توصية بضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة عبر وسائل الاعلام
نشر بتاريخ: 30/11/2010 ( آخر تحديث: 30/11/2010 الساعة: 10:00 )
غزة- معا- أوصى باحثون/ات ومختصون/ات إعلاميون بضرورة تغيير الصورة النمطية للمرأة عبر وسائل الإعلام باعتبار ذلك مهمة جماعية تتطلب مشاركة من أطراف متعددة والاتفاق على تعزيز انعكاس التنوع الثقافي والاجتماعي والفكري والتنموي لكافة شرائح النساء الفلسطينيات.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده مركز شؤون المرأة اليوم في فندق الكومودور بمدينة غزة عرض خلاله نتائج دراسة بعنوان "صورة المرأة في وسائل الإعلام الفلسطينية" وذلك بحضور عدد من الإعلاميين/ات والباحثين/ والمهتمين.
وقد افتتح المؤتمر بعرض الفيلم الوثائقي "الصورة الغائبة" الذي يعالج قضية صورة المرأة في الإعلام الفلسطيني, وهو من إنتاج برنامج الفيديو بمركز شؤون المرأة وشبكة معاً.
وقالت آمال صيام المدير التنفيذي لمركز شؤون المرأة في كلمة الافتتاح أن المركز يحتفل اليوم بميلاد بحث جديد يضم لقائمة أبحاثه التي تعالج كل منها قضية نسوية خاصة وأن المركز يولي اهتماماً خاصاً منذ نشأته بموضوع الدراسات والأبحاث انطلاقاً من إيمانه كمركز نسوي بأهمية المعلومات وأنن تكون واقعية وصادقة ومبنية على تحليل البيانات.
وأكدت صيام على أن أهمية الدراسة تكمن في أهمية الدراسات على مستوى المؤسسات لتحسين القدرة على اتخاذ القرار وذلك عبر تطوير قاعدة بيانات للبحث العلمي وتدريب باحثات على منهجية البحث العلمي.
وذكرت صيام بأن هذه الدراسة تأتي عقب دراسة سابقة لمركز شؤون المرأة نهاية العام الماضي 2009م حول "تحديد أولويات قضايا النساء في قطاع غزة"، أظهرت أن موضوع حق النساء في الميراث كان في المرتبة الأولى, وهو ما تم إجراء بحث متخصص بشأنه إضافة إلى حملة شاملة, فيما احتل موضوع صورة المرأة في الإعلام الأولوية الثانية, وهو ما استدعى إجراء الدراسة الحالية.
وأشارت صيام أنه في إطار التكامل بين برامج المركز, فإن برنامج الفيديو قام بإنتاج فيلم متخصص حول الموضوع ذاته, فيما نفذ برنامج المناصرة حملة واسعة حملت اسم "نحو إعلام أكثر إنصافاً للنساء", وذلك تزامناً مع الدراسة التي أجراها برنامج الأبحاث والمعلومات حول صورة المرأة في الإعلام.
من جانبها قالت هداية شمعون, منسقة برنامج الأبحاث والمعلومات بالمركز, أن موضوع تنميط صورة المرأة عبر وسائل الإعلام شكّل أولوية للنساء في قطاع غزة, فوفقاً لدراسة تحديد أولويات قضايا النساء أشارت 90% من المبحوثات أن هناك تنميطاً لصورة المرأة الفلسطينية عبر وسائل الإعلام, وعرضها بالشاكية والباكية, فيما عبرت 74.1% عن أن هناك ضعفاً واضحاً في توثيق جرائم الاحتلال ضد النساء والعائلة والممتلكات ومصادر العيش.
وأضافت شمعون أن أهمية الدراسة تكمن في تناولها لكافة الجوانب المتعلقة بتنميط صورة المرأة عبر وسائل الإعلام, بشكل موضوعي وطرح توصيات من خلال المجموعات المركزة التي عقدت في إطار الدراسة.
