مركز حقوقي: اعتداء وتنكيل بحق شابين مقدسيين على خلفية عنصرية
نشر بتاريخ: 11/11/2010 ( آخر تحديث: 11/11/2010 الساعة: 09:35 )
القدس -معا- كشف مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان مساء اليوم عن اعتدائين تعرض لهما مواطنين مقدسيين من قبل مجموعة يهودية متطرفة أثناء تواجدهما في أحد شوارع القدس الغربية.
وجرى الاعتداء في حادثين منفصلين وقع الاول بتاريخ 6-11-2010 منتصف الليل بحق المواطن عنان جواد يغمور أثناء مروره في شارع هليل، أما الأعتداء الثاني فكان بحق الشاب أحمد صبيح اثناء تواجده بالقرب من حديقة الاستقلال وذلك بتاريخ 31-10-2010، أما الشيء المشترك في كلا الاعتدائين هو طلب "سيجارة" للتدخين للتأكد من إنهما عربيين.
الشاب عنان يغمور...
وفي لقاء مع والد الشاب عنان يغمور (21عاما) من قرية سلوان أوضح أن الأعتداء على ابنه تم اثناء مروره من شارع هليل، بعد انزاله من التاكسي لانه لا يصل الى المناطق العربية حيث أوقفته فتاة طلبت منه "سيجارة" وأدعت خلال حديثها القصير باللغة العبرية بأنها لبنانية وولدت في اسرائيل"، وبعد السير لعدة أمتار هجم عليه يهود متطرفون، وفي البداية أصبح يصرخ بأنه يهودي من أصول مغربية، فتوقف الضرب وطلبوا من بطاقته الشخصية وتم انتزاعها منه وعندما شاهدوا انه عربي تم ضربه بشدة وعنف على معظم انحاء جسمه خاصة على رأسه باستخدام الحجارة، اضافة الى رشه بالغاز.
وتابع والده:" استطاع ابني رغم وضعه الصعب ان يهرب ويقفز على أحد البوابات، ولدى وصوله الشارع الرئيسي فقد وعيه بالكامل وحضرت سيارة الشرطة والاسعاف التي نقلته الى مستشفى هداسا عين كارم".
وأوضح والده انه علم من ادارة مستشفى هداسا بأنه ابنه موجودٌ لديهم، بعد تقديم العلاج اللازم له ومعرفة اسمه ورقم هاتف عائلته، لأن بطاقة الهوية وهاتفه الخلوي سرقا منه.
وتقدم الوالد بشكوى في اليوم التالي الى شرطة المسكوبية.
وطالب ابو عنان من الشرطة الاسرائيلية وضع كاميرات مراقبة في شوارع هليل والمصرارة وحديقة الجرس حيث يتم الاعتداء على المواطنين العرب، لوضع حد لهذه الظاهرة المتزايدة يوما بعد الاخر.
ويعاني حاليا الشاب يغمور من رضوض وجروح في رأسه ووجه، حيث تم اخاطة جروح في جفن عينه، والجبين والاذن.
المواطن أحمد صبيح...
من جانبه روى المواطن أحمد صبيح 40 عاما يوم الاعتداء عليه حيث قال :"كنت مارا بجانب حديقة الاستقلال قبل منتصف الليل واتحدث بالهاتف مع شقيقتي التي تتواجد في مستشفى المقاصد للاطمئنان عليها، وبعد الانتهاء من المكالمة بدقائق وسيري لمسافة 20 مترا ظهر شخص يهودي طلب مني "سيجارة" فاعطيته، وعندما ذهب وواصلت سيري فوجئت بحوالي 20 يهوديا يحيطون بي من كافة الجهات، وطلب احدهم "سيجارة" وقلت له تفضل رغم انها اخر واحدة، وسألوني عن اسمي قلت لهم (آدم صبيح) فصرخوا بصوت واحد "هذا عربي...هذا عربي"، مشيرا الى انه ضرب بحجارة كبيرة الحجم، حيث كانوا جميعهم على استعداد لذلك ويخفون الحجارة بملابسهم، موضحا ان ضربه موجه بالاخص على رأسه ووجه.
وتابع صبيح:" لقد نزفت دما، واستطعت دفع ثلاثة منهم والهروب وقاموا بملاحقتي ورشقي بالحجارة حتى وصلت الى الشارع الرئيسي، واتصلت بالشرطة التي اغلقت المكالمة مرتين وفي المرة الثالثة قالت لي ستأتي سيارة الشرطة خلال دقيقة".
وأوضح صبيح انه تمكن من الوصول الى شارع محني يهودا وبقي لاكثر من نصف ساعة وهو ينزف دما ولم تصل الشرطة، ثم اتصلت به سيارة الاسعاف -التي اخذت رقمه من الشرطة- وحضرت الى المكان.
وقال :"لدى وصولي الى مستشفى هداسا العيسوية حضر الامن واخبرتهم بما جرى، وقاموا بدورهم بالاتصال بالشرطة التي حضرت بعد حوالي ساعة.
