عصا من تقف في دواليب عجلة المصالحة الوطنية؟!
نشر بتاريخ: 23/11/2010 ( آخر تحديث: 24/11/2010 الساعة: 09:35 )
رام الله- معا- عصا من تقف في دواليب عجلة المصالحة الوطنية؟، مع طرح مثل هذا التساؤل فان قادة طرفي معادلة الصراع الفلسطيني(فتح وحماس)، يبدآن بافراغ ذخيرتهما في الاخر وتحميله مسؤولية تعثر جهود المصالحة والمباشرة بكيل الاتهامات لبعضهما البعض الى حد يجعل المواطن في حيرة من امره ولا يعرف من يصدق ويكذب؟!.
منذ اكثر من اربعة اعوام والحالة الفلسطينية تعيش تداعيات حالة صعبة جدا تسود فيها اقل من يمكن وصفه بـ" حالة تدمير الذات"، جراء ما الت اليه حالة النظام السياسي الفلسطيني من انقسام وانعكاساته على واقع المجتمع بمختلف قطاعاته ومستوياته الى حد ان قاد الى نشوء جماعات مستفيدة من الحالة القائمة كونها باتت تلعب خارج اطار النظام السياسي وحتى القوانين المعمول بها.
مسؤولون كبار في حركة فتح التي بادرت الى توقيع الورقة المصرية التي بالاصل جاءت كنتائج مشاورات وحوارات بين الفصائل الوطنية والاسلامية وحتى الشخصيات المستقلة ، وتحت اشراف مسؤولين كبار في جمهورية مصر العربية، يتهمون حماس بتعطيل انجاز المصالحة الوطنية من خلال التلكؤ غير المفهوم وابتداع مبررات وذرائع مختلفة لتبرير رفضها التوقيع على الورقة المصرية، في حين يحمل قادة حماس حركة فتح مسؤولية تعطيل المصالحة من خلال اتهامها بالتراجع عن الاتفاقات بما في ذلك التراجع عن بنود الورقة المصرية نفسها، ويعمدون الى شن هجمات اعلامية مبرمجة للمس بالموقف الفتحاوي الذي يجاهر علانية بموقفه الداعي الى التوقيع الفوري من قبل حماس.
وعندما تتهم حركة فتح حماس برفض التوقيع للورقة المصرية جراء ارتهان موقفها السياسي بموقف ايران، فان الرد الحمساوي يكون جاهزا باتهام حركة فتح برهن موقفها السياسي بالموقف الاميركي.
وحينما تبادر حركة فتح بالحديث عن المفاوضات السياسية والحاجة لبلورة توجه عام لدى الفلسطينيين بتبني المقاومة الشعبية السلمية، فان حركة حماس تبادر للتشكيك فى جدوى التعويل على المفاوضات السياسية وتطلق العنان للحديث عن المقاومة العسكرية المسلحة كخيار لا يجب اسقاطه من يد الفلسطينيين، الامر الذي يدفع حركة فتح بالحديث عن انحسار المقاومة المسلحة التي تنادي بها حماس وتناكفها بالحديث عما تفعله في قطاع غزة والتزامها بهدنة غير معلنة مع اسرائيل، الامر الذي يستثير حماس وقادتها الذين يبدأون بالحديث عن اتهام فتح والاجهزة الامنية الرسمية للسلطة بالتنسيق الامني واجتتاث ما تصفه بالمقاومة في الضفة الغربية ، وهذا بدوره يستثير حركة فتح التي تبدأ باتهام حماس بممارسة التنسيق الامني غير المعلن مع الاحتلال من خلال ملاحقة المقاومين من فصائل المقاومة والاقتصاص منهم اذا ما نفذوا عمليات قصف بالصواريخ تجاه اسرائيل، ما يفتح الطريق لحركة فتح للحديث بنوع من الشماة بحركة حماس وتذكيرهم بموقف السلطة الفلسطينية من اطلاق هذه الصواريخ وملاحقتها لمطلقي هذه الصواريخ قبل سيطرة حماس بالقوة المسلحة على قطاع غزة؟!.
وفي اطار تصعيد الصراع بين الجانبين ، فان حركة حماس تبرر سياسة الاعتقالات وملاحقة انصار وقادة فتح في غزة بما تفعله الاجهزة الامنية التابعة للسلطة الوطنية من اعتقالات بحق انصارها وقادتها وتحرص على استخدام وصف حكومة فتح واجهزة فتح الامنية رغم اقرار فتح بان الحكومة الحالية في الضفة الغربية بانها ليست حكومة فتح رغم مشاركة قادة منها في الحكومة، الامر الذي يدفع حركة فتح لاتهام حركة حماس وحكومتها المقالة باستخدام مليون ونصف مليون فلسطيني في غزة كرهائن والتحكم في حياتهم ومحاولة ابتزاز السلطة وحركة فتح في الضفة الغربية من خلال هذه الاعتقالات .