وأضافت أن الدراسة تهدف إلى التعرف على ملامح صورة المرأة في قطاع غزة في وسائل الإعلام وتحديد طرق تحسين صورة المرأة والسياسات والإجراءات والتدخلات المطلوبة, إضافة إلى تحديد الجهات المسئولة والمؤثرة في وضع وتوجيه سياسات الإعلام وكيفية التأثير فيها وكذلك توجيه النتائج والتوصيات للجهات المعنية في مجال الإعلام والمرأة.
وخلال عرضها للنتائج قالت شمعون أنه حسب الأدوات البحثية لهذه الدراسة فان الصورة الحالية للمرأة الغزية تقدم بصورة نمطية تتقدم فيها المعاناة على الانجاز والوطني على الإنساني وتقدم المرأة كتابع للرجل بدلاً من أن تبرز شخصيتها المستقلة.
وتابعت شمعون أن غالبية من تمت مقابلتهم أكدوا أن هذه الصورة لا تعكس الواقع وإنما هي صورة تقليدية نمطية سلبية, وأنها امرأة منقسمة بسبب ما أصبح عليه الشعب الفلسطيني من انقسام, وان كانت تظهر في بعض الأحيان بصورة نضالية ايجابية, لكن فقط وفقاً لما يسمح به الرجل.
وذكرت أنه وفقاً لنتائج الدراسة تبين كذلك أن الإعلام يعرض صورة المرأة الضعيفة المقهورة والشاكية الباكية, وهي الصورة الأكثر انتشاراً وفيها الكثير من النمطية بسبب الظروف الإغاثية الغالبة على وضع المرأة الفلسطينية, فيما يتم عرضها كزوجة أو قريبة لشهيد أو جريح أو أسير حيث يتم التركيز على هذه الصورة حتى لو تميزت المرأة بميزات أخرى بينما يعتقد البعض أن هذه الصورة ايجابية ويمكن الفخر بها ولا تشكل تنميطاً.
ووفقاً للدراسة أيضا فإن الإعلام يكرس صورة المرأة التي تعاني من هدم البيوت والحرمان والفقر ومن كل مساوئ الواقع الصعب, وهذه الصورة فيها الكثير من الضعف و"قلة الحيلة" وتوضح عدم القدرة على التعايش مع الواقع, وكذلك عرضها بأنها المرأة الجاهلة وغير المنظمة, وتغييب النماذج الجيدة للنساء، إذ تكرّرت الإشارة إلى إشكالية غياب نماذج مختلفة لنساءٍ ناجحاتٍ أو مستقلاّتٍ أو قادراتٍ على التغيير، باستثناء تكريسها في إعلام المؤسسات الأهلية والنسوية تحديداً.
وشددت الدراسة على أن المساحة المتاحة التي تفردها وسائل الإعلام لتناول قضايا المرأة غير كافية وموسمية, إذ أن وجود مساحة إعلامية محدودة لقضايا النساء في وسائل الإعلام على اختلافها هو بحدّ ذاته جزءٌ من النمطية، إضافة إلى غياب القضايا الاجتماعية, فهنالك غيابٌ حقيقيٌ لقضايا اجتماعية وتنموية وفكرية وثقافية هامّة عن الإعلام.
وأوصت الدراسة بضرورة دمج قضايا المرأة بالقضايا التنموية والاجتماعية والثقافية وعدم أخذها بمعزلٍ عن قضايا المجتمع؛ لأن واقع المرأة الفلسطينية هو جزءٌ من الواقع الفلسطيني، كذلك واقعها الإعلامي هو جزءٌ من الواقع الإعلامي الفلسطيني المتأزّم. ومن هنا؛ فهنالك حاجةٌ ضروريةٌ لإشراك الرجل والمرأة في كافّة التدخّلات التي يمكن اقتراحها.
