الأحد: 22/12/2024 بتوقيت القدس الشريف

سعيد العتبة "ابو الحكم"شيخ الاسرى .. الطاعن في السن والسجن !!.لا بد للقيد أن ينكسر

نشر بتاريخ: 26/07/2006 ( آخر تحديث: 26/07/2006 الساعة: 22:54 )
بيت لحم- معا- ليلة 2006/7/29، تتوقف عقارب الزمن قليلاً، ويدخل الاسير الفلسطيني سعيد وجيه العتبة "ابوالحكم" عامه الثلاثين داخل سجون ومعتقلات الاحتلال الاسرائيلي، ليكون اول اسير فلسطيني وعربي يمضي هذه الفترة من الاعتقال في السجون الاسرائيلية ولذلك فقد حاز على وسام "شيخ الاسرى والمعتقلين" وهو الوسام الذي اعتاد الاسرى ان يقلدوه لأولئك الذين يتفوقون على غيرهم من رفاقهم الاسرى بسنوات اعتقالهم .

تسعة وعشرون عاماً انقضت، ومازالت عتبة البيت العتيق، الذي ولد فيه "سعيد" على جسر التيتي في الجبل الشمالي في مدينة نابلس، تنتظر عودة فارسها بنفس الشموخ والصبر الذي ينبعث من صدر والدته الحاجة وداد "ام راضي" والتي بالرغم من كبر سنها وصراعها مع المرض لازالت تحتضن امل لقائه بين ضلوعها المتشبثة بحتمية النصر ونيل الحرية مهما طال الليل وإشتد الظلام ..

تسعة وعشرون عاماً بساعاتها ولياليها وأيامها الطوال، تقاسمتها الحاجة "ام راضي" مع زوجها وابنائها الدكتور راضي وشقيقتيه سناء ورائدة، تصول وتجول احياناً معهم واحياناً كثيرة بدونهم، من شرق السجون الى غربها ومن شمالها الى جنوبها، علها وابناءها يجدون لهم فسحة من المكان ودقائق من زمن اللئام، ليقفوا امام الشبك الفاصل، يتأملون نظرات التحدي والعنفوان المنبعثة من تلك العيون الهادئة الحكيمة لعميدهم" ابوالحكم" ويحاولون بمرارة ملامسة أناملة الذهبية التي حوصرت لتغزل للأجيال القادمة خيوط شمسهم الابدية ..

تسعة وعشرون عاماً، تخللها انقطاع اجباري بسبب المنع الامني ورحيل مفاجيء لوالده الذي تعرض لجلطة قلبية بينما كان ينتظر زيارته على باب سجن نفحة عام 1989، لم يفقد خلالها شيخ الاسرى والمعتقلين وهج العنفوان والكبرياء والصمود، طواها "سعيد" جنباً الى جنب مع تلك السنين الطوال التي طواها ويطويها رفاقه بالقيد والمعاناة سمير القنطار ونائل فخري البرغوثي وأكرم منصور وفؤاد الرازم وابو علي يطا وابراهيم جابر وحسن سلمه وعثمان مصلح وسامي وكريم يونس وعاصم وسيطان الولي وحافظ قندس وبشر المقث وعشرات الاسرى القدامى الذين مضى على اعتقالهم اكثر من عشرين عاماً، ولاحقاً بهم الاف الاسرى والاسيرات من اولئك الذين مازالوا يتجرعون مر العذاب ويذوقون لوعة المعاناة ، لكنهم لم ينحنوا ، وبصمودهم قهروا السجان وحطموا القيد وصلابة القضبان .

تسعة وعشرون عاماً، استقبل "سعيد" خلالها وودع في سجونه التي تنقل فيها قوافل من المناضلين والمجاهدين، وكان بالنسبة لهم القائد الكبير والمعلم القدير الذي زرع في قلوبهم حب الارض وعشق الجماهير وبث في ارواحهم الثائرة الامل والارادة الحرة الابية، وهو ان تجاوزته كل صفقات التبادل التي ابرمت في الماضي والحاضر القريب، لم يفقد يوماً الامل في التحرر وكسر القيد والانطلاق الى فضاء الحرية، ولازالت معنوياته تناطح همجية السجون وتصارع ببسالة صلافة السجانين ..

ويدخل العام الثلاثين، ومازال سعيد يفترش فرشة "برشه" الذي لازمه عشرات السنين في سجن عسقلان، والى صدره المفعم بالاخلاص والوفاء يضم بقوة صورة الام التي ارضعته حليب الرجولة والشهامة، ويقلب بتمعن وتأمل البوم الصور التذكارية التي استطاع ان يجمعها من خلال زيارات الاهل او من رافق القيد الذين التقى معهم في سجون مختلفة، ويذهب عميد الاسرى ببصره بعيداً الى ماوراء تلك الجدران والقضبان التي تعزل جسده وتخفي روحه عن تلك الاجساد والارواح التي مازالت تنتفض وتصرخ من اجل حريته وحرية كافة الاسرى والمعتقلين في سجون ومعتقلات اسرائيل، ليؤكد لهم بكل ايمان وعزيمة ان "شمسنا ستبزغ وفجرنا آت آت" ..

وبينما يطوي الاسير القديم "سعيد العتبة" سنوات اعتقاله التي تساوت وبصدفة القدر مع عدد السجون والمعتقلات الاسرائيلية التي شيدها الاحتلال ليحتجز فيها شبابنا واطفالنا ونساؤنا، يرتسم الامل والتفاؤل على سماء فلسطين التي تنتظر بشوق ولهفة وحنين تحرير ابطالها من السجون لتغني لهم :

لابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر