالت العقوبة منزل العائلة ،فقد تم اغلاقه المنزل والذي اعيد بنائه بعد هدمه المرة الاولى ،وظل مغلقا لمدة سبة سنوات متتالية ،وقد افرج عن الاشقاء رفيق وجعفر في العام 1994.
وخلال وجود الاسير توفيق في معتقلات الاحتلال ،توفيت شقيقته في العام 1990 ،كما توفي والده في العام 2008 ،وتوفي اخواله الثلاث وايضا عمه ،وذلك مما فاقم المه ومعاناته داخل السجون ، والذي تنقل في العديد منها مبتدءا من سجن جنين وجنيد ونفحة ومؤخرا في سجن عسقلان والذي لا يزال به الى هذه اللحظة ،ولا يتمكن كل افراد العائلة من زياراته.
الاسير احمد ابو السعود حنني
يذكر ابو الحاج ان الاسير احمد ابوالسعود حنني ولد بتاريخ 18/3/1956 في بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس حيث نشأ وترعرع في اسرة بسيطة ومناضله فقد تعرض جميع افراد الاسرة لاعتقالات متكرره واستشهد شقيقه معروف ابوالسعود عام ال1981 حيث كان ابوالسعود في المعتقل بسجن نابلس وكان قد امضى بذلك الاعتقال 24شهر . وقد تعرض بعض اشقائه للابعاد خارج ارض الوطن ايضا.
ويضيف ابو الحاج انه تلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي في مدارس بيت فوريك ورغم تفوقه وحبه للدراسه الا انه اضطر لترك المدرسه بعد وفاة والده وكان قد انهى الصف الثاني الاعدادي، وظل محبا للعلم ويشجع اصدقائه وابناء بلدته على العلم . تزوج من شريكة حياته في مطلع السبعينيات من القرن الماضي حيث كان يعمل في مجال البناء والقصاره وسافر بعد ذلك الى سوريا و تلفى تدريب عكسري على يد اخيه معروف ابوالسعود الذي كان مسئول عن احد المواقع التدريبية التابعة للجبهة الديمقراطية وقد تعرض لتدريب قاس على يدي شقيقه الاكبر حيث اصيب برجله اثناء التدريب.
ثم عاد الى ارض الوطن واخذ ينتظر اشاره للبدء بالعمل العسكري وبسبب عدم تواصل اي من المجموعات معه ، قام بتشكيل اول خليه لجبهة التحرير العربية في البلدة حيث عملت الخلية على تهريب السلاح عبر حدود الاردن وقد القي القبض على بعض عناصرها مما كشف الخلية وتم اعتقال عناصرها وقد امضى ابوالسعود في السجن 24شهر وقد استشهد شقيقه معروف خلال تواجده بالسجن.
انضم لصفوف الجبهة الشعبية وتحديدا لمجموعاتها السرية في عام 1981 حيث تعرف الى رفيق دربه الشهيد ابراهيم الرعي الذي كان مسئولها العسكري وقد تعرف اليه بسجن نابلس.
ويشير نجله صلاح الى انه قد عمل في مجموعات الجبهة الشعبية وتعرض خلال ذلك للعديد من الاعتقالات الا انه كان يمضي فترة التحقيق او فترة 3-6شهور ويتم الافراج عنه بسبب عدم ثبوت اي شيء عليه، حتى انني اتذكر بانه لم يحضر معنا طوال عمري الذي اتذكره به سوى عيد واحد وقد كانت اعتقالاته معظمها بل جميعها في فترة الاعياد.
خلال عمله في صفوف الخلايا العسكرية للجبهة الشعبية تعرف الى رفيق دربة مؤيد الشيص من عنبتا وشكلا مع رفيقهم ابراهيم الراعي نموذجا رائعا بالعمل العسكري المميز.
