كرة الليلة بين البرسا والملكي لغة يفهمها الجميع* بقلم: سامي مكاوي
نشر بتاريخ: 29/11/2010 ( آخر تحديث: 29/11/2010 الساعة: 14:27 )
لست ادري لماذا أصبحت مباراة ليلة الاثنين بين قطبي الكرة الاسبانية :ريال مدريد وبرشلونة الشغل الشاغل عند كل الناس في فلسطين: الصغير والكبير، الشباب والصبايا، الأمهات والآباء مدراء الدوائر والموظفون، المدربون واللاعبون، الكل يتحدث عن المباراة وكأنها عيد قومي ... كل يؤيد انتماءه لهذا النادي او ذاك، ويتحدثون عنها بشغف وانتظار على احر من الجمر.
ما الحكاية اذا؟ هل هي محبة لكرة القدم حتى درجة العشق والتعصب الاعمى ام لكسر روتين الحياة اليومية الممل ام البحث عن انتماء ما في ظرف عز فيه الانتماء الحقيقي؟ لماذا لا نلمس مثل هذه الشعبية الكاسحة للدوري الانجليزي مثلا او الدوري الايطالي او الهولندي او البرازيلي او الارجنتيني او المصري او الجزائري؟؟!! اليست كرة القدم الاسبانية هي نفسها كرة القدم الانجليزية والايطالية بل والفلسطينية؟ لابد ان يكون لهذا التاييد العارم والتشجيع الواسع لقطبي الكرة الاسبانية اسبابا موجبة للاقناع.
أن المسافة بين إستاد الشهيد فيصل الحسيني بمدينة الرام الفلسطينية وبين ملعب كامب نو هي آلاف الأميال، إلا أن شهرة البرسا والملكي عن غيرهما قد طبقت الآفاق، فتنتشر اخبار ميسي ورونالدو بين الناس انتشار النار في الهشيم، وتجد من يصبح عليك بالقول" ما اروع اهداف ميسي بالامس! كيف تمكن ميسي من محاورة بيبي ومارسيلو والحارس كاسياس وصنع هدفا عجيبا بكل اعصاب هادئة اقام المدرجات ولم يقعدها! وترى زميلا آخر يقول " رونالدو الصاروخ الكروي احرز هدفه من بعد اربعين ياردة في حلق مرمى البرشا طار لها فالديز لكن الكرة عرجت للزاوية العليا وهزت الشباك البرشلوني كما هزت جنبات الملعب ..
ولتفسير أولى لهذه الظاهرة الرياضية الاجتماعية التي تنطلق من (كلاسيكو القمة العالمية) نقول:
وجود لاعبين بدرجة سوبر نجوم عالميين متألقين في الفريقين، ففي برشلونة: -
ليونيل ميسي، ديفيد فيا، تشافي هيرنانديز، فيكتور فالديز وكارلوس بويول.
وفي ريال مدريد: -
كريستيانو رونالدو، سامي خضيرة، مسعود اوزيل، بيبي، تشابي الونسو وايكر كاسياس وهؤلاء جميعهم اثمان اقدامهم وذكائهم عالية جدا.
هذه الكوكبة وغيرها من اللاعبين المتميزين المبدعين تفرض عليك كمتفرج ان تنشد اليها وانت تحبس انفاسك سواء من كان متفرجا في الملعب أو من خلف الشاشة الفضية.
كما ان التنافس الرياضي بين الفريقين والتراشق بالكلمات بين المدربين والمؤيدين والمخالفين سمة تسخينية هدفها جذب الاهتمام والاعلام ليبدأ في الكتابة عنه من خلال الصحافة الاسبانية والعالمية قبل شهر من المباراة المرتقبة مع تحليلات فنية لامكانات اللاعبين المهارية والبدنية والخططية والنفسية والذهنية واستيعابهم لخطط اللعب الدفاعية والهجومية وشغل مساحات الملعب ووظائف كل لاعب في المباراة واللعب الجماعي والاستحواذ على الكرة لاطول مدة زمنية ممكنة، كل ذلك يشحن المشاهد بشحنات موجبة وبشكل يومي الامر الذي يجعله العنوان الرئيسي لتفكيره، خاصة وان العالم اصبح قرية صغيرة يستطيع المشاهد ان يحلق من خلالها في كافة الآفاق الكروية بضغطة زر!