وأوصت الدراسة الإعلاميون والإعلاميات, بضرورة تنويع الصور الإعلامية المقدّمة، وإبراز القضايا التي تعكس الواقع؛ مع تسليط الضوء على التجارب الإيجابية, والاهتمام بالمناطق المهمّشة والمسكوتِ عنها، والقضايا المهملة من الإعلام السائد، وكذلك متابعة القضايا الإعلامية الجادّة، وممارسة دورٍ في التوعية المجتمعية بدلاً من تكريس صورٍ نمطيةٍ وتكرارها, إضافة إلى أن هنالك موضوعاتٌ لا زالت تُعدُّ من التابوهات الاجتماعية التي لا يمكن الاقتراب منها أو المساس بها إلا بطريقةٍ سطحية؛ ومنها قضايا قتل النساء على خلفية ما يسمى بـ "شرف العائلة" فهي بحاجةٍ لجرأةٍ وقوةٍ في الطرح.
وبالنسبة لمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات النسوية, اوصت الدراسة بأن يُصاغ بموازاة كلّ خطّةٍ حول قضايا المرأة (سواء أكانت خطةً شاملةً أو تدابير جزئية) خطةٌ إعلاميةٌ ذات أهدافٍ واضحةٍ تستند إلى معطياتٍ وإحصائياتٍ ومعلوماتٍ ودراساتٍ علميةٍ توفر لها الإمكانيات اللازمة من طاقةٍ بشريةٍ وتكنولوجية وتشكيل جماعات ضغط لمتابعة ما يُقدمُ من أدوارٍ مسيئةٍ للنساء في الإعلام.
وشددت على أهمية خلق أدواتٍ إعلاميةٍ موحّدةٍ كتلفازٍ أو فضائيةٍ أو إذاعةٍ أو مجلةٍ دوريةٍ تحتضنها مؤسساتُ المجتمع المدنيّ والمؤسسات النسوية, وكذلك إنشاءُ مرصدٍ إعلاميٍ يوزع عمله على المؤسسات النسوية، ليتم متابعة الصورة المقدّمة للمرأة في وسائل الإعلام، والوقوف على حالات التشويه للصورة، ومن ثمّ؛ اتخاذ إجراءاتٍ تنفيذيةٍ للحدّ من الصورة المشوّهة ومحاربتها.
وعلى مستوى المؤسسات الإعلامية أوصت الدراسة بضرورة الاهتمام بنوعية المضمون الإعلامي المقدّم من شكلٍ ومضمونٍ؛ ومدى الاستمرارية والاستدامة في طرح الرسائل الإعلامية المرتبطة بأهداف تنمية المرأة اجتماعياً واقتصادياً وصحياً وتعليمياً, وأن تقوم وسائل الإعلام على تدريب موظفيها لقيادة برامج تهتم بقضايا المرأة إعلامياً، وتدريبهم على الكتابة، وعلى كيفية تناول قضايا المرأة بحساسيةٍ ووعي.
ونوهت الدراسة إلى ضرورة التشبيك مع الجامعات والمؤسسات الأهلية والنسوية تحديداً لإقامة مؤتمرات وورش، وتوعية طلبة وطالبات الجامعات؛ وخاصة كلّيات الإعلام؛ لأنهم إعلاميو المستقبل, وإضافة بثّ إنتاج المؤسسات النسوية على فئاتٍ متنوّعةٍ ومستوياتٍ متعددةٍ من الرجال والنساء.
أما بالنسبة للمؤسسات الحكومية فأوصت الدراسة بوضع توجّهاتٍ استراتيجيةٍ وسياساتٍ داعمةٍ لتقديم صورٍ إيجابيةٍ متنوعةٍ عن المرأة الفلسطينية, وضمان حريّة الإعلام وإمكانيات الإعلاميين للتعبير عن أنفسهم دون قيود.
وتم في نهاية عرض نتائج الدراسة فتح باب النقاش مع الحضور الذين قدموا المزيد من التوصيات وأكدوا أهمية نقل التوصيات إلى صناع القرار في المؤسسات الإعلامية من أجل الاستفادة منها.