اعتقل ابو السعود بتاريخ 23/5/1987 حيث كان ليلة اعتقاله مستيقظا وينتظر قدوم الجيش لاعتقاله حيث كان متوقع ذلك ولكنه كان يعتقد بان الامور ستكون كالمعتاد بانه سيمضي بضع اشهر ويتم الافراج عنه الا انه في هذه المره لم تكن الامور كما اراد حيث انه لم يفرج عنه حتى الان وقد اعتقل رفيقه الشيص في 14/6/ من نفس العام وكذلك اعتقال ابراهيم الراعي الذي تمت تصفيته في التحيق من قبل المخابرات الاسرائيليةعام ال1988 ، وتم الحكم على ابوالسعود بالسجن مدى الحياة وكذلك الشيص وفي عام ال1988 ايضا تم نسف منزل ابوالسعود الذي كانت تسكن به عائلته المكونه من : سوسن 12سنه ابوالسعود 10سنوات صلاح 8سنوات سعدي 6سنوات وسحر 13يوم / هذه الاعمار بيوم اعتقاله.
وادى هدم المنزل الى ترحيل اسرته علما بان زوجته تعرضت للاعتقال وتم اعتقالها واعتقال ابنتها الرضيعه في ذلك الوقت سحر وذلك كوسيلة ضغط على ابوالسعود خلال تواجده في تحقيق المسكوبية حيث تم احتجازها لمدة يومين وقد امضى ستة شهور في زنازين المسكوبية وبعدها تم نقله الى سجن نفحة.
تعرض ابوالسعود خلال تنقله الى السجون والى المحاكم الى الضرب من قبل جيش الاحتلال وعناصر المخابرات حيث كان في كل مره و خلال تنقله يتعرض للضرب وهو مكبل الايدي والارجل حتى انه في كل مره كان يضرب اما على عينه او رأسه ويتم نقله الى المستشفى على اثر ذلك، وقد طالبت بعض الجهات باعدامه قبل الحكم عليه.
في عام ال1994 تزوجت ابنته الكبرى سوسن وانجبت له اول حفيده (لارا ) حيث كبر اطفاله الصغار وهو لا يراهم الا من خلف القضبان والشباك حيث انه حرم من اللقاء بابنه سعدي لاكثر من عشر سنوات منذ عام ال1996 حتى نهاية عام 2006، وكان ذلك رغم عدم تعرض ابنه للاعتقال او عدم نشاطه باي عمل سياسي او عسكري وبعد اجراء عدة محاولات لمعرفة السبب تبين بانه يوجد خطأ في اسم العائلة بشهادة الميلاد وبعد تعديل الخطأ تم رفضه امنيا بسبب دخول الانتفاضه وفي عام 2006 سمح له بزيارته لمره واحده ومنذ ذلك الوقت حتى الان لم يزره الا مرة واحدة كل سنه ، بينما ابنه ابوالسعود قد منع عن الزيارة حوالي 8 سنوات دون اي مبرر او سبب حتى ان ابنه لم يتعرض ايضا للاعتقال او التوقيف وليس له اي نشاط سياسي او تنظيمي.
في نهاية عام ال2002 تعرض ابنه صلاح للاعتقال الاداري وحاول ابوالسعود ان يلتقي بابنه الا انه لم ينجح بذلك وكانت وصيته له عبر الرسائل بان يقرأ ويستغل وقته بالقراءة والثقافة والمعرفة.
في عام ال2004 كان عام الحزن والفراق الابدي بين ابوالسعود وامه التي توفيت بنفس تاريخ اعتقاله في يوم 23/5/2004 وقد ذكر عنه الرفاق بانه يوم معرفة خبر وفاة والدته قد اعطى الرفاق جلسة في الغرفة وكانت حول الاقتصاد السياسي وفي نهاية الجلسة طلب منهم بعض الوقت ليحدثهم عن امرأة عظيمة قدمت ابنها البكر شهيدا وابنه الذي يصغره مبعدا وجميع ابنائها اعتقلوا لاكثر من مره وابن ابنها حبش الاستشهادي الاول في بلدة بيت فوريك وابن بنتها ازهر ايضا استشهادي واحفادها معظمهم تعرضوا للاعتقال وقد توفيت اليوم وهي على امل ان تحتضن ابنها الاسير منذ 17سنه وكانت الدموع قد نزلت على خده فاخذ رفاقه جميعا يبكون الما وحزنا حتى انه كان اكثرهم صلابه واخذ يهدئ بهم.
