الأربعاء: 25/09/2024 بتوقيت القدس الشريف

وزارة الأسرى تسلط الضوء على رحلة المعاناة خلال تنقلات المعتقلين

نشر بتاريخ: 30/11/2010 ( آخر تحديث: 30/11/2010 الساعة: 12:58 )
وزارة الأسرى تسلط الضوء على رحلة المعاناة خلال تنقلات المعتقلين
رام الله- معا- سلطت وزارة الأسرى الضوء على إحدى فصول المعاناة التي يتكبدها الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وهي رحلة التنقل عبر ما يسمى"البوسطة" من سجن الى آخر أو من السجون الى المستشفيات والمحاكم الاسرائيلية.

وحسب الوزارة، فهناك ساعات شاقة وتعذيب تنتظر الأسير الفلسطيني خلال نقله من السجن، داخل سيارة حديدية مغلقة أطلق عليها الأسرى مصطلح "بوسطة"، تتولى فرقة القمع الخاصة بالسجون والتي تدعى"نحشون" عملية الإشراف على نقل المعتقلين.

وتمتاز فرقة "نحشون" بإتقان ممارسة الإذلال بحق الأسرى كالتفتيش أثناء عملية النقل، حيث تفتش الأسير عاريا حتى من جواربه عدة مرات في اليوم الواحد، ويصاحب هذه العملية المذلة سيل من الشتائم يتطور أحيانا ليصل الى الضرب المبرح، ولا يتم التفريق بين المرضى والأصحاء وكبار السن والأطفال من الأسرى خلال هذه الممارسات العنيفة.

الأسير الفلسطيني، يجلس في حافلة ذات مقاعد حديدية بالغة البرودة تلتصق هذه المقاعد ببعضها البعض لدرجة إيلام الركبة والمفاصل والظهر، ولا يستطيع الجلوس في أي وضعية مريحة بسبب القيود التي توضع في اليدين والقدمين.

واضافت الوزارة، انه لا يقدم الطعام ولا الماء ولا يسمح للأسير بقضاء الحاجة خلال نقله في هذه الحافلة التي تستغرق العملية فيها حوالي 6 ساعات متواصلة، يشعر الأسير داخلها بالاختناق بسبب قلة الهواء، وبالخوف والرعب بسبب نقل أسرى من الجنائيين الخطرين في نفس الحافلة، إضافة الى عدم الراحة بسبب الاهتزاز الدائم لهذه السيارة خلال سيرها.

الطريق الى المحكمة تستغرق 3 أيام

الأسير جمال سليم زايد، سكان رام الله والذي اعتقل بتاريخ 7/6/2010، يقول أن عملية نقله من سجن مجدو الى محكمة عوفر استغرقت 3 أيام عندما تم نقله في البوسطة ذات الكراسي الحديدية وبقي جالسا فيها حتى الساعة الخامسة مساء.

وقال زايد، أنه خلال هذه الساعات كانت البوسطة تنقل أسرى من جميع السجون، حتى تصل الى ما يسمى معبر الرملة الساعة الخامسة مساءا، فيقض الأسرى هناك ليلة واحدة، وفي الساعة الخامسة صباحا يتم نقلهم مجددا في سيارة البوسطة ليتوجهوا الى المحكمة فيصلوا الساعة التاسعة صباحا، وليمكثوا هناك حتى السابعة مساءا، ويتم إعادتهم الى معبر الرملة فينام الأسرى ليلة أخرى فيه، في الصباح الباكر تبدأ عودة الأسرى مجددا الى سجن مجدو ليصلوا الساعة السادسة مساءا، أي أن مدة الرحلة تستغرق حوالي 12 ساعة في البوسطة، الى درجة أن الأسرى يفضلون عدم الخروج الى المحكمة.

معبر الرملة... مكان لا يصلح للبشر


ويصف الأسرى معبر الرملة، وهي محطة انتظار ينزل فيها الأسرى لحين نقلهم في اليوم الثاني الى المحكمة أو المستشفى، وهي غرفة انتظار مؤقتة تقع في سجن الرملة، يقضي فيها الأسير يومين أو ثلاثة قبل نقله.

المعبر، لا يصلح للإقامة البشرية وغرفه تشبه علبة السردين، فالغرفة التي لا تكاد تتسع لأربعة أشخاص يوضع فيها خمسة عشر أو عشرين شخصا، وإذا كان الأسير قادما من سجون الجنوب ومحكمته في سالم أقصى الشمال أو في عوفر في الوسط، يضطر لقضاء ثمانية الى عشر أيام في هذا المعبر.

ويصف الأسرى، غرف المعبر بأنها قاتمة ومظلمة، شديدة البرودة شتاء، عالية الحرارة صيفا، الطعام فيها سيء الى درجة أن الدواب لا تكاد تسيغه، ويجبر الأسرى على تناوله بأسوأ حالة من القذارة وتراكم للأوساخ في ظروف مهنية، وكثيرا ما تفيض المجاري في غرف المعبار فتتحول الحياة هناك إلى شبه مستحيلة.

غرف انتظار في المحكمة تشبه القبر


عندما يصل الأسير الى المحكمة، يوضع في غرفة انتظار يطلق عليه بالعبرية "الامتناه"، ليمكث فيها ساعات طويلة مقيد اليدين والقدمين، هذه الغرفة أقرب ما تكون الى القبر، حيث لا تتجاوز مساحتها مترين في متر ونصف المتر، يوضع فيها ما يقارب عشرين الى خمسة وعشرين أسيرا، يضطرون للوقوف على مدى ساعات دوام المحكمة، أي منذ الصباح الباكر حتى الساعة الثالثة مساءا.

