الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

الطبيب ابو العيش يفاخر بارادة ابنته شذا في مواجهة عجز الانسانية

نشر بتاريخ: 31/10/2010 ( آخر تحديث: 01/11/2010 الساعة: 00:09 )
بروكسل- معا- "ابنتي شذا فقدت احدى عيناها وبعض اصابع يدها جراء اصابتها بجروح خطيرة لكنها اصرت على مواصلة دراستها لتحصل على معدل 97 في الثانوية العامة وها هي تواصل تعليمها الجامعي"، بهذه العبارات المؤثرة صدم الطبيب الفلسطيني ،عزالدين ابو العيش، الذي فقد ثلاثة من بناته في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، العشرات من اعضاء البرلمان الأوروبي الذين جلسوا منصتين لكلماته المؤثرة، ورفضه المطلق لفكرة الاستسلام للعجز وعدم القدرة على فعل شيء ازاء ما يجري في الاراضي الفلسطينية من جرائم انتهاك للإنسانية والكرامة البشرية التي ينفذها الاحتلال قواته.

ابو العيش الذي ولد ونشأ في مخيم جباليا للاجئين، و اتيح له الحديث من على منصة البرلمان الاوروبي خلال انعقاد جلسته في العاصمة البلجيكية، نهاية الاسبوع الماضي عن معاناته بفقدان بناته الثلاثة، لم يكن يتحدث عن شخصه بل كان يمثل القضية الفلسطينية بكل ما تحمله من تفاصيل العذاب والالم الذي يلحقه الاحتلال بالشعب الفلسطيني حينما قال " اشعر بان الانسانية خانتني عبر العنف وان الهبة التي منحت اياها هي انه رغم كل المعاناة والالم على فقدان بناتي الثلاثة فان السلام ممكن حتى بعد فقدان الكثير من الاعزاء الذين غادرونا بالقوة والعنف"، مؤكدا انه يؤمن بقدرة الجميع على احداث التغيير المطلوب والتحلي بالايمان ووجوب التحرك وتحطيم الحواجز الذهنية والمادية وجعل الاطفال هم مستقبلنا فخارطة طريقنا هي ليست الارض بل هي الانتصار للانسانية.

واضاف ابو العيش" الانتصار للعدالة هي مسؤولية والمسؤولية تعني ان نكون صادقين مع انفسنا اولا ، فانا فقدت بناتي الثلاثة واعرف انهن لن يعدن لانه مستحيل ، لكنني اؤمن بان هناك الكثير من الامور الممكنة التي يجب ان نعمل من اجلها".

وتابع " انا كفلسطيني انجزت الكثير فعشت في فقر مدقع في مخيم جاليا للاجئين وحصلت على شهادات علمية من اهم جامعات العالم وادركت بان العدالة ضرورية لمقترفي الجرائم وان هذه الخطوة الاولى مهمة لانني ادرك ايضا بان التسلح بالامل هو وسيلة بالغة الاهمية لردع الانسانية عن الاستمرار في العنف والمآسي "، مشددا على اهمية عدم الاستسلام لليأس والاحباط .

وفاخر ابو العيش بالنموذج الذي حققته ابنته شذى التي اصيبت بجراح بالغة في الحرب على قطاع غزة وفقدت عينها وبعض اصابع يدها وقال " انا فخور بابنتي شذى التي رغم كل ما تعرضت له اصرت على العودة الى مقاعد الدراسة وتحقيق اعلى العلامات ومواصلة دراستها الجامعات في احدى الجامعات الاوروبية"، مؤكدا ان ذلك يظهر مدى القدرة والايمان بالعمل وعدم الاستسلام للعجز .

وقال ابو العيش مخاطبا نواب البرلمان الاوروبي" لا تقللوا من قيمة انفسكم بل يجب ان تكونوا مقتنعين بقدرتكم على العمل لان الامل بحاجة لعمل بجد ونشاط ".

وتابع " لا نريدكم ان تدعموا الفلسطينيين بالمال فقط، بل عليكم واجب التحرك والقول للاسرائيليين كفوا على الاحتلال وعن الاستيطان، وعليكم مسؤولية الانخراط على المستوى السياسي لتحقيق العدالة التي تتحدثون عنها وهذا هو ما نطالب به".