هذا جزء من بعض تفاصيل الحالة السائدة التي تعيشها حركتي فتح وحماس، في اطار معمعة الصراع الدائر الذي يصل في مراحله الى مستوى تخوين بعضهما البعض، واتهامهما لبعضهما البعض بالعمل لخدمة اجندة اسرائيل.
ورغم اشارة وتاكيد قيادات الحركتين بان المستفيد من استمرار الانقسام وتعطيل المصالحة هو اسرائيل، الا انه على ارض الواقع نجد ان اسرائيل قد تخطط لاكثر من تلك الاستفادة للوصول الى انتهاج سياسة تمزيق نهائي لما يسمى بالضفة الغربية وغزة وتعزيز الفصل الكامل بينهما من جانب ، وتنفيذ مخطط مشابه في محافظات الضفة الغربية بعيد اكمال الجدار العنصري حيث تعمد الى محاصرة الضفة بجدار اسمنتي من كافة الجهات وتؤمن خط سير للمستوطنين بعيدا عن التجمعات السكنية الفلسطينية ، وقد تقوم بتنفيذ انسحاب احادي الجانب من هذه المدن والمحافظات كما فعلت في قطاع غزة ،وتهيئة الاجواء ودفعها باتجاه توفير البيئة والظروف المواتية لوقوع ما حدث بين حماس وفتح في غزة وتكراره في الضفة بحيث تكون هي مجرد مراقب للاحداث وتتحرر من اية مسؤولية امام العالم بالحديث عن انها انسحبت من الضفة وغزة ، وتحمل الفلسطينيين المتقاتلين مسؤولية فشلهم حتى في ادارة امورهم الذاتية ، ما يؤدي بالتالي الى اظهار الفلسطينيين امام العالم مجرد مسلحين مقنعين ينتشرون في الشوارع ولا يستحقون حتى حكما ذاتيا ، وتكون اسرائيل بذلك برأت نفسها من صفة الاحتلال بعيد اظهار ان المشكلة لم تكن بالنسبة للفلسطينيين هي مجرد وجود الاحتلال.
مسؤولون رسميون في فتح، رفضوا الافصاح عن اسمائهم اكدوا لـ (معا)، امكانية وجود مثل هذا المخطط الاسرائيلي لكنهم عبروا عن قلقهم ومخاوفهم من امكانية مشاركة حماس في تنفيذ مثل هذا المخطط ، من خلال استغلالها لمثل هذا التوجه الاسرائيلي في الضفة الغربية والبدء باعداد العدة لتنفيذه في فترة تكون فيها اسرائيل استكملت بناء الجدار في الجهة الشرقية من الضفة الغربية تمهيدا لانسحابها النهائي من مدن الضفة الغربية بشكل احادي الجانب كما فعلت في قطاع غزة.
في المقابل فان احد المسؤولين في حركة حماس قال لـ (معا)، يمكن ان نسجل للرئيس محمود عباس رغم اختلافنا معه عدم تنازله عن اية ثوابت وطنية، موضحا ان المشكلة الاساسية والخطر الحقيقي يكمن بالاساس في مستوى التهديد للقضية الفلسطينية بشكل عام .
واشار ذلك المسؤول الى ان المطلوب بلورة وتشكيل قيادة وطنية صادقة ومخلصة من جميع القوى تتولى مسؤولية ادارة اوضاع الفلسطينيين في مواجهة مثل هذا التهديد.
المعطيات على الارض تؤشر الى فقدان حالة الثقة بين الحركتين بصورة تلحق بالغ الضرر بالبنية الاجتماعية والسياسية للمجتمع الفلسطيني ويعزز حالة استقطاب غير عادية في المجتمع ، خاصة ان الفئات المتضررة من السلطة وتطبيق القانون لا تتردد في حسم موقفها لصالح حماس، في حين ان المتضررين من سياسة حماس لا يترددون في حسم موقفها لصالح فتح ، الامر الذي يجعل الشعب والقضية يعيشان حالة مخاض لمرحلة مقبلة لا يعرف فيها مصير الطفل المولود الذين لن يعترف احد بانه اباه.