في عام ال2005 اعتقال ابنه صلاح للمرة الثالثه بعد اعتقالين اداريين ، اعتقال هذه المرة على خلفية نشاطه الجامعي ، وقد التقى والده في يوم 28/9/2005 اي بذكرى الانتفاضه وامضيا معا فقط 73يوما في سجن اوهلي كدار في بئر السبع ثم تم نقل ابوالسعود الى سجن ايشل بالسبع ايضا ، وذلك يوم 11/12/2005 وفي يوم 1/1/2006 تم نقل ابنه صلاح عنده بعد تقديم عدة طلبات لذلك.
وفي يوم 26/1/2006 تم نقل ابوالسعود الى سجن جلبوع حيث كانت المره الاولى التي يتم نقله فيها الى سجون الشمال ، وتم خلال ذلك تقديم طلبات لنقل ابنه صلاح عنده وكانت حجة الاداره بانهم لا يقبلون احضار الابن حتى يحكم وبعد ان حكم على ابنه 25شهر تمت اعادته الى سجن اوهلي كدار وفي يوم 9/11/2006 تم نقل صلاح لدى والده في سجن جلبوع.
وقبل الافراج عن ابنه صلاح بحوالي خمسة ايام حيث كانا يعيشا معا بنفس الغرفة تعرض القسم لعملية قمع تعرض فيها ابوالسعود وابنه ومعظم الاسرى الى الضرب والاذلال حيث تم حرمان القسم من الادوات الكهربائية وتم نقل بعضا من المعتقلين الى الزنازين وقم افرج عن ابنه في يوم 13/5/2007 من نفس الغرفة التي كانا بها وكانت تلك اللحظات اصعب لحظات على ابوالسعود وعلى ابنه صلاح ، الا ان الحديث عن صفقة شاليط بذلك الوقت كان رائجا وكانا متفائلان باللقاء القريب على ارض البلدة والذي لم يحصل حتى الان.
تزوج ابناء ابو السعود جميعا وكان اصعب شيء على ابوالسعود زواج ابنته الصغرى سحر لانه كما قال كان متفائلا ان يطلق سراحه عبر الصفقة المنتظره ويحضر زفاف ابنته الصغرى الا انه هذا الامل لم يتحقق ايضا كغيره من الاحلام والامال التي تبددت وواصطدمت بجدران واسوار السجان ، علما بان جميع ابناء الاسير ابوالسعود قد درسوا وانهوا تعليمهم الجامعي فمنهم المهندس والمحامي والصحافيه حتى ان ابنه البكر ابوالسعود الابن يكمل دراسة الدكتوراه في برطانيا في مجال الهندسة الكهربائية.
وبات ابو السعود جدا وله احفاد من ابنائه الذين حرم اللقاء بهم حتى عبر الزيارات حيث لم يسمح لهم زيارته سوى ابنته سحر وزوجته بينما ابنته سوسن تم حرمانها من الحصول على تصريح وسحب منها خلال ذهابها للزيارة بحجة الرفض الامني رغم انها كانت قد زارت قبل سحب التصريح باسبوعين ولم تقوم باي عمل يبرر الرفض وليس لها اي نشاط سياسي هنا او هناك وقد سحب تصريحا في عام ال2008 ولم تحصل منذ ذلك الوقت على تصريح زيارة سوى مرة واحده ولزيارة واحده فقط. وكذلك احفاد ابو السعود لا يسمح لهم بالزيارة ايضا.
قدم ابو السعود وما زال نموذجا في صموده وعطائه وتضحياته فهو من ابرز قادة الحركة الاسيرة ومعروف عنه ثباته بالموقف ، وثقافته العالية حيث انه كان قد حصل على شهادة التوجيهي عام ال1998 مع ابنه صلاح ونحجا معا بنفس العام.
انصب عمل وتركيز ابوالسعود منذ اعتقاله على العمل التنظيمي وهو الان مسئول فرع السجون لدى الجبهة واحد اعضاء لجنتها المركزية العامة وقد تربى على يدية العديد من الاسرى في كافة السجون وهو معروف للجميع ومحبوب لكل الاسرى والمعتقلين لانه رفيقا واخا وانسان ومحب للجميع ، وله مؤلفات في العمل التنظيمي وقصص قصيرة وعن واقع الحركة الاسيرة ولكنها حتى الان لم ترى نور الطباعة.
