الإثنين: 23/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

عسكريون وسياسيون اردنيون يشككون بنجاح العدوان الاسرائيلي في تحقيق اهدافه السياسية والعسكرية

نشر بتاريخ: 26/07/2006 ( آخر تحديث: 26/07/2006 الساعة: 17:58 )
عمان- معا- شكك عسكريون وسياسيون اردنيون بنجاح اسرائيل بتحقيق الاهداف العسكرية والسياسية في عدوانها المستمر على لبنان كما اكد هؤلاء في حلقة نقاشية لهم نظمها مركز دراسات الشرق الاوسط في عمان على ان العدوان على لبنان كان مخططا له وخلص المشاركون ان صمود المقاومة ضد العدوان يبرهن على امكانية هزيمة الجيش الاسرائيلي

وقد جاءت الحلقة النقاشية بعنوان تداعيات المواجهات في لبنان وفلسطين على الأمن والسلم الدولي في الشرق الأوسط واكد المشاركون على ان المواجهة المندلعة بين المقاومتين الفلسطينية واللبنانية من جهة، وجيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى،مثلت مواجهةً جديدة ومثيرة للاهتمام، وذلك من حيث توازن الردع الذي حقَّقته المقاومة، ومن خلال حجم العدوان الشامل على المدنيين والبنية التحتية الذي تقوم به إسرائيل على الجبهتين الشمالية والجنوبية.

وقال المشاركون في الندوة التي جرت امس الاول واعلنت خلاصتها اليوم يبدو
واضحاً أن إسرائيل تشعر بخطر حقيقي لأنها تواجه للمرة الأولى في تاريخها مقاومة
قادرة على ضرب العمق الإسرائيلي في المدن الفلسطينية المحتلة عام 1948 على
الجبهتين.

ويتوقع البعض أن تكون هذه التجربة داعمة للمقاومة العربية في العراق ضد
الاحتلال الأمريكي، رغم أنه من الممكن أن تتراجع المقاومة أو ألا تحقق أهدافها
المرحلية كاملة- نتيجة التواطؤ الدولي والإقليمي.

وقال المشاركون في حلقتهم النقاشية التي تسلمت وكالة معا نسخة منها ان
المتغير المتجدّد على أيدي المقاومة في معادلة الصراع العربي-الإسرائيلي هو أن
أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر لم يعد لها مقومات!

وراى المشاركون ان الاصطفافات التي تشكّلت في هذه المواجهة، وبالذات العربية،
بحاجة إلى إعادة نظر، حيث ثبت أن المقاومتين الفلسطينية واللبنانية تعبّران عن
نبض الأمة العربية والإسلامية، وبدا واضحاً ارتباط المقاومة مع الأمة بصورة متينة، وبما أن إرادة الشعوب لا تهزم، فيتوقع أن تقوم الأطراف التي حاولت ربط هذه المقاومة بمحاور إقليمية -وهي ترويج إعلامي مُضلِّل- بإعادة التفكير بترتيب أوراقها وتوجهاتها بحيث تدعم المقاومة في لبنان وفلسطين.

وقال المشاكون ان المواجهة الأخيرة كشفت نقاط الضعف الكثيرة في بنية إسرائيل،
وفي مختلف الجوانب، وبخاصة العسكرية منها والأمنية.

وبغض النظر عن النتائج النهائية سياسياً وعسكرياً، فقد أثبتت المواجهة إمكانية
انتصار المقاومة مستقبلاً على الاحتلال، وأنها أصبحت ممكنة ضمن شروط وظروف
معينة.

وقد شارك في هذه الحلقة النقاشية : الخبير العسكري اللواء موسى الحديد الباحث
في مركز الدراسات الإستراتيجية في كلية الدفاع الوطني الملكية ، والدكتور محمد
الحموري المحامي والخبير في القانون الدولي، ، والدكتور عدنان الهياجنة أستاذ
العلوم السياسية ومدير التدريب في جامعة الأمم المتحدة، والدكتور عبد الحميد
الكيالي رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في مركز دراسات الشرق الأوسط. وقد أدار الحوار في الحلقة الأستاذ جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط .
وقال الحمد أن مسألة الرصد الدقيق للمواجهة بين إسرائيل والمقاومتين
الفلسطينية واللبنانية توضح أن ما يحدث له أبعاد وانعكاسات كبيرة متوقعة، مثلما
حدث بعد العمليات العسكرية النوعية لحركة حماس عام 1996، حيث أعقبها مؤتمر شرم الشيخ وما ترتب عليه من تعاون أمني مكثف بين أطراف إقليمية ودولية في سبيل حماية إسرائيل.

وأوضح أنه في الوقت الذي تشنّ فيه إسرائيل حرباً حقيقية ضد هاتين المقاومتين
والشعبين الفلسطيني واللبناني، مستخدمة الطائرات والبوارج والصواريخ، لا تزال
المقاومة بقدراتها المتواضعة عسكرياً قياساً مع آلة الحرب الإسرائيلية تدفع
إسرائيل نحو التردد في دخول معركة بريّة شاملة تشترك فيها الدبابات.

وتابع يقول ان ما يؤكد ذلك أن قواتها(اسرائيل ) عندما تدخل منطقة فلسطينية أو
لبنانية، لا تلبث أن تخرج منها، وذلك في ظل اعترافات نادرة تصدر عن الإعلام
الإسرائيلي بدقة أهداف صواريخ المقاومة، مما قد يسبب أزمة داخلية إسرائيلية
مستقبلاً في حال استمرت هذه المواجهة زمناً أطول، رغم الدمار والخسائر في
الجانب العربي.

وأشار إلى أن قصف صواريخ المقاومة للعمق الإسرائيلي من الجبهتين الشمالية
والجنوبية برشقات بلغت أكثر من ألفي صاروخ من جنوب لبنان و700 صاروخ من قطاع
غزة إنما شكل عاملا موازيا وان لم يكن مكافئا لقوة الطيران الإسرائيلي التي
قامت بأكثر من 4500 طلعة جوية فوق لبنان وأكثر من 1000 طلعة فوق قطاع غزة خلال المواجهات الأخيرة، وذلك من زاوية القوة التدميرية النسبية ، ومن حيث عجز
الإمكانات الإسرائيلية المتقدمة عن صد أي من هذه الصواريخ ، في مقابل عدم تمكن
المقاومة من مواجهة قوة الطيران وصدها باستثناء تطور قوة المقاومة اللبنانية
الصاروخية لمواجهة الطائرات العمودية مؤخرا حيث أسقطت حوالي خمس منها على حدود المواجهة.

من جانبه أكد الدكتور الهياجنة أن ظروف النظام الدولي وهيكلته التي تسيطر عليها
الولايات المتحدة جاءت مواتية لتقوم إسرائيل بعدوانها تحت غطاء حليفتها الكبرى
ورجح وجود تخطيط مسبق لهذه المواجهة، بهدف نزع سلاح حزب الله بصورة أساسية
وتابع يقول في حال نجح ذلك وتم فرض الأجندة الأميركية-الإسرائيلية على المنطقة،
فإن تلك المسألة تعد رسالة إلى بقية القوى الإسلامية في المنطقة، من أجل التوقف عن مقاومة المشروع الإسرائيلي والرؤية الأميركية، وليكون درسا لأي دولة عربية تخالف هذه السياسات.

أما الدكتور الحموري فقد أشار إلى أن إعلان المقاومة ، بأنها ستقوم بأسر جنود
إسرائيليين لمبادلتهم بأسراها، فضلاً عن إرادة تحرير مزارع شبعا لديها، كان قد
سبق عملياتها العسكرية الأخيرة وهذه المواجهة.

وقال ان المقاومةقامت بعملية عسكرية نوعية ضد عسكريين لكنه قال ان العملية
عجلت فقط بإجراءات إسرائيل العدوانية, وتابع القول " ان الادارة الامريكية المتورطة في العراق وأفغانستان تقوم كما يبدو بتطبيق سياسة الفوضى "الخلاّقة" حسب التسمية الأمريكية، أملاً في الوصول إلى استقرار في المنطقة يسمح لها بإكمال مشروعها الإمبراطوري، ويعمل على حماية حليفتها الإستراتيجية إسرائيل.
بدوره حدد اللواء الحديد الأهداف العسكرية للعدوان الإسرائيلي في القضاء على
المقاومة في شمال وجنوب فلسطين، إضافة إلى استقدام قوات دولية في حال عجزت عن تدمير قوة حزب الله.

واكد ان الهدف الاستراتيجي للعدوان هو تفكيك وإضعاف قوى الممانعة والمقاومة
على الجبهتين، دون نسيان الرغبة بالضغط على سوريا وإيران، وبصورة أدق القضاء
على المقاومة العربية والإسلامية في كل مكان.

واشار الى وجود الرغبة الأمريكية في صرف النظر عن فشلها الذريع في العراق من
خلال البحث عن نجاحات هنا وهناك، وإيجاد تحالف محوري جديد في المنطقة العربية، لضمان تنفيذ المشروعات الأمريكية وحماية إسرائيل.

وحول دوافع المقاومة في هذه المواجهات قال انها تريد في المقام الأول إثبات أن
مقاومة الاحتلال الإسرائيلي قادرة -إن وجدت العمق والدعم العربيين- على تحقيق
إنجازات كبيرة، وقد حققتها حتى الآن بالاعتماد على النفس، إضافة إلى رغبة
المقاومة بتحريك قضية الأسرى في المعتقلات الإسرائيلية.