ان المتعة الكروية تنتج من وجود الالاف المؤلفة من المشجعين في الملعب كل ينسج نغمات تشجيعه وصيحاته كيفما اتفق, وعلى ارض الملعب يلعب اللاعبون كرة بهندسة مدروسة المساحات والاحجام سواء على الارض او في الهواء، ويركضون في كل الجنبات ذهابا وايابا بكرة او بدونها, ويتبادلون المراكز فيما بينهم لاحداث خلخلات في حوائط الدفاع ليتبعها اختراقات تكتيكية تؤدي في النهاية الى تسجيل الهدف ...
ويزداد شغف المتعة الكروية عند البرسا او الملكي حينما يستلم ميسي او رونالدو الكرة فيحاور ويقف مخادعا وعيناه ترتكزان على زاوية في الملعب ليلتف منها على منافسه وينطلق فجأة بين الاقدام الذهبية صوب الهدف مستخدما مهارته وخبرته وذكاءه وسرعته وقوته، وهذه اهم عناصر المتعة الكروية التي يبحث عنها المشاهد.
إن وجود نخبة من لاعبي الاحتياط بدرجة سبع نجوم يساعد على إعطاء مزيد من القوة المعنوية الدائمة للفريق ,كذلك فإن المدربين جوسيب جوارديولا وجوزيه مورينيو رغم اختلافهما فإنهما احدى عوامل الشهرة المفرطة لهذين الفريقين العريقين.
واعتقد ان ختام المرحلة الثالثة عشرة من مسابقة قمة الدوري الاسباني سيطلق عليه (مباراة القرن)، فهل تكون ليلة الاثنين بيضاء نقية لبرشلونه وسوداء لمنافسة الريال أو على العكس؟
اما المنافسة بين رونالدو وميسي فاتوقع ان تكون شرسة لكنها منضبطة باللوائح والتعليمات، وكل واحد منهما عليه مسؤولية التهديف وتسجيل الأهداف بعد الهروب من الخيال المدافع الملازم له وهو أمر ليس بالسهل او الهين.
وتبقى التحركات والمناورات التي يقوم بها لاعبو الفريقين سواء في الهجوم أوفي الدفاع بالإضافة إلى اكتشاف مواطن قوة وضعف الخصم بذكاء ووعي إنما يكون ذلك لصالح الفريق الواثق بالنصر، اما المهارات الأساسية للاعبين فلن نتحدث عنها لأنهم نشأوا على تعلم مهارات صحيحة وباتوا قد اتقنوها ووظفوها لصالح تحركاتهم الفردية والجماعية.
ونتوقع ان نشاهد ارفع أسس للتكتيك الهجومي والتكتيك الدفاعي ضمن التحرك السريع بالكرة ويقول المحللون الفنيون لمباريات برشلونة وريال مدريد ان لاعبي الوسط في البرسا انييستا وبوسكيتس وهرنانديز هم المسئولين - بمساعدة المهاجمين - عن تنظيم الهجمات بجانب لاعبي الدفاع وكذلك الحال عند لاعبي الوسط في الريال خضيرة والونسو ودي ماريا.
إن التكتيك الدفاعي لفريق الريال قد يؤدي إلى إحباط هجمات البرسا ومنعة من تسجيل الأهداف ولكن علينا أن ندرك أن المدرب الذكي القادر على اكتشاف نقاط القوة في فريقه ونقاط الضعف في الفريق المنافس مما يجعله يستخدم مساحات خاليه ليستغلها اللاعبون في أوقات حرجة.
والمعروف عن الفريقين أنهما يقدمان جمل هجومية وجمل دفاعية متوازنة، وفي تقديرنا أن دفاع رجل لرجل ودفاع المنطقة سيكون ظاهرا لمواجهة مفتاحي الفوز عند الفريقين: ميسي ورونالدو باعتبارهما القادرين على اختراق حصن الدفاع وتسجيل الأهداف، لكننا سوف نشاهد الليلة لاعبين من خطي الوسط سيحققون الفوز بدعم من ميسي ورونالدو الممسوكين.
كرة الليلة سوف يسجلها تاريخ كرة القدم العالمية ضمن انصع صفحاته، وهي دروس للمدربين واللاعبين والمهتمين بتطوير كرة القدم، تللك اللغة العالمية التي يفهمها الجميع ..
مدير دائرة الاعلام بالاتحاد الفلسطيني لكرة القدم