ابو السعود كالعديد من الاسرى القدامى وميزته عنهم بان له اطفال قد حرم منهم وكبروا بعيدا عنه لم يعطى ولو جزء من حقه عبر الاعلام والمعاناة التي مربها وما زال ، حتى ان الاعلام الفلسطيني لم يعرفة ولم يتداول اسمه رغم انه الان يعتبر عميد اسرى محافظة نابلس.
ويعاني ابو السعود من الصدفيه وهي مرض جلدي منذ نعومة اظافره واستمر هذا المرض معه ويزداد مع ازدياد العمر حيث ياخذ له الادويه التي تمنع ظهوره على وجهه ورأسه باستمرار مما شكل لديه الم في الظهر والمفاصل حيث كان يمارس التمارين الرياضيه الصباحيه باستمرار حتى بداية عام ال2000 ولكنه اخذ يتوقف عنها تدريجيا بسبب الالم في الظهر والارجل مما جعله الان يعتمد على المشي خلال الفورة خاصة وانه يحب الرياضة والمشي كثيرا.
ويعد ابوالسعود ابرز قيادات الجبهة داخل السجون وهو ممن يتمسكون بالثقافة كونها السبيل الامثل التي يجب ان يتسلح بها المناضلين لتمكنهم من تحليل الاوضاع والتأثير بها نحو الافضل وهو دائما وحتى اللحظة يحث المعتقلين الجدد والقدامى على عدم ترك الكتاب والثقافة وعدم اضاعة الوقت وهدره هنا او هناك لاننا في صراع مستمر مع الاحتلال وسجانيه وحتى نتمكم من قهرهم والنصر عليهم علينا دوما التزود بزاد الثقافة والوعي والمعرفه لانهما يمكناننا فعلا من القدره على الواجهه والصمود في هذا الزمن الذي يعد زمن الانكسار وحتى نخرج من هذه المرحله علينا دوما بالثقافه والمعرفه والعلم.. هذه العبارات دائما يرددها ابوالسعود للمعتقلين وخاصة الجدد الذين يمضون فترات قصيره ووينهون احكامهم.
الاسير احمد عبد الرحمن ابو حصيرة
الاسير احمد من القلائل الذين لم يتاثروا بالاعتقال الاول ،فقد عاد مجددا ليزاول النضال ،وهذا بحد ذاته امر ذو دلائل على جرأة هذا الرجل ،وعدم تأثره بفترة السجن الطويلة والتي امتدت من عام 1971 الى العام 1979 اي ان فترة اعتقاله الاولى استمرت ل 8 سنوات.
لم يردعه السجن عن مواصلة نضاله ،فقد كان يمتلك العزيمة التي لا تتزعزع ،لمواصلة مشواره الكفاحي ضد الاحتلال الاسرائيلي ،مقتنعا بان السجن لا بفك من عضد الانسان الفلسطيني ،ولا يمكن التهديد بالسجن ،ولن تكون تجربة الاعتقال حجر عثرة تشكل رادع من مواصلة النضال والعودة مره اخرى لمواجهة الاحتلال وممارساته.
وفي فترة اعتقال احمد الاولى ،كان السجان يصب جام غضبه عليه ، وواجه مختلف وسائل التعذيب آنذاك ،حيث كان يجري تكسير العظام والقتل والتجويع والتعريض للبرد الشديد ،وما يتبع ذلك من امراض لا علاج لها داخل السجن.
وللتدليل على ما تعرض له احمد في تلك الحقبة ، فقد كان يعني ان يطلب الاسير العلاج للصداع مثلا، ان يتم اخراجه من الزنزانة ،وان تهرس عظامه بالعصي ،وذلك في مردوان السجن وامام جميع الاسرى ،اما ان يعلن الاسرى عن الاضراب فقد كانوا يعاقبوا بمزيد من الحرمان من وجبات الطعام.
كل تلك الاهوال تمكن احمد من تحملها ،دون ان يصيب الوهن قلبه ،فلم يعرف الضعف ابدا ،فقد كان يؤمن بمقولة ظلت ترددها على مسامعه والدته منذ نعومة اظفاره (لا عاش ابو قلب ضعيف ).
