سمير قنطار .. أقدم أسير عربي في سجون الاحتلال .. ومن اجله نفذ حزب الله عملية الوعد الصادق لإطلاق سراحه
نشر بتاريخ: 23/07/2006 ( آخر تحديث: 23/07/2006 الساعة: 13:38 )
جنين- معا- نفذ حزب الله اللبناني عملية الوعد الصادق جراء وعد قطعه الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله للأسير سمير قنطار ولكافة الأسرى العرب والفلسطينيين بأن يتم اسر جنود إسرائيليين لتنفيذ عمليات نوعية من اجل المفاوضة على تبادل الأسرى وإخراجهم من ظلمات السجون وإعطائهم الحرية والعيش بسلام امنين مع عائلاتهم ... كل ذلك من اجل الأسرى وخاصة سمير قنطار.
تساؤلات:
فمن هو سمير قنطار؟ وكيف اعتقل؟ وكيف كانت حياته في السجون؟ وما هي العقوبة التي فرضتها عليه المحكمة العسكرية الإسرائيلية؟ ولماذا لم ينج من سجنه عندما طلب منه أن يكتب رسائل اعتذار لعائلات قتلى عملية نهاريا؟ ولماذا رفض تقديم طلب بالعفو عنه؟ وهل رفض ذلك من اجل عدم تغليب الطابع الشخصي على قضية الأسرى أم ماذا؟ وما هي نضالا ته داخل السجون الإسرائيلي؟
نشأته وولادته:
ولد عميد الأسرى سمير قنطار والذي قضى ربع قرن داخل السجون الإسرائيلية والذي يعتبر أقدم أسير عربي في بلدة عبيه إحدى القرى القريبة من بيروت والمطلة عليها.
تلقى علومه الأولى في مدارس البلدة وتميز منذ صغره وبشهادة الكثير من رفاقه بشجاعة وحماس منقطعي النظير وعاشقا للشهادة في سبيل الوطن والحرية حتى انه روي عنه انه كان يضع تحت إحدى صوره عبارة "الشهيد سمير قنطار".
نضاله قبل الاعتقال:
شارك سمير قنطار في التصدي والقتال ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي الأول للبنان عام 1978 كما حاول القيام بعملية عسكرية ضد إسرائيل على طريق الحدود الأردنية في منطقة بيسان واعتقل هناك مدة عام من تاريخ 31/1/1978 ولغاية 25/12/1978.
عملية جمال عبد الناصر:
نفذ سمير قنطار وثلاثة من رفاقه وهم عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد واحمد الأبرص عملية القائد جمال عبد الناصر بتاريخ 22 نيسان 1979 حيث كان سمير قائد العملية برتبة ملازم في جبهة التحرير الفلسطينية.
وقد اخترقت المجموعة رادارات إسرائيل منطلقة من شاطئ مدينة صور اللبنانية بزورق مطاطي صغير معد ليكون سريعا جدا.
وكان الهدف من العملية هو الوصول إلى نهاريا واختطاف رهائن من جيش الاحتلال الإسرائيلي ومبادلتهم بمقاومين قابعين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
الوصول إلى الهدف:
اخترقت المجموعة حواجز الأسطول السادس بالقرب من نهاريا شمال فلسطين وتم إخفاء الزورق عن الرادار وحرس الشاطئ وابتدأت العملية عند الساعة الثانية فجرا من تاريخ 22 نيسان 1979 واستمرت حتى ساعات الصباح حيث وصلت المجموعة إلى شاطئ نهاريا حيث توجد اكبر حامية عسكرية إضافة إلى الكلية البحرية ومقر الشرطة ومخفر مدفعية السواحل وشبكة الإنذار البحري ومقر الزوارق العسكرية الإسرائيلية.
بدء العملية:
اقتحمت المجموعة إحدى البنايات العالية التي تحمل رقم 61 في شارع جابوتنسكي وانقسمت المجموعة إلى مجموعتين واشتبك أفرادها في البداية مع دورية للشرطة الإسرائيلية وحاولوا الدخول إلى منزل يملكه "أمنون سيلاع" حيث يقع على الشاطئ مباشرة وبعد ذلك اشتبك أفراد المجموعة مع دورية شرطة إسرائيلية فقتل ضابط إسرائيلي واستطاعوا بعدها اعتقال عالم الذرة الإسرائيلي "داني هاران" واقتادوه إلى الشاطئ.
وكانت المعركة الرئيسية عند الشاطئ حيث نوت المجموعة الهرب كما حاول سمير الاقتراب من الزورق وتجهيزه للهرب ولكن الحشودات العسكرية وإطلاق النار عليهم منعته من تجهيز الزورق فاستشهد احد رفاقه وأصيب أخر كما أصيب سمير بعدة رصاصات في أنحاء جسده.