واضاف " انا راض عن نفسي ومقتنع بان ابنائي الشباب في كل العالم هم الامل والمستقبل لنا جميعا، وانا عاقد العزم والتصميم على مواصلة العمل لزرع الخير لكل الانسانية ".

وقال " هناك احتلال وهناك امة فلسطينية واخرى اسرائيلية لهما الحق في العيش بسلام وحرية لكن الحرية ليست للجميع رغم اننا جميعا نولد احرار لكن الشعب الفلسطيني يدفع ثمنا باهظا للحصول على هذه الحرية".

واكد ابو العيش الذي كان يتحدث في قاعة البرلمان الاوروبي التي يوجد فيها غرف مخصصة للترجمة بـ"15 " لغة معتمدة في الاتحاد الاوروبي، على ان حصول الشعب الفلسطيني على حريته واجب على الانسانية جمعاء وعليها ان تعمل من اجل نيل حقوقه وتحقيق العدالة وقال بلغة واثقة " نحن بحاجة لعملكم بالفعل ولا بالقول فقط".

كلمات ابو العيش المؤثرة امام البرلمان الاوروبي، كانت بحضور ممثلي عن السفارة الفلسطينية اضافة الى 15 صحفي فلسطيني يشاركون في برنامج اعدته المفوضية الاوروبية لتعريف الصحافيين على اليات صنع القرار في الاتحاد الاوروبي، والتعرف على بنية المؤسسات الرسمية اضافة الى الاطلاع على واقع الاتحاد الاوروبي باعتباره يضمم 27 دولة، دفعت اعضاء البرلمان الاوروبي المتواجدين التصفيق الحار واعلان تضامنهم الكامل معه الى حد ان العديد من المتحدثين بما فيهم رئيس اللجنة البرلمانية الاوروبية المكلفة بمتابعة العلاقة مع المجلس التشريعي الفلسطيني، اكدو صعوبة الحديث بعد كلمة ابو العيش، ووصفوه بانه شخصية متميزة ومعجزة تستحق الدعم والاعجاب لانها تبعث على الامل مؤكدين اهمية ان تكون عملية السلام في الشرق الاوسط احدى السياسية للاتحاد الاوروبي .

وقال رئيس اللجنة الاروبية " انت وشعبك تستحقان دعمنا ودعم عملية السلام من اجل تعزيز الدفاع عن كرامة الانسان "، مؤكدا ان البرلمان الاوروبي بصدد تنفيذ زيارة للاراضي الفلسطينية بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة والتقاء النواب من كل الكتل البرلمانية من ضمنهم النواب المهددين بالابعاد الذين يحتموا بالصليب الاحمر في القدس ".

ودفع كلام ابو العيش العديد من اعضاء البرلمان للحديث عن اجراءات منع اسرائيل للنواب البرلمانيين من الوصول الى قطاع غزة للاطلاع على الاوضاع الماساوية هناك، وطالبت نائبة اوروبية رئاسة البرلمان بمساءلة اسرائيل عن هذه الممارسات بحق النواب الاوروبين، في حين قالت نائبة اخرى موجها حديثها لابو العيش " اننال نعبر عن تضامنا الكامل معك واطلب منك ان لا تتحول الى شخصية سياسية بل حافظ على العمق الانساني الذي تحمله وتعبر عنه ".

ورغم ما حل بالطبيب الفلسطيني عزالدين ابو العيش من مأساة حقيقية باستشهاد بناته بيسان (20 عاما) وميار (15 عاما) وآية (14عاما) وابنة عمهن نور (14عاما) واصابة ابنتاه، شذا ورفا وجرح شقيقه عطا ورائدة ابنة شقيقه ناصر بجراح متوسطة وخطيرة، الا انه يحرص على مواصلة حمل رسالته الانسانية للعالم بوقف الحروب وزرع الموت مؤكدا ان المشكلة الرئيسية تكمن في الاحتلال واستمراره الامر الذي يتطلب من العالم كله العمل من اجل انهاء هذا الاحتلال عن الشعب الفلسطيني.