وذهب اللواء الحديد كذلك إلى أن هذه المواجهة ستدعم النفوذ السياسي للمقاومة
على الساحتين اللبنانية والفلسطينية، وبخاصة بعد الحوارات التي سبقت العدوان
الإسرائيلي على الساحتين.

أما عن الرؤية الإسرائيلية للأحداث، فقد أوضح الدكتور الكيالي أنه في بداية
العدوان وخلال الأيام الأولى القليلة كان سقف الحكومة الإسرائيلية نحو تدمير
حزب الله كبيراً، ولكن الأيام اللاحقة دفعت إلى انخفاض ملموس في سقف هذه
التوقعات والمطالب، وبرزت لدى الصحفيين والخبراء الإسرائيليين فكرة أن تحطيم
حزب الله في الشمال والمقاومة الفلسطينية في الجنوب غير ممكنة.
وفي الإطار ذاته وعلى صعيد التأييد الشعبي لحكومة أولمرت أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية تأييداً كبيراً له في الأيام الأولى، حيث وصل إلى 87%، لكن هذه
النسبة بدأت بالتراجع النسبي مع مرور الوقت.

ورغم أن هذه المواجهة مثّلت فرصة لأولمرت كي يروج فكرة عدم وجود شريك فلسطيني يمكن الحوار معه، مما يساعده في خططه الأحادية الجانب، غير أنها أدمت برنامجه السياسي بخسائر كبيرة، وتفاقم فقدان الأمن في المناطق الجنوبية من الكيان الإسرائيلي المتاخمة لقطاع غزة. وهو ما سيجعل خطته وفكره السياسي الذي يروجه بقوة محط شك وموضع سخرية بعد انتهاء المواجهات بفشل أهدافه السياسية.

وحول سيناريوهات الحلول الممكنة لهذه المواجهة، طرح الحضور أن السيناريو
الأمريكي-الإسرائيلي يقوم على أساس التخلص من حزب الله كقوة عسكرية مخيفة كخطوة أولى، ولتكون هذه المواجهة نموذجاً لقوى المقاومة في حال لم تنخرط في مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي تحاول أمريكا إحياء روحه في هذه المرحلة، ومن ثم العمل إدخال سوريا في عملية السلام مع إسرائيل، استناداً إلى توقعات لمواقف براغماتية قد تتخذها القيادة السورية حسب التقديرات الأمريكية والإسرائيلية، وبالتالي العمل على زيادة عزلة إيران، وذلك رغم إقرار الحلقة بعدم توقف الاتصالات والحوار، ووجود تقاطع للمصالح بين إيران والولايات المتحدة في أكثر
من مستوى ومجال جغرافي حيوي، الأمر الذي قد يفضي إلى التوصل إلى تفاهمات مفاجئة بينهما تغير كثيرا من الحسابات المبنية على العداء المستحكم !. غير أن الحلقة أكدت أن سيناريو انتصار المقاومة بصمودها واستعصائها على التدمير بالحد الأدنى، وفشل إسرائيل في تحقيق أهدافها التي أعلنتها، سوف يكون منطلقا لبناء ملامح ممانعة عربية أوسع في المنطقة، ما يضعف من دور وأهمية محور التحالف الأمريكي شعبيا وسياسيا على مختلف المستويات .

وأكدت الحلقة أن ثمة دروس يمكن تعلمها من هذه المواجهة، من أبرزها انهيار مقولة
إن الجيش الإسرائيلي لا يقهر أمام هاتين المقاومتين، وكذلك ضرورة تدعيم بناء
الثقة، وإعادتها بين الأنظمة العربية والقوى السياسية والشعوب، بما يخدم مشروع
المقاومة وبرنامجها، فضلاً عن أهمية القراءة الدقيقة للأحداث، بما يخدم مصالح
الأمة في التحرر والازدهار والاستقرار، بعيداً عن القراءات والاصطفافات الخاطئة
التي تدفع ببعض الأطراف إلى خسارة الحاضر والمستقبل، على صعيدي الدور الإقليمي والاستقرار الداخلي، الذي قد تنبثق عنه اتفاقات تكون من ضحاياها أطراف اصطفت في الموقع الخطأ في هذه المرحلة.

كما أكدت الحلقة على أن مؤشرات المواجهة تميل لصالح فشل إسرائيل في تحقيق أهداف سياسية مهمة، وأنها قد تفشل في استعادة الجنود الأسرى إلا من خلال عملية تفاوضية مع أي من المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، عن طريق وسيط ثالث. وهو ما تطالب به فصائل المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

هذا وقد تناولت الحلقة الكثير من التفاصيل المهمة والمثيرة في أجواء النقاشات
حول هذه المحاور المتعلقة بالمواجهة مع إسرائيل ومستقبلها المنظور.