وأوضح صبيح أن الاعتداء عليه أدى الى تكسر ثلاثة من أسنانه وكسور في اللثة اضافة الى جروح في رأسه من جهات عديدة تم اخاطتها.
وقال صبيح :"منذ وقوع الحادث اعاني من أوجاع وآلآم حادة ولا استطيع ان آكل سوى اللبن والعصائر، أما حالتي النفسية فهي صعبة ولا استطيع النوم من القلق الدائم والاعتداء غير المبرر."
وتوجه المواطن صبيح الى مركز شرطة المسكوبية الاحد الماضي لتقديم شكوى، وذلك بعد اخذ افادته بالمستشفى، وقال:" لقد توجهت الى المسكوبية وعندما علمت المحققة سبب حضوري أصبحت وكأني أنا المتهم حيث أخذت بالصراخ عليّ، معلله عدم حضور الشرطة وقت الحادثة بانشغالهم".
وقال صبيح ان المواطن العربي يعاني من الاهمال والتمييز الواضح، فلو تم الاعتداء على يهودي لحضرت الشرطة في اليوم ذاته واستطاعت القاء القبض على الجناة.
الاعتداءات على المقدسيين قضية ممنهجة
ومن جانبه، أكّد الباحث الميداني في مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان، نبيل عبد الله، أن اعتداءات المستوطنين في الآونة الأخيرة في القدس وخاصة في الأحياء العربية منها، هي اعتداءات ممنهجة، فقد تم الاعتداء على عدد من الشبان إضافةً إلى رجال الدين، وذلك في مناطق أصبحت معروفة مثل شارع هليل وشارع المصراره وحديقة الجرس، ومنطقة باب الخليل.
وأشار عبد الله، أنّ هذه الاعتداءات لها طابع عنصري تقوم بها مجموعة من المستوطنين تحت أعين ومعرفة شرطة الاحتلال، ولا تقوم الشرطة بأي جهد للكشف عن الموضوع، وقال :"إن ما يحدث هو جزء من سياسة ممنهجة متصلة مع كافة السياسات الاحتلالية الأخرى الهادفة إلى تهجير الفلسطينيين من مدينتهم المقدسة، والتي تهدف في مُجملها جعل القدس مكان غير آمن للفلسطينين لدفعهم للتفكير بشكل جدي للهجرة أو الرضوخ، وهذا الهدف ينسجم مع كافة السياسات الاحتلالية الأخرى من هدم منازل إلى سحب الهويات والاعتقال وصولاً للتهديد على حياة المقدسيين".
وأكّد عبد الله أنّه على جميع أطياف العمل الاجتماعي والسياسي والحقوقي التكاتف لوضع وتنفيذ خطط حماية تساهم في تعزيز صمود الفلسطينيين في مدينة القدس.
أهميّة تقديم الشكاوي
وعلى الصعيد القانوني ، فقد أكّد محامي مركز القدس، المحامي محمد أبو إسنينة، أهميّة أن يقوم كل شخص قد تعرّض إلى الاعتداء من قبل المتطرفين اليهود، بالتوجه إلى الشرطة وتقديم شكوى حول هذا الاعتداء، مع محاولة إعطاء تفاصيل الحادث بشكل دقيق أو أوصاف المعتدين، أو ذكر أسماء المعتدين (إذا سمع أحد المعتدين ينادون على بعضهم بأسمائهم)، حتى لا يتم إغلاق الملف بحجة عدم معرفة المعتدين.
وقد أشار المحامي أبو إسنينة، أن موضوع تقديم شكوى هو ليس بالأمر السهل، وخصوصاً بسبب تصرّفات الشرطة والتمييز ضد الفلسطينيين، بحيث يصبح تعامل جهاز الشرطة مع مُقدّم الشكوى على أنه "مُعتدي" وليس "الضحيّة"، وبالرغم من ذلك، لا بُدَ من تقديم شكوى وذلك لعدم وجود وسيلة أخرى، لكشف السياسات التمييزية للشرطة والغير مكتوبة أو معلن عنها، وبالتالي فعلى مُقدّم الشكوى أن يحصُل من الشرطة على مستند يفيد بأنه تقدّم بشكوى أو على الأقل رقم ملف الشكوى، وذلك من أجل مُتابعة ما حصل بالشكوى، حيث أنه وحسب القانون فإنّ من حق المشتكي أن يحصل على معلومات عن سير التحقيق، وعن قرار جهاز الشرطة بخصوص هذه الشكوى: فهل تم تقديم لائحة اتهام ضد المعتدي؟ أو هل تم إغلاق الملف لسبب مثل عدم معرفة المعتدي؟، أو عدم وجود مصلحة للجمهور، أو لسبب عدم كفاية الأدلة أو لغيرها من الأسباب.
وأكّد المحامي أبو إسنينة، أنّه يمكن للمشتكي بهذه الحالة الاستئناف على قرار الشرطة بإغلاق الملف أو قرار النيابة بعدم تقديم لائحة اتهام ضد المعتدين، وفي حالة تم تقديم الشكوى وعدم إمكانية متابعة الملف أو الصعوبة في متابعة الشكوى يمكن التوجه لمركز القدس لمتابعة الشكوى.