ودارت اشتباكات عنيفة بعد أن تقدمت وحدات عسكرية كبيرة وكان سمير يحتمي وراء صخور على الشاطئ ونجح سمير في إطلاق النار على قائد قطاع الساحل والجبهة الداخلية الشمالية في جيش الاحتلال الجنرال "يوسف تساحور" حيث جرح بعدة رصاصات في صدره ونجا بأعجوبة.
ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل اخفت خبر إصابة الجنرال بجراح بالغة في العملية حيث صرح الجنرال بعد عشر سنوات من العملية لإحدى الصحف الإسرائيلي حيث قال "لن أنسى طيلة حياتي وجه الإرهابي الذي أصابني بثلاث رصاصات في صدري انه ودون شك سمير قنطار".
حيث كانت الحصيلة النهائية للعملية ستة قتلى من بينهم عالم الذرة داني هاران واثنا عشر جريحا إسرائيليا.
أما المجموعة الفدائية فقد استشهد عبد المجيد أصلان ومهنا المؤيد واعتقل سمير قنطار واحمد الأبرص حيث أطلق سراح الأخير عام 1985 على اثر عملية تبادل الأسرى.
عذاب قنطار في بداية اعتقاله:
شرح سمير قنطار في رسالة له بعثها لأهله وصف العذاب الذي تلقاه في السجن في بداية اعتقاله حيث نقل وهو ينزف دما للتحقيق معه حول ظروف العملية التي نفذها وأهدافها.
وقد وصف القنطار العذاب الذي تلقاه بأنه أشبه بقصص الخيال لا يمكن أن يتصورها العقل البشري حيث قال في رسالته:
"لقد صلبت عاريا على حائط وبدأ جنود الاحتلال يطبقون فن القتال على جسدي وبقيت تحت أشعه الشمس أياما وليالي واقفا ويداي للأعلى مقيدة بالحائط وراسي مغطى بكيس من القماش الأسود تنبعث منه رائحة نتنه".
وأضاف "بعد حفلة التعذيب هذه كبلوا جسدي بالجنازير والصقوا مكبرات الصوت بأذني حيث تطلق صفارة في الرأس فقدت خلالها الشعور والإحساس بالوجود ".
وذكر أيضا في رسالته "أقسى ما عانيته عندما وقعت جريحا وبدأت عمليات استئصال بعض الرصاصات من جسدي حيث كنت شاهدا على استئصال الرصاصات لأنهم لم يعطوني مادة مسكنة للألم".
وأضاف " عندما حاولت الصراخ من شدة الألم أغلقوا فمي كما كنت كلما احضر إلى العيادة في السجن للتغيير عن الجرح كان الطبيب يدخل إصبعه في الجرح بحجة التأكيد من عيار الطلقات التي اخترقت جسدي".
ووصف القنطار في رسالته كيفية التحقيق معه حيث قال "أثناء التحقيق كنت اجلس أمام المحقق مكبل اليدين ويطفئ المحقق سجائره في يدي وبقيت في زنزانة طولها نصف متر وعرضها نصف متر وسط الظلمة لا اعلم متى يبدأ النهار ومتى ينتهي الليل".
قرار حكم الإعدام:
صرح إسحاق شامير بتاريخ 25/4/1979 بتأييده على تطبيق حكم الإعدام بحق منفذي عملية نهاريا بينما عرض مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي على لجنة الشؤون الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي مشروع قرار يقضي بإلغاء قرار سابق اتخذه مجلس الوزراء بعدم فرض عقوبة الإعدام على الإرهابيين .
كما أعلن بيغن خلال تشييع قتلى عملية نهاريا بخصوص قنطار انه يفكر وحكومته بانتقام لم يخترعه الشيطان.
وحاول الإسرائيليون في عدة جلسات لهم في الكنيست وبشتى الوسائل تطبيق عقوبة الإعدام بحق الأسير سمير قنطار حيث وافقت الحكومة الإسرائيلية بكامل أعضائها على مشروع قانون بهذا الصدد ولكن وجد الإسرائيليون أنفسهم أمام قانون لهم بعدم السماح بالإعدام.
الحكم النهائي بحق قنطار:
وبعد محاولات ومشاورات عزم الإسرائيليون تخفيف الحكم إلى خمسة مؤبدات كعامل سياسي وكي لا يكون هناك إحراج قانوني أو مطالبة سياسية بتخفيف الحكم.
وقد حكمت المحكمة العسكرية الإسرائيلية المركزية في تل أبيب بتاريخ 28 كانون الثاني عام 1980 على الأسير سمير قنطار بالسجن خمس مؤبدات أضيف إليها 47 عاما أي ما يعادل 547 عاما.
ردود فعل على المحاكمة:
حكم مجحف وخيالي حيث تريد إسرائيل إبقاء سمير قنطار في سجونها حتى الموت كما ورأى البعض أن الحكم غير قانوني والسبب أن سمير أسير حرب لدولة معادية أن تحاكمه وذلك بالاستناد إلى اتفاقيات جنيف التي تكفل حقوق أسرى الحرب.