يقوم على حراسة غرفة الانتظار، في المحكمة افرا من وحدة "نحشون" ويمنعون الأسرى من الذهاب الى الحمام أو حتى الى الصلاة، ويحظرون عليهم الحديث إلى ذويهم أو حتى مجرد الإشارة إليهم.

غرفة الانتظار خانقة جدا، يوجد فيها شباك صغير، إذا ما اقتربت منه تشم روائح كريهة جدا، وإذا حاول الأسير الحديث مع ذويه، يتم الاعتداء عليه من قوات نحشون وإغلاق هذه "الطاقة الصغيرة".

رحلة العلاج طريق الى جنهم


الأسير محمد مصطفى أبو جلالة من غزة المحكوم أربع سنوات والذي يعاني من نزيف داخلي، يصف مرحلة السفر من السجن الى مستشفى الرملة خلال البوسطة، بأنها رحلة ليست للشفاء، بل لمزيد من الأمراض، رحلة تعذيب، وطريق طويل الى جهنم.

وأضاف ابو جلالة، أنه نقل من سجن نفحة الصحراوي من اجل السفر الى مستشفى الرملة للعلاج الساعة التاسعة صباحا، وقد تم وضعه بداية في غرفة انتظار داخل السجن حتى الساعة الواحدة ظهرا، ومكث في هذه الغرفة بلا ماء وبلا طعام.

وتابع، "إن البوسطة تحركت من نفحة باتجاه سجن النقب، "حوالي سبعين كيلومترا بين نفحة والنقب"، وتم تحميل أسرى سيتم إخلاء سبيلهم من النقب، ثم توقفت البوسطة عند سجن بئر السبع حيث حملت أسرى لنقلهم للعلاج الى مستشفى الرملة، ثم توقفت عند سجن الظاهرية سابقاً لإنزال أسرى تم إخلاء سبيلهم، وبعد ذلك توجهت نحو سجن عسقلان "مائة كيلومتر" وضمت أسرى آخرون لنقلهم الى سجون أخرى.

كل ذلك والأسير المريض ما زال في سيارة "البوسطة" ذات الكراسي الحديدية، وتم الوصول الى مستشفى الرملة الساعة عند الساعة 11 ليلاً، ويبقى الأسير أربع ساعات حتى يتم إدخاله الساعة الثالثة فجراً الى قسم المعبار في المستشفى.

وقال ابو جلالة، أن العودة ليست أفضل حالا، فالخروج من الرملة الساعة السابعة ليلا الى المعبر، تتحرك البوسطة الساعة الواحدة ليلا والقيود بالأرجل والأيدي، تصل الى عسقلان الساعة الخامسة فجراً، مرورا بحاجز ترقوميا، وتصل البوسطة الى سجن نفحة الساعة الواحدة ظهرا، فيمكث الأسير أربع ساعات في غرفة انتظار داخل السجن الى أن يتم إدخاله الى غرفته في السجن.

اعتداءات ورعب داخل البوسطة


الطفل الأسير حمودة أبو سمرة، (16) عاما سكان بيت عور التحتا قضاء رام الله، يقول أنه تم نقله مع عدد آخر من الأسرى الأشبال من سجن ريمونيم الى محكمة عوفر، في سيارة البوسطة التي تمر بها قوات نحشون، وكان في البوسطة سجناء جنائيين بالغين، وفي الطريق قام احد الجنائيين بإخراج شفرة من فمه واعتدى على الأسير أبو سمرة وأصابه بجروح في يده.

ويصف ابو سمرة، البوسطة بأنها خزان حديدي مخيف ومرعب، لا ماء فيه ولا طعام، ويبقى الأسرى فيها مرعوبين بسبب وجود جنائيين من ذوي السوابق الإجرامية معهم في نفس البوسطة.

الأسيرة شيرين العيساوي من القدس، اشتكت أنها تعرّضت لاعتداءات وإهانات وتهديد بالقتل، خلال نقلها في سيارة البوسطة من سجن "هشارون" إلى محكمة عوفر من قبل السجينات الجنائيات وعلى مسمع ومرأى قوات نحشون التي لم تحرّك ساكناً.

وقالت الأسيرة العيساوي أنه بتاريخ 2-9-2010، قامت إحدى السجينات الجنائيات بالاعتداء عليها داخل حافلة البوسطة وهي مقيدة الأيدي والأرجل، مطالبة برفع قضية على قوات نحشون المسؤولة عن نقل الأسرى إلى المحاكم بسبب مشاركة هذه القوات في تعذيب وإهانة المعتقلين.

كما اشتكت الأسيرة صمود كراجة من رام الله، من تعرضها لاعتداء وحشي على يد قوات نحشون في معبر الرملة خلال نقلها إلى المحكمة، وقالت أن هذه القوات أجبرتها على التعرّي بالقوة وقامت بضربها بواسطة الكلبشات على كافة أنحاء جسمها وجرّها على الأرض حيث أصيبت بجروح بليغة.

وتصف الأسيرة كراجة، غرفة المعبر بأنها غرفة صغيرة قذرة مليئة بالصراصير والعناكب والأوساخ القذرة ولا يوجد فيها أغطية للنوم أو للإتقاء من البرد.