وقد ظل احمد يكرر هذه المقولة ،لذلك بعد ان قضى فترة اعتقاله الاولى عاد مجددا للنضال ليعتقل مرة اخرى عام 1986 وليحكم عليه بالسجن لمدة 35 عاما ومنذ لحظة اعتقاله الاولى اخذ على عاتقه ملء فراغ السجن, باستنباط نماذج مثل الصخرة المشرفة وخارطة فلسطين مستخدما انبيب نحاس معجون الاسنان والحلاقة، ليشكل منها مجسمات للعديد من الافكار والمعاني التي تجول في باله.
كما استخدم خيوط الحرير لتشكيلات اخرى كلها تفيد المتلقي بشحنات نضالية وطاقات للصمود ،وتدعوا جميعها للتمسك بالوطن والقدس.
تزوج احمد ولم يرزقه الله باطفال ،وظل وفيا لزوجته وهي كذلك ظلت وفية له ،وفاء الصابرة المؤمنة ،التي تقضي الايام والليالي داعية الله عز وجل ان يعجل في عودته ،وكانت هي الوحيدة في البيت بعد ان توفي الله والدي احمد.
خاض احمد كافة الاضرابات عن الطعام التي خاضتها السجون ،مما اصابه بصداع نصفي مزمن ،يؤرق لياليه ،اما العزل فقد جربه احمد مرات عديدة ،وكان اثناء عزله يخفف على نفسه بقراءة القرآن وتلاوة الصلوات.
ما زال احمد يؤكد انه اذا ما قدر الله له بالحرية ،فانه سيعود مجددا الى النضال حتى تحرير فلسطين.
زاوية زوار المتحف
وعلى صعيد آخر، زار المركز عدد من الوفود الرسمية والشعبية المحلية والاجنبية المتضامنة مع مع القضية الوطنية الفلسطينية ،والداعمة لمطالبة العادلة في الحرية والاستقلال واقامة الدولة، فقد زار المركز السيد "شورنغام" رئيس مكتب الممثلية الكورية في فلسطين، وذلك في زيارة هدفت الى الاطلاع على تجربة الحركة الوطنية الاسيرة في سجون الاحتلال.
كما زار المركز وفد روماني ،ضم عدد من الاكاديمين المتخصين بمجال العلوم السياسية ،والذين حلوا ضيوفا على وزارة الخارجية الفلسطينية ،وذلك برفقة د سميرة البرغوثي عميدة البحث العلمي بالجامعة ،ووفد من جامعة(lndoa) وجامعة (Leipzig) الالمانية، وذلك برفقة الدكتور عامر مرعي استاذ الجيلوجيا بالجامعة.
وكان باستقبال الوفود فهد ابو الحاج مدير عام المركز ،الذي رحب بالوفود الزائرة ،مقدما شرحا عن اهمية هذا الصرح في بقاء القضية الوطنية حاضرة لدى مكونات الرأي العام، ولفت ابو الحاج الى ان هذا الصرح يحمل رسالة باتجاه أن الاسرى الفلسطينين ليسوا مجموعة من الاناس المفرغين من المضامين الوطنية والابداعية، وانهم بالرغم من كل الممارسات البطشية بحقهم استطاعوا الصمود والتحدي وحافظوا على نقاء رسالتهم التحررية.
وذكر ابو الحاج اعضاء الوفود ،ان الاسرى وبعد تحررهم نجحوا في بناء المؤسسات وكانت خير دليل على نجاحهم في تحويل تجربة الاعتقال من مضامينها السلبية الى انجازات تعود عليهم وعلى ابناء شعبهم بالنفع، ومذكرا بان جموع الاسرى قد دفعوا فاتورة غالية في سبيل الوصول الى ذلك الانجاز، متمثة بكوكبة من الشهداء الذين استشهدوا داخل السجون.
وفي ختام زيارة الوفود تمنى ابو الحاج ان يسهم كل زائر بما يستطيع في ايضاح حقيقة نضال الشعب الفلسطيني، سعيا للضغط على الاحتلال الاسرائيلي لاطلاق سراح الاسرى، واكد اعضاء الوفود عن سعادتهم بزيارة المركز معربين عن شكرهم لكل من اسهم في وجوده، ومقدرين الاهمية الكبيرة لنشاط عمل المركز.