وطلب سمير في المحكمة المرافعة عن نفسه حيث قال "لا تهمني مدة الحكم مائة أو خمسمائة سنة من السجن المؤبد المهم بالنسبة لنا إننا جئنا إلى هنا لإثبات وجودنا وفعلنا ما أردنا لكي نثبت انه في المستقبل سيحصل الشعب الفلسطيني على هويته الوطنية في هذه البلاد".
حياته داخل السجون الإسرائيلية:
زار سمير عدة سجون حيث لم يبق سجن إلا وقد دخله ونال فيه ما يكفي من التعذيب. ومن السجون التي زارها " معتقل الصرفند وعسقلان وبئر السبع المركزي والجلمة والرملة وجنيد الى أن استقر في معتقل نفحة الصحراوي في النقب وهو من أقسى السجون الإسرائيلية.
كما خاض سمير عشرات الإضرابات عن الطعام كم يعد من احد رواد الحركة الأسيرة العربية داخل السجون التي تخوض يوميا معارك البطون الخاوية من اجل تحسين شروط العيش الإنسانية داخل المعتقل.
مواصلة التعليم داخل السجون:
سمحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي لسمير قنطار التعلم بالمراسلة عام 1992 بعد جهود متواصلة حيث التحق بجامعة تل أبيب المفتوحة والتي تسمح بانتهاج أسلوب التعلم عن بعد حيث تخصص بمادة العلوم الإنسانية والاجتماعية وأنهى دراسة الإجازة في حزيران العام 1997.
وبعد أن أنهى المواد المطلوبة منه وكتب بحثين تحت عنوان "المفاجآت العسكرية في الحرب العالمية الثانية" و " تناقض الأمن والديمقراطية في إسرائيل".
وفي تموز عام 1998 طلب سمير متابعة دراسته العليا في جامعة خاصةموجوده في إسرائيل ولكن إدارة السجن رفضت طلبه معتبرة انه لا يمكنه الدراسة إلا في جامعة عبرية كي تراقب مضمون المواد.
صحة سمير قنطار:
يعاني قنطار من الناحية الصحية من مرض الربو ومن رصاصة لا زالت مستقرة في رئته اليمنى والتي تهدده دائما بخطر كبير كما لم يسمح لعائلته بلقائه منذ اعتقاله في 22/4/1979.
محاولات إطلاق سراحه:
قامت مجموعة من رفاق سمير قنطار باختطاف سفينة ايطالية بتاريخ 7/10/1984 وكان على متنها رعايا أمريكيون وإسرائيليون وطالبوا بإطلاق سراحه مع مجموعه من رفاقه وكانت إسرائيل مستعدة لإطلاق سراحه وجرى تجهيزه على ذلك ولكن المفاوضات مع الخاطفين فشلت لظروف أمنية وسياسية أهمها رفض أي دولة عربية دخول السفينة المختطفة مياهها الإقليمية.
فرغم كل عمليات التبادل التي جرت مع الفلسطينيين ومن ثم مع حزب الله لم يطلق سراح سمير قنطار بسبب التعنت الإسرائيلي من جهة وبسبب عدم الإصرار على إطلاق سراحه من قبل الجهات التي كانت تفاوض.
سمير يرفض الاعتذار لإسرائيل:
لن يوافق سمير قنطار توقيع رسائل اعتذار لأهالي قتلى عملية نهاريا الشهيرة أو يقدم اعترافا يعلن فيه ندمه على ما فعل حتى لو أدى ذلك به إلى قضاء ربع قرن آخر داخل السجون الإسرائيلية.
وقال قنطار في إحدى رسائله " أنا لست نادما إلا على شيء واحد هو إنني منحت في عام 1979 شرف الدفاع عن أمتي ولكني حرمت من فرصة الدفاع عن أهلي وبيتي وارضي ووطني أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982".
كما انه رفض في شباط عام 2003 عرضا قدمته إدارة السجون الإسرائيلية إلى الأسرى الذين قضوا في السجون الإسرائيلية فترة تزيد عن العشرين عاما أن يتقدموا بطلب خطي للنظر في إطلاق سراحهم على أن يشرحوا فيه الأسباب الشخصية التي تدفعهم إلى التقدم بطلب إطلاق سراحهم ورفض ذلك لان تغليب الطابع الشخصي على الموضوع.
كما أعلن القنطار في رسائله له انه ما زال على موقفه القائل بأن سنوات العمر التي أفناها في السجون الإسرائيلية كانت من اجل فلسطين قضية وشعبا وان لن يسمح لإدارة السجن بأن تجره نحو البحث أو التفكير بخلاصه الفردي كشخص.
وأكد القنطار في إحدى رسائله انه لا قيمة حقيقية لحريته إذا لم ترتبط بحرية الوطن القادمة على الأكف المجرحة من كثرة ما امتشقت حجارة الأرض التي تأكل محتليها.